logo
الضابع والمضبُوع وشهداء العودة!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 25.04.2018

منذ فترة عدت لقراءة كتب قرأتها منذ زمن و نسيت كثير من تفاصيلها تارة واحيانا اخرى تداخلت احداثها وتشابكت مع مرور الزمن في ذاكرتي عنكبوتيا, وجل هذه الكتب يتحدث عن النكبة والوجدان والذاكرة الفلسطينية ومن بين هذة الكتب كتاب للكاتب محمد الاسعد بعنوان " اطفال الندى"صدرت طبعتة الاولى عام 1990 اي قبل اكثر من ربع قرن وفي تفاصيل التفاصيل سرد لمعاناة النزوح والتشرد الفلسطيني اللذي لم يخلو من تضحيات و بطولات محاولة عودة الناس الى بيوتهم بالرغم من مخاطر الطرقات الملغومة بكمائن الصهاينة الذين كانوا يطلقون الرصاص على كل ماهو فلسطيني لتشريد الناس وللحيلولة دون عودتهم الى بيوتهم حتى لمجرد جلب بعض الاغراض او الطعام لهم ولاطفالهم... اهل قرية ام الزينات في الجليل ينزحون الى الدالية ويخاطرون بحياتهم من اجل العودة ومن بينهم الرجال الرجال الذين رفضوا النزوح مع النازحين وحملوا بنادقهم واعتلوا سطوح البيوت للذود عنها وعن اهلها من اليهود...باطل...ليس انا الذي يرحَل ويترك الدار والديار ويموت قهرا في منافي الغربة...هنا ولدنا وهنا سنموت وندفن شهداء ذادوا عن الدار حتى اخر طلقة واخرون عادوا الى الوطن متسللين وقضوا برصاص الاعداء شهداء على تراب الوطن..!!
..كثيرون لايعرفون قصة عدد ليس بقليل من الفلسطينيين الذين حاولوا العودة الى وطنهم وديارهم " بعد عام 1948"عبر التسلل وقضوا نحبهم برصاص فرق " الهاجانا" الصهيونية التي كانت تكمن للمتسللين"من مناطق الضفة وقطاع غزة الى الداخل الفلسطيني المحتل" العائدون الى وطنهم وتقتلهم واحيانا كثيرة لا تدفنهم وتترك جثثهم ملقاة في العراء والاودية والصحراء والبوايك "بيوت الطين" حيث اختبأ البعض وقُتل وتركت جثثهم في مكان الجريمة..قصص المتسللين طُبعت في ذاكرتي من حديث الناس من اجيال النكبة الذين بقوا في فلسطين الى حد هذة الجزئية الفلسطينية الشجاعة والشهمة من قصة شعب النشاما والشهداء, حين يتسلل الفلسطينيون الباقون"ال48" " ابان الحكم العسكري الصهيوني1948 وحتى 1966" الى مناطق تم العثور فيها على جثث شهداء " العودة" حيث يقوموا بدفن الجثث والصلاة عليها قبل ان توارى الثرا في فلسطين دون اسم وشاهد.. نعم تسلل الفلسطيني" الداخل" وخاطر بحياتة لدفن المتسللين الفلسطينيون القادمون والعائدون خلسة الى ديارهم من دول الجوار العربي واستشهدوا برصاص الاعداء قبل ان ترى عيونهم قراهم وديارهم التي هُجروا منها عام 1948...!!
مسيرات العودة من غزة الى الوطن اعادت الى ذاكرتي سيرة المناضلين" المتسللين" الذين حاولوا العودة الى فلسطين واستشهدوا برصاص الاحتلال قبل ان يبلغوا هدفهم السامي ومن بين هؤلاء خالي سالم " اخ والدتي" حيث بلغها خبر استشهادة مع مجموعة من " المتسللين" من الاردن الى فلسطين بعد فترة طويلة على اختفاء اثرة في طريق العودة الى فلسطين حيث تحدث احد الناجون الذي اعتقل وقضى فترة طويلة في سجون الاحتلال عن حادث مقتل خالي ورفاقة وكيف ان المتسللون لم يستسلموا للموت واحيانا كثيرة خاضوا معارك الشرف والكرامة بصدورهم العارية وخناجرهم وتصدوا لفرق " الهاجانا" المجرمة التي كانت تطلق عليهم الرصاص فور اكتشاف مخابئهم..اعدام جماعي على حدود وبوابات فلسطين..اطلاق الرصاص على المشاركين في مسيرات العودة الكبرى 2018 اعاد الى ذاكرتي ذاكرة العودة الى فلسطين ووعورة دروبها منذ عام النكبة وحتى يومنا هذا..
