logo
المؤمن غير المدخن خير من المؤمن المدخّن…!!
بقلم : سهيل كيوان ... 11.05.2017

جاء في الحديث الشريف أن»المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف». هذا الحديث يجعلنا نتساءل هل اختار أحد منا قوّته أو ضعفه، وما ذنب الضعيف حتى يكون القوي أقرب إلى الله وخيراً منه!
في الواقع نعم إلى حد كبير، هناك أمور كثيرة نحن أصحاب القرار فيها، ونحن السبب في قوتنا أو ضعفنا.
من المعروف أن أمراضاً معيّنة منتشرة أكثر بين ولادات الأزواج الأقارب. يوجد عدد كبير من التشوّهات الخلقية بالذات في القرى الصغيرة النائية المنغلقة على نفسها خصوصاً في القرى البدوية المنعزلة في النقب وفي بعض قرى الشمال مثل عين ماهل التي فيها أعلى نسبة طرشان في العالم، كذلك تعاني قريتا المشهد وعرب النعيم من ولادات كثيرة ذات تشوهات خلقية للأسباب ذاتها.
صحيح أن هذه الظاهرة خفّت كثيراً في العقود الأخيرة ولكنها ما زالت موجودة في بعض القرى، وأظن أنها منتشرة في المناطق الريفية في البلدان العربية.
المهم أن مخاطر زواج الأقارب واضحة ولكن البعض ما زال يعيش في زمن الاتكال على الغيبيات والقسمة والنصيب والمكتوب على الجبين، وكأن العلم لم يكشف الكثير من الأسرار الجينية وأسباب كثير من الأمراض التي ممكن تجنبها ،غرّبوا النكاح حديث ضعيف ولكنه صحيح جداً.
يعني إذا كانت ابنة عمك أو ابنة خالك جميلة جداً فهذا لا يعني أن تستميت للزواج بها، بينما إذا كانت دميمة تفر منها وتدّعي أنها مثل أختك، ورغم ذلك إذا أصر قريبان بالدم على الزواج فمن الضروري إجراء فحوصات تُظهر لهما ما الذي ممكن أن يحمله الأبناء من أمراض أو تشوهات وراثية أو العكس، فقد يطمئنون بأن الزواج آمن وعلى بركة الله، ولكن يجب عدم ترك الأمر للصدفة والقدر.
تقول إحصاءات رسمية إن عدد الذين يصابون بمرض السرطان بين العرب في فلسطين داخل الخط الأخضر ضعف عدد اليهود الذين يصابون به، بواقع إصابة 111 يهودياً من أصل 100000 إنسان، بينما يصاب العرب بحوالي 223 من أصل100000، هذا التزايد في انتشار المرض بين العرب ليس صدفة، هذا المرض يحب رئات المدخنين، ومعروف أن التدخين أحد أهم العوامل المساعدة لهذا المرض، والكارثة الصحية الحقيقية ستظهر في العقدين القادمين، لدينا من يعتبر الأرجيلة صديقته وشريكته وينقلها معه في سيارته حيثما ذهب، بينما تؤكد الدراسات أن كل رأس معسّل هو بمثابة إرسال دخان عشرين سيجارة إلى رئتيك خلال نصف ساعة، ونسبة الرجال العرب المدخنين تصل إلى حوالي 46٪ بينما نسبة الرجال اليهود المدخنين 23٪، هذا يوضح السبب الجوهري لعشق هذا المرض لرئات الرجال العرب، ولكنه يفضل رئات النساء اليهوديات على رئات العربيات وذلك أن نسبة المدخنات اليهوديات تصل إلى 21٪ بينما نسبة المدخنات العربيات هي 7٪ فقط.
