logo
خنق إيران وخنق هرمز!!
بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 24.04.2019

مقدمة
موضوع هذه الورقة يدور حول العلاقة الجدلية بين خنق إيران بالعقوبات، وقيام إيران بإغلاق مضيق هرمز في ضوء معادلات القوة العسكرية والتدميرية التي يملكها كل طرف من الأطراف المعنية، ومعادلات التأثير التي يملكها كل طرف في المحيطين الدولي والشعبي المباشرين لهذه العلاقة. أي أن العلاقة الجدلية تشمل ثلاثة عوامل: العقوبات على إيران التي تشكل رد فعل على البرنامج النووي الإيراني، رد الفعل الإيراني الخاص بمضيق هرمز، وعوامل القوة التي يملكها كل طرف وبالأخص الطرفين الأمريكي والإيراني والتي تنقسم إلى قسمين: القسم العنفى والقسم غير العنفي. والعلاقة الجدلية تفترض تأثير كل عامل على العوامل الأخرى منفردة ومجتمعة، وتأثره بها منفردة ومجتمعة بصورة حيوية (ديناميكية) وليس فقط عددية.
تنبع أهمية هذه الورقة من التوتر الحاصل نتيجة المشادة المستمرة على مدى سنوات بين دول غربية وبالأخص الولايات المتحدة وإسرائيل مع إيران بسبب برنامجها النووي. لقد برزت مؤخرا مسألة أمن الملاحة في مضيق هرمز تبعا لتهديد الدول الغربية بالعمل على حظر أممي على النفط الإيراني، أو التوقف عن شراء هذا النفط فيما إذا تعذر إصدار قرار أممي. تهدد إيران بإغلاق المضيق فيما إذا تم خنقها نفطيا، بينما تستمر الدول الغربية بتهديد تصدير النفط الإيراني، وتهديد إيران فيما إذا أقدمت على إغلاق المضيق. هذا وضع يهدد الاستقرار العالمي وينذر باحتمال نشوب حرب لا تتوقف عند مياه مضيق هرمز، وقد تمتد لتشمل جزءا كبيرا من المنطقة العربية الإسلامية، ما سيؤثر على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنسانية للناس وللدول على حد سواء.
أسئلة قيد البحث
السؤال الأساسي المطروح في هذا البحث هو: هل ستنشب حرب في منطقة الخليج فيما إذا تم خنق إيران نفطيا، وأقدمت من ثم على غلق مضيق هرمز؟ يبنى على هذا أسئلة فرعية مثل:
هل تستطيع الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة فرض حظر عالمي شامل على نفط لإيران؟ وهل من الحكمة أن تسعى الدول الغربية إلى خنق إيران نفطيا؟ هل ميزان القوى في المنطقة يسمح بتنفيذ حظر شامل، وهل يسمح لإيران بغلق المضيق فيما إذا تم هذا الحظر؟ ما هي عوامل القوة الرئيسية التي يستند إليها كل طرف في تصميم وتنفيذ خطواته في مواجهة الطرف الآخر؟
عناوين البحث
تنقسم الورقة البحثية هذه إلى عدد من العناوين الرئيسية وهي:
1- خلفية عن أهمية مضيق هرمز التجارية، وعن الاحتكاكات المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تفسد العلاقة باستمرار بين الدولتين، أو تعبر عن العلاقة المتوترة بين الدولتين.
2- العقوبات على إيران ورد الفعل الإيراني المتوقع.
3- قوة كل طرف وقدرته على تحقيق أهدافه. وهذا ينقسم إلى قسمين:
أ‌- القوة المباشرة التي يملكها كل طرف في مواجهة الآخر؛
ب‌- القوة غير المباشرة التي يملكها كل طرف أو يستطيع تحريكها. وهذا يشمل مواقف الدول والشعوب المعنية بالتنافر القائم مثل مواقف روسيا والصين والدول العربية والشعوب العربية والنظيمات الإسلامية.
تنتهي الورقة بتقييم عام للوضع، وتقدير فيما إذا كانت ستنشب الحرب في المدى المنظور أم لا. أي يعمل الباحث على مفاعلة مختلف العناصر بعضها ببعض ليستخلص النتائج المتوقعة.
فرضية البحث
أما فرضية الورقة فهي أن الدول الغربية ستعمل على تخفيف لهجتها وإجراءاتها ضد إيران على الرغم من استمرارها من ناحية المبدأ في تطويق إيران وخنقها اقتصاديا، وأن إيران ستستمر في برنامجها النووي دون تصعيد لهجتها في مواجهة الدول الغربية وإسرائيل؛ وسيستمر كل طرف بالاستعداد عسكريا ليوم موعود.
منهجية البحث
من ناحية المنهجية، يعتمد الباحث منهج تحليل المضمون بالإضافة إلى المنهجين الوصفي والتحليلي من حيث ربط العلاقات الجدلية بعضها ببعض.
ينوه الكاتب من أجل الدقة أن ما يعنيه بالتوتر بين الأطراف هو التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول الغربية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا من جهة وإيران من جهة أخرى. وسيلاحظ القارئ أن الورقة تركز على الولايات المتحدة دون غيرها لأنها هي التي تقود المواجهة مع إيران، وهي الأقدر عسكريا على القيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية وعلى فتح مضيق هرمز فيما إذا تم غلقه من قبل إيران.
مضيق هرمز وتصاعد التوتر
يستمر التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ عام 1979، وهو يتصاعد في حدته مع الأيام دون أن يخضع لمحاولات إزالته من أجل إقامة علاقات طيبة بين الدولتين. تمر أحيانا فترات هدوء لهذا التوتر، لكن لم تشهد الثلاثون سنة الماضية استرخاء كمقدمة نحو فهم متبادل وتعاون. تصر إيران على مدى السنوات الماضية أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، بينما صاغت أمريكا في عهد الرئيس بوش الابن مصطلح محور الشر الذي نسّبت له إيران. ووصل التصاعد أخيرا إلى مضيق هرمز الذي يشكل معبرا استراتيجيا للنفط، وممرا حيويا لعجلة الصناعة العالمية. وليس من المحتمل أن يستقر التوتر عند حدود هرمز، بل من الممكن أن يمتد ليشمل دولا عربية خليجية، وضرب منشآت حيوية لكلا طرفي التوتر.
يصل مضيق هرمز بين الخليج الذي تمتد عليه منشآت نفطية حيوية وموانئ ضخمة وخليج عمان الذي يفتح على بحر العرب والمحيط الهندي. يبلغ أدنى اتساع للمضيق 54 كلم وتحيط ضفتيه عُمان وإيران، وتمتد عبره مسارب ملاحة متفق عليها، وتشبه مسارب السيارات على الطرق الرئيسية. هناك مسارب عريضة داخلة إلى الخليج من الجهة الإيرانية، وأخرى خارجة من الجهة العمانية.
تمر من المضيق حوالي 35% من تجارة النفط العالمية البحرية، أو حوالي 20% من مجمل التجارة النفطية العالمية. يتم ضخ 88 مليون برميل نفط يوميا على المستوى العالمي، منها 17 المليون من منطقة الخليج عبر مضيق هرمز.[1] هذه نسبة عالية يمكن أن يشكل حجزها أو غيابها مشكلة اقتصادية كبيرة على المستوى العالمي. هذا فضلا عن أن منطقة الخليج تحوي حوالي ثلثي احتياطي العالم من النفط.
