logo
تمكين المرأة: زراعة البذور ورحلة اكتشاف الذات في المغرب!!
بقلم : سناء بنعظيم*  ... 14.01.2021

تمكين المرأة هو منفذ المغرب نحو تحقيق مستقبل ناجح ومشرق. الهدف الرئيسي لبرنامج تصورات التمكين (IMAGINE) هو مساعدة النساء على اكتشاف أكثر ما يرغبن به في الحياة. ما هي إذا الغاية المنشودة من عقد تدريب تصورات التمكين؟ وما هي سبل تمكين الفتيات والنساء في المناطق القروية المغربية؟
إن برنامج تصورات التمكين دورة تأخذ النساء في رحلة لاكتشاف الذات على مدار أربعة أيام كاملة. ويضم كل يوم محاور تنسيق محددة تتكون من أربع وحدات مقسمة إلى سبعة مجالات: العواطف، والعلاقات، والجنس، والجسد، والمال، والعمل، والاكتشاف.
خلال الأسابيع الأخيرة من عام 2020 المنصرم، أشرفت أمينة الحجامي، مديرة مشاريع في مؤسسة الأطلس الكبير، على ورشتي عمل حول تمكين المرأة في إطار برنامج تصورات التمكين بتمويل من السفارة الأمريكية في المغرب. ويهدف هذا المشروع، الذي تديره مينة العلوي كمال مع مولاي حسن العدلوني، إلى تعزيز وتنمية وضعية المرأة القروية.
عقدت الورشة الأولى في قرية سيدي علي او فارس بجماعة ستي فاضمة وعرفت مشاركة عشر نساء. أما الورشة الثانية فقد أقيمت بقرية أشبارو بجماعة تمصلوحت بإقليم الحوز وشاركت فيها عشر سيدات أخريات.
رافقت أنا وإيمان أخزان السيدة أمينة كمتدربات في الورشتين. وبعد عام واحد من المراقبة والتدريب، سنصبح مؤهلات لإجراء الدورة التكوينية الأولى حول تمكين المرأة في المستقبل، وهو الأمر الذي سيساعد مؤسسة الأطلس الكبير على نشر عملها بشكل أكبر في المغرب.
شمل اليوم الأول فقرات للتعرف على برنامج التمكين. وبدأت النساء ورشة العمل بأنشطة التعارف لبث الشعور بالراحة والثقة بين المشاركات ومع مشرفي مؤسسة الأطلس الكبير قبل الغوص في مواضيع أكثر حميمية.
بعد يوم التعارف الأول، تتعمق المشاركات في رحلة اكتشاف الذات والتنمية الذاتية. سرت العادة في المغرب على عدم التحدث عن المشاعر، لذلك بدأت ورشة العمل بمساعدة المشاركات على جرد مفردات للتعبير عن مشاعرهن ولتعزيز ثقتهن للقيام بذلك بصوت عالٍ. ركز الطاقم المشرف على العديد من المفاهيم الجديدة التي تم بناؤها خلال الأيام الأولى من التدريب: احترام الذات، والثقة، والسن المتنامي، والأهداف، والتأكيدات الإيجابية، ومواضيع أخرى.
زراعة بذور التمكين
انطلاقا من الصور التي تلخص أهداف مؤسسة الأطلس الكبير الموجهة نحو زيادة التمكين الاقتصادي في المغرب من خلال نشر زراعة الأشجار المثمرة، بدأت المشاركات في دورة تمكين المرأة تستوعبن أهمية الاعتناء بذواتهن وتعزيز شخصيتهن. استطعن بعدها فهم قانون الجذب: تخيل ما تريده في داخلك وستراه يتحقق في حياتك. إنه نفس المبدأ الذي يسمح للبذور المزروعة في الأرض بجذب جميع العناصر الغذائية من التربة التي تحتاجها من أجل النمو.
خلال المراحل الأولى من ورشة العمل، اكتشفت النساء "التربة بداخلهن". كلما كانت التربة خصبة، إلا وأمكنهن زراعة بذور تنمو بشكل صحي وقوي، إلا وساعدهن ذلك في تحقيق أهدافهن وما تطيب له أنفسهن. وتتمثل إحدى طرق ضمان وجود تربة داخلية صحية في تحديد "المعتقدات المقيدة" (التحديات والعقبات والمعتقدات التقليدية / الشخصية) التي تمنع المرء من احتواء تربة خصبة.
مكنت الأجزاء الأولى من ورشة العمل المشاركات من إدراك كيفية تحويل المعتقدات المقيدة وأنماط السلوك التي تعرقل تطورهن، والتركيز على سقي البذور بدلاً من الأعشاب الضارة، وتوجيه هذه الطاقات الإبداعية الجديدة نحو تحقيق ما يصبن إليه فعلًا - بجسد أقوى وعلاقات أكثر متانة؛ بدءًا بالازدهار المادي نحو حياة روحية أكثر ثراءً واستقرار. وقام المشرفون بذلك عبر طرح أسئلة هادفة:
• كيف يمكنني تحرير نفسي من جميع القيود؟
• ما السبيل إلى وضع وتحقيق الأحلام؟
• إلى ماذا أحتاج حقا لإنجاز كل ما أريد؟
• كيف يمكنني أن أتحلى بالشجاعة وأن أفرض الواقع المعيش الذي أريده؟
من أهم المفاهيم الأخرى التي ركزت عليها الورشة هو تحديد نقاط ضعف المرء وكذا مصدر قوته. ويساعد الاعتماد على مصادر القوة في تخصيب التربة الداخلية أكثر فأكثر. بعد حضور هذا التدريب، أصبحت أؤمن بأن الكثير منا لا يفكر في تحديد مصادر القوة لديه. ومع ذلك، فإنها تلعب دورًا حاسمًا في تقدمنا في الحياة.

