logo
الشخصي هو سياسي – حول الحب والنسوية!!
بقلم : نادية محمود ... 19.02.2021

بمناسبة الحديث عن عيد الحب، لا بد من تناول موضوعة الحب والمرأة. حيث الهدف من تناول هذا الموضوع هو تحديد "أي نوع من النساء او البشر نريد أن نكون؟ واي من الحقوق نريد ان ننال؟" تركز هذه المقالة على حقوق المرأة حيث ان المرأة والرجل لا يدخلان علاقة متكافئة ومتساوية وعادلة حين يدخلان في علاقة حب. هذا اللا تكافؤ واللا مساواة، كحال اي لامساواة اخرى، يجب التصدي له. ونحن نغتنم هذه المناسبة " عيد الحب" للحديث عنه.
من اين جاءت اللامساواة في علاقة وفي مشاعر يفترض ان تكون مشاعر انسانية رائعة وانسانية بين اثنين وبمحض اختيارهما؟ ان منبع هذا التفاوت، هو الحقوق التي منحها المجتمع للرجل مقارنة بالمرأة. وحيث ان الشخصين، الرجل والمرأة حين يدخلان في علاقة عاطفية، هي ليست بمعزل عن الواقع الاجتماعي والثقافي والاخلاقي والسياسي والاقتصادي الذي يعيشان فيه، فمن المؤكد ان علاقتهما تتأثر بهذا الواقع، بل الواقع هو الذي يرسم ملامح وحدود هذه العلاقة، وحقوق كل طرف في هذه العلاقة.
حين يدخل الرجل علاقة حب، يفتخر بها، يتباهى، يعلنها، وليس هنالك من يعترض. اما حين تدخل المرأة والشابة في علاقة عاطفية، فلا يمكنها التصرف مثل شريكها او حبيبها. فهنالك سلسلة من اشكال التخويف، والتجريم، والتذنيب التي تعيشها المرأة. لأنه ببساطة قرّر للمرأة ان لا تحب. واذا اتيح لها الحديث عن الحب فيكون مسموحا لها، ان سمح لها، في سياق انها ستنشأ اسرة، وستربي اطفال.
المرأة ممنوع عليها الحب، بل وتعاقب بشدة عليه، للحد الذي يوصل العقوبة للقتل. وليس قليل عدد النساء اللواتي قتلن بسبب الشك بان لديهن علاقات حب.
من اجل تغيير هذه العلاقة غير المتوازنة وغير المتكافئة في العلاقات العاطفية. نظام كامل لا بد من تغييره: النظام السياسي، القوانين، الحقوق الاقتصادية، الاخلاق، الثقافة. تغيير على صعيد الدولة وعلى صعيد المجتمع، من اجل التمتع بعلاقة متساوية ومتكافئة بين حبيبين.
وهذا هو عملنا كناشطات نسويات، كدعاة مساواة، مساواة كاملة وتامة وغير مشروطة، بين الرجل والمرأة. يجب فصل الدين عن الدولة وانشاء دولة علمانية. يجب الغاء القوانين التي تقر بقوامة الرجل، وبحق الرجل بتأديب المرأة. القوانين التي تسمح للرجل ان يعدد الزوجات، القوانين التي تخفف من عقوبة الجرائم المرتكبة باسم" الدفاع عن الشرف" هذا الكم من القوانين يجب ان تتغير. وهذه معركة شرسة، ولكن الانتصار فيها ليس مستحيل.
المسار الثاني، وهو؛ نحن نواصل النضال من اجل تغيير هذه القوانين، ونواصل النضال من اجل ان تحصل النساء على حقوق اقتصادية واجتماعية متساوية مع الرجل، ماهي مسؤولية الرجل او الشاب؟ وما هي مسؤولية المرأة او الشابة
الشاب المعاصر مطلوب منه ومسؤول عن اكتساب اخلاق انسانية جديدة محل الاخلاق التي تعززها الدولة والتقاليد والدين والاعراف. ان يعّلم نفسه على عادات وثقافة جديدة. ان يحرر نفسه من قيم " الرجولة" وان يغرز محلها قيم الانسان، والقيم الانسانية. يجب ان " يتنازل" عن الحقوق التي منحه اياها القانون، من اجل اقامة علاقة عاطفية متكافئة وصحية وعادلة. يجب ان يحرر الشاب والرجل نفسه من " هذه الحقوق". لأنها حقوق قائمة على اساس تمايزي وتمييزي بين البشر. يحتاج الشاب والرجل ان يعمل " ثورة" على هذه الاخلاق التي ورثها، ولا يعمل على تكريسها. لكن الرجال والشباب لا يتخندقوا كلهم في خندق واحد، فبعضهم شباب قرر أن "يستمتع" بحقوقه، وان يبقى في خندق الرجعية، وشباب اخر قرر لنفسها ان يكون في خندق المدنية، والتقدم والمساواة والعدالة. الشباب والرجال في هذا الخندق عليهم سلخ الاخلاق الرجعية واللامساواتية كم سلوكهم.
مع قول ما تقدم، الرجل ليس هو المسؤول الوحيد عن رسم شكل وحدود وحقوق الطرفين في العلاقة العاطفية. المرأة والشابة مسؤولة ايضا. مسؤولة عن خلق علاقة قائمة على اساس المساواة. النساء والشابات اللواتي يسعين بكل الطرق الى ارضاء محبيهن بما في ذلك التنازل عن حقوقهن، والقبول بالخضوع لقرارات " الحبيب" القبول بهيمنة وب" قوامته" عليهن، انما يصنعن اسيادا لهن في هذه العلاقة.. النساء والشابات اللواتي قررن ان يكونن متساويات مع الرجل، يجب ان يرفعن من درجة حساسيتهن للهيمنة الذكورية وان لا يسمحن بها باسم الحب، وباسم ارضاء الحبيب. اي ان يدافعن عن استقلاليتهن في العلاقة، ان لا يقبلن الخضوع للتوجيهات وللأوامر عن بعد!
فالنضال من اجل تغيير القوانين "من فوق" يجب ان يترافق معه نضال يومي " في الاسفل" من اجل وضع منطق المساواة موضع التنفيذ. بدون هذا السعي المتواصل من اجل اثبات وتحقيق المساواة، لا يمكن ان " تثوّر" العلاقات بين الجنسين. نحن بحاجة الى ثورة في هذه العلاقات. العلاقات القائمة هي علاقات قمعية، مخيفة، مرعبة، استعلائية، مهيمنة، ولا تملك المرأة والشابة امامها الا ان تقبل بها صاغرة. ولكن هذا حاله حال اية قضية اخرى. الناس تتظاهر من اجل فرص عمل، تتظاهر ضد الفساد، وضد المحاصصة، وضد سلسلة من المطالب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. النضال من اجل نيل حقوق متساوية في الحب، هو امتداد لهذا الصراع الاجتماعي الاكبر، بل الصراع الاجتماعي الاكبر يعبر عن نفسه في داخل العلاقة العاطفية. لذا، يتوجب النضال في هذه الجبهة العاطفية ايضا. من اجل خلق علاقة عاطفية انسانية صحية وعادلة. لقد كان في غاية الاهمية ان تقوم منظمة امان للنساء بتنظيم ندوة بهذا الخصوص، نتمنى ان يكون عملا اوليا لفتح الحوار والنقاش حول هذا الموضوع: المساواة في الحب.

*المصدر:مركز مساواة المرأه

www.deyaralnagab.com