logo
كولومبيا في حداد رسمي بعد رحيل أديب “نوبل” غابريل غارسيا ماركيز !!
بقلم : الديار ... 19.04.2014

ترك الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز الحائز جائزة نوبل للآداب والذي توفي الخميس عن 87 عاما، رصيدا مميزا في الصحافة وهي المهنة التي ظلت تشغل باله حتى آخر حياته، رغم تألقه في كتابة الرواية.فقد عمل ماركيز، الذي كان المقربون منه يطلقون عليه لقب “غابو”، مراسلا صحافيا في الخمسينيات من القرن الماضي في الصحف المحلية الصادرة في مسقط رأسه في كولومبيا، ثم انتقل في العام 1954 الى صحيفة “ال اسبكتادور” الكبرى الصادرة في بوغوتا.وقال الصحافي الاميركي جون اندرسون في لقاء عقد في بوغوتا احتفالا بعيد ميلاد الكاتب السابع والثمانين “ان اهم ما يكتسبه الصحافي من غابو هو طريقته في ملاحظة التفاصيل عندما لا يكون هناك شيء يحدث”.وتميز ماركيز بطريقته “الفريدة والخاصة” في مقاربة الاحداث مع حس فكاهي يضاف الى ملاحظته الدقيقة للتفاصيل، وفق الصحافي الاميركي.
وعرف ماركيز في بداياته مع “ال اسبكتادور” انطلاقته الحقيقية في مجال الصحافة.ويقول صديقه وزميله جيم ابيلو “كان عمله ذاك اول تجربة كبيرة له كمراسل صحافي وموفد خاص .. الامر الذي اتاح له ان يطور امكانياته كمراسل صحافي يبحث عن القصة التي تشكل الخبر”.وما زال العاملون في “ال اسبكتادور” يستذكرون مساهماته، ومنهم مدير الصحيفة الحالي فيديل كانو الذي يشير بشكل خاص الى مقال اصبح فيما بعد مادة اولية لرواية “أجمل غريق في العالم”.ويقول كانو “حين وصلت قصة هذا الناجي من الغرق الى الصحيفة كان الوقت قد مر عليها، لان هذا البحار الناجي كان قد اخبر قصته لكل الناس، لكن غابو استقبله وجلس معه، وبدأ يبحث عن اشياء اخرى فاكتشف الفضيحة الكبرى المرتبطة بالتهريب وراء حادثة الغرق”.
وبحسب مدير الصحيفة، فان “التفوق الادبي لهذه الرواية لا يضاهى، لكن قوتها الحقيقية تكمن في طريقة عرض الامور التي تتكشف شيئا فشيئا”.وهكذا برع ماركيز في الصحافة، وادى في الوقت نفسه دور المراسل ومدير التحرير والمذيع التلفزيوني وكاتب المقالات.وبعد تجربة “ال اسبكتادور”، تولى ماركيز ادارة مجلة “غرافيكا” الصادرة في فنزويلا، وبعد انطلاق الثورة الكوبية التي كان من المعجبين بها، التحق بوكالة “برنسا لاتينا” في هافانا، وبعدها انتقل الى المكسيك حيث خاض تجارب اعلامية وانكب على كتابة روايته “مئة عام من العزلة”.في السبعينات، عاد غابو مجددا الى الصحافة، مطلقا مجلة “الترناتيف” (البديل) التي ارادها مشروعا صحافيا ذا توجهات يسارية، وفي العام 1982 حاز جائزة نوبل للآداب. وفي التسعينيات ادار مجلة “كامبيو” الكولومبية ثم قدم نشرات الاخبار على شبكة “كيو آي بي”.
وكانت آخر مهماته الصحافية في العام 1999، خلال مفاوضات السلام التي جمعت الحكومة الكولومبية ومتمردي فارك الشيوعيين في جنوب البلاد.ويقول كانو “ماركيز الذي استوفى كل شيء من الادب بما في ذلك جائزة نوبل، ظل مهتما بالصحافة وبتدريب الصحافيين”.
وينقل عنه قوله “الصحافة احلى مهنة في العالم”.وكتب الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس على حسابه في “تويتر” تأكيدا على نبأ الوفاة الذي كشف عنه قبل بضع دقائق صحافي مكسيكي “مئة عام من العزلة والحزن على وفاة أكبر كولومبي في التاريخ”، في إشارة إلى الرواية الشهيرة “مئة عام من العزلة” التي اشتهر الروائي بفضلها.وبعد بضع ساعات أعلن الرئيس الكولومبي في خطاب رسمي متلفز الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام.