خلفية التوتر بين إيران والولايات المتحدة
ليس من هدف هذه الورقة تفصيل التوتر بين الغرب بالأخص الولايات المتحدة وإيران، لكن التنويه إلى عمقه ضروري لاكتمال الجدلية المطروحة. من المعروف أن إيران في عهد الشاه كانت صديقة للولايات المتحدة، وكان يقال إن شاه إيران عبارة عن شرطي الولايات المتحدة في الخليج؛ ومن المعروف أيضا أن المعارضة الإيرانية وعلى رأسها المؤسسة الدينية كانت تناصب الولايات المتحدة العداء بسبب ما رأت أنه هيمنة أمريكية على إيران. وقد كان واضحا في كتابات الخميني ورسائله أنه كان يعتبر أمريكا شرا مستطيرا، ويجب إنهاء سيطرته على المنطقة. أما بالنسبة لإسرائيل، اعتبر الخميني أن إسرائيل دولة مصطنعة تخدم الاستعمار وتستولي على مقدسات المسلمين، ويجب إنهاء وجودها.[2] وجدت هذه الأفكار تطبيقا لها فور انتصار الثورة الإيرانية بقيادة الخميني، إذ قامت إيران بطرد السفير الإسرائيلي من طهران، وحولت السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطينية، وأوقفت كل أنواع التعامل مع إسرائيل. ثم قام طلاب إيرانيون بتاريخ 4/تشرين ثاني/نوفمبر بالهجوم على السفارة الأمريكية في طهران، واحتلوها واحتجزوا رهائن أمريكيين، واستمر احتجازهم أكثر من سنة.
في المقابل، وقفت أمريكا بحزم إلى جانب شاه إيران ضد الثورة، وعملت على دعمه بوسائل متعددة، وأيدته على الرغم من المجازر التي قام بها ضد شعبه أثناء المظاهرات. ورفعت من وتيرة عدائها للثورة بعد انتصارها إذ فرضت عقوبات تجارية ومالية على طهران وذلك عام 1979، وهي عقوبات ما زالت سارية المفعول، وتتصاعد عبر الزمن. ولم تخف الولايات المتحدة دعمها للعراق ضد إيران في الحرب العراقية-الإيرانية، وتحولت أثناء الحرب لدعم الطرفين بصورة مباشرة وغير مباشرة من أجل الاستنزاف المتبادل.
فجرت الولايات المتحدة عام 1988 بعض الزوارق الحربية الإيرانية في الخليج. وعام 2007/2008، قالت الولايات المتحدة إن الزوارق الإيرانية تقترب من السفن الحربية الأمريكية. عام 2009، قال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد جعفري إن إيران ستغلق مضيق هرمز إذا هاجمتها إسرائيل أو الولايات المتحدة. ورد قائد الأسطول الخامس الأمريكي قائلا إن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران باحتجاز ثلث نفط العالم.
كما أن الأعمال السرية تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للدولتين، وتركزان عليها من أجل ليّ الأذرع. فوفق تحليلات محطة إيه بي سي الأمريكية، قام جيش القدس الإيراني بعمليات تفجيرية متعددة في أفغانستان والعراق ضد القوات الأمريكية؛ وقامت أمريكا بإدخال غش في مواد تستوردها إيران من دول عدة وتستعملها في صناعة الصواريخ وذلك لإفساد صناعتها. وحاولت إيران تجنيد بعض المكسيكيين المتاجرين بالمخدرات من أجل القيام بتفجيرات في واشنطون، في حين قامت أمريكا بالسطو الإليكتروني على بعض برامج إيران النووية وخربتها. وتقوم أمريكا بالتجسس على إيران إليكترونيا وبواسطة الطائرات بدون طيار، في حين ردت إيران بإسقاط طائرات وأسر طائرة، الخ.[3]
هذا فضلا عن الحملة الشديدة التي تشنها إيران بين الحين والآخر على إسرائيل، وتهديد وجودها ومسحها عن الخريطة. تقوم إيران بعدد من النشاطات المناهضة لإسرائيل والصهيونية مثل عقد المؤتمرات والندوات، وحشد الكتاب والمفكرين المعادين لإسرائيل. وقد أنشأت إيران جيشا اسمه جيش القدس من أجل تحرير فلسطين، وأقامت يوم القدس العالمي الذي تخصصه لأبحاث ونقاشات حول سبل تحرير فلسطين، الخ.[4] هذا بحد ذاته لا يرضي الدول الغربية، ويرفع من حرارة الغضب على إيران والتصميم على محاصرة النظام السياسي القائم أو إسقاطه إن أمكن. لم يكن برنامج إيران النووي خفيف الوقع على إسرائيل والدول الغربية، فارتفعت حدة التوتر بين الجانبين، وما زالت الأمور تتفاعل وبتصاعد.
يبدو من مجريات السجال المستمر على مدى ثلاث وثلاثين سنة أن إيران تقع تحت التهديد المستمر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تقع إسرائيل تحت التهديد الإيراني المستمر. إيران لا تهدد الولايات المتحدة بالحرب، لكنها تهدد وجودها العسكري في منطقة الخليج وهيمنتها على المنطقة، وتدعو دول المنطقة إلى النهوض للمحافطة على أمن أوطانهم وخليجهم. أما من ناحية البرنامج النووي، تعبر الدول الغربية عن قلقها الشديد من إمكانية امتلاك إيران ما تمتلكه أمريكا وإسرائيل ودول غربية أخرى وهي القنبلة النووية. وفي هذا ما يشير إلى قوة منطق إيران بضرورة تطوير ما يمكن من أسلحة للدفاع عن الذات وأمن دول الخليج إذ أن أمريكا وإسرائيل تريدان احتكار القوة. في هذا يجادل الأمريكيون قائلين إن إيران تخالف معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لكن جدلهم يصطدم بأمرين وهما أن إيران لم تطور سلاحا نوويا وتنفي أنها تريد تطويره، وأن إسرائيل تمتلك السلاح النووي في مخالفة صريحة للمعاهدة.
العقوبات على إيران
لم تترك الولايات المتحدة إيران هادئة منذ العام 1979، عام صعود التيار الإسلامي في إيران على أنقاض الشاه، وفرضت عليها حصارا متعدد الجوانب. اشتد هذا الحصار منذ حوالي عشرة سنوات، أي منذ بدأت إيران بتطوير برنامجها النووي، وأخذت وتيرته تتصاعد مع ازدياد عدد الدول المشاركة فيه. ولم تبق المسألة خارج نطاق مجلس الأمن الذي اتخذ قرارات بفرض حصار محدود على إيران. قرر مجلس الأمن في 13/12/2006 بالإجماع ووفقا للفصل السابع من الميثاق فرض عقوبات على إيران من ناحية تزويدها بمعدات وأجهزة خاصة بتخصيب اليورانيوم وتصنيع الماء الثقيل، وتطوير وسائل قذف وإيصال أسلحة نووية، وفرض عقوبات على الأشخاص والجهات الذين يستمرون في التعاون مع إيران بهذا الصدد.[5] وحيث أن إيران لم تلتزم بمتطلبات مجلس الأمن والقاضية بفتح منشآتها النووية أمام مفتشي وكالة الطاقة الذرية والإبقاء على نشاطاتها النووية شفافة أمام الوكالة، قرر مجلس الأمن بتاريخ 9/حزيران/2010 تشديد العقوبات بأغلبية اثني عشر صوتا وذلك بتشديد القيود التجارية والمالية المتعلقة بالصفقات التجارية الخاصة بالأنشطة النووية الإيرانية وما سيرافقها من تجهيزات.[6]
لم تكن العقوبات المتراكمة فعالة في ثني إيران عن الاستمرار ببرناجها النووي، بل أن إيران سارعت في بناء المزيد من المنشآت النووية، ورفعت من درجة تخصيب اليورانيوم لتصل إلى 20% وفق ما هو معلن. ويبدو أن إصرار إيران قد وصل ذروته بالنسبة للولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، فبدأت بالترويج لعقوبات شديدة جدا على رأسها وقف التعامل مع البنك المركزي الإيراني، وحظر تصدير النفط الإيراني، أو التوقف عن شراء النفط إذا فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بتشديد العقوبات. وقد قررت دول الاتحاد الأوروبي بتاريخ 18/1/2012 تجميد الأصول المالية للبنك المركزي الإيراني، وفرض حظر على شراء النفط الإيراني دون تحديد موعد لسريان مفعوله.[7] (من الضروري الانتباه إلى أن هذه قرارات خاصة وليست صادرة عن الأمم المتحدة) من الظاهر أن الولايات المتحدة ستجد صعوبات جمة في مجلس الأمن لفرض حظر على النفط الإيراني لأن روسيا والصين تعارضان اتخاذ قرار كهذا، وتفضلان الديبلومسية على التهديد والوعيد.
