logo
العراق :النجيفي ولاريجاني يعزفان على قيثارة بلا أوتار!!
بقلم : علي الكاش ... 10.01.2014

تتمحور مداخلتي حول الوساطة التي طلبها رئيس ما يسمى بالبرلمان العراقي أسامة النجيفي من نظيره الإيراني علي لاريجاني لحل الأزمة المتفاقمة في الأنبار والتي أمتد شرارها الى بقية المحافظات ذات الغالبية السنية المهمشة من قبل حكومة المالكي الطائفية. تتمحورمن حيث تعريف الوساطة والشروط التي يجب أن تتوفر في الوسيط والإجراءات المتبعة لكي تكلل العملية بالنجاح. بالطبع لا إعتراض على مفهوم الوساطة بشكلها العام لفض المنازعات الداخلية والخارجية لأي بلد ضمن الإطار القانوني الذي يضبط احكامها. كما ان لجوء الأطراف المتنازعة الى وسيط للوصول إلى حلٌ توافقي، مسألة مقبولة وطبيعية. سيما إذا كانت كفتا ميزان الطرفين المتنازعين متكافئة. وقد يكون الوسيط دولة أو إتحاد دولي او لجنة دولية او خبير دولي معترفا به عند الطرفين المتنازعين.
مفهوم الوساطة بشكل عام (محاولة توفيقية وحيادية لتسوية المنازعات والخلافات بين طرفين أو أكثر بطريقة سلمية عبر اشاعة أجواء الثقة والتفاهم وتقريب وجهات النظر والوصول إلى حلٌ تفاوضي مُرضي بين الأطراف المتنازعة).
لا بد أن تتوفر مجموعة من المواصفات في الوسيط ليحقق نتائج إيجابية في مسعاه من أبرزها: أولا: ان يكون الوسيط طرفا كفوءا ومحايدا، ليس له مصلحة خاصة عند الفريقين المتنازعين. ثانيا: أن يكون مؤهلا للوساطة وله دراية وإلمام ومعرفة تامة بطبيعة النزاع القائم. ثالثا: أن تتوفر عنده تجربة سابقة أو أفكار مسبقة حول أفضل الوسائل لإنهاء النزاع. رابعا: ان يكون مشهودا له بالنزاهة وحسن التصرف في إدارة النزاع. خامسا: أن يكون له قبول عند الطرفين المتنازعين بحيث يحفزهما للتجاوب مع مبادرته. سادسا: أن يحظى بثقة أطراف النزاع، وبذلك يتمكن من ضمان نجاح وساطته، سيما أن الامر يتعلق بمصالح متناقضة ومتضاربة. سابعا: ان يكون ذو مكانة اجتماعية مرموقة في محيطه وخارجه، وشخصية مؤثرة ومرنة، ويتمتع بسرعة البديهية ليتمكن من تقريب وجهات النظر المتباعدة. ثامنا: أن يكون مستقلا في رأية ولا يخضع للمؤثرات الخارجية التي قد تؤثر على مساعيه مهما كان نوعها. تاسعا: ان لا ينتسب لأي من طرفي النزاع من حيث المواطنة والقومية والقرابة. عاشرا: أن يحترم إرادة الأطراف المتنازعة من خلال الإلتزام بحفظ سرية المحادثات ولا يعلن عنها الا بموافقة الطرفين المتنازعين واتفاقهما بالكامل على كل النقاط. إحد عشر: تدوين سير المحادثات وتسجيلها للرجوع اليها عند الحاجة والزام الاطراف بأقوالهم السابقة. هذا عرض مبسط عن طبيعة والوساطة والوسيط. سنحاول ان نطبق معاييرها على وساطة لاريجاني في حلٌ أزمة الأنبار كما أطلقوا عليها.
ذكرت الأخبار بأن رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي هاتف نظيره الإيراني بشأن التوسط لحل أزمة الأنبار، ووعد لارجاني النجيفي بأن يبذل قصارى جهده في هذا المجال، وأن أمن العراق وإستقراره يهم إيران وهو ما تسعى له. وقبل مناقشة هذا الأمر نستذكر جميعا بأنه منذ فجر الإعتصامات أعلن نظام الملالي بأنه على إستعداد للتدخل العسكري لإنهاء الإعتصامات إذا ما طلب المالكي ذلك. وقريبا مع إشتداد المعارك أعلن نائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حجازي بتأريخ 5/1/2014 بأن بلاده مستعدة لمساعدة العراق عسكريا في قتاله ضد مسلحي تنظيم القاعدة.
موضحا "إذا طلب العراقيون ذلك فسوف نزودهم بالعتاد والمشورة ولكنهم ليسوا بحاجة إلى جنود" لاحظ إستخدامه مفردة) العراقيين) بدلا من جيش المالكي!
