logo
الشارع الأردني غاضب وضد «العشائرية» بعد المغدور «هاشم» والملكة رانيا تغرد: الفرح يقتل طفلاً في حضن أمه!!
بقلم : بسام البدارين ... 29.09.2018

قد تبدو عبارة موجعة سياسياً ووطنياً أكثر عندما تصدر عن الملكة رانيا العبدالله: «الفرح يقتل طفلاً في حضن أمه». فالعبارة بطبيعة الحال تنقصها مفردتان هما الأهم عند اختصار الحكاية «وأمام الدرك». هنا عملياً انضمت الملكة شخصياً إلى المعبرين عن الأسف الجديد لجريمة هزت وجدان الشارع الاردني وأعادت مجدداً طرح كل التساؤلات ما خفي منها وما بطن ليس فقط بعنوان اللغز الامني مجدداً ولكن أيضاً بعنوان «ما الذي يجري في البلاد»؟
اختصر مواطن وناشط هو علي الدباس القصة برمتها عندما تقدم بما يمكن وصفه «أجرأ بلاغ « للنيابة العامة بصفة قانونية حيث طالب الادعاء القضائي باعتقال «الشعب الاردني» برمته للتحقيق في حادثة الطفل هاشم الكردي وعلى اساس ان دم هذا الطفل البريء في رقبة كل الاردنيين. والبلاغ المثير يطال حصرياً كل المسؤولين السابقين وقادة ووجهاء العشائر والقبائل والمتواطئين والصامتين على سيادة قوانين «شريعة الغاب». وعملياً التحدث عن قصة الطفل ذي السنوات الثلاث هاشم الكردي طغت على كل الأحاديث الاخيرة بما فيها قانون الضريبة وجرائم الفساد وملف التبغ والسجائر. صورة الطفل البريء بعدما كسرت جمجمته وبقائه بين الحياة والموت لعشرة ايام قبل مفارقة الحياة ألهبت مشاعر الشارع الاردني بل أدت في واحدة من الإنعطافات الحادة ليس فقط للتشكيك بالتصرف الأمني فحسب، ولكن بدور «القبيلة والعشيرة» والمجتمع في حماية «المجرمين» من المواطنين.
«الفرح القاتل»
«الفرح يقتل طفلاً في حضن أمه» قالتها الملكة رانيا العبدالله بعد 15 يوماً بالتمام والكمال من ارتكاب الجريمة وإثر إعلان وفاة الطفل اضطر المستوى الامني لإطلاق تصريحه الأول متحدثاً عن توقيف ثمانية اشخاص تسببوا بما سماه الأمن «الحادث» بدلاً من «الجريمة».
اهتز تماماً الشارع الأردني بعدما قدم والد الطفل القتيل الرواية على شاشة إحدى الفضائيات حيث قرر بعد تعطيل عبور سيارته من قبل «فاردة عرس» على طريق عمان – المفرق شرقي البلاد تجاوز سيارات موكب العرس.
وعندما تجاوزت سيارة الاب مع طفليه وزوجته وهي تعمل في أحد الأجهزة الأمنية بالمناسبة حصل المحظور فقد لاحقته سيارتان من أصحاب العرس وحاولتا «قلب سيارته» في طريق دولي وهنا بدأت الجريمة الاولى باسم «شروع في قتل عائلة من 4 أفراد». وسارع الأب – حسب روايته – الزمن لكي يصل إلى نقطة أمنية مشتركة بين دورية شرطة ودورية درك طلباً للحماية. هنا حصلت الجريمة الأكبر وسط ظروف غامضة منعت دوريتي الأمن من حماية مواطن مطارد بالسيارات وفي وضح النهار وبالشارع العام. وقفت دورية الدرك بلا أي ردة فعل وهاجم عدد غير محدد بعد من الأشخاص سيارة الرجل الذي «أزعج» موكب عرس قريبهم وتم تحطيم السيارة قبل إصابة الطفل بحجر كبير على جمجمته وهو في حضن أمه التي أصيبت ايضاً.