أخطر ما في هذا الأمر هو أن الخناق يضيق على إيران فلا يترك لها منفذا تكتيكيا، ويضعها أمام خيارين فقط وهما: العدول عن برنامجها النووي والقبول بالمعايير المطلوبة غربيا، أو تصعيد الأمور عسكريا إلى حد إغلاق مضيق هرمز. وفي هذا خروج عن المألوف دوليا وتاريخيا من حيث أن الأعداء أو المتحاربين أو المتخاصمين يفكرون مليّا قبل القرار بإطباق الخناق على العدو، ومنهم يفضل، وذلك وفق الظروف الميدانية، ترك ثغرات لكي يتسلل منها الطرف الأضعف، أو ينجو بجلده، أو يليّن مواقفه، وذلك لتفادي المزيد من الخصام أو سفك الدماء، الخ. في الخطوة المبتغاة أمريكيا، يضيّق الغرب الخناق على إيران بحيث لا يتركون لها ثغرة للمناورة، وفي هذا خطورة كبيرة قد تؤدي إلى الانفجار بدل الاستسلام.
تطلب أمريكا من الأوروبيين وقف استيراد النفط الإيراني نهائيا، وتوجه ضغوطها كذلك إلى اليابان وكوريا الجنوبية والهند للقيام بذات الخطوة. استجاب الاتحاد الأوروبي للخطوة بتاريخ 23/1/2012 وقرر وقف استيراد النفط الإيراني تدريجيا وليصبح نهائيا في شهر تموز/يوليو/2012، وذلك بهدف البحث عن بديل. هذا علما أن أوروبا بخاصة إيطاليا وإسبانيا واليونان تستورد حوالي 20% من النفط الإيراني المصدر والذي يبلغ 2,600,000 برميل يوميا. أما كوريا الجنوبية واليابان فقد قررتا الاستجابة مع بعض التحفظات بسبب ما قد يترتب على ذلك من نفقات إضافية تثقل اقتصاديهما المثقلين بالوضع المالي العالمي المتأزم. فاليابان مثلا تحتاج إلى نفط بتكاليف قليلة لأنها مضطرة لتعويض ما فقدته من مصدر للطاقة كنتيجة لضرب مجمع فوكوشيما النووي من قبل تسونامي. علما أنها تستورد حوالي 12% من احتياجاتها النفطية من إيران. هذا وقد قررت الحكومات الأوروبية تجميد أصول المصرف المركزي الإيراني، وفرضت حظرا على التعامل معه بالذهب والمعادن النفيسة.
الضغط الأمريكي هذا يأتي ضمن رؤية حربية تقليدية مفادها أنه من المهم محاصرة العدو وتهديده إما بالتجويع أو الدمار العسكري الهائل.[8] من المتوقع أن يؤدي التجويع إلى انهيار النظام الاجتماعي، وظهور الصراعات الداخلية وفقدان الثقة بالذات وانتشار اللصوصية والقتل والسرقة ووقف الإنتاج في المؤسسات الحكومية، الخ، ما يؤدي في النهاية إلى ثورة شعبية على النظام، أو انهيار الدولة تماما وتعريضها للغزو الخارجي السهل. أما الدمار العسكري فيؤدي إلى انهيار النظام السياسي فلا يستطيع مجابهة تحد خارجي او تمرد داخلي، ويبرز إثر ذلك نظام سياسي جديد يدرك خطورة التحدي فيستسلم لإرادة الآخرين. وهذا ما تفكر به الولايات المتحدة من تشديدها للخناق الاقتصادي على إيران.
لقد سبق لإسرائيل ومن يقف معها من أهل الغرب والعرب أن شددوا الحصار على قطاع غزة عام 2008 بحيث لم يتركوا لغزة مجالا لتدبر أمورها المعيشية، فوضعوها أمام خيارين: إما الاستسلام وإنهاء حكم حماس، أو التمرد العنيف. وقد اختارت غزة في حينه اجتياح الحدود الفلسطينية المصرية الافتراضية، ووضعت كل الذين يحاصرونها في موقف محرج جدا أمام وسائل الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان، وفرضت على الرئيس حسني مبارك، الرئيس المصري آنذاك أمرا واقعا لم يكن يرغب فيه. المعنى أنه ليس من المضمون أن يستسلم المحاصَرون، بل من الممكن أن يستأسدوا ويجد المحاصِر نفسه في ورطة لم تخطر له على بال.
لا يبدو أن الدول الغربية تحسن صنعا في خنق إيران لأن العواقب قد تكون صعبة جدا على مختلف الأطراف، وقد تكون قاسية على الدول الغربية نفسها التي لا تحتاج الآن إلى مزيد من الأزمات. هناك من يرى أن الدول الغربية عبارة عن دول رأسمالية وهي ترى في الأزمات والحروب استثمارا رأسماليا جيدا يمكن أن يدر الكثير من الأرباح، أو أن يؤدي إلى التخفيف من حدة الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجه الدول الغربية الآن، وبالتالي فإن هذه الدول تتعمد تصعيد الأزمة مع إيران.[9] فهي من ناحية، ترفع من درجة الإنفاق المطلوبة من أجل توفير فرص أعمال للعمال في مواطنهم، وتستطيع ابتزاز دول الخليج بالمزيد من أجل شراء مزيد من صفقات السلاح.
أستبعد أن يكون البعد الرأسمالي هو الذي يدفع باتجاه خنق إيران، وأرجح أن يكون الدافع الأساسي هو الخشية من أن تصبح إيران شريكا في اتخاذ القرارات التي تحدد وضع الخليج ومستقبله. أمريكا والدول الغربية عموما تهدف إلى الإبقاء على سيطرتها المحكمة على الخليج، واستبعاد شركاء مثل الصين وإيران وروسيا لما في ذلك من كسر لهيمنتها التقليدية المريحة اقتصاديا وعسكريا. وجود شركاء يعني الدخول في متاعب مستقبلية تؤثر بشكل أو بآخر على تدفق النفط بالطريقة المناسبة، وبالأسعار التوافقية مع دول الخليج. وربما ترى الولايات المتحدة أن حسم أمر هيمنتها على الخليج باتت ضرورية، فتتعمد التصعيد ليس فقط من أجل ضرب البرنامج النووي الإيراني، وإنما من أجل إبقاء الدول الناهضة والمنافسة مثل الصين وروسيا بعيدة عن المنطقة. فأمريكا لا ترى في نفط الخليج سلعة تجارية فقط، وإنما ترى فيه أداة للتمنن على العديد من دول العالم الصناعية.[10]
إغلاق المضيق
ماذا أمام إيران أن تفعل إذا تم خنقها نفطيا، وفقدت المصدر الأساسي لدخلها القومي؟ إما أن تستسلم وتتخلى عن برنامجها النووي أو تخضعه تماما للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو أن تقوم برد فعل يلحق الأذى باقتصادات الدول المشاركة في الخنق النفطي مثل غلق مضيق هرمز. بناء على ما تقوم به إيران من تسريع في وتيرة تقنيتها العسكرية، وتدعيم إنتاجها الزراعي والصناعي بهدف الاعتماد على الذات غذائيا، والإصرار على الاستمرار في برنامجها النووي، لا أرى أن إيران ستخضع. تتعرض إيران للعقوبات والمضايقات والحروب وعمليات المخابرات الأجنبية القاتلة على مدى أكثر من ثلاثين عاما، واستطاعت أن تصمد وتستمر في مراكمة قدراتها وقوتها على مختلف المستويات، واستطاعت أن تبرز كقوة لها تأثيرها في المنطقة بحيث أنها ذات حضور كبير الآن في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا وأفغانستان، وذات تأييد شعبي واسع في أغلب البلدان العربية. لا أرى أن من سهر الليالي على مدى عشرات السنوات من أجل أن يكون قويا وفاعلا وبحضور عسكري وعلمي وثقافي سيقرر الاستسلام والتخلي عن حقه في الاستقلال والحرية وتقرير المصير.
