logo
المبادئ الذكورية" تعرقل مسيرة المرأة العربية!!
بقلم : الديار ... 23.07.2017

مجاهدة الرجال من أجل عرقلة التقدم نحو المساواة يقف في طريق المشاركة الفعلية للمرأة في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية وفي اتخاذ القرارات ويعرقل مسار تقدم الجنسين.
كشفت دراسة جديدة أجرتها الأمم المتحدة ومؤسسة بروموندو، (تناهض المساواة بين الرجل والمرأة)، حول آراء الرجال العرب عن العلاقات بين الجنسين، عن أن حوالي 90 بالمئة من الرجال في مصر يعتقدون أنه ينبغي أن تكون لهم الكلمة الأخيرة في القرارات المنزلية والأسرية، وأن المرأة يجب أن تعتني فقط بالأعمال المنزلية.
ويعتبر أحمد أحد متساكني العاصمة المصرية القاهرة مثلا على ذلك، حيث يسمح لزوجته بالذهاب إلى العمل، ولكنه قال إنه غير فخور بها “في البداية صمّمت على أن تمكث في المنزل ولا تعمل. ولكنها كانت قادرة على الاهتمام بالأطفال ورعاية المنزل وكان لديها أيضا وقت إضافي للذهاب إلى العمل. بالطبع أنا العائل الأساسي كوني رجل الأسرة. ولكني أعتقد أن النساء لا يستطعن القيام بمثل هذه المهام”.
ويتكرر المشهد على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة، حيث يهيمن الرجال على الأسر وعلى مقاعد البرلمانات والوظائف أيضا. وتنعكس مواقف التعصب الجنسي في القوانين التي تعامل المرأة كمواطن من الدرجة الثانية.
وكانت تلك النتائج متوقعة، غير أن الدراسة ألقت ضوءا جديدا على شيء آخر، وهو مجاهدة الرجال من أجل عرقلة التقدم نحو المساواة طبقا للدول الأربع التي شملتها الدراسة (مصر ولبنان والمغرب وفلسطين).
وأعرب ما لا يقلّ عن ثلثي هؤلاء الرجال عن قلقهم وخوفهم على سلامة أسرهم وطريقة معيشتهم. وقال الرجال في مصر وفلسطين إنهم يعانون من الإجهاد والإحباط بسبب نقص فرص العمل ومصادر الدخل. وتشعر السيدات بنفس الشعور السّيء، ولكن الموقف يمثل “أزمة ذكورية” بالنسبة إلى الرجال العرب.
ويتشبث الرجال العرب بالمبادئ الذكورية حيث لا تختلف وجهات نظر الشباب عن أدوار الجنسين اختلافا كبيرا عن وجهة نظر الرجال الأكبر في السن في كل من الدول المذكورة باستثناء لبنان.
وقد تكون هناك عدة أسباب لذلك، ولكن تشير الدراسة إلى أن مجاهدة الشباب العربي للحصول على وظيفة وتحملهم لنفقات الزواج وكونهم معيلو الأسر قد يولّد بداخلهم رد فعل عنيف ضد السيدات الواثقات من أنفسهن. وبعبارة أخرى، قد يتولّد التعصب الذكوري من خلال الشعور بالضعف وليس القوة.
وهناك تفسير آخر لما يحدث، وهي المبادئ الدينية المحافظة التي من طبيعتها أن تجعل الرجال غير منفتحين على أيّ حريات جديدة. كما يعزز علماء القانون الإسلامي فكرة القوامة التي تمنح الرجل الحق في ممارسة سلطته على المرأة.
وتندرج القوامة من ضمن سياسات التشريع الرسمية في الدول المحافظة مثل المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تلك الحالة قائمة أيضا حتى في الدول الليبرالية في العالم العربي مثل المغرب، حيث أن نسبة 77 بالمئة من الرجال هناك يؤمنون بواجبهم في ممارسة القوامة على أقاربهم من الإناث.
وتظهر أعمال العنف والمضايقات كنتيجة حتمية في مثل تلك الأجواء. واعترف ما بين 10 و45 بالمئة من الرجال الذين سبق لهم الزواج ممن أجريت عليهم الدراسة في الدول الأربع بأنهم ضربوا زوجاتهم.
وأقر أيضا ما بين 31 و64 بالمئة من الرجال بأنهم تحرشوا بالسيدات في الشارع. كما يوافق أقل من نصف نسبة الرجال في المغرب على تجريم الاغتصاب الزوجي؛ حيث يتوقع معظمهم من زوجته ممارسة الجنس عند الطلب. ومازال 70 بالمئة من الرجال المصريين يوافقون على ختان الإناث. ويوافق أكثر من نصف السيدات المصريات أيضا على ختان الإناث.
