شُح البُن يعكر مزاج المصريين.. الحل "خفّة الدم"!
03.09.2022
الكثير من المصريين لا يتخيّلون صباحاتهم دون فنجان من القهوة، فهي التي تعدل مزاجهم وتبعث في أجسادهم النشاط، وهي أيضا تجمع الأصدقاء مساء في مقهى الحي كما تجمع الضيوف والجيران في البيوت.القاهرة- ألقت الأزمة الاقتصادية وتداعيات التغير المناخي بظلال قاتمة على سوق البُن في مصر وما نجم عنها من ارتفاع في الأسعار. وقد أثر ذلك سلبا على مزاج محبي القهوة الذين واجهوا الأمر بـ”خفّة دم”.لا تزال سلوى أحمد الموظفة في إحدى شركات الاتصال في حيرة وهي تتخيل أنه قد يأتي يوم دون تمكنها من احتساء مشروبها المفضل ألا وهو “فنجان القهوة المظبوط” الذي يعدل لها مزاجها الصباحي ويجعلها مقبلة على بقية اليوم.وترجع حيرة سلوى، البالغة من العمر 42 عاما، إلى تزايد الحديث في مصر عن تعرضها لنقص في المعروض من البُن ما نجم عنه ارتفاع في أسعار القهوة.وقالت سلوى لدويتشه فيلله عربي “بالتأكيد، استقبلت هذه الأنباء بضيق، لأن فنجان القهوة يعد أساسيا في روتيني الصباحي”.وقالت إنها تشعر بالخيبة إزاء أي احتمالية نقص البُن وشراب القهوة، مضيفة “كيف سأعيش بدون القهوة فهي ما تزيد من نشاطي وتساعدني على إنجاز العمل، وبدون القهوة لا أستطيع العمل؟”.ويتساءل أغلب المصريين في جلساتهم عن البديل الذي سيملأ رؤوسهم ويجعلهم مقبلين على الحياة والعمل بنشاط، وبعضهم يذكر متندرا أسطورة الراعي الذي اكتشف البن.وتقول الأسطورة إن راعيا جعل أغنامه تستهلك ثمارا وهو لا يعلم أنها ثمار بُن القهوة، ليكتسب المرعى حيوية كاملة، وهذا ما أدى إلى فضول الراعي لاكتشاف شجرة البن ثم اكتشف القهوة.ويقول حامد علي الذي يعمل تاجر بسطة في سوق للخضار بالقاهرة “إذا كان الراعي جعل أغنامه نشيطة فمن سينقذنا من خمولنا إذا غابت القهوة؟ علينا براع يكتشف لنا مزاجا جديدا”.ويعود حامد إلى جدّيته، متسائلا كيف للتجار أن يحتملوا كل ضجيج السوق طيلة اليوم، وهم الذين اعتادوا على شرب القهوة في المقهى المجاور قبل أن يفتحوا دكاكينهم وبسطاتهم.وأقدم البعض من عشاق القهوة من المصريين على اتخاذ خطوات احترازية في حالة نقص المعروض من القهوة أو حتى ارتفاع أسعار البُن إلى مستويات عالية.وفي ذلك قالت سلوى أحمد “بدأت فعليا محاولة تقليل معدل ومرات تناولي للقهوة في اليوم، حتى لا أتعرض لانتكاسة مفاجئة في حال نقص المعروض بشكل حاد أو زيادة السعر بشكل كبير جدا يفوق ميزانيتي”.ويبدو أن أزمة نقص البُن لن تقتصر على سلوى وميادة والآخرين من محبي القهوة في مصر وحدهم، إذ أن الأمر قد يشمل الملايين من عشاق القهوة حول العالم.فقد كشفت دراسة نشرتها دورية “بلوس وان” مطلع العام الجاري عن أن تداعيات ظاهرة التغير المناخي تؤثر على زراعة حبوب البن وسط توقعات بأن تكون نباتات البُن أقل ملاءمة للزراعة في مناطق إنتاجها الحالية بحلول عام 2050 بسبب تأثيرات تغير المناخ.ويوجد في العالم نوعان رئيسيان من البن، وتأتي في المقدمة حبوب “أرابيكا” التي تستحوذ على قرابة 70 في المئة من الإنتاج العالمي ويأتي أغلبها من البرازيل.أما النوع الثاني فهي حبوب “روبوستا” الأقل تكلفة والتي يتم إنتاج الحصة الأكبر منها في فيتنام، وهي تتميز باحتوائها على ضعف كمية الكافيين الموجودة في حبوب “أرابيكا” مما يمنح القهوة مذاقًا أكثر مرارة.وبلغ استهلاك مصر من القهوة حوالي 39 ألف طن سنويًا، وتعد القهوة التركية الأشهر بين المصريين وتوصف بحسب مقدار السكر المضاف إليها “زيادة، مضبوط، ع الريحة، وأخيرًا سادة أي بدون سكر”، ومؤخرًا ظهر فنجان بين “المضبوط وع الريحة” يطلق عليه “مانو”، وإذا أضيف إليها بعض الحبهان والقرنفل والزعفران سميت “محوجة”.البعض من عشاق القهوة من المصريين أقدموا على اتخاذ خطوات احترازية في حالة نقص المعروض من القهوةومنذ تفجر أزمة البُن، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تعليقات ومنشورات ترصد مقدار ما تستورده مصر من البُن، فيما طرح آخرون أفكارا عن كيفية مواجهة الأزمة ومنها محاولة زراعة هذا المحصول في مصر رغم صعوبة ذلك بسبب مناخ البلاد.ولم يغب الطابع الساخر و”خفة دم المصريين” عن تعليقات رواد التواصل الاجتماعي بشأن ارتفاع أسعار البُن في البلاد، إذ استدعى كثيرون صورا لأفلام كوميدية شهيرة في محاولة لدمجها مع الأزمة الحالية.ويبدو أن الموظفة الحكومية ميادة أحمد لا تزال تتساءل عن مصير مشروبها المفضل من القهوة. وفي ذلك قالت “نقص البُن يأتي في ظروف صعبة نعيشها في ظل أوضاع اقتصادية مريرة، فالقهوة الشيء الذي نعشقه كيف يختفي؟”.
www.deyaralnagab.com
|