logo
دفاعًا عن رومانسية الرجل العربي…!!
بقلم : سهيل كيوان  ... 12.03.2015

تخوض جهات عدة (عربية وأجنبية)، عدوانا شرسا على الرجل العربي لتشوّهه وتحاول نزع مختلف المشاعر الإنسانية عنه، فدأبت على وصمه بالجلافة والغلظة والقسوة تجاه المرأة، فهو لا يعرف الحب.
وتتفاقم هذه التشويهات ولا تخلو من جلد للذات في مناسبات مثل يوم المرأة العالمي أو في يوم ما يسمى «عيد العشاق» وعيد الأم، وكل مناسبة تتعلق بالمرأة.
وقد انضمت أنظمة القمع على شاكلة النظام الأسدي الفاشي وأضرابه إلى هذه الحملة التشويهية للرجل العربي (المعارض طبعا)، فصوّرته كوحش جنس واتهتمه بشرفه وعرضه، وتم تلفيق فيديوهات من قبل شبيحة النظام بهذا الصّدد إمعانا في نزع إنسانية الرجل العربي المعارض لتسويغ قتله، مثلما حاولت الصهيونية على مدار قرن كامل في أدبياتها المختلفة نزع قدرة الرجل العربي على الحب، فلا يوصف إلا بالأوصاف الهمجية والقذارة واضطهاد المرأة، علما أنه خلال الأشهر الأخيرة لوحدها تم التحقيق مع معظم قادة شرطة إسرائيل بتهم التحرش الجنسي وتجميد عمل بعضهم، أما ظاهرة تجارة الجنس والرقيق وتسليع النساء، وخصوصا القادمات أو المهرّبات من دول الاتحاد السوفييتي السابق منتشرة جدا في المجتمع الصهيوني.
والحقيقة ان الرجل العربي شديد الحساسية في علاقته مع المرأة، يشهد بهذا الشعر العربي القديم والحديث على حد سواء، من بعر وشعر ناقة طرفة إلى قلم حمرة نزار قباني إلى روائع فضل شاكر المذيبة للصخر الذي نرحب بعودته ونطالب ببراءته، وقصص شهداء العشق، بل أن رومانسية الرجل العربي ما زالت مصدر ضعف له، واستغلت ضده، وتم إيقاعه بشباك (الشاباك) ومخالب (الموساد)، وأجهزة قمع عربية وأجنبية لإسقاطه أو اصطياده حتى الإجهاز عليه، وهو غارق بعسل الحب، كما حدث لبعض الأحباب من القادة الفلسطينيين.
يحتفل بعضهم بيوم المرأة العالمي، وبلا مروءة يطعنون برومانسية الرجل العربي (المعارض) في الوقت الذي يتفننون في قمع عشرات آلاف النساء ويزجّون بهن في ظلام السجون الذي يعني التحرّش الجنسي حتى الاغتصاب والقتل في سجون سوريا والعراق بشهادات الكثيرات من المعتقلات والصحافيات والكاتبات ومؤسسات عربية ودولية حقوقية!
المجرمون يشككون برومانسية العربي (المقاوم) ثم يستغلون عرض المرأة كأداة ضغط عليه إذا ما اعتقل أثناء التحقيقات الأمنية، بإحضارها والتهديد بالاعتداء عليها وإسماعها الكلام الخادش للحياء أمام زوجها أو ابنها أو شقيقها، حتى تعذيب المعتقلات الحوامل، وتقييدهن بالسلاسل أثناء الإنجاب كما حصل في السجون الصهيونية والسورية، إمعانا في القهر وحقدا على الحياة التي تولد من رحم هؤلاء النساء.
حاول ويحاول الإعلام القمعي العربي والاحتلالي الصهيوني على حد سواء، تشويه الرجل المقاوم والانتقاص من قيمته، فإذا كان متدينا أظهروه كمتزمّت فظ جشع لا يحترم حقوق المرأة وأنوثتها، وإذا كان علمانيا أو غير متدين،أظهروه كمنحلٍ لا قيمة عنده للعرض والشرف والتقاليد والوطن والقيم… إلخ، وذلك لعزله عن الحاضنة الشعبية حصنه الحصين وقلعته في مواجهة الاستبداد والاحتلال.
