logo
“أبو الجواسيس” الإسرائيليين يعترف: شاركت بتهجير بدو النقب عام 1948 !!
بقلم : الديار ... 29.03.2019

رحل قبل أيام رافي إيتان، وزير إسرائيلي سابق، وصاحب لقب “أبو الجواسيس” أو “الجاسوس الأكبر” وفي سجله جرائم وعمليات سرية وتجسسية واغتيالات كثيرة لكنها لم تكشف كافتها كما يستدل من حديث معه تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت” في ملحقها الأسبوعي الجمعة، وتم إعداده قبل سنوات ضمن مشروع كتاب.
ويعترف إيتان في الحديث الصحافي الأخير معه، أنه قام بعملية بأول عملية اغتيال وهو في السابعة عشرة من عمره. ويستعرض كيف نجح في إلقاء القبض على القائد النازي أيخمان، وفي التجسس لصالح حزب “مباي” الحاكم قبل عقود، ويكشف كيف قام بتهجير البدو من النقب، ويعرب ندمه على تجنيده جونثان بولارد للتجسس على الولايات المتحدة قبل ثلاثين عاما.
ويقول محرر الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة الباحث رونين بيرغمان، معد الحديث مع إيتان، إن بعض فصول سيرة الأخير يتفوق فيها الواقع على الخيال، ويكشف أنه اشترط في بعض المقابلات معه أن تنشر مضامينها فقط بعد رحيله.
ويتضمن الحديث مع إيتان معلومات عن دعوى قضائية قدمها مواطن إسرائيلي يدعى موشيه تسيفر ضد المؤسسة الأمنية، بعدما علم أن إيتان ألقى بوالده الضابط في سلاح البحرية الكسندر يسرائيل من الطائرة في البحر بعدما اعترف بأنه عرض وثائق سرية للمخابرات المصرية في روما بعدما غادر البلاد في 1954.
ويستدل من الحديث أن إيتان قائد وحدة عملياتية مشتركة للموساد والشاباك تدعى “العصافير” وتلقى تعليمات من رئيس الموساد إيسار هارئيل، بالسفر لأوروبا وإلقاء القبض على الكسندر يسرائيل واصطحابه للبلاد من أجل محاكمته.
ويتابع بيرغمان: “في طريق العودة من روما لتل أبيب، كان الكسندر ممددا داخل صندوق خشبي مخدرا وفي مرحلة معينة أصيب بجلطة قلبية وفارق الحياة، فسارع إيتان لإلقاء جثته في البحر بتعليمات من هارئيل، واهتم الشاباك بتعميم شائعة مفادها أن الكسندر هرب لأمريكا الجنوبية، وظلت الحادثة طي الكتمان حتى استيقظ ضمير أحد المشاركين بالعملية، وكشف عنها في 2005.
ويكشف بيرغمان أن إيتان حمل في شبابه لقب “رافي القذر” وعن ذلك قال إن السبب مرتبط باستبدال جواربه في فترات متباعدة في تلك الفترة. لكن رواية أخرى تقول إن مرد التسمية يعود إلى سقوطه خلال عمله في القوى الضاربة للهجاناه ( البلماخ) قبيل 1948 في بئر للمياه العادمة.
وفي 1946 ارتكب إيتان أول جريمة قتل وهو شاب يافع، عندما طلب منه أن يصفي الحساب مع بعض الحجاج المسيحيين الألمان ممن عادوا لـ”الأحياء الألمانية” في البلاد، واتهموا بمساعدة النازيين، وتم قتل ثلاثة منهم في حيفا والجليل وتل أبيب.
ويعترف إيتان بدوره المركزي في تهجير البدو في شمال البلاد وفي النقب بالأساس، استمرارا لعمليات الطرد التي قام بها الجنرال يجئال ألون في الجليل.