وفي الواقع، تتبنى المرأة العربية الكثير من وجهات النظر التي يتبناها الرجال، ففي مصر وفلسطين يقول أكثر من نصف الرجال والنساء إنه إذا تعرضت امرأة للاغتصاب يجب أن تتزوج من مغتصبها.
وتفوق النساء أعداد الرجال في ثلاث من الدول حيث يُعتقد أن النساء اللائي يرتدين ملابس مستفزة هن من يعرّضن أنفسهن للتحرش. كما أن معظم السيدات اللائي شملتهن الدراسة يؤيدن فكرة القوامة للذكور.
وحاول بعض النشطاء جاهدين تشجيع السيدات العربيات على اكتساب ثقتهن بأنفسهن، ولكنهم لم يبذلوا مجهودا يُذكر لتقويم الرجال والتخفيف من حدة تصرفاتهم. ويتغير هذا بمرور الوقت حيث تواجه منظمة “أبعاد” في لبنان، وهي إحدى المنظمات غير الحكومية في المنطقة، معايير الذكورة الصارمة عن طريق إطلاق حملات التوعية واستشارات العلاج النفسي.
ويرى مؤلفو الدراسة انفتاحا نسبيا في المواقف الليبرالية للرجال من خلال موقف الآباء تجاه بناتهن من حيث مبدأ العمل. ويرغب مؤلفو الدراسة أيضا بوقف ضرب الأولاد في المنزل وفي المدارس، والذي من شأنه أن يشجعهم أكثر على الإضرار بالمرأة في وقت لاحق.

وتشير الدراسات إلى أن زيادة المساواة بين الرجل والمرأة ستجعل الدول العربية أكثر تقدما وأكثر ثراء وأكثر عدلا، حيث أن السيدات المتحررات يحصلن على دخل أعلى من دخل الرجال. ومع ذلك، وعلى الرغم من تغير بعض المبادئ المتحيزة، لا يزال ينقصها الدعم الرسمي القانوني.
مبادرة مغربية
تم مؤخرا إطلاق حملة توعوية بالعاصمة المغربية الرباط، تحت شعار “وعلاش لا” (لِمَ لا)، تهدف بالأساس إلى تعزيز المساواة بين الرجال والنساء عن طريق استعمال مواقع التواصل الاجتماعي والإمكانات التي تتيحها تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
وتهدف هذه الحملة التي تنظمها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بشراكة مع جمعية تنمية وبدعم من الاتحاد الأوروبي لتكون فرصة لتمرير ونشر رسائل توعوية من أجل تفعيل مطلب المساواة بين النساء والرجال، فيما يتعلق بمختلف الحقوق، بما في ذلك الحصول على الإرث ومكافحة الصور النمطية والنساء والأراضي السلالية والتمييز ضد المرأة.
وقالت سعيدة الإدريسي رئيسة الجمعية إن الحملة تعمل على محاربة الصور النمطية السائدة حول المرأة وما لها من تأثير وتداعيات سلبية على المجتمع بصفة عامة، إضافة إلى عملها على نشر ثقافة الحقوق بين الجنسين وقناعتها بإمكانية تغيير القوانين وما يصاحبها من إصلاح تشريعي وتغيير مواز للعقليات والسلوكات، وهو عمل شاق يتطلب سياسة عمومية تستوجب مشاركة مجالات مختلفة بما فيها قطاع التعليم، وتنقيح المقررات التعليمية من الصور النمطية حول المرأة.
وأوضحت بخصوص إشكالية تقبل المجتمع المغربي لموضوع المساواة في الإرث بين النساء والرجال أنه لا يوجد إجماع من طرف شرائح المجتمع على العديد من القضايا، بما فيها سياسة الدولة، وأكدت أن إثارة قضية الإرث تفرضها المعاناة التي تكابدها العديد من النساء.
وأضافت الإدريسي “إذا ما أردنا إقرار الإنصاف والعدل، فلا يجب علينا الاختباء وراء الدين، خاصة أن هناك نساء يعانين من هضم حقوقهن الاقتصادية فيما يخص مسألة الإرث، واستيلاء أقاربهن على حقهن، وأخريات يُعلن أسرهن، الإسلام دين سماحة وعدل وعدالة اجتماعية، والفقهاء مطالبون بالاجتهاد من أجل الدفاع عن الحقوق لأن الواقع يتغير”.