وحول ما أوردته بعض الصحف من أن العراق طلب الدعم العسكري من إيران وأميركا لتنفيذ عمليات ضد تنظيم القاعدة، ذكر حجازي "لست على اطلاع على هذا الموضوع ولكن على أي حال لو طلب العراق الدعم من إيران فإنها سترحب بالتاكيد". وفي يوم 6/1/2014 وصل مستشار الرئيس الإيراني رستم قاسمي إلى محافظة ميسان، وذكر مصدر من مكتب المحافظ" بأن رستم عقد فور وصوله اجتماعاً مغلقاً مع محافظ ميسان علي دواي، لمناقشة عدد من المشاريع والقضايا الاقتصادية المتفق عليها بين الجانبين وأضاف أن مستشار الرئيس الايراني لشؤون تنمية العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران رستم قاسمي دخل المحافظة براً عبر منفذ الشيب الحدودي".
لاحظ أنه مستشار الرئيس الإيراني ومع هذا يلتقي بدرجة محافظ! إنها هي حالة نادرة في العلاقات الدولية، لأنه في زيارات الرئيس الراحل الطلباني وكذلك المالكي لطهران لم يستقبلهم في المطار سوى وزير الرياضة أو رئيس دائرة المراسم في وزارة الخارجية الإيرانية، ولم يقم مستشار رئيس الدولة بذلك. وإذا كان الغرض إقتصادي فعلا! فلماذا الإجتماع فوري ومغلق؟ وهل هذه الظروف الخطرة تسمح بزيارات تجارية؟ وكيف يدخل مستشار الرئيس من منفذ بري بدون إجراءات برتوكولية، ودون ان يستقبله نظيره العراقي، ودون معرفة وزارة الخارجية العراقية بالزيارة؟ إستذكروا زيارة وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو لكركوك العراق وكيف أقامت حكومة المالكي القيامة لعدم علمها بالزيارة! فقد صرح حينها الناطق الرسمي للحكومة علي الدباغ فقد بأن" زيارة اوغلو تمت بدون موافقة الحكومة وهي تجاوز خطير على سيادة العراق ويتحمل الاقليم تبعات التجاوز". وجاء في بيان عن وزارة الخارجية العراقية " قام وزير خارجية تركيا احمد داوود اوغلو بزيارة إلى كركوك وإن هذه الزيارة نعتبرها نوعا من الانتهاك الذي لا يليق بتصرف وزير خارجية دولة جارة ومهمة مثل تركي". علما إن الزيارة كانت بموافقة رئيس أقليم كردستان وبعلم السفارة العراقية في أنقرة.
أخيرا هل جاء تزامن زيارة مستشار الرئيس الإيراني مع ثورة الأنبار بصورة عفوية؟ وهل يتصرف نظام الملالي مع العراق بعفوية؟
من جهة أخرى أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا) بأن القيادي في المجلس الاعلى للثورة الإسلامية عادل عبد المهدي سلمٌ في زيارة غير معلنة رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في ايران هاشمي رفسنجاني تقريرا مفصلا عن تطورات الاوضاع في العراق والمنطقة. وقد وصف (الرافس نجاني) ثوار الأنبار بالإرهابيين بقوله" التخطيط لمكافحة الارهاب بات اليوم ضرورة سياسية، وإن اي خلاف بين المسؤولين قد يصب في مصلحة الارهابيين، مضيفا كان من المتوقع أن يقوم الارهابيون بمثل هذه الهجمات بسبب الفشل الذي لحق بهم".
جاء في الأخبار أيضا " وصول اللواء 52 ومعه قوة من فيلق القدس الى مطار بغداد الدولي والتحقت بقوات سوات للعمل معها. وتستخدم هذه القوات صواريخ حرارية روسية سبق ان استعملها حزب الله في سوريا. وتنتظر القوات ساعة الصفر للهجوم على الفلوجة والرمادي. وهناك مجموعة من قوات بدر الايرانية تلبس زي تنظيم (داعش) لتصويرهم في مناطق محافظة الانبار، بدعوى محاربة تنظيم القاعدة". كذلك الخبر الآتي" رصدت مصادر من داخل مطار بغداد هبوط طائره قادمه من ايران في المطار عصرا وتوجهت الى الطائره خمسة حافلات مضلله وشوهد نزول قوات بزي مرقّط وتوجهت الى الحافلات، وبعد خروجها من ارض المطار رافقتها قوات سوات وتوجهت باتجاه بغداد". وشاهدنا فيلم عرض فيه الثوار جوازات سفر إيرانية كانت بحوزة القتلى من قوات المالكي في معارك الأنبار الأخيرة.
