logo
1 2 3 4961
صحافة : الغارديان: حان الوقت لكي تكفّر بريطانيا عن آثام وعد بلفور وتمنع “بلفور” الأمريكي!!
23.06.2020

نشر الأكاديمي المعروف والأستاذ بجامعة أوكسفورد آفي شلايم، مقالة بصحيفة “الغارديان” حلل فيها إرث وعد بلفور الذي عبّد الطريق أمام الحركة الصهيونية لسرقة أرض فلسطين.
وقال إن السرقة هي تركة الاستعمار البريطاني وعلى بريطانيا التعويض عن إثمها بمنع عمليات ضم إسرائيلية جديدة.
وقال شلايم إن اعتراف بريطانيا بفلسطين يسهم في تصحيح أخطاء وعد بلفور: “لو كان هناك وقت لإعادة النظر في ميراث الاستعمار ومسؤولياته، فهذا الوقت المناسب. فسرقة فلسطين هي ذلك الإرث”.
مضيفا: “في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 أعلن وزير الخارجية آرثر بلفور وعده المعروف الداعم لوطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين. وفي عام 1917 كانت نسبة اليهود 10% من مجمل السكان، أما البقية فكانوا عربا، إلا أن بريطانيا اعترفت بالحقوق القومية لأقلية صغيرة وحرمت الغالبية”.
وأشار شلايم لاعتراف نادر لرئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون عن الوعد، حيث وصف الوعد في سيرة كتبها للزعيم البريطاني وينستون تشرتشل بأنه “غريب” و”شاذ” و”غير متماسك بشكل مأساوي”.
ويضيف شلايم إن وعد بلفور ساعد الحركة الصهيونية على المضي قدما في مشروعها للسيطرة المنظمة على فلسطين. وهي عملية وصفها الصهاينة أنفسهم بأنها استيطان استعماري، والذي لا يزال قائما حتى الآن.
وعلق قائلا على المفارقة في كل ما حدث، ففي عام 1917 لم يكن اليهود يملكون سوى نسبة 2% من أراضي فلسطين. وفي عام 1947 اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين لدولتين، واحدة للعرب وأخرى لليهود. وبناء على هذه الخطة أعطي اليهود 55% من أراضي فلسطين، مع أنهم لم يملكوا منها سوى 7%. وفي حرب عام 1948 وسّعت الدولة الجديدة الأراضي الواقعة تحت سيطرتها إلى 78% من فلسطين الانتدابية. وأكد الوضع القائم في مرحلة ما بعد الحرب اتفافيات الهدنة التي توصلت إليها إسرائيل مع جيرانها العرب، وهي الحدود الوحيدة التي اعترف بها لإسرائيل.
وأكملت إسرائيل في حزيران/ يونيو 1967 غزوها لفلسطين باحتلال الضفة الغربية وغزة.
وقال إن منظمة التحريرالفلسطينية تخلت بتوقيعها معاهدة أوسلو عام 1994 عن 78% من أراضي فلسطين التاريخية، مقابل ما وعدت به من إنجاز مشروع الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية. ولم يكن هذا ليحدث.
ويضيف أن هناك عدة أسباب أدت لفشل أوسلو وأهمها التوسع الإستيطاني المستمر على الأراضي الفلسطينية المحتلة في خرق صارخ للقانون الدولي. وعززت المستوطنات المشروع الاستيطاني أبعد من الخط الأخضر وحدود ما قبل 1967 و”من خلال توسيع المستوطنات أظهرت الحكومات الإسرائيلية –عمل وليكود- منذ أوسلو أنها مهتمة بالأرض وليس السلام”.
