logo
حماس في مصر .. أثمان باهظة!!
بقلم : د. عبير عبد الرحمن ثابت  ... 13.03.2016

لم يعد باستطاعة أحد انكار وجود حركة حماس وقوتها على الأرض وعلاقاتها الخارجية، وهذا ما يؤكده تصريحات العديد من الدول الأوروبية فى الأونة الأخيرة حول حركة حماس التى تمثل الاسلام المعتدل، والتى بدأت بدورها بالتفكير والبحث عن سبل كيفية دمج حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني بما يتوافق مع البرنامج السياسى الدولى وهذا ما نلمسه في تصريحات الوفود الأجنبية المختلفة . حركة حماس التى أثبتت قدرتها على إدارة الحصار في غزة، وضبط الأمن على حدودها والتزامها الحديدى بالتهدئة مع الجانب الإسرائيلي، أصبح من الصعب استثنائها في الترتيب الإقليمى(المحور السنى) الذى يرسمه المجتمع الدولى للمنطقة لمواجهة المحور الإيرانى، ولحماس سيكون دور في انجاح هذا الترتيب الإقليمي بشكل مباشر أو غير مباشر، والجدير بالذكر بأنه رغم توتر العلاقات بين مصر وحركة حماس منذ وصول الرئيس محمد السيسى لسدة الحكم، إلا أن جهاز المخابرات العامة المصرية وحسب التصريحات لم يقطع علاقته مع حركة حماس بل استمر التواصل بين الطرفين للحفاظ على شعرة معاوية ولمكانة قطاع غزة في الأمن القومى المصرى .
حركة حماس التى تتأرجح علاقاتها ما بين إيران تارة وتركيا وقطر تارة أخرى ويسيطر عليها في الآونة الأخيرة جناح الصقور في غزة صاحب القرار والمتنفذ في الحركة والذى يسيطر على مفاصل الحياة في غزة ومكوناتها؛ هو ما دفع منظمى هذا الترتيب الاقليمى لدعوتهم لأخذ دورهم في هذا المحور، وتحديد موقفهم بشكل واضح وملزم لهم في الأيام القادمة، وذلك لعدة أسباب أهمها قطع الطريق على ايران من التنفذ بالمنطقة من خلال حماس وحتى لا تكون حركة حماس خنجر إيرانى في خاصرة المحور السنى، ولتأخذ حركة حماس والتى تمثل الاسلام المعتدل دورها في مواجهة الحركات الجهادية المتشددة خاصة في سيناء، وارتأى أولئك إدخال الحركة لمحورهم وذلك من خلال دعوة جناح الصقور الذين رأيناهم بالأمس في الوفد الحمساوى الخارج من غزة تحديداً للتفاوض مع المخابرات المصرية لما لها علاقات جيدة مع الحركة كما أسلفنا وللتوصل معهم لحلول لكافة القضايا العالقة سواء المصالحة وانهاء الانقسام والارهاب في سيناء والتهدئة مع اسرائيل وعلاقتها مع ايران وحزب الله .
ما هو الثمن ؟ سؤال يتبادر في أذهان حركة حماس أولا وكافة أبناء الشعب الفلسطينى ثانياً، سيناريوهان بانتظار صقور حماس الأول الانضمام للمحور السنى والتى تقوده السعودية والتى ستتكفل بدورها بتقديم الدعم للحركة بدل ايران وكما نعلم أن السعودية لن تدعم حماس المقاومة بل ستدعم حماس الحركة السياسية، وبالتالى ستتنازل حركة حماس عن مشروع المقاومة وتخسر الآلاف من مؤيديها وشعبيتها ويتم ترويضها وستلتزم السعودية بكافة تكاليف المصالحة وتسكين موظفيها وحل كافة مشاكلها المالية وتعيد حركة حماس علاقاتها مع جمهورية مصر العربية وتكون جزء من محور لمنع المد الايرانى في المنطقة .
والسيناريو الثانى رفض حماس الانضمام لهذا المحور على أساس تمسكها ببرنامج المقاومة والذى هو الكفيل ببقائها على الساحة الفلسطينية والاقليمية، وتبقى صقور حركة حماس على علاقاتها مع إيران وحزب الله، وهنا تتشتت الصفوف وتفقد عمقها العربى وجارتها جمهورية مصر العربي والتى ستزيد من عقابها لحماس بإغلاق معبر رفح لفترات أطول وربما يتم اتخاذ قرار بتصنيف حركة حماس حركة ارهابية على غرار حزب الله ، وستزيد معاناة أهالى قطاع غزة الذين انهكهم الحصار والانقسام .
أحلاهما مر .. خيارات صعبة تقف أمامها حركة حماس، هل تستمر في فتح خطوط مع ايران ولو كانت بسيطة وترمم ما يمكن ترميمه من علاقاتها معها وتبقى على عزلتها وحصارها وانين شعبها في غزة، أم تذهب إلى الجانب الاخر وتصبح حركة سياسية وتتنازل عن برنامج المقاومة وتنهى ملف الانقسام وتتحول الى حزب سياسى وتخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية وربما تصل يوماً للاعتراف بإسرائيل وتتنازل عن حدود فلسطين التاريخية وتقبل بأقل ما قبله الآخرون . أيام وربما أسابيع تفصلنا عن مستقبل حركة حماس والذى يحمل في طياته مستقبل شعبنا الفلسطينى بأكمله .
لكى لا ننسى ستبقى اسرائيل عدو مشترك للفلسطينيين ولايران وحزب الله، وستبقى جمهورية مصر الشقيقة والجارة العربية الداعمة لقضيتنا الفلسطينية وعمقنا العربى الذى لا نستطيع الاستغناء عنه.


www.deyaralnagab.com