أوديسا المحرومة من بحرها تحوّل أنشطتها إلى جهود دعم للقوات الأوكرانية!!
19.06.2022
أوديسا أوكرانيا -تشير أولغا ياروفا إلى موقع مميز على شرفة مطعم تديره سبق أن جلس فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زياراته لأوديسا، المدينة الأوكرانية المرفئية المطلة على البحر الأسود والتي أصبحت بحكم الأمر الواقع تحت الحصار الروسي.وقبل الغزو كان "داتشا"، وهو بالأصل منزل بني في القرن التاسع عشر تم تحويله إلى مطعم، يعكس أجواء الحنين وراحة البال في هذه المدينة التاريخية التي تعج بالبحارة والتي أسستها الإمبراطورة الروسية كاترين العظيمة.وإلى الآن لم تتمكن روسيا من السيطرة على أوديسا لكن موسكو تهدّد بقصف أي سفينة تغامر بدخول المياه المحيطة.ولغّمت كييف محيط الميناء في تدبير احترازي بعد بدء الغزو.والمدينة التي تعد ملتقى حضارات عدة والبالغ عدد سكانها مليون نسمة أصبحت معزولة وحرمت من بحرها فحوّلت أنشطتها نحو الداخل.وتقول ياروفا لوكالة فرانس برس إن "80 بالمئة من أسماكنا مصدرها البحر الأسود"، متداركة "لكن الصيد بعيدا عن الساحل أصبح محظورا".صباحا ينهمك متطوعون في تحضير طعام مجاني لمحتاجين في أوكرانيا. لكن بعدما أصبح متعذرا عليهم الاستحصال على الأسماك الطازجة من البحر الأسود، بات عليهم طهو السمك المستورد من آسيا.وتوضح ياروفا البالغة 47 عاما أن المتطوعين لم يسبق لهم أن طهوا سابقا إلا السمك المصطاد محليا، لذا عليهم أن يتعلموا كيفية تحضير هذه النوعية الجديدة من الأسماك.وتقول مبتسمة "في البداية لم نكن نعرف كيفية تتبيل الأسماك المستوردة من آسيا".في الأثناء تنطلق صفارات التحذير من الغارات الجوية لتذّكر بأن أوديسا تعيش نوعا ما في الوقت الضائع.وعلى بعد نحو 130 كيلومترا إلى الشرق، تقاوم مدينة ميكولاييف زحف القوات الروسية في جنوب أوكرانيا.ومنذ بدء الغزو في 24 شباط/فبراير تستهدف القوات الروسية ميكولاييف بانتظام، لكن الأوكرانيين تمكنوا من منع الروس من السيطرة على الساحل، على الرغم من القصف اليومي.تُعد أوديسا الناطق سكانها بالروسية لؤلؤة البحر الأسود وتقع بين مولدافيا ورومانيا العضو في حلف شمال الأطلسي، وتعتبر مركزا اقتصاديا رئيسيا.ويعرف أبناؤها حق المعرفة أن الرئيس الروسي يسعى للسيطرة على مدينتهم لأسباب تاريخية واستراتيجية على السواء.والسكان فخورون بمدينتهم الذائعة الصيت ذات الطقس الجميل والغنى الثقافي والمتأثرة معالمها بفن العمارة الفرنسي والإيطالي.لكن أنشطتها البحرية باتت خارج المتناول.وتقول ناتاليا بينتشنكوفا (49 عاما) وخلفها علم بريطاني ضخم عربون شكر لبريطانيا لدعمها أوكرانيا منذ اندلاع النزاع "كل يوم بما في ذلك نهاية الأسبوع آتي لتحضير شباك للتمويه العسكري للجيش".وتضيف "إنه أقل ما يمكننا فعله" مقابل "معاناة السكان في ميكولاييف".في كل ركن في الشارع وفي قاعات الرياضة والمسارح ينهمك متطوعون في جهود لدعم القوات الأوكرانية وسط درجات حرارة بلغت 32 مئوية.ويقول بوغدان هالايدا البالغ 21 عاما والذي يشرف على مجموعة من المتطوعين "الناس لا يريدون البقاء في المنزل لوحدهم والاستماع للأخبار السيئة عبر الراديو".ويضيف "هنا يمكنهم على الأقل أن يتحدثوا إلى أحد وألا يقلقوا كثيرا بشأن ما سيحدث تاليا".ويحضّر فوزي محمودوف (31 عاما) وهو من عرقية التتار طبق أرز في وعاء كبير ومعه نحو 40 متطوعا في مركزه الثقافي الذي تحوّل إلى "ورشة" عسكرية.ويقول محمودوف وهو مصارع سابق "اضطرت عائلتي لمغادرة القرم" بعدما ضمّتها روسيا في العام 2014 "لذا أعرف ما يشعر به حاليا الأوكرانيون الهاربون من الغزو الروسي".ويشدّد على أنه في حال تعرّضت أوديسا لهجوم "سأقاتل لأن بحوزتنا أسلحة جيدة هذه المرة"، في إشارة إلى اضطهاد أبناء عرقية التتار على يد جوزف ستالين بعد نزوحهم القسري في العام 1944.وحوّل الصحافي يوري باسيوك الاستوديو التلفزيوني الذي يملكه إلى مركز للتخزين.ويقول "في البداية أرسلنا عشرة آلاف زوج من الجوارب إلى خاركيف"، المدينة الكبرى في شرق أوكرانيا، في خطوة تعكس تنوّع الاحتياجات في زمن الحرب.ويتابع باسيوك الذي أسس موقعا إلكترونيا يلقى إقبالا كبيرا في جنوب أوكرانيا "نرسل مياه الشرب إلى ميكولاييف المحرومة منها" عبر حافلات تعمل بواقع ثلاث مداورات يومية.وتبدي فرنسا استعدادها للمساعدة في إقامة ممر آمن إلى أوديسا.وحضّ الرئيس السنغالي ماكي سال الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، أوكرانيا على تفكيك الألغام البحرية المنشورة في محيط ميناء أوديسا لتسهيل تصدير محاصيل الحبوب التي تحتاج إليها بشدة دول عدة.وقال النائب السابق لحاكم المنطقة يوري ديمشوغلو "لا نريد تفكيك كل الألغام"، في إشارة إلى مفاوضات جارية حول إقامة "ممرات" آمنة خالية منها.ولم يشأ أن يعطي تفاصيل حول عدد الألغام "المزروعة" في البحر والتي يبدي متنزّهون على شاطئ أركاديا يستمتعون بتناول المثلجات، أسفهم حيالها.والنزول إلى البحر دونه مخاطر كبرى، فاللافتات الحمراء التي تحمل رسم جمجمة تحذر الرواد من السباحة.والأسبوع الماضي لم يتوخَّ أحدهم الحذر فكانت العواقب مميتة.لكن هناك الآلاف من رواد البحر الذين يسبحون على مقربة من الشاطئ حيث يعتقد أن السباحة آمنة.وتؤكد تاتيانا الموظفة لدى السلطات المحلية والتي طلبت عدم كشف كامل هويتها "لن نسمح للروس بأن يسلبونا البحر"، مضيفة "ارتداء ملابس السباحة هو أيضا شكل من أشكال مقاومتنا!".
www.deyaralnagab.com
|