تميزت إيران أيضا بحنكة سياسة كبيرة إذ استطاعت أن تسير بخطى ثابتة في برامجها العملية والتقنية والنووية تاركة الغرب يطلق التهديد تلو الآخر. لقد استطاعت أن تصنع أجواء ديبلوماسية أوهمت الآخرين أن الحلول يجب أن تبقى بعيدة عن العمل العسكري، وخاضعة للبعدين السياسي والديبلوماسي. وليس من المستبعد أن ما يطمح الغرب إلى وقفه أو السيطرة عليه قد فلت من العقال.
قد لا تغلق إيران مضيق هرمز، لكنها ستعض على الجرح وتستمر بتطوير قدراتها العسكرية لتبلغ مستوى التحدي. ومن المحتمل أن تقرر شيئا آخر غير إغلاق المضيق مثل ضرب منشآت نفطية حيوية في منطقة الخليج لترفع من حدة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية. لكن الأمور تشير لغاية الآن إلى أن المضيق هو الهدف. وفي نفس الوقت، ستستمر إيران بتليين موقفها الديبلوماسي مثل استعدادها لتمديد فترة عمل مفتشي وكالة الطاقة الذرية والذي أعلنت عنه بتاريخ 29/كانون ثاني/يناير/2012.[11]
قامت إيران بإجراء مناورات بحرية ضخمة بتاريخ 24/12/2011 امتدت على مدى عشرة أيام، واستعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة البحرية والإسناد الجوي، وصواريخ بر/بحر. وقد أطلقت صواريخ حديثة متوسطة وبعيدة المدى. وقد سبق هذه المناورات أن قال بارفيز زارفاري، عضو مجلس النواب الإيراني وعضو اللجنة الأمنية النيابية إن إيران ستجعل العالم غير آمن إذا جعل العالم منطقة الخليج غير آمنة. [12] وتعقيبا على المناورات، قال حبيب الله سياري، قائد القوات البحرية الإيرانية بتاريخ 28/12/2011 إن إغلاق مضيق هرمز مسألة سهلة، بل هي أسهل من تناول كوب ماء.[13]
التصريحات والتصريحات المضادة تتوالى من كلا الطرفين. فمثلا قال وزير الدفاع الأمريكي بتاريخ 18/1/2012 بان الولايات المتحدة ستتصدى لأي محاولة إيرانية لإغلاق المضيق. وفي إجابة عن سؤال حول تعزيز القوات الأمريكية لمواجهة أي حراك عسكري إيراني باتجاه إغلاق المضيق قال إنه لا ضرورة لذلك لأن الولايات المتحدة مستعدة لهذا الأمر من قبل.[14]
وأرسلت الولايات المتحدة رسالة إلى إيران لم يعرف فحواها، لكن جريدة نيو يورك تايمز قالت في عددها الصادر بتاريخ 13/1/2012 إن الرسالة تضمنت تحذيرا إلى مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي من مغبة إغلاق المضيق. لكن لهجة التهديد والتهديد المضاد لم تستمر طويلا، وعمل كل طرف على التخفيف وتهدئة الحمى الإعلامية ضد الطرف الآخر. فمثلا قال وزير خارجية إيران بتاريخ 20/1/2012 إن بلاده لم تفكر أبدا بإغلاق المضيق، وهي تريد الهدوء والاستقرار في المنطقة،[15] بينما تناقلت الأخبار أن رئيس أركان الجيوش الأمريكية زار إسرائيل لتهدئة الأجواء مع إيران.[16]
على كل حال، من المتوقع أن تستمر التصريحات متنوعة الحدية بالتدفق من قبل الطرفين. تارة سنسمع ما يدفع إلى التهدئة، وتارة أخرى ما يوتر الأوضاع بالمزيد. إنما من المتوقع أن يستمر كل طرف بالقيام باستعدادات عسكرية تحسبا للأسوأ وهو الصدام العسكري. إسرائيل تستعد على مدى سنوات، وما زالت مستمرة في الاستعداد لهجوم عسكري على إيران، وكذلك تفعل الولايات المتحدة. وإيران لا تتوقف عن كشف المزيد من ترسانتها التسليحية عسى في ذلك ما يشكل رادعا للعدوان.
عوامل القوة والضعف
القوة المستعملة أو الممكن استعمالها ستحسم الأمور في النهاية بين إيران والولايات المتحدة ومن والاها. وإذا كان سيتم حل النزاع أو تنفيس التوتر بهدوء وبدون قتال فذلك لأن ميزان القوى سيفرض ذلك وليس منطق الأخلاق أو الرغبة في المحافظة على النفوس والممتلكات. المسألة قيد النقاش ليست قضية هامشية، وإنما هي مسألة هيمنة وسطوة أو استقلال وحرية إرادة، ولا مجال إلا أن يلعب عنصر القوة الدور الحاسم في كيفية استقرار الأمور. تعدت إيران خط الاستسلام بعد أن طورت قدرات تقنية نووية متفدمة جدا، ومنذ أن طورت أسلحة تقليدية واستحكامات وتحصينات قادرة على حماية منجزاتها النووية ولو جزئيا. ولا يوجد في الأفق الآن مجال لحل هادئ إلا ضمن منطق التقاسم بين أمريكا وإيران، والذي لا يفرضه المنطق وإنما يفرضه منطق القوة.
فيما يلي تقدير لعناصر القوة التي يمكن أن يستند إليها كل طرف، علما أن هذه العناصر لا يمكن استنفاذها أو حصرها بالقطع:
1- القوة العسكرية
أمريكا هي الأقوى عسكريا في العالم، وهي تتفوق على إيران بهامش واسع جدا، وذراعها أطول من ذراع إيران بكثير سواء من ناحية المدى أو كثافة النيران. تستطيع أمريكا أن توظف مئات الطائرات في لحظة واحدة لقصف إيران، وأن تفتح عليها آلاف الفوهات النارية، وأن تقصف منشآتها عن بعد آلاف الكيلومترات. فضلا عن ذلك، تملك أمريكا القدرات النووية الهائلة، وقد سبق لها أن استخدمت القنبلة النووية.
صحيح أن إيران أقل شأنا من أمريكا عسكريا، لكن بيدها عددا من الأوراق التي يمكن أن تؤذي الولايات المتحدة، مع الأخذ بالاعتبار أننا لا نعرف تماما ماذا لدى إيران من أسلحة، ولا نعرف مدى فعالية الأسلحة التي نعرفها، لكننا نرى على شاشات التلفاز بعض ما تصنعه إيران من أسلحة. وفيما يلي ما يمكن أن تقوم به إيران عسكريا:
أ‌- تستطيع إيران أن تطال قواعد عسكرية أمريكية في قطر والأردن والكويت وأفغانستان وتركيا، الخ. تملك إيران صواريخ قادرة على الوصول إلى هذه الأهداف.[17]
ب‌- من الوارد أن تتمكن إيران من اصطياد قطع بحرية أمريكية، ومن المحتمل أن تغرق بعضها.[18]
ت‌- تستطيع إيران قصف حقول نفط ومصافي نفط في دول الخليج والعراق، وتصنع بذلك أزمة نفطية عالمية ذات عواقب اقتصادية ومالية.