وقال خوان مانويل سانتوس إن “كولومبيا برمتها هي في حداد بعد رحيل مواطنها الذي شكل أكبر مصدر إعجاب في تاريخ البلاد … وهو كان، وأنا لا أبالغ في القول، الكولومبي الذي رفع اسم البلاد إلى أعلى المستويات وعلى أوسع نطاق”.وتجمعت الحشود بعد ظهر الخميس أمام منزل “غابو” في مكسيكو الواقع في حي إل بيدريغال دي سان أنجل الراقي.وكانت حالة الروائي الصحية “هشة للغاية” خلال الأيام الأخيرة وهو غادر في الثامن من نيسان/أبريل أحد المستشفيات في مكسيكو حيث عولج لثمانية أيام إثر إصابته بالتهاب رئوي.
ونقلت صحيفة “إل يونيفرسال” المكسيكية عن “مصادر جديرة بالثقة” في بداية الأسبوع أن السرطان اللمفوي الذي أصيب به غابرييل غارسيا ماركيز قبل 15 عاما عاود انتشاره وهو وصل إلى الرئتين والكبد والغدد.
لكن الرئيس الكولومبي نفى هذه الأخبار بعد يومين، مؤكدا أن الكاتب “يعاني التهابا رئويا في مرحلة متقدمة”.وأعلنت عائلة غابرييل غارسيا ماركيز من جهتها أنه كان في حالة صحية “هشة للغاية” ولكن “مستقرة” وهو في منزله في مكسيكو، من دون ذكر انه يعاني من السرطان.وبعد بضع ساعات على إعلان نبأ الوفاة، أوضحت العائلة في بيان أن الجثة ستحرق “في مراسم خاصة”، من دون تقديم مزيد من المعلومات عن موعد حرق الجثة وموقعه.وكانت شقيقة الكاتب عايدة غارسيا ماركيز طالبت سابقا باعادة الجثة الى مسقط رأسه الكاتب باعتبار ان “غابيتو هو من كولومبيا”، لكنها اضافت أن القرار النهائي يعود لأرملته وولديه.وفي بيان نشره البيت الأبيض، اعتبر الرئيس باراك أوباما أن “العالم فقد أحد كبار الكتاب المتبصرين وأحد كتابي المفضلين في شبابي”.وانسحب غارسيا ماركيز من الحياة العامة منذ عدة سنوات، وهو كان يعيش في المكسيك منذ العام 1961 مع إقامات متقطعة في كارتاخينا (كولومبيا) وبرشلونة (اسبانيا) وهافانا. وهو لم يكن يدلي بأي تصريح صحافي خلال إطلالاته النادرة.
وآخر إطلالة علنية له تعود للسادس من آذار/مارس عندما قصد منزله الواقع في جنوب مكسيكو حيث يعيش منذ أكثر من 30 عاما لاستقبال صحافيين أتوا لزيارته بمناسبة عيد ميلاده.ويعد الكولومبي من كبار الكتاب باللغة الإسبانية. وهو اشتهر بفضل رواية “مئة عام من العزلة” (سيين أنيوس دي سوليداد) الصادرة سنة 1967 والتي ترجمت إلى 35 لغة وبيعت منها أكثر من 30 مليون نسخة.وتعتبر رواياته من أشهر الروايات في القرن العشرين، ويذكر منها “ليس للكولونيل من يراسله” (1961) و”قصة موت معلن” (1981) و”الحب في زمن الكوليرا” (1985).وصدرت آخر رواية له في العالم 2004 تحت عنوان “مذكرات غانياتي الحزينات”.ونال ماركيز جائزة “نوبل” للآداب سنة 1982. وقد أشادت الأكاديمية بأسلوب كتابة “يمتزج فيه الخيال والواقع في إطار شعري يعكس نزاعات قارة والحياة اليومية فيها”.وأعربت عدة شخصيات سياسية وفنية عن أسفها عند سماع هذا النبأ.وقدم الرئيس المكسيكي إنريكيه بينيا نييتو التعازي باسم بلاده، مشيرا على حسابه في “تويتر” إلى أن الكاتب “المولود في كولومبيا استقر في مكسيكو منذ بضعة عقود، مثريا بالتالي حياتنا الوطنية”.
وأشاد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون “بالموهبة الفريدة من نوعها في الخيال ووضوح الأفكار والنزاهة العاطفية” التي كان يتمتع بها الكاتب الذي ربطته صداقة به طوال أكثر من 20 عاما.ونوه الكاتب البرازيلي باولو كويلو بالروائي “الذي كسر الجدار بين الحقيقة والخيال، ممهدا الطريق لجيل برمته من الكتاب الأميركيين اللاتينيين”.!!


www.deyaralnagab.com