logo
«شبيبة التلال» تخيّر الفلسطينيين: الطرد أو القتل… والرد بالثبات والمقاومة!!
بقلم : علي الصالح ... 18.07.2020

«شبيبة التلال» ليس اسما لتنظيم أو فصيل فلسطيني كما يتوقع، لكنه اسم يطلق على عصابة إرهابية يهودية ناشطة، تمارس بحرية مطلقة إرهابها وإجرامها على الفلسطينيين وممتلكاتهم وتاريخهم، حتى في الأراضي الفلسطينية المحتلة منها عام 1948.
فماذا تقول هذه العصابة الإرهابية عن الفلسطينيين؟ وماذا تمارس ضدهم وضد أراضيهم وأشجارهم وحقولهم، بمساعدة ومساندة علنية من جيش الاحتلال، الأكثر إرهابية، في محاولة منهم لحمل الفلسطيني على مغادرة حقله وأرضه، بل ووطنه. وأعمال هذا التنظيم الإرهابي قد تكون الرد المناسب على من يعطي لنفسه الحق في تحديد أساليب المقاومة، لشعب يخضع للاحتلال ويواجه هذ الإرهاب يوميا، ضد محتليه وأذرعهم الإرهابية، الذين يمارسون جميع أشكال الإرهاب ضده صباحا ومساء.
لا يرى هذا التنظيم الإرهابي الإجرامي، أي إمكانية أو مجال للتعايش مع «الأغيار» الفلسطينيين، بل لا بد من طردهم وفقا للتوراة، ويقول «لسنا ملزمين بقتلهم، وإذا كانت هناك حاجة واضطررنا فسوف نقتلهم» وهو بعبارة أخرى يضرب عرض الحائط، مقولة التعايش بين شعبين على هذه الأرض، وهذا يؤكد مجددا، وعلى نحو لا يقبل الشك، أن المعركة بيننا وبينهم هي معركة وجود لا حدود.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها صحيفة «معاريف» الإسرائيلية قبل بضعة أسابيع مع أحد عناصر هذه المجموعة الإجرامية، التي ما كان ليكون لها وجود لولا حماية دولة الاحتلال وجيشها لها. يقول هذا الشخص الذي عرّفته الصحيفة بالقاصر «يجب طرد الفلسطينيين من البلاد، وعلى الدولة أن تجد طريقة لتنفيذ ذلك. ولا يوجد أي مكان للتعايش. مكتوب في التوراة أنه لا يوجد تعايش، ومكتوب في التوراة أنه يجب طرد الأغيار، ولو طردنا الأغيار لما حدثت كل هذه الأمور المعقدة مع العرب، وكنا سنتخلص من العمليات». ويؤكد مجددا «يجب طردهم من البلاد، لسنا ملزمين بقتلهم. وإذا كانت هناك حاجة إلى قتلهم، وإذا كنا ملزمين بإماتتهم، وفقاً لحكم التوراة، فسوف نقتلهم، وإن لم تكن هناك حاجة إلى ذلك فسنطردهم». وتعمل عصابة «شبيبة التلال» وفق شعار، إمّا الطرد وإمّا القتل، ولا مجال للخيار الثالث. فالتعايش بالنسبة لهم أمر مرفوض. ويحظى أعضاء هذا التنظيم، حالهم حال بقية المستوطنين والعصابات الإرهابية الأخرى، بدعم دولة الاحتلال، التي قامت على الإرهاب وتحكمها عصابة وزمرة من اليمين الفاشي، يغذي هذه الأحقاد عبر رسائل التحريض اليومية. ويُنسب إلى هذه العصابة ارتكاب جرائم قتل بشعة منها، حرق عائلة دوابشة وأفرادها نيام في سنة 2015، وقتل عائشة الرابي بحجر سنة 2018. ويرفض رئيس حكومة الاحتلال حتى اعتماد توصية الجهات الأمنية والقضائية ضد هذه العصابة. ولا ننسى الشاب محمد أبو خضير ابن الـ16 عاما، الذي أحرقته مجموعة تنتمي إلى هذا التيار، بعد أن اختطفته وصبت الوقود في جوفه وأشعلت فيه النيران. ويتحدثون عن الإرهاب!
هذا التنظيم الإرهابي ما هو إلا غيض من فيض، فهناك تنظيمات إجرامية وإرهابية أخرى. ولكل تنظيم من هذه التنظيمات دوره المرسوم له، ينفذه وفق منظومة أوسع تديره سلطات الاحتلال لابتلاع الضفة الغربية، ومن ضمنها القدس. فجمعية عطريت كوهنيم تخص بنشاطها القدس، مهمتها الأساسية تمهيد عملية التهويد، بسرقة العقارات، ووضع اليد عليها، عبر تزوير في الأوراق الرسمية، وأحيانا عبر طرف عربي ثالث، وتوجه أصابع الاتهام إلى دولة عربية بذاتها، بالمساعدة في شراء العقارات وتسريبها لسلطات الاحتلال، وهناك أيضا بعض السماسرة الفلسطينيين من فاقدي الضمير والشرف وخائني وطنهم. أما عصابة «مجموعة الهيكل» و»طلاب لأجل الهيكل» وغيرهما، فتوكل اليهما مهمة العمل من أجل إعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، من خلال فرض السيطرة تدريجيا على المسجد الأقصى بعد أن ثبّتوا مسألة التقاسم الزماني، ولم تعد هناك من أصوات تحتج، تسعى هذه المجموعة لتحويل مصلى باب الرحمة، الذي نجح الفلسطينيون في رفع قيود الإغلاق عنه، بقرار محكمة إسرائيلية، وكسروا قيود أبوابه في مارس2019 ، أي بعد16 عاما من الإغلاق، رغما عن الاحتلال.
