logo
كيف نبحث ونحلل سياسيا...؟!
بقلم : د.ميثاق بيات ألضيفي ... 21.12.2018

تؤدي عمليات البحث في الاحتمالات والتفاعلات بين الافكار والنظريات والوقائع والقوى السياسية المتعددة الاصناف والانتماءات إلى بروز ثمار التحليل السياسي لمحاولة الوصول للتحكم بالظواهر والأحداث السياسية، كما وانها تتطلب ادراك وفهم للواقع السياسي محليا ودوليا, غير إننا ما عدنا نجد ألان _الا ما ندر_ سوى ترديد ونشر لافكار متناقلة وتهليلات وانشاءات, لذا لابد إن نلجئ ونطرق بوابة علم التحليل السياسي فلعله إن ادرك فهمنا واستيعابنا لفحواه, إن سيسمح لنا بالدخول فلذلك كله إن تأملنا المنهجية التحليلية سنجدها نظرية معرفية ونظامية للمبادئ وللأساليب ولبعض الطرق المنطقية للمعرفة والبحث والتي تسمح للباحث بالاختراق عميقاً في العمليات قيد الدراسة وتيسر له فهم جوهرها وقوانين تنميتها, وإن المبادئ وأساليب البحث المختارة بشكل صحيح توفر استنتاجات نظرية سليمة تستخدم في المسالك السياسية والإدارية والتي قد يصبح لها دورًا في العمليات المنهجية التنظيمية وفي صياغة البرامج النظرية والعملية وفي إجراءات البحث التحليلي واستمراريته, فلذا يعد برنامج البحث السياسي أساسًا نظريًا ومنهجيًا وتجريبيا وتطبيقيا لتحليل المشكلة وأن نتائجه تعتمد بشكل كبير وتنعكس جوانب تنظيميه في خطة عمل تمكن الباحث من تحديد المستويات الأساسية النظرية والمنهجية.
تشمل المعدات المنهجية للتحليل السياسي الحديث كلا من تطوير المبادئ العامة لتشكيل إستراتيجية البحث ومدى ملائمتها وقواعد تحديد المشكلة وموضوع البحث وتحديد أهداف الدراسة وتحديد المقاربة النموذجية واختيار مجموعة النظريات والمفاهيم والمحاسبة للاستراتيجيات التحليلية لمفاهيم العلوم السياسية, إضافة إلى تعريف المتغيرات وتفعيل المفاهيم التقييمية وصلاحية القياس والاختبارات, ومن ذلك قد نستطع التأكيد إن تطوير منهجية التحليل السياسي تستند على النهج النظرية القائمة على المبادئ العلمية والفلسفية العامة وعلى الطرق المستخدمة الطبيعية والإنسانية في العلوم السياسية ذات الأساليب البحثية المتعددة التخصصات.
كما إن من المهم الأخذ في الاعتبار ذلك النموذج السائد في العلوم الاجتماعية أو توليفاتها التاريخية فضلا عن مصفوفة القيمة البحثية, ومن المستحسن أن نأخذ في الحسبان ايضا نشأة منهجية العلوم السياسية كتطبيق لمجموعة من الوسائل ذات الأولوية للإدراك السياسي كالفترة الكلاسيكية المرتبطة بالأساليب الاستنتاجية والمنطقية والفلسفية والقانونية والأخلاقية والمحاسبية, والفترة المؤسسية الشاهدة لهيمنة الأساليب التاريخية والمقارنة بين المؤسسات والمعايير والتي شهدت نشر واسع النطاق للطرق الكمية والتحليلية، وأخيرا المرحلة المعاصرة وهي الشاهدة لهيمنة المحافظين الجدد على معظم المؤسساتية المعلوماتية لما بعد البنيوية وما بعد الحداثة ومناهج وأساليب البحوث والتحليلات السياسية في مختلف البيئات الاجتماعية والثقافية والحضارية عبر نهج الشبكة العالمية لتحليل محتوى الاتصالات الإلكترونية. كما وتشمل الجوانب المنهجية لبرامج البحث والتحليل تعريف طرق جمع البيانات وخصائص دعم المعلومات وتصنيفها وتطوير الأساليب الكمية والنوعية لتحليل البيانات واختبارها واتساق تطبيقها.
يتم تنفيذ البحوث التطبيقية في مجال السياسة والإدارة كعملية تحليلية منهجية تبدأ بمعرفة أولية بالمعلومات المتعلقة بمشكلات البحث وتنتهي بعرض الاستنتاجات التحليلية العامة عبر صياغة الموضوع لأجل التحديد الدقيق لحدود الدراسة من حيث المحتوى والأسلوب ومن الضروري تعبئة مؤهلات الحدس والقدرة على العمل المتواصل مع كافة الإطراف المتعلقة بالموضوع, ولذلك فأن تمثيل البيانات والحجج ينسق صور الاستنتاجات التي تم إعدادها والتي جمع فيها المحتوى وشكلت الاستنتاجات التحليلية دورًا مهمًا جدًا في تقييم نتائج الدراسة، ولهذا يمكن تشكيل برنامج شامل للتحليل السياسي باستخدام مجموعة متنوعة من الطرق والمناهج التي يمكن أن تتضمن مجموعة متنوعة من الأساليب والمبادئ في الإدارة والتخطيط والقياس والتقييم واتخاذ القرار. وفي إطار الأهداف المعلنة يتم جمع وتحليل وتجميع المعلومات عبر عزل المشكلة وتحليل أسبابها واختيار النماذج المثلى والمعلوماتية التي يمكن الحصول عليها من شبكات المعلومات الإلكترونية والمنشورات المهنية والمؤتمرات العلمية وتشكيل فريق عمل واسع يتولى التخطيط والتطوير إضافة إلى جمع البيانات للحصول على المعلومات اللازمة إلى أقصى حد ولتشمل تحليل قواعد البيانات ومراعاة العواقب المتوقعة لتنفيذ القرار بإمكانية التحقق المستمر في تنفيذ استراتيجيات الإدارة والتحقق من تنفيذ وتقييم وإفشاء نتائج المشروع لاسيما ديناميكيات البيانات الكمية والتقييمات المستقلة لجودة الحلول والمعالجات والأهداف.
لا يفوتنا إن نوضح انه يستوجب على الباحث عند دراسته للظواهر السياسية أو المشاكل الإدارية أن يضع لنفسه أهداف عدة تتمحور في التفسير والتبصر على أساس القوانين العامة واختيار الأدلة التجريبية في ضوء النظريات الواسعة النطاق، وبيان قابلية التحقق من الموضوعية بالتأكيد على فعالية التعميمات السياسية عن طريق التحقق التجريبي، وتنظيم وتراكم البيانات بإثبات وجود تفاعل مستمر وثابت بين النظريات المنطقية مما يسمح بالتراكم التدريجي للبيانات التجريبية, وكذلك فصل التفسير التجريبي والتبصر للظواهر السياسية بوضوح عن التقييمات والوصفات ذات الطبيعة الأخلاقية أو الإيديولوجية لتحقيق الشخصية العلمية والموضوعية لأحكام العلوم السياسية,وختاما نؤكد انه وفي أعمال علم السياسة والإدارة يجب الحكم على نجاحاتها عبر ما يتم توفيره من التوازن الأمثل والضروري بين النظريات السياسية أو الإدارية والحقائق المطبقة في الواقع.


www.deyaralnagab.com