ث‌- لدى إيران قدرة على تحريك قدراتها في أفغانستان لضرب قوات الأطلسي، وقد يكون لديها خلايا سرية نائمة في الدول الغربية.[19]
نقطتا ضعف
النقطة المهمة في ميل الميزان العسكري لصالح الولايات المتحدة هو قدرة كل طرف على تحمل أعباء الخسائر الناجمة عن الصدام العسكري. تقديري أن أمريكا تعاني من نقطتي ضعف على الرغم من قوتها العسكرية وهما:
1- رغبة الشعب الأمريكي في التحمل بخاصة إذا ظهر أن دولتهم تتكبد خسائر غير متوقعة في النفوس والمعدات. أقدّر في هذا أن إيران أكثر قدرة على التحمل وذلك بسبب الثقافة الإيرانية وأسلوب الحكم والتعبئة والحشد. قد لا تصمد أمريكا أمام إغراق بارجة واحدة لها بسبب ما قد تتعرض إليه الإدراة الأمريكية من ضغط شعبي، لكن إيران تستطيع أن تعيش الليالي بدون كهرباء. وأمريكا تقدم تسهيلات عسكرية لإيران في حشد قواتها في مناطق تقع في مرمى الصواريخ الإيرانية.[20] إيران تستطيع أن تبقي على عجلة الحياة دائرة فيما إذا انخفض الإنتاج العالمي من النفط، لكن الأوروبيين سيعانون من كوابيس الفواتير المتضخمة، ومن تسارع الأزمة المالية التي يمرون بها الآن. ومن المحتمل أيضا أن تحتشد شعوب عربية وإسلامية لدعم إيران مما سيؤثر كثيرا على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة وسياساتها في التمييز بين الشيعة والسنة. المعنى أن تبعات الصدام العسكري الشعبية والمالية والاقتصادية تميل لصالح إيران وضد الولايات المتحدة.
2- أمريكا أمام اختبار عالمي جديد بعد فشلها الجزئي في كل من العراق وأفغانستان وسوريا واليمن وربما في فنزويلا. ثبت ميدانيا أن قدرة أمريكا العسكرية على تحقيق إنجازات ضد قوى ليس بالكبيرة لا تتناسب مع تصريحاتها غير المنضبطة حول سحق الأعداء بسرعة، إذ اصطدمت قواتها في الكثير من العثرات على الرغم من استعمال مختلف أنواع الأسلحة والقدرات الإلكترونية. ولهذا من الممكن أن تكون حربها على إيران مغامرة غير محسوبة جيدا تؤثر بصورة كبيرة على زعامتها للعالم، وبالتحديد العالم الغربي. لقد ضُرب مشروع أمريكا في عولمة العالم بالطريقة التي لا تشتهي بسبب مغامراتها العسكرية، وعليها أن تحسب جيدا قبل مهاجمة دولة أقوى عسكريا من العراق وأفغانستان واليمن.
في هذا الصدد أمريكا محاصرة بأقوالها ووعودها.[21] إنها تغامر إن هاجمت إيران وتبقى زعامتها على المحك، وهي تفتح المجال أمام إيران لتزداد قوة وتأثيرا على مستوى المنطقة العربية الإسلامية إن لم تهاجم. فهل الأمر متروك لتقديرات الخبراء، أم لحسابات السياسيين؟
ربما كان أمام أمريكا فرصة للهجوم على إيران عام 2003 عندما اخترقت طائراتها المجال الجوي الإيراني دون أن تتمكن إيران من إسقاط أي طائرة. لكن المعادلة اختلفت الآن، ولا أظن أن إيران وحزب الله سيترددان في استعمال قوة شرسة ومكثفة لتدمير سريع للعديد من الأهداف وعلى رأسها إسرائيل. هذا ومن المحتمل أن إيران قد طورت صواريخ مضادة للطائرات وفق ما أعلنت، لكن كفاءة هذه الصواريخ ما زالت غامضة.
خيارات أمام أمريكا
عدا عن العقوبات والحصار، أمام أمريكا عدد من الخيارات العسكرية والفتنوية:
أولا: الغزو البري وهو أمر غير وارد بسبب مساحة إيران الشاسعة، وضخامة عدد سكانها البالغ حوالي 80 مليون نسمة، وبسبب قدرة إيران العسكرية التقليدية بخاصة في القوات الخاصة والسريعة والمنتشرة على مساحة جغرافية واسعة.
ثانيا: الضربات الجوية والتي من الممكن أن تواجه مقاومة شرسة من قوات الدفاع الجوي الإيرانية الغامضة إلى حد ما بالنسبة للولايات المتحدة. تعلن إيران عن تصنيع أسلحة متطورة ومن ضمنها الصواريخ المضادة للطائرات، والولايات المتحدة غير متأكدة من قدرات هذه الأسلحة الحقيقية.[22]
إيران ذات مساحة شاسعة جدا وتبلغ حوالي 1,600,000 كم2، والمواقع العسكرية والنووية منتشرة وغير مركزة، والعديد منها تحت الأرض. وحتى لو لم تسقط الطائرات الأمريكية، فإنه من المتوقع أن يطول أمد الضربات الجوية الأمر الذي يستنزف الطاقات الاقتصادية للولايات المتحدة ويؤلب الشارع الأمريكي ضد الحرب.
ثالثا: العمل العسكري السري المتمثل بتفجيرات لمصانع واغتيال علماء. في هذا ما يؤثر معنويا بصورة كبيرة على علماء إيران الذين سيولد لديهم عدم الشعور بالأمن، وسيصيب معنويات الإيرانيين بنكسات قوية. وأيضا سيعزز مشاعر دول الخليج العربية بأن أمريكا وإسرائيل تملكان خيارات داخل إيران، وهما قادرتان على القيام بعمليات فعالة ضد النظام في إيران وبرنامجها النووي. يقول جورج فريدمان في ستراتفور (stratfor) إن أمريكا متورطة بأعمال سرية لاغتيال علماء ذرة إيرانيين.[23] لكن هذا في النهاية لا يلغي البرنامج النووي ولا يوقفه، وإنما يخفض سرعته.
رابعا: توليد ثورة شعبية ضد النظام، وهي سياسة اتبعتها أمريكا منذ عام 1979 وفشلت حتى الآن. وقد استطاع النظام أن يسيطر على الهبة الشعبية التي اندلعت عام 2009، والتي لم تلاق التأييد الشعبي المطلوب لتحقيق النجاح. يتمتع النظام الإيراني بقاعدة اجتماعية ودينية واسعة، ولدى أنصاره الاستعداد للتضحية والاستماتة من أجل بقاء النظام. يختلف النظام الإيراني عن الأنظمة العربية من حيث أن مؤيديه عقائديون وينتمون لمختلف قطاعات وفئات الشعب الإيراني، وولاؤهم غير قابل للتساؤل أو التشكيك، بينما يستمد الحكام العرب مثلا أكثر تأييدهم من فئات مستفيدة مادياى ومعنويا. وربما أدركت الولايات المتحدة وإسرائيل أن مسألة قلب النظام من خلال صراعات داخلية ليست مسألة سهلة المنال.
يقول أحد الكتاب إن ذهاب أمريكا إلى الحرب على إيران سيكون أسوأ قرار تتخذه الولايات المتحدة لأنه سينتهي بانتصار إيران وخسارة أمريكا لمكانتها الدولية. وهو لا يعني بالانتصار تدمير الولايات المتحدة، لكنه يقول إن امريكا ستتكبد الكثير من الخسائر، وستتمكن إيران من الصمود والاستمرار في الحرب بمساعدة عدة أطراف من ضمنها روسيا.[24] ويرى آخر أن انسحاب أمريكا من العراق قد أثر من الناحية المعنوية على دول الخليج لما في ذلك من شكوك حول قدرات أمريكا العسكرية على الأرض. اعتمدت أمريكا بعد خروج الاستعمار البريطاني من منطقة الخليج على القوة العسكرية للمحافظة على أمن النفط، وربما ترى دول الخليج أن هذه القدرة العسكرية لم تعد المهيمن الوحيد، وتتردد بالتالي في تقديم الدعم النّزُلي (اللوجستي) إن استطاعت إلى ذلك سبيلا.