بعد كل هذه التصريحات والتدخلات الإيرانية في الشأن العراقي ومساهمة الحرس الثوري الإيراني مع قوات المالكي في القتال ضد أبناء الثورة الأنبارية. هل يصلح لاريجاني لحل الأزمة في الأنبار كما وصفها النجيفي؟
نقول للنجيفي لقد توسلت كالشحاذ بنظريك لاريجاني ليحل أزمة الأنبار! ولكن لا بد أن نزيل الصدأ المتراكم على دماغك كي تعرف:
أولا: إنها ليست أزمة بل هي ثورة يا أمعي!
ثانيا: الوساطة بين طرفين تستلزم ان يكون الوسيط مقبولا عند الطرفين ليتمكن من الوساطة والنجاح في مسعاه. لاريجاني مقبول عندك وعند المالكي لكنه مرفوض من قبل أهل الأنبار قلبا وقالبا.
ثالثا: أعلنت إيران بأنها مستعدة لتقديم العون الى حكومة عبدها الذليل المالكي، وتحولت السفارة الايرانية في بغداد الى غرفة عمليات حربية لإدارة المعارك، وتشارك ميليشيات الولي الكريه في المعارك ضد أبطال الثورة الأنبارية. فهل تصلح إيران ولاريجاني ورافسنجاني للوساطة؟
رابعا: إن المبادرة التي طرحها عمار الحكيم والتي أيدها أسامة النجيفي وجماعته(متحدون) هي ليست من بنات أفكار الحكيم، لأنه واحد من أهم بيادق الخامنئي في العراق ولا يمكن أن يتخذ مبادرة هكذا لوحده دون الرجوع إلى سيده الخامنئي. وهذا يفسر إرساله عادل عبد المهدي ممثلا عنه لإيران ولقائه بكبار المسؤولين ومنهم رافسنجاني ولاريجاني لغرض مناقشتهم مقترح عمار الحكيم قبل أن يجهر به. فأخذ الضزء الأخضر سيما إن نظام الملالي يرى في الحكيم أفضل بديل عن المالكي، ويحاول أن يضعه تحت دائرة الضوء.
خامسا: أما كان من الأولى بك في حال عجزك المفرط وإعترافك به، أن تطلب المساعدة من الجامعة العربية أو الأمم المتحدة أو أي طرف عربي مقبول عند الطرفين المتنازعين؟
لكن لا عتب عليك فزيارتك وأنت رئيس برلمان للعقيد سليماني لا تزال مطبوعة في الذاكرة العراقية ولن تغادرها، وسترى نتائجها في الإنتخابات القادمة إذا سمح لكم المالكي بإجراءها.
يبدو يا نجيفي إنك لا تفهم دينك ولا موقعك ولا مسؤوليتك الوظيفية، وجعلت من نفسك مسخرة أمام العراقيين بحيث قوة من الشرطة اوقفت موكبك المهيب وأنت في طريقك لجامع أبو حنيفة لغرض صلاة الجمعة. فأرجعتك أنت وشراذمك من الحمايات المسلحة القهقري تجرون أذيال الهزيمة والعار! ولو كانت عندك ذرة واحدة لا إثننتين من الشرف والحياء لقدمت إستقالتك فورا بعد هذا التحقير والإزدراء من قبل قوة من العسكر يا رئيس البرلمان!
هل عرفت الآن لماذا لا يحترمك لا المالكي ولا النواب ولا أهل السنة! لأنك أجبن من الفأر، وأبطأ من السحفاة. وأضعف من الأرنب، وأقل حياء من البغي. ألم يكن بإمكانك وأنت رئيس البرلمان تحفيز الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين أو على الأقل أن تكشف أوراق اللعب على الطاولة ليعرفها الجميع؟ إنظر كيف أطلق المالكي سراح الإرهابي واثق البطاط خلال 48 ساعة بعد أن هدده حزب الله! فهل يصعب عليه إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء من الرجال والنساء؟ لتعرف كم أنت ضعيف ومتخاذل عن نصرة أهل السنة وتدعي بأنك تمثلهم بلا وجه حق.
لقد صبرنا عليكم كثير حتى إنتابنا اليأس وملامة أنفسنا من طول الصبر. ونسأل الله تعالى أن يمد ثوارنا في المحافظات المنتفضة بالقوة والحزم والثبات والنصر المؤزر، لنحرر أنفسنا من قيودكم التي أدمت معاصمنا وقلوبنا وعقولنا.
إعتمادنا على الله تعالى، ومن ثم على جنوده الأوفياء في المحافظات الثائرة، ونِعم بالله فهو السميع المجيب. وحاشا لله أن يتوانى عن مساعدة المظلومين ونصرتهم، إنه الحسيب الرقيب. ونِعم بأبطالنا الغيارى النشامى جنود الرحمن، وهم يُلقنون أولياءَ الشيطان دروسا لا تنسى في معاني الإيمان والرجولة والكبرياء.

كاتب ومفكر عراقي

www.deyaralnagab.com