logo
العراق: تعديلات قانون الأحوال الشخصية تنتهك حقوق الطفل والمرأة
بقلم : الديار ... 20.11.2017

جنيف - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يصادف اليوم الإثنين، إن الانتهاكات بحق الطفولة في الشرق الأوسط في ازدياد مستمر، ليس فقط على مستوى الجماعات المسلحة، بل كذلك على مستوى الحكومات، وليس فقط في إطار الممارسة بل حتى في إطار القانون، مشيراً إلى قيام مجلس النواب العراقي بالموافقةالمبدئية على تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959م، والمطبق منذ أكثر من خمسين عامًا، معتبرًا أن هذه التعديلات تحمل في طياتها مخالفات جسيمة ومصادرة حقيقية لحقوق الطفل والمرأة.
و قال المرصد الأورومتوسطي -الذي يتخذ من جنيف مقرًا له- في بيان صحفي اليوم، إن تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي جاء غير منسجم مع الدستور العراقي ذاته، فضلاً عن التزامات العراق بموجب المعاهدات الدولية، حيث أعطى التعديل المؤسسات الدينية الأفضلية على المؤسسات القضائية من خلال منح رجال الدين والمرجعيات الدينية السلطة في تحديد الأحكام فيما يتصل بقضايا الأحوال الشخصية، وفرض فتاويهم على قاضي الأحوال الشخصية حسب المذاهب التي يعتقدونها، وهو ما ينتهك المادة (88) من الدستور العراقي والتي تنص على أن "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة".
وبيّن الأورومتوسطي أن التعديلات المطروحة تنتهك اتفاقية حقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث بموجبها يمكن السماح بزواج القاصرات في عمر 9 سنوات بموافقة الوالدين أو إذن القضاء، وهو السن الذي لا تكون فيه الطفلة مكتملة الأهلية العقلية أو الصحية.
وأضاف المرصد الحقوقي الدولي أن التعديلات سوف تتيح حرمان المرأة من إرث زوجها من العقارات التي يتركها كتركة في حال كانت الزوجة لم تنجب له ولدًا، وهي تهدد حضانة الأم لأطفالها من خلال إعطاء الزوج الحق في أخذ الرضيع بعمر السنتين من أمه في حال وقع الطلاق، وتجبر الزوجة على السكن مع أهل زوجها. كما تلغي التعديلات المطروحة حق الزوجة في التفريق القضائي بسبب ضرر وقع عليها، كامتناع الزوج عن النفقة أو ضربها أو هجرها، حيث يجب عليها إذا أرادت أن تحصل على حق التفريق أن تشترط ذلك بشكل مسبق في عقد الزواج.
الجدير بالذكر أن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959م كان أعطى كلا الزوجين الحق في طلب التفريق عند استحالة العيش معًا، واعتبر في حينه قانوناً متقدماً في المنطقة عبر تقريبه بين الطوائف المذهبية وحمايته المرأة من التعسف الذي كانت تتعرض له قبل صدور القانون. وهو ما يجعل من التعديلات المطروحة انتكاسةُ إلى ما قبل قرابة 60 عاماً.
ولفت الأورومتوسطي إلى أن المرأة البالغة لن يحق لها اختيار زوجها بموجب التعديلات الجديدة، حيث أن الاختيار لا يكون إلا من خلال موافقة وليها، وذلك في مخالفة صريحة للمادة 16 من اتفاقية "سيداو" التي منحت المرأة حق اختيار زوجها.
ورأى المرصد أن هذه التعديلات جاءت قاسية بحق الطفل والمرأة، وأن إعطاء المرجعيات الدينية هذه السلطات يمكن أن يؤدي إلى تكريس المذهبية الطائفية، فضلاً عن أنه يمثل تجاوزًا للسلطة القضائية، ومخالفة صريحة لمبدأ الفصل بين السلطات التي نص عليها الدستور العراقي.
وفي هذا السياق قال المستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي إحسان عادل: "بينما يحتفل العالم في اليوم العالمي للطفل، جاءت هذه التعديلات بصورة مخيبة للآمال، فهي ترسخ التمييز الملحوظ ضد الأطفال، من خلال تزويج الفتيات في أعمار مبكرة دون الحاجة إلى أخذ موافقتهن. كما أنها تضع حدا لحرية النساء العراقيات ولدورهن في المجتمع، من خلال إهدار حقوقهن المكتسبة منذ أكثر من نصف قرن، معززة بذلك الانتهاكات التي تمارس بالفعل بحق المرأة العراقية منذ سنوات".
ودعا المرصد في نهاية بيانه الحكومة العراقية إلى الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية وبما يمليه عليه دستورها، والعمل على إلغاء التعديلات المقترحة التي تشرعن الطائفية والمذهبية واستبدالها بتعديلات تتيح للطفل والمرأة حماية أكبر، بما يحترم كرامة الطفل ومصالحه الفضلى ويتيح للمرأة المساهمة بفاعلية في بناء النظام المدني وتحقيق التنمية المستدامة.


www.deyaralnagab.com