logo
35 سبباً وراء تأخر حسم الصراع في سوريا!!
بقلم : الديار ... 15.03.2014

مع بلوغ الثورة السورية التي اندلعت في 15 مارس 2011 عامها الرابع، ووصول عدد القتلى جراء الصراع المسلح الذي تحولت إليه لنحو 150 ألف شخص، بحسب منظمات حقوقية، لا يبدو في الأفق أي مؤشرات توحي بحسم قريب للصراع المستمر حتى اليوم، ولعل عدم حسم ذلك الصراع خلال السنوات الثلاث الماضية، يعود إلى أسباب عدة، في رأي بسام العمادي، وهو محلل سياسي وسفير سوري سابق في السويد.
أسباب عسكرية
1- امتلاك النظام لأسلحة نوعية وأبرزها الطيران الحربي واستخدامها في المعارك مع قوات المعارضة، في حين أن أسلحة قوات المعارضة عبارة عن أسلحة خفيفة أو ما استطاعت اغتنامه من بعض مستودعات الأسلحة التابعة للنظام التي سيطرت عليها، وبعض الأسلحة المحدودة المقدمة من قبل الدول الداعمة لها.
2- القيود المفروضة على تسليح الثوار من قبل بعض الدول بعد ظهور تنظيمات مصنفة بـ”الإرهابية”، مكّن النظام من وقف تقدم الثوار ومنع سيطرتهم على مناطق أوسع من التي سيطروا عليها، وأصبح هناك نوع من “التوازن السلبي” بعدم القدرة على حسم المعركة عسكرياً لصالح أي من الطرفين.
3- تشكيل فصائل مقاتلة عديدة تابعة للمعارضة ومتوزعة جغرافياً أدى إلى تشتت العمل العسكري لها، وساهم في تكريس ذلك عدم قيام قيادة عسكرية موحدة ومتفق عليها تواجه النظام من خلال خطط إستراتيجية متكاملة.
4- قيام بعض الفصائل المسلحة المحسوبة على المعارضة بأعمال النهب والسلب، أفقد الثوار بعضاً من حاضنتهم الشعبية، إلى جانب تشكيل بعض “الفصائل المدسوسة” من قبل النظام لتشويه صورة الثورة والثوار، وأخرى لها أجنداتها الخاصة ليس من أولوياتها إسقاط النظام.
5- تشتت قوة الثوار ما بين القتال مع قوات النظام بغية إسقاط الأخير، ومحاربة الفصائل الخارجة عن أهداف الثورة.
6- بقاء عدد كبير من العسكريين والضباط المنشقين عن جيش النظام في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة لسوريا وعدم مشاركتهم في المعارك الميدانية إلى جانب قوات المعارضة وأدى ذلك إلى نقص عددي في قوام الأخيرة والافتقار إلى خبراتهم وإمكانياتهم.
7- إنشاء هيئة أركان للجيش الحر تضم مدنيين وغير متخصصين عسكرياً، أدى إلى فشلها في قيادة المعركة من جانب المعارضة، إضافة إلى عدم دعمها بالأسلحة وبقائها تحت أوامر الدول الداعمة.
8- تعيين وزير دفاع مدني في الحكومة المؤقتة (أسعد مصطفى) لا يملك خبرة عسكرية، ورفض معظم العسكريين له ولخططه، ما أدى إلى شقاق كبير بينهم، إلى جانب زيادة الفرقة بين كبار الضباط وتشكيلاتهم على الأرض.
9- الدعم العسكري المقدم للفصائل المختلفة دون تنسيق، والخضوع لأجندات وأهداف مختلفة من الدول الداعمة والمتنافسة فيما بينها لتوسيع نفوذها في سوريا بالمرحلة القادمة، أدى إلى تنافر بين تلك الفصائل، والمساهمة في عدم توحدها، ونشوء أمراء حرب.
10- ارتباط قيام الثوار بعمليات على الأرض بموافقة الجهات الداعمة وإمدادها بالذخيرة والسلاح اللازم لذلك.
11- قدرة النظام على اختراق الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة أمنياً وتنظيمياً، مما تسبب في الكثير من الخسائر للثوار خلال المعارك من خلال تسريب المعلومات والخطط العسكرية الخاصة بهم.
12- الدعم العسكري اللا محدود من إيران وحزب الله وميليشيات أخرى أدى إلى إعادة القدرة لقوات النظام التي خسرت الكثير من عناصرها خلال الصراع.
أسباب سياسية
13- تصحّر الساحة السياسية في سوريا على مدى الأربعين عاماً الماضية من حكم عائلة الأسد، إلا من حزب البعث الحاكم الذي تفرّد بالسلطة منذ عام 1963.