الأزمة المالية والاقتصادية العالمية
من المعروف أن الدول الصناعية وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية تتعرض لهموم مالية واقتصادية كبيرة، ومن نقص في الأموال وانحسار النشاط الاقتصادي، وهي دول بحاجة لسياسات تنشيطية للاقتصاد وخفض النفقات، ولا ترحب بتاتا بأي عمل قد يؤدي إلى عكس ما تشتهي. من هذه الزاوية، إيران هي المستفيدة وليس الولايات المتحدة. أي توتر أو إشاعة يتم تناقلها تؤدي إلى رفع سعر برميل النفط على المستوى العالمي، أو إرباك في سوق النفط العالمية، فماذا يمكن أن يحصل فيما إذا حصل صدام عسكري عطل حركة البواخر الناقلة للنفط؟ من المتوقع أن يحصل ارتفاع حاد في سعر النفط مما سيفاقم الأزمة المالية العالمية، ويضع حكومات الدول الغربية أمام ضغط شعوبها التي يسوؤها الوضع القائم الآن.
ليس من المتوقع أن يتعرض النظام الإيراني لضغط شعبي كبير جراء الحظر لأن الاقتصاد الإيراني غير مرتبط بالحركة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، أما الحكومات الغربية أو بعضها ستجد نفسها أمام ضغوط شعبية تحرص على مصالحها الاقتصادية حتى لو تضررت إسرائيل والولايات المتحدة. أي أن إلحاق الضرر باقتصادات الدول قد يولد مشاعر عدم الاكتراث بإسرائيل، وأخرى مناهضة لسياسات الولايات المتحدة التي ستتهم بجر العالم نحو الكساد الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي. وفي هذا ما يكبح جماح أمريكا لشن هجوم من أي نوع على إيران، ويدعوها إلى الضغط على إسرائيل للامتناع عن القيام بضربات ضد المنشآت الإيرانية بصورة أحادية.
غياب الوحدة العالمية ضد إيران
من غير المتوقع أن تتمكن الولايات المتحدة من حشد دول العالم الكبرى عسكريا واقتصاديا في فرض حظر نفطي على إيران، أو التعاون نحو اتخاذ قرار في مجلس الأمن لمعاقبة إيران عسكريا. أعلنت روسيا أنها لن تدعم تصويتا في مجلس الأمن لتشديد العقوبات على طهران، وقالت إن حل الأزمة ينحصر في البعد الدبلوماسي فقط. أما الصين والهند فأعلنتا أنهما لن تشاركا في الامتناع عن شراء النفط الإيراني. هذا علما أن الصين هي أكبر المستوردين من النفط الإيراني وذلك بنسبة 21% مما تصدر إيران، وتأتي الهند في المرتبة الثالثة بعد دول الاتحاد الأوروبي إذ تستورد حوالي 16%. أما اليابان وكوريا فقد أعلنتا أنهما سيعملان على تخفيض استيرادهما من إيران. من ناحية تركيا التي تستورد حوالي 30% من احياجاتها النفطية من إيران، فإنه ليس متوقعا أن تتوقف عن استيراد النفط الإيراني.[25]
من المحتمل أن تقرر إيران خفض سعر برميل نفطها لتفتح أسواقا جديدة تمكنها من الاستمرار في ضخ النفط وفق المعدل القائم حاليا، وهذا بالتأكيد سيشجع بعض الدول على دفع فاتورة نفطية بقيمة أقل. ستتعرض هذه الدول لضغوط أمريكية من أجل الامتناع عن استيراد المزيد من النفط الإيراني، لكن تقديري أنها ستطلب تعويضا من الولايات المتحدة، ولا أرى ان الولايات المتحدة مستعدة الآن تحت ظروفها الاقتصادية والمالية لزيادة دعمها المالي الخارجي.
لكن إيران ستواجه مشكلة مع دول الخليج العربية التي من المحتمل أن ترفع من إنتاجها النفطي لتعويض النقص الناجم عن التوقف عن شراء النفط الإيراني. من المعروف أن هذه دول ريعية تعتمد على الضمانات الأمنية الأمريكية، ومن الصعب أن تقول لا للولايات المتحدة. لقد سبق أن رفعت دول عربية من إنتاجها للتعويض عن كمية النفط التي كانت تضخها العراق وليبيا إبان الأزمات الحربية أو الحصار. هذا عامل لا يصب في مصلحة إيران، وهو يعزز موقف الولايات المتحدة وحلفائها، ويجعل من الحصار على إيران أكثر فاعلية، وسيضع إيران أمام مواجهة أكثر اتساعا. فإذا عجزت إيران عن إيجاد أسواق نفطية جديدة، وقامت دول الخليج بدعم القرارات الغربية من ناحية زيادة إنتاجها النفطي، فإن إيران ستصبح في مأزق أكثر حدة.
إجمالا، ستتضرر إيران من الحصار النفطي على الرغم من أن ضخ النفط لن يتوقف كليا مما يشكل عامل ضغط من أجل مراجعة سياساتها.
الوضع العربي
أمريكا ليست بحاجة لسياسات قد تؤجج الشارع العربي بالمزيد ضد الحكام العرب، وضدها هي أيضا. من الواضح أن أمريكا ليست مستفيدة من الثورات العربية، بل من المحتمل أنها ستدفع ثمنا لنجاح هذه الثورات. فماذا يمكن أن نتوقع تأثير الصدام العسكري مع إيران على العرب؟ فيما يلي اختزال لما هو متوقع:
أ‌- من المتوقع أن تقف دول الخليج شعوبا وحكومات إلى جانب الولايات المتحدة سواء بالسر أو بالعلن، وأن تقدم للولايات المتحدة التسهيلات الممكنة واللازمة لحركة القوات العسكرية. ومن المحتمل أن تشارك بعض هذه الدول بالمجهود الحربي من ناحية توظيف طائراتها الحربية في قصف منشآت إيرانية. لكن هذا الدعم ينطوي على مخاطرة كبيرة جدا من حيث أن إيران لن تتوانى عن قصف منشآت نفطية وعسكرية خليجية.
ب‌- من المتوقع أن تقف حكومتا العراق وسوريا إلى جانب إيران، وسينقسم شعباهما بين مؤيد لإيران ومعارض لها. يصعب على أهل السنة في كل من العراق وسوريا الوقوف مع إيران، لكنه ليس من المتوقع أن يقفا إلى جانب أمريكا.
ت‌- ربما تترد الحكومات الجديدة في البلدان التي شهدت ثورات مثل مصر وتونس أن تتخذ مواقف، لكن الاحتمال الكبير هو أن تقف شعوب هذه الدول ضد الولايات المتحدة لصالح إيران. هذه شعوب ثارت ضد الذل والظلم والاستعباد، وتعتبر الولايات المتحدة نصيرا للأنظمة المنهزمة، ولن تؤيد ضرب إيران لحساب ما يعتبره كثيرون الاستعمار الأمريكي.
ث‌- تستطيع إيران تحريك بعض فئات العرب ضد حكوماتهم بحيث تصنع مشاكل داخلية لحلفاء الولايات المتحدة. يمكن أن تؤثر ببعض أهل البحرين والدهناء شرق الجزيرة العربية، وتؤثر بذلك على الجو الشعبي العام في الساحة العربية. ومن الممكن أن توجه قوى شعبية وتنظيمات عربية لمهاجمة مواقع أمريكية مثل سفارات وقواعد عسكرية.
ج‌- يمكن للمشهد الشعبي والرسمي العربي أن يتأثر بصورة حادة إذا دخلت إسرائيل كشريك في أي هجوم عسكري ضد إيران. ومن المعهود أن أمريكا حذرة في هذه المسألة بحيث تطلب من إسرائيل دائما الصمت حول مشاركاتها حتى لا تثير شعوب الدول العربية التي تساعد أمريكا في سياساتها. إسرائيل ستشارك فيما إذا قررت أمريكا مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن علنية المشاركة ستبقى موضع شك.
