logo
النقب : القيصوم وواحة الصحراء: 16 عاما بعد الاعتراف... ماذا تغير؟!
بقلم : رأفت أبو عايش  ... 03.01.2020

يناضل العرب الفلسطينيون في منطقة النقب، جنوبي البلاد، وخصوصا في القرى مسلوبة الاعتراف منذ عشرات الأعوام لانتزاع الاعتراف العادل غير المنقوص بملكية الأرض وحقهم بالعيش الكريم.
تُوّج النضال الشعبي المنظم للجان المحلية في 13 قرية مسلوبة الاعتراف بالنقب في العام 2000 ولغاية 2006 باعتراف السلطات الإسرائيلية بها تدريجيا.
وباشرت القرى الـ13 بإدارة شؤونها عبر المجلس الإقليمي أبو بسمة، ومن ثم تحولت إلى المجلسين الإقليميين، القيصوم وواحة الصحراء.
ومنح الاعتراف بالقرى الـ13 في حينه بصيص أمل لأهالي بقية قرى الصمود في النقب، وشكل نصرا لقضيتهم، غير أنه مع مرور الوقت اكتشفوا أن العقلية الإسرائيلية في التعامل مع القرى العربية لم تتغير بل هدفت إلى التوسع الاستيطاني وتهويد الأرض في النقب.
توقع أهالي القرى أن الاعتراف يعني إنهاء سياسة هدم المنازل وتزويد القرى بالخدمات والبنى التحتية، واتخذت اللجان المحلية في القرى موقفا موحدا بعدم التفاوض على ملكية الأرض مع ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" وفصل قضية الملكية عن الحقوق والاعتراف والخدمات، وهو الموقف المعتمد للمجلس الإقليمي للقرى المسلوبة الاعتراف، الممثل للجان المحلية منذ العام 1997.
وخلال ما يقارب العقدين من الاعتراف لم تتغير الحالة الخدماتية في القرى، وبعض القرى تم تزويدها ببنى تحتية بدائية والبعض الآخر لم تصلها الخدمات الأساسية لغاية اليوم، بالإضافة إلى أنه لم يقبل أي تصريح للبناء داخل هذه القرى تقريبا.
ويستدل من تقرير نشره منتدى "التعايش" في النقب، أنه لم يسوق أي تصريح بناء لعربي في 8 من قرى القيصوم وواحة الصحراء منذ الاعتراف بها، وفي قرية أبو قرينات والتي اعترف بها عام 2003 يوجد 3 تصاريح بناء فقط، أما قرية السيد المعترف بها في العام 2006 فحصلت على تصريح بناء واحد فقط، وكانت قرية ترابين الصانع هي القرية الوحيدة في النقب التي حظيت بعدة تصاريح بناء لأهلها بعد ترحيلهم من أرضهم المجاورة لبلدة "عومر" الاستيطانية.
وفي المقابل، تمت المصادقة والشروع في بناء 16 بلدة استيطانية لليهود في النقب، في ذات الفترة، تلقت جميعها تصاريح بناء كاملة وجرى تزويدها بجميع الخدمات والبنى التحتية اللازمة، ووضعت مخططات لإقامة عشرات آلاف المنازل ورؤية مستقبلية لـ31 بلدة مستقبلية، غالبيتها استيطانية يهودية بهدف "منع العرب البدو من التوسع والسيطرة على أراضي الدولة في إطار تهويد النقب".
أم بطين... انعدام البنى التحتية
التطور الهائل لحجم الوجود اليهودي في منطقة السياج، في مقابل الإهمال الحكومي الممنهج والتضييق على أهالي قرى القيصوم وواحة الصحراء، تراه شرائح كبيرة من أبناء هذه القرى تمييزا صارخا وممارسة للعنصرية.
وعن وضع قرية أم بطين التابعة لنفوذ المجلس الإقليمي القيصوم، والمعترف بها منذ العام 2003، قال الناشط، خالد أبو كف، لـ"عرب 48" إن "قرية أم بطين قطعت شوطا نضاليا طويلا حتى حصّلت الاعتراف. وأذكر أنه حين تم الاعتراف بالقرية كان حدثا جللا ومهما للأهالي جميعا. اليوم وبعد أكثر من عقد من الزمن لا نرى أي تغيير واقعي، بل نرى ملاحقة أشد وهدم بيوت بدرجات كبيرة ومحاولات التضييق عبر فرض الضرائب دون حتى توفير خدمات وبنى تحتية في القرية. قرية أم بطين لم تربط بشبكة الكهرباء لغاية اليوم ونحن نستخدم ألواح الطاقة الشمسية ومولدات الكهرباء، ولم نحصل على مياه بانتظام أو حتى شبكة مجاري بعد 16 عاما من الاعتراف".
وأضاف أبو كف أن "نهر الخليل ‘ناحال حبرون’ وهو ممر المجاري لمستوطنات جبل الخليل يمر من وسط أم بطين حاملا معه الأمراض والجراثيم والروائح النتنة. لم يُبذل أي مجهود حقيقي لتغيير مسار المجاري من بين مباني القرية بل على العكس زاد عدد التجمعات السكانية التي تضخ مجاريها فيه".
وعن حال قرية أبو قرينات التابعة لنفوذ المجلس الإقليمي، واحة الصحراء، قال عضو اللجنة المحلية، راتب أبو قرينات، لـ" عرب 48" إن "16 عاما بعد الاعتراف بقرية أبو قرينات لم تغير الكثير. القرية شهدت تغيرات طفيفة وبسيطة في سنوات طويلة. 16 عاما كفيلة بإقامة مدينة بكافة مرافقها وأحيائها إلا أن عدم جدية السلطات جعلت تطوير قرية صغيرة أمرا صعبا ومعقدا. اليوم قرية أبو قرينات فيها 4 مدارس حديثة وشارع رئيسي ومنطقة صناعية متعثرة فقط قبل شهر بدأ العمل وبمبادرة رجال أعمال محليين على إقامة أول مصلحة فيها".
وأضاف أنه "يوجد تخطيط وبنية تحتية أولية لبعض الحارات في القرية، لكن لا يوجد تراخيص بناء بشكل كاف (حوالي 10 فقط في كل القرية) لغاية الآن".
وختم أبو قرينات بالقول إن "ما يبث الأمل أنه قبل 3 سنوات، وبعد مطالبات ومعاناة طويلة، جرت أول انتخابات في مجلس واحة الصحراء وقرية أبو قرينات بضمنها، وأصبحت القيادة محلية ومنتخبة، وهذا يبشر أن الأمور تتحرك للاتجاه الإيجابي. نرى اليوم مبادرات في الاتجاه الصحيح ونرجو الله أن يحمل العام 2020 والأعوام المقبلة كل الخير لقريتنا وكافة المنطقة بسواعد أبنائها".
مولدة... التمييز واضح
وقال الشاب، محمد أبو حسن أبو زقيقة، من قرية مولدة التابعة لنفوذ المجلس الإقليمي، القيصوم، لـ"عرب 48" إن "قرية مولدة لم تتغير منذ الاعتراف وهي مكان خطير جدا، إذ أن مواسير المياه بارزة وخطيرة والأولاد معرضون للخطر في رياض الأطفال والبساتين. لا نملك شبكة كهرباء لغاية اليوم، والقرية فيها شارع واحد فقط خلال 15 عاما والعديد من المسؤولين والموظفين العرب هم شركاء في الوصول إلى هذا الحال".

المصدر : عرب48

www.deyaralnagab.com