logo
بريكست يعيد لصيادي السمك البريطانيين ثروتهم !!
بقلم : الديار ... 28.01.2020

جدل ومخاوف وآمال يثيرها البريكست في صفوف الأوروبيين كل حسب ما سيستفيد منه أو سيخسر من الطلاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، فالصيادون البريطانيون ينتظرون بفارغ الصبر عودة ثروة بلادهم البحرية إليهم وحدهم، في حين يتوقع صيادو السمك في الدول الأوروبية الأخرى أن يحرمهم هذا القرار من مورد رزق هام في مياه المملكة المتحدة.
نورث شيلدز (المملكة المتحدة) – تراجعت مهنة صيد الأسماك في بريطانيا خلال العقود التي تلت إنشاء الاتحاد الأوروبي، إلّا أن السعي الحثيث لخروج البلاد من الاتحاد يعطي صيّادي الأسماك البريطانيين في بحر الشمال أملا في انتعاش أعمالهم مجدّدا.
وصرح مسؤولو الصيد في المملكة المتحدة بأن بريكست سيعيد إحياء قطاع صيد الأسماك في بلادهم، مما سيساهم في توفير أكثر من 30 ألف فرصة عمل إضافية وستحظى المدن والموانئ الساحلية مثل لوستوفت وغريمسبي بفرص هامة لتعزيز اقتصاد البلاد بما يقرب من 3 مليارات جنيه إسترليني.
في المقابل يتصاعد التوتر بين صيادي السمك الفرنسيين والهولنديين من جانب والصيادين البريطانيين من الجانب الآخر بسبب احتمال منع وصول الصيادين الفرنسيين والهولنديين إلى المياه البريطانية.
يوميا قبل بزوغ الفجر، يتوجه صيادو سفينة “ذي غود فيلوشيب” إلى المياه الجيلدية في بحر الشمال حيث يرمون شباكهم على بعد 13 كيلومترا من الساحل الشمالي الشرقي الذي صوّتت غالبية المقيمين فيه لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وذلك لاصطياد القريدس الذي يقدّم على طاولات المطاعم الأوروبية.
حاليا، يعلق قبطان السفينة، ديفيد شيل (52 عاما) آمالا كثيرة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، علّ ذلك يسمح بازدهار صيد الأسماك مجدّدا، خصوصا بعد التراجع الذي سُجّل في العقود القليلة الماضية، ويعود بجزء منه إلى الترخيص الممنوح لسفن الصيد الأوروبية للاصطياد في المياه البريطانية، يقول إنه “حان الوقت لتستعيد بريطانيا السيطرة على مياهها”.
مسؤولو الصيد في المملكة المتحدة يتوقعون أن يتيح صيد الأسماك أكثر من 30 ألف فرصة عمل إضافية
احتمال منع وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية يزيد من مخاوفهم، خاصة وأن الصيادين البريطانيين يعتقدون أن مياه بلادهم تتعرض لصيد جائر من قبل صيادي دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
قالت مديرة شركة فرنسية لسفن الصيد صوفي ليروي، “منذ منتصف أغسطس الماضي، هناك توتر كبير بين البريطانيين والفرنسيين… وهناك تعزيز للمراقبة بشكل شبه يومي من قبل السلطات البريطانية”.
وتحصل الشركة التي أسستها ليروي، وزوجها، على 70 في المئة من حجم ما تصطاده من المياه البريطانية.
وقالت ليروي “التأثير سيكون علينا جميعا، ولهذا سنتضرر جميعنا، وبالتالي ستكون هناك نزاعات بين الصيادين، خصوصا مع توجه سفن صيد الأعماق أكثر إلى السواحل”. وفرنسا لن تكون الوحيدة المتأثرة من غلق المياه البريطانية، فالأمر يشمل 8 دول من الاتحاد الأوروبي، من إسبانيا إلى السويد ومن أيرلندا إلى ألمانيا وبلجيكا، فصيادو هذه الدول جميعهم يصطادون في المياه البريطانية.
ففي هولندا تزداد خشية الصيادين في بلدة أورك من عدم قدرتهم على التوجه إلى الصيد في المياه البريطانية في مرحلة ما بعد البريكست، قال الهولندي ترومب فان سلوتن، صاحب شركة صيد بحري، ويقوم بالاصطياد في المياه البريطانية، “في الوقت الحالي مع البريكست سيضطرون إلى مغادرة المياه الهولندية والألمانية، إذ يوجد الكثير من الصيد في مكان واحد فقط، وهذا أمر غير جيد لنا”.