الكيان الااسرائيلي
تدفع "إسرائيل" باتجاه تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ودائما تحرض الولايات المتحدة على القيام بذلك لأنها لا تريد خلط الأوراق في المنطقة بدون التنسيق مع الولايات المتحدة، ولأنها لا تستطيع القيام بمهمة تدمير المنشآت النووية الإيرانية بصورة ناجحة تماما.[26] لوحدها للأسباب التالية:
1- إيران دولة شاسعة المساحة، ومواقعها النووية مشتتة ومخبأة ومموهة. المنشآت النووية الإيرانية ليست مركزة في منطقة واحدة، وإنما موزعة على مختلف مناطق إيران وذلك ليسهل الدفاع عنها، أو لدفع العدو لحشد طاقات جوية كبيرة جدا إذا قرر الهجوم. كما أن عددا من المنشآت النووية موجودة تحت الأرض ويصعب الوصول إليها من خلال القصف الجوي.[27] وعمدت إيران أيضا إلى إقامة منشآت نووية غير حقيقية للتضليل, وربما أن المخابرات الغربية والإسرائيلية لم تستطع التحقق تماما من الحقيقي وغير الحقيقي.
2- تحتاج إسرائيل إلى مئات الطائرات القاذفة حتى تستطيع تحقيق ضربات جوية فعالة، العدد الذي لا تملكه إسرائيل. فقط الولايات المتحدة تملك العدد المطلوب من الطائرات ومن السفن الحاملة لصواريخ توما هوك. هناك احتمال إسقاط طائرات إسرائيلية فوق إيران إذ لم يتم اختبار قدرات إيران الجوية حتى الآن سواء على مستوى الطائرات الحربية أو الدفاع الجوي، وقد تحصل مفاجآت وتخسر إسرائيل عددا من طائراتها وطياريها. لكن إسرائيل تمتلك تقنية عسكرية متطورة جدا مثل القنابل الذكية القادرة على الاختراق.[28]
3- يصعب على إسرائيل والدول الغربية عموما التكهن برد الفعل الإيراني من ناحية النوايا، ومن ناحية القدرة العسكرية. هل سترد إيران بفتح الحرب على اتساعها، أم ستبقيها محدودة ضمن تراشق صاروخي محدود؟ هل ستطلق إيران صوايخها باتجاه إسرائيل؟ هل ستشجع سوريا وحزب الله على ضرب إسرائيل بوابل من الصواريخ؟ هذا فضلا عن أنه من غير المعروف قدرة إيران النارية. ما هي عدد منصات إطلاق الصواريخ، وهل مواقعها محصنة أم لا؟ وكم عدد الصواريخ التي يمكن إطلاقها في الساعة الواحدة؟ الخ.
في مقابلة مع نائب وزير إسرائيلي سابق وهو إفرايم سنيه قال إن إسرائيل ستتصرف بمفردها ضد إيران إن لم يتم اتخاذ عقوبات صارمة ضد إيران بحلول عيد الميلاد عام 2009. وقال إن إسرائيل ستتصرف لوحدها إذا تركت لوحدها.[29] لكن هذا لم يحصل. أما إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي فقد قال بتاريخ 18/1/2012 إن الحرب على إيران بعيدة الآن، وهو تصريح من سلسلة تصريحات خلال عدة أيام تقلل من حرارة الخطاب ضد إيران. وقد سبق لرئيس وزراء إسرائيل أن قال إن العقوبات على إيران تؤتي ثمارها، في إشارة منه إلى أن الحرب لم تعد ضرورية على الأقل في الوقت الحاضر. لكن نتنياهو عاد وقال إن العقوبات على إيران لا تجدي نفعا.[30] وباراك عاد في مؤتمر دافوس بتاريخ 20/1/2012 يطالب العالم بشن الحرب على إيران قبل فوات الأوان.[31]
من ناحية إيران، مضيق هرمز ليس حلقة منفردة يمكن أن تؤثر إيران من خلالها على الدول الغربية، وإنما الهجوم على إسرائيل يشكل حلقة حرجة أيضا. هناك احتمال كبير أن تعمد إيران وحلفاؤها إلى مهاجمة إسرائيل إذا تم حشرها في زاوية اقتصادية ومالية خانقة. يبدو أن التوقعات الغربية بقرب سقوط نظام الأسد غير دقيقة، إذ أن النظام صامد، ويتمتع بدعم قوي على الساحة الدولية من قبل روسيا والصين. ومن الواضح أن محاصرة النظام السوري من قبل دول غربية وعربية قد دفعته بالمزيد نحو الاعتماد على إيران. وإذا صمد النظام السوري القائم فإن نفوذ إيران عبر العراق ولبنان سيتعزز مما سيؤثر على ميزان القوى في المنطقة لصالح.
لا تحتاج إيران إلى جهد كبير لإقناع حزب الله بالمشاركة في هجوم على إسرائيل، هجوم بري وصاروخي مزدوج، ولن تجد صعوبة لدفع سوريا إلى المشاركة فيما إذا وجد النظام السوري نفسه أمام ضغط شعبي ودولي كبير يهدد استمراره في الحكم. وإذا حصلت مثل هذه الحرب فإن الأوضاع في المنطقة العربية الإسلامية ستنقلب إلى ما لا يمكن التكهن به، ومعها ستتأثر أوضاع عالمية بخاصة الاقتصادية والمالية. وقد أشار الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى خطورة الوضع عندما قال إن الحرب على إيران ستشعل العالم.[32] هو لم يفسر كيف، لكن مجرد التحذير يشير إلى خطورة الأمر عسكريا واقتصاديا وماليا. أما وزير الخارجية الروسي لافروف فقد حذر من تصعيد التوتر في منطقة الخليج وشن هجوم عسكري على إيران لأن ذلك سيؤدي إلى هزات عنيفة في المنطقة، ويرفع من درجة الانقسام في العالم الإسلامي، وسيقود إلى هزات عالمية لا يعرف مداها.[33] وقال إن مهاجمة إيران ستؤدي إلى خلل في الاستقرار العالمي.[34]
الخلاصة
من ناحية المبدأ، لا الولايات المتحدة ولا إيران معنية بتصعيد الأوضاع إلى درجة اللاعودة، أي الصدام العسكري. ولهذا يحاول كل طرف ألا يدفع الأمور إلى حافة الهاوية. لكن الولايات المتحدة ليست مستعدة لقبول إيران نووية، وإيران مصممة على المضي ببرنامجها النووي. ولا يبدو أن الطرفين يرغبان في البحث عن مخارج وسطية. إيران لا تريد أن تتكلم بهدوء مع من تسميه الشيطان الأكبر، وأمريكا لا ترغب في فتح الأبواب للتفاوض مع ركن من أركان محور الشر. من الناحية الآيديولوجية، هناك محاذير لدى الطرفين في التفاهم بخاصة أن كل طرف قد عبأ جمهوره الداخلي بالكثير من المواقف ضد الطرف الآخر، ومجرد البحث عن حل وسط سينزع الثقة العقائدية أو الآيديولوجية بالحكم.
تحاول إيران أن تثبت وجودها على الساحة العربية الإسلامية، والساحة العالمية، لكن هذا يتم فقط على حساب الدولة المتنفذة في المنطقة وهي الولايات المتحدة. والولايات المتحدة ليست على استعداد للاعتراف بدور رئيسي لإيران لأن ذلك سيتم على حسابها فقط. أما إذا قطعت إيران شوطا نحو تفجير نووي وشيك فإن الولايات المتحدة لن تجد أمامها سوى تكرار تجربتها مع كوريا الشمالية والاستمرار في مفاوضات لا تنتهي.
إسرائيل عبارة عن عنصر فاعل ويضغط على أمريكا من أجل القيام بعمل عسكري ضد إيران، لكنه لا يتمكن من مهاجمة إيران منفردا لأن قدرته على تدمير المنشآت النووية مشكوك فيها. إذا كان هناك شك في تمكن أمريكا من تدمير المنشآت النووية بصورة جذرية، فإن الشك بقدرة إسرائيل أكبر بكثير. لكن إسرائيل تستطيع أن تصنع أزمة عالمية فيما إذا اقتنعت أن إيران على وشك تجريب تفجير نووي.