سيتنطح أحدهم ليقول: جدّتي دخنت الأرجيلة سبعين سنة وعاشت أكثر من قرن، وسيقول آخر: إن فلاناً لم يدخن في حياته سيجارة واحدة ولكنه مرض بسرطان الرئة. نعم يا سيدي توجد حالات نادرة وشاذة مثل جدتك ومثل هذا الرجل ولكن القاعدة الأساسية واضحة، وهي أن التدخين أحد أهم أسباب سرطان الرئة القاتل، وكل الدراسات تؤكد أن صحة المؤمن غير المدخن أفضل من صحة المؤمن المدخن.
كذلك فإن السرطان أقل غراماً بأثداء العربيات ولكنه أخطر عليهن لأنهن يكتشفنه بتأخير كبير عن اليهوديات، ولهذا فإن فرص نجاتهن أقل، وهنا يتدخل الوضع الاجتماعي والاستعداد لفحوصات الثدي بشكل دوري ومنتظم واكتشافه المبكر الذي يساعد على النجاة، وهذا يعود لأسباب اجتماعية وكذلك لبعد العيادة عن مكان الإقامة في كثير من الحالات وخصوصاً القرى البدوية في النقب.
مما لا شك فيه أن الإنسان الذي يعيش ويعمل في بيئة موبوءة بالمكاره الصحية والتلوّث المرتفع للهواء يكون أكثر عرضة للأمراض المزمنة ممن يعيش في بيئة نظيفة وصحية، وهنا يتحمل الاحتلال وسياسته البيئية العنصرية القسط الأكبر من المسؤولية، وعندما نقاوم الاحتلال فنحن نقاوم معه موبقاته ومنها تلويث البيئة وتخريبها وتحويل التجمعات العربية إلى مخيمات مكتظة.
كذلك أثبتت التقارير الميدانية أن هناك علاقة بين السرطان وهوائيات شركات الهاتف الضخمة فالمقيمون بقربها يتعرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالسرطان، في وسط مدينة طمرة الجليلية مثلاً كان هناك هوائي عملاق، في ذلك الحي وبقطر حوالي مئة وخمسين متراً لم تخل أسرة من إصابة لواحد أو أكثر من أبنائها بالسرطان إلى أن انتفض سكان الحي وأحرقوا الهوائي أكثر من مرة واضطرت الشركة لنقله، كذلك في قريتيّ عسفيا ودالية الكرمل كانوا سباقين بإحراق هذه الهوائيات بعد ملاحظة الانتشار السريع للسرطان في البلدتين، صحيح أن الاتصال اللاسلكي من وإلى هاتين القريتين رديء جداً ولكن بلا شك أن أرواحاً كثيرة أنقذت، وتقع مسؤولية كبيرة بهذا على من يؤجرون أراضيهم أو سطوح منازلهم لهذه الهوائيات وعلى الأهالي الذين يصمتون رغم إدراكهم للضرر.
وماذا مع الرياضة! نلاحظ أن فئات واسعة من الأجانب تمارس الرياضة كفرض يومي، أما نحن فعند الرياضة يصبح وقتنا من ذهب ولا نريد إزهاقه، هذا صحيح لدى قلة قليلة من المشغولين بإدارة العالم ولكن الأكثرية ستجد الوقت للرياضة لو أرادت، وقد ثبت أن فوائد الرياضة لا تحصى. أما نسبة النساء العربيات فوق سن الأربعين اللاتي يمارسن الرياضة فتكاد لا تذكر، ولهذا يجد السكري طريقه بسهولة في أجسادهن.
المسؤولية الشخصية والوطنية والإنسانية تتطلب منا أن نكون أكثر اهتماماً بصحتنا وصحة من حولنا، فالإنسان المعافى يستمتع بحياته أكثر هذا أولاً، وهو أكثر فعالية وعطاء لأسرته ومحيطه ومجتمعــــــه، كذلك بإمكانه الانخراط أكثر في نضال أبناء شعبه في مواجهة السياسات العنصرية المتفاقمة على أشكالها وألوانها الكثيرة وسيكون أكثر قدرة على أداء واجباته تجاه العباد وإله العباد ولهذا يكون أفضل عند ربه.


www.deyaralnagab.com