وبعد تشكيل حكومة ائتلاف عقب ثلاث جولات انتخابية غير حاسمة في عام، أعلن زعيم الليكود بنيامين نتنياهو عن خطة ضم 30% من أراضي الضفة الغربية بما فيها الكتل الاستيطانية ووادي الأردن. وفي الكنيست الإسرائيلي هناك غالبية تؤيد الضم. ولو حدثت عملية الضم، فلن يبقى للفلسطينيين سوى 15% من فلسطين التاريخية. وستدقّ المسمار الأخير في نعش حل الدولتين الذي لا يزال المجتمع الدولي يتمسك به. ويأتي الدعم للضم من دونالد ترامب صديق نتنياهو وحليفه السياسي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2019 أعلن ترامب عن “صفقة القرن”، و”لم تكن هذه خطة سلام، بل مصادقة على كل ما ورد في قائمة مطالب نتنياهو، ولم يكن مستغربا أن يرحب بها نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف بأنها وعد بلفور ثاني. وتمنح إسرائيل الحرية لضم ثلث الضفة الغربية بدون التفاوض مع الفلسطينيين علاوة على تقديم تنازلات”.
وتمنح خطة ترامب الفلسطينيين مكافأة 50 مليار دولار على مدى خمسة أعوام لو قبلوا بدولة تتكون من مجموعة جيوب محاطة بالمستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية وبدون تواصل مناطقي أو عاصمة في القدس الشرقية، بدون جيش أو حدود مع العالم الخارجي ولا سيطرة على المجال الجوي أو المصادر الطبيعية. ولن يسمح لهم بوصف كيانهم بالدولة إلا حالة استوفوا الشروط التي تحددها إسرائيل. و”بكل المعايير فهذه خطة مهينة وغير منصفة بشكل بشع”.
وانهالت على نتنياهو الاحتجاجات من الأحزاب الإسرائيلية اليسارية والمنظمات اليهودية في الشتات و22 جنرالا سابقا ورئيسا للخدمات الأمنية ممن يطلقون على أنفسهم “القادة من أجل أمن إسرائيل”. وقدمت هذه المجموعات المتنوعة نقاشا مفاده أن الضم سيترك تداعيات على أمن اسرائيل وأنه من الصعب حماية حدود واسعة وستكون الكلفة عالية، وقد يدفع الضم لانتفاضة ثالثة. كما وسيهدد اتفاقيتي السلام مع مصر والأردن وينهي فرص التطبيع مع العالم العربي ويحول إسرائيل وبشكل رسمي إلى دولة تمييز عنصري.
ومن الملاحظ كما يقول شلايم، أن مظاهر القلق هذه تركز على سمعة ورفاه إسرائيل، ولا تهتم بحقوق الفلسطينيين. ونفس الأمر ينسحب على جماعة من اليهود البريطانيين البارزين يصف أفرادها أنفسهم بـ”الصهاينة الملتزمين والناقدين الغيورين وأصدقاء إسرائيل”.
وفي رسالة إلى مارك ريغيف، السفير الإسرائيلي في لندن، حذروا من عملية ضم أحادية وأنها “ستمثل تهديدا وجوديا للتقاليد الصهيونية البريطانية ولإسرائيل التي نعرفها”. ويعلق شلايم أن القلق على المضطهد بكسر الطاء هو لازمة معروفة بالخطاب الاستعماري.
وانضمت الحكومة البريطانية إلى 10 دول أوروبية حذرت إسرائيل من قرار الضم، فيما وقّع 130 نائبا في البرلمان على رسالة طالبوا فيها الحكومة بفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل لو مضت بتحركها.
ويقول شلايم إن النواب محقّون، فالتعبير الفاتر عن الرفض لم يردع أبدا إسرائيل. ومن هنا فاعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية على حدود أراضي 1967 هي طريقة أخرى تصحح فيها بريطانيا أخطاء بلفور وتقف على الجانب الصحيح من التاريخ.واعترفت عدة برلمانيات أوروبية بدولة فلسطينية ولكن هناك دولة واحدة وهي السويد، تعترف بالدولة الفلسطينية. وعندما كان جونسون وزيرا للخارجية عام 2017 رفض مقترحا من العمال بجعل مئوية الوعد مناسبة لتصحيح الخطأ ولكن الجواب “الوقت ليس مناسبا للعب هذه الورقة” ولكن اللحظة حانت.


www.deyaralnagab.com