سيؤذي الغرب إيران بالحصار والحظر على شراء النفط، لكن درجة الأذى هذه أقل بكثير من الأذى الذي سيلحق بإيران فيما إذا شنت امريكا عليها الحرب. ولهذا لن تقدم إيران على إغلاق مضيق هرمز ما دام الحصار جزئيا وغير خانق. وأمريكا تعاني من جروح مثخنة بسبب الحربين على العراق وأفغانستان، ومنشغلة بهموم داخلية اقتصادية وحملات انتخابية، وليس من المتوقع أن تغامر بحرب لا تعرف بالضبط تبعاتها.
المسألة معقدة جدا، وكل طرف يجد نفسه أمام حسابات تتطلب منه إعادة تقييم الأمور. ولعل عدم تأكد أي طرف من النصر في معركة عسكرية يجعل تلك الحرب ضمن دائرة التردد وليس الاستبعاد. قد لا تنشب الحرب في القريب العاجل، لكن سلوك الأطراف يشير إلى أن تسوية الأمور لن تتم على طاولة المفاوضات.
تعليق على التطورات الأخيرة
المصادر
الجزيرة نت، "موسكو: ضرب إيران يهدد استقرار العالم،" 19/1/2012.
شاهر الأحمد، "الحظر الأوروبي وخيارات إيران"، الجزيرة نت، 23/1/2012.
اللواء، صحيفة، "إيران تخفف من لهجتها"، عدد 13371، 21/كانون ثاني/2012.
منير شفيق، "أمريكا تضع إيران أمام الحرب"، الجزيرة نت، 19/1/2012.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/46DBA520-19FB-4F16-A20D-5FD917BCB1D3.htm?GoogleStatID=1
Aljazeera International, News Bulletin, Jan 18, 2011.
Associated Press. Lavrov warns, Jan 18, 2012.
Burgess, Lieutenant General Ronald L.. Jr. “Statement Before Committee on Armed Services US Senate,” April 14,2010.
Benhorin, Yitzhak. “Israel Complains to UN oe Iranian Incitemnet”, Hadashot News, Nov 12, 2008.
Chossudovsky, Michel, “Iran’s Power of Deterrence”, Global Research, Nov 5, 200
Clarke, Richard. “Signs of Covert War Between the US an Iran”, ABC News, Dec. 17, 2011.
Clawson, Patrick. “US Sanction”. The US Institute of Peace: The Iran Primer. http://iranprimer.usip.org/resource/us-sanctions
Cordesman, Anthony. “Israeli and US Strike on Iran: Speculative Analysis,” Center for Strategic and International Studies, March 5, 2007.
Durden, Tuler. “Iran Military Practicing Hormuz Closure”, 12/12/2011
http://www.zerohedge.com/news/iran-military-practising-straights-hormuz-closure
Evans, Arnold. “What would a US War with Iran Look Like?” Middle East Reality, Jan 31, 2010.
France Press. “Sarkozy Warns,” 20/1/2012.
Friedman, George. “Iran, the US and the Strait of Hormuz Crisis,” January 17, 2012.
Gienger, Viola and Ferziger, Jonathan, “Israel May Lack Capability for Effective Strike against Iran,” Bloomberg Businessweek, Nov. 10, 2011.
Haaretz, “General: US and Israel Share Understanding”, Jan 21, 2012.
Kershner, Isabel and Gladstone, Rick. “Israel: Any Attack on Iran Very Far Off, New York Times, Jan 18, 2012.
Kolodziej, Edward. Ed. From Superpower to Besieged Global Power, the University of Georgia Press, 2008.
Medlebanon, Iran’s Military Capabilities, YouTube, Nov 10, 2011
New York Times, Jan 13, 2012.
News Agencies. “Iranian Commander: US Carriers target if Attacked,” July 8, 2011.
Political Theatrics, “Former Israeli Deputy Defense Minister: Iran Strike by Christmas, Oct 11, 2009)
Rand: Project Air Force, “Iran’s Nuclear Future: Critical US Policy Choices”, 2011.
Reuters, Jan 19, 2012.
Rozeff, Michael. The World-American Style, LewRockWell.com. March 26,2011. http://www.lewrockwell.com/rozeff/rozeff346.html
Ruhollah Khomeini on America, “A Documentary on the Viewpoint of Ayatollah Khomeini During and Prior to Iran’s revolution”, YouTube, http://www.youtube.com/watch?v=Zkptu7RdZtY
Russian TV, “US’ Fifth Fleet Threatens Iran Over the Strait of Hormuz”, Dec 29, 2011.
Security Council Resolution 1737.
Security Council Resolution 1929.
US Energy Information Administration, “World Oil Transit Chokepoints”, Dec 30, 2011.
Whitney, Raas, “Osirak Redux? Assessing Israeli Capabilities to Destroy Iranian Nuclear Facilities,” Belfer Center for Science and International Affairs, Spring 2007.
الهوامش
US Energy Information “World Oil Transit Chokepoints”, Dec 30, 2011[1]
[2] Ruhollah Khomeini on America, “A Documentary on the Viewpoints of Ayatollah Khomeini during and prior to Iran’s Islamic Revolution”, YouTube. http://www.youtube.com/watch?v=Zkptu7RdZtY
[3] Richard Clarke, “Signs of a Covert War between the US and Iran”, ABC News, Dec 17, 2011.
[4] Yitzhak Benhorin. “Israel Complains to UN oe Iranian Incitemnet”, Hadashot News, Nov 12, 2008.
[5] Security Council Resolution 1737
[6] Security Council Resolution 1929
[7] Aljazeera International, Jan 18, 2012
[8] Patrick Clawson, “US Sanction”. The US Institute of Peace: The Iran Primer.
[9] أنظر مثلا منير شفيق، "أمريكا تضع إيران أمام الحرب"، الجزيرة نت، 19/1/2012
[10] Michael Rozeff, The World-American Style, LewRockWell.com. March 26,2011.
[11] نقلت الخبر مختلف وسائل الإعلام العالمية مثل Associated Press.
[12] Durden, Tuler. “Iran Military Practicing Hormuz Closure”, 12/12/201112/12/2011
[13] Russian TV, Dec. 29, 2011
[14] Reuters, Jan 19, 2012
[15] صحيفة اللواء، "إيران تخفف من لهجتها"، عدد 13371، 21/كانون ثاني/2012.
[16] Haaretz, “General: US and Israel Share Understanding”, Jan 21, 2012
[17] See Michel Chossudovsky, “Iran’s Power of Deterrence”, Global Research Nov 5, 2006
[18] Medlebanon, Iran’s Military Capability, Nov 10, 2011
[19] Read Lieutenant General Ronald L. Burgess. Jr. April 14, 2010
[20] News Agencies. “Iranian Commander: US Carriers target if Attacked,” July 8, 2011.
[21] Edward Kolodziej. From Superpower to Besieged Global Power, the University of Georgia Press, 2008. The book is built on the theme that the US has besieged itself through her un-weighed policies.
[22] Rand: Project Air Force, Iran’s Nuclear Future, 2011
[23] Friedman, Jan 17, 2012
[24] Arnold Evans, what would a US War with Iran Look Like?
[25] شاهر الأحمد، الحظر الأوروبي وخيارات إيران، 23/1/2012
[26] Viola Gienger & Jonathan Ferziger, Nov 10, 2011
[27] Anthony Cordesman, March 5, 2007
[28] Raas Whitney, Spring 2007
[29] Political Theatrics, Oct 11, 2009
[30] New York Times, Jan 18, 2012
[31] News Agencies such as France Press
[32] France Press, 20/2/2012
[33] AP, Jan 18, 2012
[34] الجزيرة نت، 19/1/2012


www.deyaralnagab.com