قوى القمع والاحتلال التي تهنئ المرأة بيومها العالمي وبـ «يوم العشاق» هي نفسها التي تشيطن المرأة وتصفها بالمخربة أو الإرهابية إذا ما انخرطت في صفوف النضال مع أبناء شعبها، تنزع عنها أنوثتها، وقد يتم التحرش بها جنسيا أمام الجمهور(سوريا ـ فلسطين- مصر)، في الشارع العام، بشكل مقصود لسحقها نفسيا، ولإثارة أبناء أسرتها الذكور عليها لأنها (جابت لهم البهدلة)، ولتكون عبرة لغيرها.
وفي خطوات أكثر ذكاء، تُنشئ السلطات القمعية بين حين وآخر جمعيات وأطرا نسوية تحت مسميات شتى، مثل تطوير ودعم دور المرأة، تغذي لدى المرأة المقموعة حقدا على الرجل المقموع وتجعله سبب معاناتها، ويقع بعضهن في الفخ فيحوّلن سهام غضبهن وإحباطهن على الذكور في مجتمعهن، ويتحول الاحتلال والاستبداد السلطوي إلى عدو ثانوي، صحيح أن المرأة تحت الاحتلال – ونظام الاستبداد تكون مضطهدة مرتين، مرة كأنثى ومرة لكونها ابنة شعب مقموع برجاله ونسائه، ولكن سلطات القمع تدفع بالمرأة المقموعة إلى مواجهة الذكور المقموعين من شعبها من خلال تصوير الذكر كمسؤول عن كل مآسيها، وإعفاء الاحتلال والاستبداد من المسؤولية عن قمعها المضاعف أو وضعه في درجة ثانوية من المسؤولية.
في يوم المرأة العالمي تباكى هؤلاء على حقوق المرأة العربية الضائعة، في الوقت الذي يقومون بإفقار أسرتها وحصارها وتقليص مساحة الأرض تحت قدميها وهدم بيتها، وبسجن وقمع ابنها أو زوجها وتغريمه بالغرامات المبهظة، إذا ما شارك في نشاط معادٍ للاحتلال (في القدس مثلا غرامة المشاركة في مظاهرة تصل إلى 40 ألف شيكل والسجن من ستة أشهر إلى سنوات عدة، حتى الإعدام الميداني) وفي بعض أنظمة الاستبداد تصل الغرامة من السجن لسنوات طويلة حتى الإعدام.
في يوم المرأة العـــــالمي قدمــــوا لها وردة حمــراء وذهبوا لإتمام شبح ابنها أو زوجها أو شقيقها في السجن أو الشارع العام.
في يوم المرأة قالوا لها «كل عام وأنت بخير»، ولكنهم اعتقلوا أطفالها، تارة بحجة رشق دورية احتلال بالحجارة في فلسطين، أو بقتلهم وتشديد الحصار عليهم وتجويعهم كما يحدث لأطفال سوريا والعراق.
في يوم المرأة العالمي تحدثوا عن حقها في الميراث والحب والطلاق، وحقها الكامل بالتصرف بجسدها، ثم سحقوا هذا الجسد بقنابلهم، حاصروه وحرموه من الحد الأدنى من حقوق البشر.
الرجل العربي وخصوصا المعارض للاحتلال والاستبداد حساس ومحترم ورومانسي ويقدّر المرأة أكثر بكثير من المحتل الصهيوني ومن شبيحة ومجرمي الدكتاتوريات، لسبب بسيط، هو أن هذا الرجل وبسبب حساسيته بالذات ثار ينشد الحريّة من نيريّ الاحتلال والاستبداد، ومهما قدموا من ورود وأغان رومانسية، وتشدقوا بحقوق المرأة في يومها، فهم أعداء الرجل والمرأة والطفل والشيخ والشجر والحيوان والطبيعة، ولا حرية للمرأة إلا بتحرر شعبها ومجتمعها أولا من نير الاحتلال والاستبداد والقمع.


www.deyaralnagab.com