logo
صراع شرقي سورية: معركة مفتوحة بين "قسد" والعشائر!!
بقلم : عماد كركص ... 03.09.2023

لا تبدو التهدئة واردة في ظلّ احتدام الصراع المندلع بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، ومقاتلي العشائر العربية، ومنهم من المنشقين عن "قسد"، في محافظة دير الزور شرقي سورية. فمقابل توالي تعزيزات "قسد" إلى المنطقة، ارتفعت الأصوات العشائرية بالتوجه إلى السلاح ودحر هذه القوات عن المناطق التي تسيطر عليها من المحافظة.
وبدأ التوتر في محافظة دير الزور عقب احتجاز "قسد" قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل (أبو خولة) قبل أيام، بعد إقالة الخبيل بتهمٍ تتعلق بالفساد، تبعه اعتقال قياديين آخرين من أبناء العشائر العربية، وهو ما أدى إلى تأجيج الوضع في المنطقة، ودفع فعاليات قبلية للدعوة إلى تشكيل إدارة مدنية لهذا الريف، تتبع للتحالف الدولي.
وبعد سيطرة مقاتلي العشائر على العديد من القرى والبلدات في ريف دير الزور الشرقي، ودعوة التحالف الدولي الذي يدعم "قسد" بشكل مباشر ويحاول استيعاب العشائر، إلى التهدئة، ظهر أمس السبت شيخ عشيرة العكيدات إبراهيم الهفل، وهو يحمل السلاح ويدعو للتوجه إلى السلاح، معتبراً أن المعركة مصيرية مع "قسد" لطردها من المحافظة، ما ينذر بتصاعد التوترات والصراع، الذي قد يغير خريطة السيطرة في شرق سورية.
تعزيزات عسكرية لـ"قسد"
وتمكّن مقاتلو مجلس دير الزور العسكري مع أبناء العشائر خلال الأيام القليلة الماضية، من السيطرة على بلدات الباغوز، السوسة، الشعفة، الكشمة، هجين، البحرة، غرانيج، الكشكية، أبو حمام، أبو حردون، الحرذي، سويدان، درنج، الطيانة، ذيبان، الصبحة، والشحيل، وجميعها في ريف محافظة دير الزور الشرقي، بعد معارك عنيفة مع "قسد"، أسفرت عن وقوع عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، بالإضافة إلى مقتل مدنيين بينهم أطفال بقذائف "قسد".
ولذلك، دفعت "قسد" فجر أمس السبت بتعزيزات عسكرية ضمت آليات ثقيلة من ريف محافظة الحسكة، باتجاه ريف دير الزور الشرقي، في ظل ترجيحات باستعدادها لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق بهدف استعادة القرى والبلدات التي خسرتها في معاركها ضد مقاتلي مجلس دير الزور العسكري والعشائر العربية.
وقال الناشط وسام العكيدي، وهو من أبناء ريف محافظة دير الزور، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قسد" أرسلت فجر أمس، رتلين عسكريين منفصلين يضمان أسلحة ثقيلة، من ريف محافظة الحسكة باتجاه ريف محافظة دير الزور الشرقي. وأكد أن "قسد" بدأت بجمع قواتها في مدينة البصيرة وأطراف بلدة الدحلة القريبة من بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي، وذلك بُغية استعادة البلدات التي خسرتها في معاركها خلال الأيام السبعة الماضية ضد مجموعات مجلس دير الزور العسكري وأبناء العشائر.
دير الزور: تراكم مشاكل يفجّر معارك بين أجنحة "قسد"!!
من جهته، رأى الصحافي عهد صليبي، وهو من أبناء ريف محافظة دير الزور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قسد بدأت بحشد قواتها على تخوم ريف محافظة دير الزور الشرقي"، مرجحاً أن "تبدأ عملية عسكرية خلال الساعات المقبلة لاستعادة ما خسرته في الريف الشرقي من المحافظة".
ورأى صليبي أن "فرصة قسد هي الأخيرة في هذه المعركة التي سوف تبدأها، وفي حال فشلت في استعادة السيطرة، لن تتمكن مرة أخرى من دخول ريف دير الزور الشرقي، بعدما قُتل وجرح وأُسر العشرات من عناصرها خلال الأيام السبعة الماضية".
وحول سيطرة مقاتلي مجلس دير الزور بالاشتراك مع أبناء العشائر على الخط الشرقي من محافظة دير الزور الواقع على خطوط التماس مع قوات النظام السوري، أشار صليبي إلى أنه "من الطبيعي جداً أن تخسر قسد تلك البلدات نتيجة المعارك، ولا تريد أن تحصر قواتها في زاوية ضيقة يُقطع عنها الإمداد".
"قسد" والعشائر يتحضران للحسم
على الجهة المقابلة، قال مسؤول المكتب الإعلامي لدى "قسد" فرهاد شامي، في منشور له على حسابه في موقع "فيسبوك"، إن "قواتنا ستبدأ بالحسم والحزم"، مشدداً على أنها "الفرصة الأخيرة للمرتزقة"، على حد تعبيره.