وعن جريمة تهجير البدو يقول إيتان: “استغرقت عملية تطهير النقب من البدو حوالي شهر. لم نقتل ولم نسلب أحدا لكننا أنذرنا وهددنا بقتلهم جميعا في حال أشرقت شمس اليوم التالي دون أن يرحلوا”.
ويضيف: “في واحدة من القبائل وعندما لم يأخذوا تهدينا على محمل الجد بدأنا نحن والبنادق بأيدينا بحرق خيامهم وعندها بدأوا يرحلون”.
وردا على سؤال قال إيتان إنه غير نادم على طرد الكثير من البدو، وتابع: “ندمي الوحيد هو أننا لم نطرد كل البدو في 1948 وشفقنا على من تعاون معنا وأبقيناه، في وقتها كانت حرب بقاء بالنسبة لنا، إذ كنا كتائب صغيرة مقابل الجيش المصري وجيوش أخرى غزت البلاد”.
وضمن محاولاته تعليل جريمة التهجير، قال إيتان أيضا إن البدو في النقب تعاونوا مع الجيوش العربية الغازية، ولذا كانت هناك ضرورة لتنظيف المنطقة من هذه الجهات المعادية “.
ويشير لخدمته وقتها ضمن وحدة “هارئيل” الاستخباراتية بصفته ضابط الاستخبارات في الوحدة.
يشار إلى أن العصابات الصهيونية قامت وقتها بطرد 90% من أهالي النقب، ومن مضارب وقرى مدينة بئر السبع، ولم يتبقَ منهم سوى 15 ألف نسمة بعد النكبة الفلسطينية، لكن الزيادة الطبيعية عندهم ساهمت بازدياد عددهم حتى باتوا يعدون اليوم نحو 250 ألف نسمة.
ويعترف أيضا بأنه قاد وحدة إسرائيلية سرية تولت عملية اغتيال المهندسين الألمان في مصر ممن ساعدوا رئيسها الراحل جمال عبد الناصر على تطوير أنظمة صواريخ متطورة للجيش المصري.
وعن ذلك يقول مفاخرا: “حتى 1966 لم يبق مهندس ألماني في مصر”. ولاحقا قاد إرسالية الموساد في أوروبا واقترح وقتها اغتيال طالب جامعي بارز زار اتحاد طلبة فلسطينيين في دول أوروبية وخطب على مسامعهم ويدعى ياسر عرفات، لكن الموساد لم يتحمس للمقترح.
وردا على سؤال حول أشرف مروان، قال إيتان إنه طالما كان يشك بأنه عميل مزدوج بل ثلاثي. وتابع: “أعتقد أن أشرف مروان الذي جنده الموساد نجح بتضليل مصر لكنه ضلل إسرائيل أيضا وعمل من أجل خدمة ذاته بالأساس، وقد زودنا بمعلومات خاطئة ومجتزأة، أما إنذاره بدنو حرب 1973، قدمه في لحظة متأخرة جدا لم يكن بوسع إسرائيل عندها تجنيد الاحتياط رغم أن معلومات كافية من مصادر أخرى بلغتنا مبكرا حول احتمال شن الحرب”.
ويعتبر قضية تجنيد جونثان بولارد الأمريكي من أصل يهودي الذي عمل ضمن المخابرات الأمريكية، للعمل مع الموساد جرحا نازفا. ويضيف: “كقائد استخبارات أعي أنني أحيانا وفي سبيل خدمة أمن إسرائيل اضطر لتسديد أثمان موجعة تتمثل بحرق وكلاء أو موتهم”.
وردا على سؤال هل كنت ستترأس الموساد لولا الكشف عن فضيحة التجسس على الدولة الحليفة بواسطة بولارد قال ساخرا: “لو كان لجدتي بيضتان لكانت جدي.. لا أعرف”.
ويطلب إيتان من بولارد أن يغفر له بعدما تعرض للسجن في الولايات المتحدة لسنوات طويلة، وذاق أقسى صنوف العذاب، وفق تعبيره، ويضيف: “فكرة التجسس على المخابرات الأمريكية غلطة كبيرة أصلا “.

المصدر : القدس العربي

www.deyaralnagab.com