logo
الأرواح البريئة ..... حصاد الحروب الدنيئة !!
بقلم : د.نيرمين ماجد البورنو ... 12.12.2018

تلك النظرة لا تفارق عيني عندما أرى عيون الأطفال تدمع قهراً , تعاتبني و كأنها تقول أين القيم والضمائر الإنسانية فهل باتت حلماً ؟؟؟؟ فما الذنب التي اقترفته تلك الطفلة لتحرم من حق الطفولة والبراءة قسراً ؟؟؟؟وما ذنبها لتكبر قبل اوانها على دوى المدافع والقذائف فجراً؟؟؟؟ حتى ضاعت أحلامها عنوة وغادرت براءتها قهراً , ودفنت أحلامها تحت التراب سراً , وتشهد دمعة أمها المنهمرة عليها فتقطع أوصالي وتوقد في قلبي ألماً .
لقد بات الأطفال هم الضحية في الحروب البشعة والمجازر الظالمة , فان لم يصابوا بأي مكروه جسدي تصيبهم التداعيات النفسية التي تلازمهم مدى الحياة , لانهم يقبعون تحت ظروف الحروب فيتأثرون بقسوة السلاح والنيران وهمجية العنف والقوة , و انتهاكات الحروب سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال قصف منازلهم، أو هدمها، أو اعتقال، أو قتل ذويهم، أو بشكل غير مباشر من خلال مشاهدتهم لانتهاكات الحرب من خلال التلفاز، غالباً لديهم ميلاً شديداً للعنف والتنمر ، وتغير عام في المزاج وفقدان للشهية، والشعور بعدم الاستقرار، واضطرابات النوم والقلق والكأبة والحزن والخوف والميل الى الاكتئاب ، وعدم المبادرة والتردد، وتشتت الذهن وضعف الذاكرة والتذكر ، وتظهر لديهم أيضا مشاعر القلق والخوف ومشكلة التبول اللاإرادي عند البعض, وضعف الشخصية والفزع أثناء النوم واضرابات تقلب المزاج ، فبات لا ينقضي يوما واحدا دون أن نسمع عن مقتل أو استهداف طفل .
إن أخطر آثار الحروب على الأطفال ليس ما يظهر منهم وقت الحرب، بل ما يظهر لاحقًا في جيل كامل ممن نجوا من الحرب وقد حملوا معهم مشكلات نفسية لا حصر لها لان المعاناة لا تتوقف بتوقف المدافع والقذائف بل تصاحبهم الى مراحل متقدمة من أعمارهم , فالآثار السلبية لتلك المشاهد لا تنتهي بنهاية مرحلة الطفولة، بل تشكل منظارًا يرى الطفل العالم من خلاله، ولأن الأطفال لا يفهمون مبررات الحرب كما يفعل الكبار، فإنه لا سبيل أمامهم للتعبير عن تأثرهم بما يعانون ويعايشون ويرون من تلك الحرب إلا الانطواء والتوجس أو التبلد أو العدوانية و التنمر .
فلهذا السبب فان من الضروري العمل على اعادة تأهيل هؤلاء الاطفال من الناحية النفسية خاصة في فترة ما بعد الحروب , وتوجيه الاهالي الى رعاية ابنائهم والاهتمام بهم وان يحيطوهم بالرعاية والاطمئنان ومعاملتهم معاملة خاصة وإقناعهم بانهم في مكان امن , وان القصف لن يطالهم , ويجب أن تكرس وسائل وأساليب الدعم النفسي من خلال برامج متخصصة في الية معالجة الاثار العامة للحروب وانعكاساتها على الأطفال من خلال حصص دراسية في المدارس تهيئ الاطفال للتفاعل مع الحرب دون التعرض لصدمات , لان الحروب تفتك بالأطفال نفسياً ولا تحمل في أحشائها سوى الألم والموت والمعاناة للأرواح البريئة !!!!


www.deyaralnagab.com