وكانت "قسد"، قد أعلنت في بيانٍ لها مساء الجمعة، حظراً للتجول في ريف دير الزور الشرقي، بدءاً من صباح أمس السبت، ولمدة 48 ساعة، لكن المعارك أيضاً اندلعت كذلك في بعض أجراء الريفين الغربي والشمالي للمحافظة.
ولا تريد "قسد" الاعتراف بانشقاق كامل لمجلس دير الزور العسكري، إذ تشير إلى أنها تقاتل مع المجلس، بقيادته البديلة، المنتفضين عليها في دير الزور.
وقالت "قسد" في بيان أمس السبت، إن قواتها أطلقت عملية "تعزيز الأمن" ضد خلايا تنظيم "داعش" وما وصفتها بـ"العناصر الإجرامية". وأشار البيان إلى أنه "في ما بعد، تدخلت قوى خارجية مختلفة وأرادت أن تستغل هذه العملية كفرصة لتحقيق مخططاتها، خصوصاً في الأيام الثلاثة الأخيرة من الاشتباكات التي تجري بين قوات سوريا الديمقراطية والمجلس العسكري لدير الزور من جهة والمسلحين المرتزقة المرتبطين ببعض الأجهزة الأمنية التابعة للنظام من جهة أخرى التي توغلت من الضفة الغربية لنهر الفرات".
وأضاف البيان: "هؤلاء المرتزقة عبروا إلى المنطقة عبر نهر الفرات وخط الصالحية وحاولوا خلق الفتنة والنزاع بين شعوب المنطقة، ودعائياً يحاولون تقديم صورة أن هذه الاشتباكات هي اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وشعب دير الزور"، معتبراً أن "هذه دعاية إعلامية كاذبة لا صحة لها، خصوصاً أن عملية تعزيز الأمن تمت بناءً على طلب شعب دير الزور وشيوخ ووجهاء العشائر وهم مطلعون على مجرياتها".
وأشارت "قسد" إلى أنه "ليس هناك أي خلاف أو أي مشكلة بين شعب دير الزور وقواتنا، على العكس الجميع على علم بأن قسد هي القوة التي حرّرت شعب المنطقة من ظلم داعش وهي التي تحمي شعوب المنطقة وتحقق الأمن والاستقرار إلى يومنا هذا".
ووصفت ما يتداول حالياً بـ"الدعايات المتعمدة التي تحاول إظهار أن ما يجري على أرض الواقع هو حرب بين قواتنا والعشائر العربية ليس لها أي هدف سوى خلق الفتنة وكسر وحدة قوات سوريا الديمقراطية وشعوب المنطقة". وأضافت: "كما أن هناك بعض الأطراف المعادية التي تحاول عرض هذا الأمر وكأنه خلافٌ بين الكرد والعرب، هذه لعبة مستمرة منذ بداية ثورة سورية، فقد حاولوا دائماً تغيير مسار الثورة وإظهارها كحرب بين الأديان والمذاهب والقوميات".
واستبعد الناشط عمر البوكمالي، وهو من مدينة البوكمال شرق دير الزور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تذهب الأوضاع للتهدئة، منوهاً إلى أن "الخلافات التي تكون ذات طابع عشائري أو أحد أطرافها عشائر يكون حلّها صعباً، لاسيما مع سقوط القتلى، وفي الوضع الحالي، سقط قتلى من أبناء العشائر، ومن الصعب أن تقنع ذويهم بالتفاوض".
ونبّه البوكمالي إلى أن "هناك محاولات لاستفادة مليشيات إيران القريبة من المنطقة من الصراع بالتدخل لمزيد من تأجيجه"، وكشف أن "هاشم محمود السطام، وهو مسؤول الانتساب في الحرس الثوري الإيراني، توجه إلى المنطقة، ما يشير إلى محاولة استغلال الأحداث".
من جهته، رأى مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، أن "هناك رفضاً شعبياً لقسد في المنطقة التي تحتدم فيها المعارك، وبالتالي وجد الأهالي فرصة لمساندة مقاتلي العشائر لطردها والتخلص منها". وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "ردود الفعل العشائرية، كانت غير منظمة في البداية، والآن بدأت تأخذ شكلاً أكثر تنظيماً، خصوصاً بعدما أخلت قسد معظم المنطقة وأفرغت الحواجز والمقرات، ما سمح بترتيب الصفوف". وأشار علاوي إلى أن "التهدئة كانت ورادة حتى ليل الجمعة، لكن خروج شيخ عشيرة العكيدات إبراهيم الهفل ودعوته للمواجهة وحمل السلاح ضد قسد، سيعني مزيداً من التطور في الصراع".
وحول رؤيته لعدم تدخل التحالف الدولي، شريك "قسد" الرئيسي، بشكل مباشر في كل هذه التطورات، أشار علاوي إلى أن "هذا الأمر لا يزال مستغرباً، وهو إما أن يترك التحالف الأمور للتصعيد بين الطرفين من دون تدخل مباشر، أو التدخل بقوة لإنهاء الوضع القائم"، منوهاً إلى أن "موقف قسد ضعيف جداً في الوقت الحالي، الأمر الذي قد يقنع التحالف بالتوافق مع قوى أخرى على الأرض كقوة شريكة أخرى، وقد تجد ذلك بمقاتلي العشائر".

*المصدر :العربي الجديد

www.deyaralnagab.com