مغاربة يتعقبون أسد الأطلس في جبال المغرب!!
12.01.2024
الرباط - يتجدد البحث عن آثار أسد الأطلس في إقليم خنيفرة بالأطلس المتوسط بالمغرب بعد انتشار شائعات هجومه على إحدى راعيات الماعز.وتبذل السلطات الرسمية جهودا حثيثة في تعقب الأسد الذي يعود آخر ظهور له في الغابات المغربية إلى أربعينات القرن العشرين، يعاضدها فريق تصوير البرنامج الوثائقي "أمودو" وذلك للحصول على دلائل ملموسة على وجوده في غابات الإقليم الكثيفة.وعلى خلفية هجوم جديد على قطيع من الغنم في المنطقة ذكرت مصادر مطلعة أن السلطات المحلية بحضور القائد والرائد الإقليمي للدرك الملكي والوقاية المدنية والقوات المساعدة وعناصر المياه والغابات تُشرف منذ صباح الاثنين على حملات تمشيطية باستعمال طائرة "الدرون" في دوار امهروق بالحدود المتاخمة لجماعة والماس في إقليم خنيفرة، بحثا عن الأسد.وبعدما ارتكز فريق "أمودو"، الذي يبث على قناة "الأولى" الرسمية، على شهادات مواطنين أفضت إلى تفاصيل جد دقيقة عن أسد الأطلس، يراهن على اكتشاف هذا الأسد منذ وقت طويل باعتباره رمز المغرب على مستوى العالم، وتعتبر محطة إقليم خنيفرة منطلقا لتكثيف البحث عنه، والنتائج الأولية تقول إنها جد مشجعة وتشكل سابقة في تاريخ بحوثه.وأكد الحسين فوزي، مدير ومنتج برنامج "أمودو"، أن "الشهادات التي استقيناها من المواطنين بمنطقة الشائعة هي جد قوية وموثوقة للغاية، والتفاصيل التي تم تقديمها لا يمكن أن تأتي من فراغ دون مشاهدة هذا الحيوان النادر بالعين المجردة"، مشددا على أن "هنالك مواطنة رأت أسد الأطلس، وسمعت صوته. وعند الحديث معها، لاحظنا أنها تعرف صوته بدقة كبيرة، كما أن المواصفات التي قدمتها حملت تفاصيل مطابقة بشكل كلي".وأوضح فوزي أن هناك شهادة أخرى لمسنّ في المنطقة تحمل مواصفات ومعطيات لا يمكن أن يقدمها أي شخص حول أسد الأطلس المغربي، إلا إذا كان فعلا قد شاهده مباشرة، موضحا أن فريقه لن يأتي إلى عين المكان دون لمس جدية بالغة القوة في الشهادات المقدمة.ويقول فريق البرنامج المكون من ثلاثة أشخاص إنه وجد آثارا قوية لأسد الأطلس الصغير في تلك المنطقة، وبعض الآثار الأخرى يتم التحقق منها حاليا، وتم وضع كاميرات مراقبة في العديد من المناطق، وينتظر نتائج أولية جديدة رغم الصعوبات التي تعترض عملية البحث أهمها شساعة المساحة التي تمتد وسط الأطلس المتوسط.ونفت سلطات سبت أيت روحو، التابعة لدائرة أجلموس قيادة مولاي بوعزة في إقليم خنيفرة، بـ"شكل كلي" هجوم ما يعتقد أنه أسد الأطلس على إحدى راعيات الغنم، مفندة بذلك شائعات راجت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث صرّحت الفتاة بأن الحيوان الذي هاجمها "عضها على مستوى الركبة، وأنها ضربته بعصا كانت بيدها، مما جعلها تفلت من قبضته ويفر بعيدا عنها".واعتبارا لشهادات غير مسبوقة أدلى بها السكان، وعززت فرضيات وجود هذا الحيوان النادر، علق رئيس فريق "أمودو" على هجوم أسد الأطلس المفترض على راعية غنم في المنطقة مؤكدا أنه تبينت من خلال لقاء الفريق بالفتاة صحة تكذيب السلطات المعنية.
ويقول باحثون إن أسد الأطلس تعرض للصيد العشوائي، خصوصا في فترة الاحتلال الفرنسي للمغرب (1912 - 1956)، إذ كان الصيادون يصطادونه للظفر بفروه وجلده ولتهريبه إلى دول أوروبا، إلى أن اختفى هذا الحيوان من الطبيعة.
وأُطلق على أسد الأطلس هذا الاسم نسبة إلى جبال الأطلس التي كان يستوطنها، وتمتد من الجنوب المغربي إلى شمال تونس. وعلى المستوى الأركيولوجي أعلن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث في المغرب، في ديسمبر 2022، اكتشاف بقايا عظام لأسد الأطلس داخل مستويات أركيولوجية يعود تاريخها إلى أكثر من 100 ألف سنة، وتم العثور على البقايا الأثرية لأسد الأطلس في 7 مواقع في المملكة، وهي عبارة عن بقايا عظمية أحفورية تعود إلى فترات مختلفة.وأصبح أسد الأطلس جزءا من شعار المملكة المغربية الذي اعتُمد عام 1957، ويتكوّن من درع وتاج تعلوه نجمة خماسية يحيط بها أسدان.ويحظى هذا الحيوان بمكانة مهمة في الثقافة المغربية، إذ كانت القبائل في الماضي تصطاد الأسود والأشبال بحكم وفرتها في مناطق كثيرة وتهديها إلى السلاطين عربونَ ولاء.وأهدى سلاطين المغرب، خلال فترات تاريخية مختلفة، بعض الحيوانات إلى دول صديقة وحليفة. ففي عام 1235 قام الخليفة الموحدي محمد الناصر بإهداء 3 أسود من أسود الأطلس إلى حديقة الحيوانات الملكية في لندن، وفي عام 1839 أهدى السلطان العلوي عبدالرحمن بن هشام أسدا ولبؤة إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية مارتن فان بيورين.وفي بداية السبعينات نُقلت جميع حيوانات الحديقة الملكية، بما فيها أسود الأطلس، إلى حديقة الحيوانات الوطنية بالرباط، التي تشكل حماية الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض إحدى مهامها الرئيسية.ويقول الطبيب البيطري في الحديقة زين الدين محمود إن المجموعة التي حصلت عليها حديقة الحيوانات من القصر الملكي تنقسم إلى عائلتين تكاثرتا داخل الحديقة بشكل منفصل، دون أن تختلط أي منهما بأي عناصر دخيلة.ويوضح زين الدين محمود أن هذه المجموعة تتكون حاليا من 32 أسدا ولبؤة وشبلا، وهي أكبر مجموعة أسود تحتضنها حديقة في العالم.وكانت إدارة حديقة الحيوانات في الرباط قدمت للزوار في فبراير الماضي 5 أشبال من أسود الأطلس ولدت في الحديقة عام 2021. وترعى الحديقة هذه الأسود وفق برنامج حماية يقوم على الحفاظ على صحة هذا النوع من السنوريات (القططيات) وإدارة معقلها لتكاثرها.
www.deyaralnagab.com
|