14- ضعف الخبرة السياسية المؤسساتية والعملية لدى السوريين، نتيجة غياب الحياة السياسية في بلادهم منذ عقود، وحتى لدى الـ”معارضين” من المنشقين عن النظام، وكان لذلك الأثر الكبير في عدم وجود قيادة سياسية ذات كفاءة للثورة منذ اندلاعها.
15- عدم وجود توجهات سياسية إيديولوجية للمعارضين تبلورت لتشكل حالة ثورية كما في الثورات الأخرى.
16- حالة التشتت والانقسام لدى الثوار وعدم وجود توجه موحّد لهم، وتبع ذلك انقسام وتشتت في أبرز ممثليهم “المجلس الوطني” و”الائتلاف الوطني” اللذين لم يتمكنا من التحول إلى مؤسسات فاعلة، كما فشلا في تمثيل الثورة سياسياً.
17- تأسيس المجلس الوطني والائتلاف على مبدأ المحاصصة للجماعات والتيارات التي شكلتهما؛ الأمر الذي أثر على إمكانية نجاحهما، وتحولهما من العمل للمصلحة الوطنية العامة إلى مصلحة الجماعة أو التيار.
18- فشل الكيانين (الائتلاف والمجلس الوطني) في كسب تمثيل الداخل السوري وكذلك كسب التأييد العالمي كبديل عن نظام الأسد على الرغم من الاعتراف بهما.
19- كثرة المعارضين “المدسوسين” من النظام داخل سوريا وخارجها، وكذلك بعض الجماعات التي تدّعي أنها معارضة إلا أنها مقربة سراً من النظام، ما أعطى صورة سيئة عن المعارضة ككل، وأفقد المجتمع الدولي الثقة بها أو التعامل معها بجدية كبديل لنظام الأسد.
20- تقديم الدعم السياسي واللوجستي من بعض الدول لـ”الإخوان المسلمين” في سوريا أكثر من غيرهم من المعارضين، أثر على القدرة السياسية لباقي المعارضين أفراداً وأحزاباً، خاصة مع ضعف الخبرة السياسية العملية والمؤسساتية للإخوان وفشلهم في الاستفادة المثلى من الدعم المقدم لهم.
21- موقف المجتمع الدولي مما يحدث في سورية، حيث أن الموقف الأمريكي غير الجدي بتغيير النظام لدوافع تخص المصلحة الأمريكية، وانسحاب الولايات المتحدة مؤخراً من موقع الفعل في الشأن السوري، أتاح للدول الداعمة للنظام لملأ الفراغ ذلك، حيث صعّدت من دعمها له سياسياً وعسكرياً، ما مكّن النظام من الوقوف على قدميه بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط.
22- عدم تقديم “الدول الصديقة” للشعب السوري المساعدة اللازمة لترجيح كفة الثوار، لأسباب تتعلق بمصالحها الوطنية غالباً، ولأسباب أخرى تتعلق بضعف في قدرة بعض المعارضين السوريين، أو اختيار تلك الدول للأشخاص الخطأ، ودعمهم سياسياً ومالياً ولوجستياً.
أسباب اقتصادية
23- نفاذ مصادر تمويل الثوار الذين كانوا يعتمدون عليها في بداية الثورة، مثل التبرعات والعطاءات من بعض الجهات ورجال الأعمال المعارضين للأسد في الداخل، إضافة إلى نفاذ مدّخراتهم الشخصية لتغطية الاحتياجات اللوجستية.
24- عدم قدرة الثوار على شراء الأسلحة بشكل فردي من السوق السوداء، لضعف إمكاناتهم المادية، وعدم تزويد الجهات الداعمة لهم بما يلزمهم من أسلحة لمواجهة قوات النظام، اضطرهم لاستعمال الأسلحة المتاحة التي لا يمكنها تحقيق الحسم.
25- عدم قدرة الثوار على تأمين متطلبات معيشتهم ومعيشة أفراد أسرهم مع طول عمر الثورة، ما أدى لترك الكثيرين منهم ساحات القتل والانتقال إلى مخيمات اللجوء في الدول المجاورة لسوريا.
26- عدم توجيه المساعدات التي قدمت من العديد من الدول إلى المكان المناسب، وتسبب الفساد وسوء البناء المؤسساتي في ضياع الكثير منها.
27- عدم تقديم رجال الأعمال السوريين المنتشرين في أنحاء العالم الدعم اللازم للثوار وإقلاع البعض منهم عن ذلك مع طول عمر الأزمة، إضافة إلى تقييدات الحركة المالية المفروضة في العالم التي منعت الكثيرين من تقديم الدعم المادي للثوار خوفاً من اتهامهم بدعم الإرهاب.