ولا يستسلمون، فها هي محكمة إسرائيلية أخرى تتخذ قرارا جديدا يدعو لإعادة إغلاق مصلى باب الرحمة، وهو ما رفضته جميع الهيئات الإسلامية في القدس، في بيان لها، معلنة أنها لا تعترف بالمحاكم الاحتلالية وقراراتها. وأكدت ما قالته منظمة اليونيسكو، من أن حرم القدس الشريف، بما فيه حائط البراق الذي يطلق عليه اليهود حائط المبكى هو صرح إسلامي خالص ولا علاقة لليهود به.
وهناك أيضا القوات الضاربة ومهمتها الاعتداء بتهديد السلاح على أملاك الفلسطينيين ومزارعهم وحقولهم وأشجارهم لزرع الرعب في أوساطهم. ويقوم هؤلاء بقطع الأرزاق بحرق المحاصيل، وقطع الأشجار، خصوصا أشجار الزيتون. وحسب تقرير «أوتشا» مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن المستوطنين أقدموا على حرق نحو4 آلاف شجرة زيتون معمرة في الآونة الاخيرة، وهم يعرفون ارتباط الفلاح الفلسطيني، والفلسطينيين عموما بشجرة الزيتون.
إنهم لا يحاولون التستر على جرائمهم، بل يهددون بالمزيد، فلماذا نحن إذن نخجل من الإشارة حتى إلى حقنا في مقاومتهم بالاسلوب الوحيد الذي يفهمون، حقنا الذي كفلته لنا القوانين الدولية والشرائع السماوية؟
أمام هذا الوضع أتوجه بالسؤال إلى من يرفضون مقاومة الاحتلال، بجميع السبل وليس فقط بالمسيرات الشعبية والمواجهات الأسبوعية، التي رغم أهميتها، إلا أنها غير كافية لدحر الاحتلال وقطعان مستوطنيه وإجلائهم عن ارضنا. وما هو الرد الأنسب في نظر هؤلاء، ونحن نرى السلب والنهب والإرهاب يمارس يوميا، بدون حراك رسمي لقلة الحيلة، فهل ندر لهؤلاء القتلة والمجرمين واللصوص، الخد الأيمن ونترك لهم البلاد ونغادر؟ وهل نتركهم يعيثون فسادا ضد أهلنا في الضفة الغربية؟ ولو كان للرافضين لأساليب العنف ما يساعدون به ضحايا الإرهاب اليهودي، لبررنا قولهم. ولكنهم يقفون عاجزين عن توفير الحماية لهم، ولمن لا يستطيع توفير الحماية فالسكوت هو الأنسب. ونقول لهم إن هناك من يرى أن «كل مستوطن في الضفة الغربية إرهابي» وهذا الموقف للبروفيسور اليهودي عميرام غولدبلوم رئيس قسم الكيمياء العضوية في الجامعة العبرية في القدس، ويقول إن»أي يهودي يعيش داخل حدود عام 1967 هو إرهابي ناهيك ممن يمارس الإرهاب.
فبناء على تعريف غولدبلوم، فإن هناك أكثر من نصف مليون إرهابي يهودي استيطاني في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. ووفقا لهذا التعريف فإن أي مستوطن هو هدف شرعي وجبت مقاومته، ليس بالقرارات، ولا البيانات، بل بشتى السبل والوسائل المتاحة، لقطع دابرهم. ويتقدم بروفيسور التاريخ في الجامعة العبرية دانيال بالتمان، بخطوة على غولدبلوم. ويبرر عمليات قتل المستوطنين.
نعم إن من حق الفلسطيني مقاومة الاحتلال، ودحره بكل الوسائل المتاحة أيا كان شكلها، من حق الفلسطيني أن يدافع عن نفسه وعن حرمة بيته، وأفراد أسرته بالأسلوب الذي يراه مناسبا. من حق الفلسطيني أن يذود عن عرضه وأرضه وحقله وزرعه وزيتونه ويمنع مصادرتها. ومن حق الشعب الفلسطيني أن يرد الصاع صاعين على إرهاب جيش الاحتلال واعتداءاته اليومية، من اعتقالات وقتل وتقييد للحركة واختلاس أراض وهدم منازل. ومن حق الشعب الفلسطيني أن يرد الصاع صاعين على عنف وارهاب المستوطنين واعتداءاتهم اليومية المسعورة وإرهابهم المتواصل.. ومن حق الشعب الفلسطيني أن يحمي نفسه وأسرته من رصاص المستوطنين وجنود الاحتلال. ومن يرى غير ذلك ويرفض العنف فليتقدم ويشمر عن ذراعيه ويباشر في الدفاع عن هؤلاء الفلاحين والمزارعين، الذين يقفون على خط النار ويتلقون الضربات والإهانات صباحا ومساء.
واختتم بالقول، إنه ليس خطأ أن يكون عندنا متطرفون إلى جانب الحق أضعافا، وليكن عندنا مقاومون أضعاف أضعاف ما لديهم من إرهابيين، ولنتصدى لهم ونصد اعتداءاتهم باللغة التي لا يفهمون سواها. فهذه الأرض هي أرضنا، وواجب أبنائها الدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة، ولا بد من تثبيت المزارع وتعزيز صموده فوق أرضه. وأقول لمن يختلق المبررات والأعذار وإلقاء اللوم على الاخرين، إن من يريد العمل المقاوم فلن يردعه رادع، فهناك ألف خيار وخيار. ولنجعل الاحتلال مكلفا وعبئا اقتصاديا وسياسيا والأهم أمنيا على دولة الاحتلال وجيشها، وليس احتلال خمسة نجوم، كما هو الحال منذ اتفاق أوسلو قبل27 عاما حتى الآن.

المصدر : القدس العربي

www.deyaralnagab.com