يا سيداتي سادتي.. ما اشبة اليوم بالبارحة وما اشبة قصص الشهداء العائدون الى وطنهم قبل وبعد سبعون عاما من النكبة.. العدو كان وما زال هو نفسة مرعوبا خائفا من عودة فلسطيني اعزل الى وطنة المحتل...هي العودة والاصرار عليها من تخيف سارقى الدار والديار والارض والاشجار... انهم يخافونها ويخشونها ويحسبون لها الف حساب ومقولاتهم وحساباتهم لم تتحقق حين قالوا" نطردهم ونحتل بلادهم ويموتون في المنافي واجيالهم القادمة ستنسى فلسطين وستنصهر في حياة المنافي"...لا... هذا لم يحدث والمرابطون في مخيمات العودة على حدود قطاع غزة جلهم من الجيل الفلسطيني الشاب...شباب شهداء العودة.. عائد الى حيفا.. عائد الى يافا... عائد شهيد الى بئر السبع لم يتجاوز عمرة ال14 عاما..عائدون نسابق ونزاوغ رصاص المحتل ودخان كاوشوكنا يعمي بصرة ويحرق رئتة.. في فلسطين يقولون قول : سوَّد الله وجهة لصاحب الفعل السئ وبيض الله وجهه لفاعل الفعل الطيب... بيض اللة وجهكم وجها وجها..دخان كاوشوكم الاسود بيَّض وجوهنا..دماءكم شحنت عروقنا واضاءت قنديل فلسطين في ليل العرب الحالك.
" حين كان الاطفال يعطشون كنا نجمع الندى بأكفنا من اوراق الشجر ونسقيهم"..مقتبس من كتاب " اطفال الندى" المذكور اعلاة الذي تحدث عن العائلات الفلسطينية المشردة في جبال الجليل ابان النكبة وكيف اسقا الاهالي اطفالهم العطشى ماء الندى من على اوراق الشجر...اطفال الندى والحجارة عادوا للظهور بعد عقود في فلسطين وقبلهم ظهر اطفال ّ ال ار بي جي" في مخيمات لبنان يتصدون لنفس العدو..اطفال الندى.. اطفال ال اربي جي.. اطفال الحجارة..اطفال الكوتشوك... واطفال طالع لك ياعدوي طالع..من كل بيت وكل شارع ,سيعاودون الظهور شبان يافعين على طرق العودة الى فلسطين.. جرس العودة سيدق الى الابد حتى يعود اهل الديار الى ديارهم ..كل رصاص مدافع رشاشات الدنيا ستنضب ولن ينضب اصرار الفلسطيني على العودة..سلاح العودة!!
عود على بدء الى حكايات الضبع والمضبوع ومعناها وفحواها في الوجدان الشعبي الفلسطيني حيث يحكى ان الضباع كانت تكمن لفرائسها او طرائدها على جانب الطرق الوعرة وتفاجأها بظهورها المفاجئ الذي يرعب الانسان ويسلب عقلة "غيبوبة المضبوع" لدرجة انة يتبع خطى الضبع دون مقاومة وهذا الاخير يقودة بهذه الطريقة الى وكرة " المغارة" ليفترسة, لكن اذا كانت فوهة بوابة المغارة هابطة وضيقة يرتطم راس المضبوع بالحائط ليصحى من غيبوبة" المضبوع" اي صدمة الخوف ليتصدى للضبع وينقذ ذاتة من الهلاك المحتوم.. يقولون فلان " مضبوع" اي انة يخشى امر او انسان ما.. ضَّبع الاحتلال ضبَّع بعض الفلسطينيون والعرب ضعاف النفس والهمة الى ما لا عودة وضبَّع اخرون لفترة محددة الى ان ارتطم راسهم بحائط واقع هذا الاحتلال الفاشي ليصحو من غيبوبة " المضبوع"ّ ويقاوموا هذا الاخير من داخل صفوف شعبهم.. شعب الجبارين..فرساننا ستتمتطي ظهر الضبع "ابوعامر" وتروضة الى ان يصبح هو المضبوع وليست الضابع... الضابع والمضبوع و فرسان وشهداء العودة سيعيدون الكرة تلوى الاخرى.. طال الزمن ام قصر.. الفرسان ستطل على ظهور الضباع المدحورة كما طلت خيلنا عبر تاريخ النضال الفلسطيني الذي تشكل فية مسيرات العودة وصلة من فصولة المشرفة حتى تحقيق حق وحلم العودة.. الضبع خائف ومضبوع ويختبئ جبانا وراء ستائر من جبال التراب حتى يقنص فلسطيني اعزل يحمل علم فلسطين..باطل.. بَّطل كل شيطان واحتلال..ضباع مضبوعه والقادم في رحم سحاب الغيث يبشر بسنين الخير بعد سنين المحل..الحصاد القادم.. الرحمة كل الرحمة للشهداء والشفاء كل الشفاء لجرحى العودة والخزي والعار لفارضي الحصار على غزة هاشم.. والسلام عليكم اينما كنتم وطنا ومهجرا وعالما..!!


www.deyaralnagab.com