28- الدعم المادي اللا محدود للنظام، من الدول الداعمة له وعلى رأسها إيران وروسيا، مقابل دعم محدود للمعارضة يضيع أثره في ظل تشتت المعارضة واستشراء الفساد في بعض مؤسساتها.
أسباب جغرافية
29- تسبب موقع سوريا الجيوسياسي إلى دعم الدول المجاورة لها لبقاء الأسد، فعلى الرغم من العداء بين إيران وإسرائيل إلا أن كلاً منهما يريد بقاء الأسد ويعمل على عدم إسقاطه.
فبالنسبة لإيران تعتبر سوريا شرياناً رئيسياً لتنفيذ برنامجها التوسعي في الشرق الأوسط ومحيطه، أما إسرائيل فقد استطاع نظام الأسد (الأب والابن) الحفاظ على الهدوء على جبهتها الشمالية خلال 40 عاماً، ما دفعها للخوف من قدوم أي نظام آخر يهدد حدودها.
30- موقع سوريا المجاور للبنان والمتداخل معه، دفع حزب الله للحرص والقتال لبقاء نظام الأسد الذي ساهم في تثبيت الحزب كقوة أولى في لبنان من خلال الدعم السياسي، وباعتباره (النظام (يشرف على الشريان الوحيد تقريباً للسلاح الذي يصل له من إيران.
31- موقع سوريا المجاور للعراق وطول الحدود بين البلدين جعل رئيس الوزراء نوري المالكي حريص على بقاء نظام الأسد على الرغم من تذمر المالكي سابقاً من المتسللين الذين كانوا يأتون من سورية ويهددون الأمن في العراق، إلا أن موقفه بعد الثورة تغير بأوامر من إيران ولمصلحة ذاتية خشية تغيير النظام العلوي في سوريا القريب من النظام الشيعي إيديولوجياً في إيران والعراق، مما يهدد الهيمنة الشيعية على العراق ويعطي السنة قدرة وعمقاً أوسع في مقاومة تلك الهيمنة.
32- أما بالنسبة لتركيا التي تجمعها بسوريا حدود مشتركة تمتد مئات الكيلومترات، فبالرغم من وقوف تركيا إلى جانب الشعب السوري خلال أزمته واحتضان مئات الآلاف من لاجئيه وتقديم المساعدات الكبيرة لهؤلاء، إلا أن محدودية القدرة التركية على تقديم المساعدة العسكرية بشكل مباشر للثوار قلّل من إمكانية حصول الثوار على سلاح نوعي يحتاجونه لحسم الصراع مع النظام.
أسباب اجتماعية وثقافية
33- سيطرة العلويين على معظم مفاصل السلطة في أجهزة الأمن والجيش والدولة واستخدام الأقليات الأخرى لشغل مناصب هامة، دفع معظم أبناء الأقليات إلى الخوف من خسارة الميزات التي اكتسبوها خلال حكم الأسد الأب والابن، وخاصة العلويين المستفيدين الأكبر من بقاء حكم الأسد.
34- تمسك أبناء الأقليات بـ”النظام” الذي يعرفونه خوفاً من القادم، على الرغم من امتعاض الكثيرين منهم من السياسات الاقتصادية والأمنية وغيرها لنظام الأسد.
35- بروز بعض الفصائل الجهادية التي تنادي بقيام دولة إسلامية، ساهم في زيادة الخوف لدى الأقليات، وساهم إعلام النظام الذي يصور الإسلاميين، على أنهم متشددون وأنهم سيعاملون أبناء الأقليات ككفرة، ما دفع بعض أبناء الأقليات إلى اتخاذ موقف مناهض للثورة.
هل ستهزم الثورة؟
بالطبع لا يمكن للثوار أن يعودوا إلى الوراء، وفي الوقت نفسه لا يمكن للنظام العودة ليحكم سوريا كما كان في السابق بعد كل الذي حصل وآلاف القتلى والمعاقين وملايين المشردين داخل سوريا وخارجها، وتدمير شبه كامل للبلاد، اقتصادياً واجتماعياً.
وحتى لو استطاع البقاء لفترة قادمة إلا أن النهاية لن تكون أقل من رحيله بشكل أو بآخر.
فطبيعة الثورة في سوريا تختلف عن جميع الثورات في البلدان الأخرى، ولا تقبل إلا الحسم لصالح أحد الطرفين، فلا النظام سيقبل بالتنازل لأن في ذلك نهايته المحتومة بعد كل ما فعله، ولا الشعب السوري سيرضى بمن قتل أبنائه وشردهم ودمر منازلهم من العودة إلى الحكم من جديد.
لكن الخلاف هو على الثمن الباهظ الذي دفعه وسيدفعه السوريون لتحقيق الانتصار لثورتهم.


www.deyaralnagab.com