يجب أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ما الذي يجعلني أشعر بالقوة في حياتي؟ هناك سبعة مصادر للقوة: الالتزام، والانضباط، ونظام الدعم، والتوجيه الداخلي، والمرونة، والحب، واكتشاف حقيقة الذات. قام الطاقم المشرف بتمرين مع المشاركات بهدف الغوص في أعماقهن، واكتشاف هذه المصادر أو القوة، أو نقاط الضعف، واختبار طبيعة التربة الداخلية. ومكنهن هذا التمرين من اكتساب المهارات الضرورية لمواصلة العمل على تلك المصادر وتغييرها بشكل أفضل.

خلال باقي أيام التدريب، اتخذت أمينة من هذا المحور منطلقا، وركزت على كل من الوحدات المختلفة: العواطف، والعلاقات، والجنس، والجسد، والمال، والعمل.
تأملات شخصية حول دورة تمكين المرأة
مع اقتراب ورشة العمل من نهايتها، صرحت النساء بتأكيداتهن الإيجابية، وشاركن الأهداف التي حددنها لأنفسهن، ووضعن النهج اللازم لتحقيقها باستخدام الخطوات الأربع:
• ما مدى تقدمي نحو تحقيق ما أريد؟
• ما هو الهدف الذي أسعى إليه؟
• ما هي المعتقدات التي تعيق تقدمي؟
• هل أنا راضٍ عن الهدف الذي حددته لنفسي؟
زارتني بعض ذكريات الورشات الأولى عندما كنت متطوعة مع مؤسسة الأطلس الكبير، والتي حثني الدكتور يوسف بن مير على حضورها. ولطالما آمنت ببرنامج تصورات التمكين لما لها من قوة سحرية على تغيير حياة المرأة للأفضل في ظرف لا يتجاوز من الزمن أربعة أيام. فيما يلي بعض الشهادات التي رافقتني من الدورات الماضية والتي أجدها عميقة جدًا:
"أنا مليكة، محامية دفاع، أمثل عملائي في المحكمة."
"سأحرص دائما على تأدية صلاة الفجر في وقتها."
"أنا فاطمة، مؤمنة بقوتي. ولقد ادخرت ما يكفي لأداء فريضة الحج."
أنا بصحة جيدة وحياتي خالية من القلق."
*نهج مؤسسة الأطلس الكبير لتمكين المرأة المغربية
تسعى مؤسسة الأطلس الكبير من خلال برنامج تصورات التمكين إلى تطوير انخراط المواطنين وفعاليتهم، خاصة النساء منهم، من خلال التنمية الذاتية، ودعم عوامل التغيير التي تساعد على خلق بيئات تزدهر فيها الديمقراطية وتضمن الحرية.
ومن حسنات برنامج من فلاح إلى فلاح التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وسفارة الولايات المتحدة في المغرب، خلال سنة 2020 فقط، أن دورات تمكين المرأة التابعة لمؤسسة الأطلس الكبير عرفت مشاركة 73 من النساء والشباب المنحدرين من كرسيف وبركان وإقليم الحوز، حيث لا يقتصر برنامج تصورات التمكين على النساء فقط. وقد قاد طاقم العمل في مؤسسة الأطلس الكبير هذه الدورات التكوينية مع الرجال والشباب أيضًا منذ عام 2016، استفاد من برنامج التمكين هذا ما مجموعه 836 مشاركًا: 627 من البالغين و 209 من الشباب.
*سناء بنعظيم، مديرة مكتب و منسقة المتطوعين في مؤسسة الأطلس الكبير بمراكش - المغرب.


www.deyaralnagab.com