وأضاف “لا أعتقد أن هذا الإجراء هو الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك، وقول البريطانيين نحن نغادر أوروبا، وأنتم عليكم أن تتركوا مياهنا، أمر غير جيد للمستقبل”.
وقال غيرت مون، أمين عام فيسناد، وهي جمعية هولندية تعنى بالصيد ومقرها في أورك، “إن أسوأ سيناريو سيكون الاضطرار إلى إغلاق العديد من المصانع وأن نعرض زوارقنا في سوق المبيعات، ذلك أن المياه البريطانية تشكل جانبا مهما بالنسبة لنا. وإن لم نتمكن من صيد الأسماك سيكون الأمر كارثيا في حقيقة الأمر”.
عمليا، إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الجمعة، ستبقى البلاد خاضعة لسياسة الصيد المشترك حتى نهاية الفترة الانتقالية في 31 ديسمبر المقبل.
ولا يستحوذ الصيّد سوى على 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا، إلا أن الصيّادين كانوا من مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء العام 2016.
ومنذ انضمام بريطانيا إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية في العام 1973، التي أصبحت لاحقا الاتحاد الأوروبي، أرسيت سياسة الصيد المشتركة التي سمحت بالولوج المتساوي لكل السفن الأوروبية إلى كل مناطق الصيد في الدول الأوروبية الأعضاء شرط احترام الحصص.
ويوضح القبطان البريطاني شيل “لقد سمحت هذه السياسة للصيّادين الأوروبيين المتنافسين بصيد كمّيات غير مبرّرة من الأسماك من المياه البريطانية”.
بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تسعى حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون للمحافظة إلى تشريع إطاحة السفن الأجنبية.
وأكّد دبلوماسي أوروبي مقيم في بروكسل، أن التوصل إلى اتفاق يسمح بالصيد في المياه البريطانية يُعدّ شرطا مسبقا لإبرام أي اتفاق حول العلاقات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، والتي ستكون موضوع مفاوضات مكثفة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
ويخشى الكثير من الصيّادين البريطانيين من التضحية بهم لصالح القطاعات الخدماتية الرئيسية في بريطانيا التي يقودها المركز المالي في لندن.
ويتابع القبطان مشيرا إلى السياسيين البريطانيين، “لقد قطعوا الكثير من الوعود، لكنهم سيطعنوننا في الظهر في اللحظات الأخيرة، لأنهم لا يملكون الشجاعة للخروج من الاتحاد الأوروبي”.
في الواقع، تصطاد القوارب الأوروبية 6 مرّات أكثر من المياه البريطانية مقارنة بما تصطاده القوارب البريطانية من المياه الأوروبية.
وفي الوقت نفسه، تصطاد 90 في المئة من قوارب الصيد البريطانية في نورث شيلدز القريدس الذي يصدّر ثلثاه إلى كلّ من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وفقا لآندي ديكسون الذي يدير فرع مسمكة “كالي” في نورث شيلدز.
في المقابل، تستورد بريطانيا معظم الأسماك التي تستهلكها بما فيها سمك التونة والقد والحدوق. يتابع ديكسون قائلا “علينا إيجاد التوازن الصحيح للقيام بهذه التبادلات في سوق الأسماك”.ويشير رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات الصيادين، باري دياس، إلى أن “في العام 1973 كان الوصول المتكافئ إلى مناطق الصيد بمثابة خيانة، خصوصا أن صناعة الصيد تمّت التضحية بها لصالح أهداف سياسية واقتصادية وطنية”. وبالعودة إلى الميناء، يقول الصياد توماس غليني، إنه يأسف لليوم الذي انضمّت فيه بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ويتابع “أتمنى أن يعاد ترتيب هذا الأمر لصالحنا، لكنني لست متأملا كثيرا”.

*المصدر : العرب

www.deyaralnagab.com