لافت جداً هنا ان قوة الأمن والدرك بالموقع لم تعتقل فوراً القتلة والمجرمين في الوقت الذي بدأت ردود فعل الشارع تعترض وتعلق قبل إعلان التفاصيل التي أرهقت روح الأردنيين المعنوية تماماً وأعادت صياغة مفهوم الأمن الجماعي حتى ان ناشطا بارزا من وزن عبد الناصر الزعبي كتب يقول: «هاشم لم يقتل وهو في حالة لجوء على شواطئ دولة غريبة». إزاء حجم «العصف التواصلي» لكل الاردنيين وبدون استثناء اضطرت الشرطة لتقديم روايتها الاولى لمسار الأحداث والتي تتحدث عن إلقاء القبض على «ثمانية أشخاص» بتهمة «الضرب المفضي إلى الموت» في «حادثة « طريق المفرق. معنى الكلام أولياً وقبل التقاضي وبلغة الشرطة الحديث عن مشاجرة او اعتداء يؤدي لموت إنسان ليس أكثر ولا أقل. تلك الرواية تبدو «إستفزازية» للغاية قياساً بجريمة من النوع المتعلق بـ«إرهاب مواكب الأعراس والطرق» على حد تعبير الناشط فيصل المجالي.
تجاهل حكومي
الأهم هو رصد ما يلي: رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الذي يتواصل مع الناس في كل صغيرة وكبيرة تجاهل جريمة الطفل هاشم الكردي والناطق الرسمي باسم حكومته جمانة غنيمات وكذلك وزير الداخلية لم يعلقا على الحدث الذي لفت من فرط بشاعته العائلة المالكة.
بالنسبة للتقصير الأمني الميداني المحتمل تقرر تشكيل «لجنة تحقيق مشتركة» وهي ايضاً صيغة موسمية مألوفة تصدر عندما يتعلق الأمر بخطأ فردي لأحد عناصر الأمن وليس بجريمة «أبشع مما ينبغي» قرعت كل أجراس الأنذار ليس فقط لإن الضحية طفل في الثالثة وقتل وهو يحتمي بحضن أمه والشرطة والدرك.
ولكن ايضاً لأن النظام القبلي والعشائري الأردني برمته وفي أصوله وقشوره يوفر «الحماية» حتى في أحداث «فورة الدم والغضب والقتل» لأي امرأة ولأي طفل ولكل من «يهرب» من المواجهة وهي مقايسات خالفها بالجملة المجرمون في الواقعة المقيتة. يصر المراقبون هنا على أن صدمة الشعب الأردني الذي يعاني من العنف الاجتماعي سببها المركزي يتمثل في انها قد تكون المرة الأولى التي يقتل فيها متحمسون بالجملة خلال عرس طفلاً رضيعاً وهو يحتمي بحضن والدته بدلاً من الاكتفاء بضرب الوالد او تحطيم السيارة كما يحصل في الاعتداءات الجنائية الأقل حدة. سبق لمظاهر مواكب الأعراس في الشوارع ان تحولت لآلة ضد القانون فقد ضرب العديد من رجال الشرطة في الطرق العامة خلالها. وسبق لمدير الأمن العام شخصياً الجنرال فاضل الحمود ان تعهد بجلب ومحاكمة كل من ساهم في ضرب شرطي سير خلال موكب عرس مماثل قبل اشهر فيما لم يصدر عنه إلتزام مماثل علناً بخصوص الطفل القتيل هاشم الكردي.
مواكب الأعراس المفرطة بالفرح أصبحت «قاتلة» في الأردن وسياسياً تواجه حكومة الرئيس عمر الرزاز اختباراً قد يكون الأعنف والأهم لمستوى التزامها بالقانون فالعرس واضح تماماً انه يخص عشيرة أو عائلة كبيرة والضحية الطفل إبن لعائلة صغيرة وضعيفة والوجاهات العشائرية بدأت تتحرك ضد مبدأ القانون في جريمة أبشع بكثير من أي ادعاء يحاول تصنيفها على أنها مشاجرة أدت لموت إنسان!!

المصدر : القدس العربي

www.deyaralnagab.com