وأفادت أن اختيار شعار “وعلاش لا؟” للحملة ينبع من قناعة الجمعية بأنّ تحقيق مطلب المساواة بين المرأة والرجل في ظل دستور يعترف بالمساواة ممكن. وقالت عن الوسائل التي تعوّل عليها الجمعية من أجل التعريف بالحملة وإيصالها لأكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع المغربي إنها ترتكز على الإعلام الرقمي وتقنيات التواصل الاجتماعي لإيصال رسالتها إلى أوسع شريحة من المجتمع.
وأكد المدير التنفيذي لجمعية تنمية، مراد غروحي أن هذه الحملة المخصصة للترافع بشأن المساواة بين الجنسين تراهن على الاستمرارية من أجل مناقشة قضايا جديدة تهم المرأة من قبيل الإجهاض وزواج القاصرات، علاوة على تسليط الضوء على دور المجتمع المدني الذي يظل فاعلا محوريا في تعزيز ثقافة المساواة بين الجنسين.
وأضاف أن وسائل الإعلام البديلة، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي، أصبحت حاليا القناة المفضلة للتواصل، لا سيما في أوساط الشباب الذين يمثلون 31 بالمئة من إجمالي سكان المغرب.
يذكر أن الدستور المغربي ينصّ في فصله التاسع عشر على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”، وينص على أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال.
وتعد المساواة بين الجنسين هدفا لخلق التكافؤ بينهما وتمتع كليهما بكافة الحقوق والامتيازات في جميع مجالات الحياة، من أجل المشاركة في التنمية وبناء المجتمع وإنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إلا أن بعض الممارسات كشفت تحيزا كبيرا للرجل على حساب المرأة، وتعبّر بعض المواد الإعلانية مثلا على ذلك.
الفوارق عالمية
قالت الهيئة المشرفة على الدعاية والإعلان في بريطانيا إنه يجب وضع قواعد أشد صرامة تطبق على الدعايات التي تظهر رجالا لا يمكنهم القيام بأبسط المهام المنزلية ونساء تركن لوحدهن يقمن بمهمة تنظيف المنزل.
وراجعت هيئة مستويات الدعاية الطريقة التي تتعامل بها مع الدعايات والإعلانات التي تظهر فيها الصورة النمطية لدور الرجل والمرأة. وانتهت إلى أن الدعايات التي تسخر من الناس لأنهم لا يسايرون تلك الصورة المعتادة أو لأنهم يكرّسون الصورة التقليدية لدور الرجل والمرأة “لها آثار سيئة على الأفراد والاقتصاد والمجتمع”.
ومنعت هيئة مستويات الدعايات في الماضي إعلانات بسبب إيحاءات جنسية غير ملائمة، وأحد الأمثلة على ذلك دعاية لحليب أطفال تظهر بنات في مراحل نموّهن المتدرج فيصبحن راقصات باليه، وأولادا يصبحون مهندسين. كما وردت شكاوى من دعايات لمحلات “غاب” تظهر ولدا يكبر فيصبح أكاديميا، وبنتا تكبر فتصبح فتاة حرة اجتماعيا “تطير هنا وهناك كالفراشة”.
وتشير المراجعة التي أجرتها هيئة مستويات الدعاية إلى أنه يجب النظر في مستويات جديدة لمعرفة إن كانت الصورة النمطية التي تظهر في الدعايات “تكرّس الافتراضات التي تحدّ بشكل سلبي من الطريقة التي يرى بها الناس أنفسهم، وكيف يراهم الآخرون”.
ووفقا لموقع بي بي سي قال غاي باركر الرئيس التنفيذي للهيئة “إن الصور النمطية التي تعزز وجهات النظر القديمة بالنسبة إلى أدوار الرجل والمرأة في المجتمع قد تؤدي إلى نتائج غير عادلة بالنسبة إلى الناس”.
وأضاف “الإعلانات والدعاية عامل واحد يساهم في عدم المساواة بين الرجل والمرأة، ولذلك فإن إدخال مستويات أشد صرامة قد يؤدي دورا مهما في مواجهة عدم المساواة، وقد تحسّن النتائج بالنسبة إلى الأفراد والاقتصاد والمجتمع ككل”.
وتابع “من غير المقبول أن تصوّر الأسرة وهي تساهم في خلق فوضى في المنزل، ثم تترك المرأة وحدها لتتحمل مسؤولية التنظيف، أو أن يظهر رجل وهو يحاول أداء مهمة بسيطة من مهام الأسرة أو الأعمال المنزلية ولكنه لا يفلح”. وقالت الهيئة أيضا إن الدعايات التي تحدد أنشطة بعينها مناسبة للأولاد وأخرى مناسبة للبنات تسبب مشكلة.


www.deyaralnagab.com