logo
1 2 3 41122
رائحة خبز "الصاج" تفوح من شوارع غزة !!
12.02.2019

*خبز الصاج رغم قدمه في التراث إلا أن الفلسطينيين ما زالوا يفضلونه ويضعونه على موائدهم.
غزة (فلسطين) - بمهارة وإتقان يرقّق الخبّاز الفلسطيني سامر عرفات بكلتا يديه، قطعة عجين يتلقفها بسرعة بين كفّيه عدة مرات، ويصنع منها رغيف خبز دائري كبير.
وعلى صفيح حديدي ساخن مثبت على أربعة أعمدة حديدية، يضع عرفات (34 عاما)، لعدة ثوانٍ فقط، رغيف الخبز الذي يسمى بـ”الصاج” استعدادا لتجهيزه لأحد زبائنه.
ويقول عرفات، إن “خبز الصاج رغم قدمه في التراث الفلسطيني، إلا أن الفلسطينيين ما زالوا يفضلونه ويضعونه على موائدهم”.
وأضاف، “رغم تعدد أنواع الخبز في عصرنا الحالي، واستخدام آلات حديثة وسريعة في صناعته، إلا أن خبز الصاج المعدّ بطريقة يدوية، لا يزال له سوق كبيرة، ويدخل في إعداد أكلات عديدة”.
ومنذ نحو عشر سنوات يعمل عرفات خبّازًا، في محله الذي يحمل اسم عائلته، وسط مدينة غزة.
ويعتبر خبز “الصاج”، أو “الرقاق”، أو “الشراك”، جزءا من التراث الفلسطيني، وما زال يعدّ ويُخبز بالطريقة القديمة ذاتها، التي كانت تستخدمها النسوة الفلسطينيات قبل العشرات من السنين.
ويتكون الخبز من الدقيق، بنوعيه الأبيض أو القمح، والقليل من الملح والسكر والماء الدافئ، ثم يقطع إلى كرات صغيرة، يُرش فوقها قليل من الدقيق، منعًا لالتصاقها وتسهيلا لرّقها، وهو دائري الشكل، ويبدو شفافا عند خبزه.
وأشار عرفات، إلى أن الفلسطينيين قديما، كانوا يعتمدون على الحطب في إيقاد فرن الصاج، المكون من صفيح حديدي متوسط السماكة، بينما الآن يتم استبدال ذلك بالغاز.
ويدخل هذا الخبز القديم في عدّة أنواع من الأطعمة، مثل “الفتّة” الفلسطينية، التي يشتهر الفلسطينيون بطهيها يوم الجمعة، إضافة إلى استخدامه في أحد أنواع الشاورما، وصناعة شطائر “المسخن” الفلسطيني.
ودرجت العادة في قطاع غزة، على رقّ خبز الصاج وخبزه أمام واجهات المخابز، حيث تجتذب طريقة خبزه المارة.
كما يحضر هذا الخبز، في غالبية المعارض الفلسطينية التي تقام في المناسبات الوطنية، مثل ذكرى يوم “النكبة الفلسطينية”، ويوم “الأرض”، حيث تتم صناعة الخبز بشكل كامل، أمام زوار المعرض، كرمز يعبر عن الهوية والتراث.
ويشتكي عرفات من “أزمة الكهرباء ونقص الوقود وغلاء أسعاره، التي يعاني منها قطاع غزة، منذ سنوات، حيث لا يمكن الاعتماد على المولدات الكهربائية في توليد الطاقة، وقت انقطاع التيار”، وفق قوله.
ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو “1.8 مليون نسمة” منذ ثمانِ سنوات، من أزمة خانقة في الكهرباء.
وفي أحد أزقة سوق الزاوية، أقدم أسواق القطاع، ينشغل الخباز الشاب منتصر السكني، بصناعة خبز “الطابون”، داخل مخبزه الصغير والقديم، الذي اكتسبت بعض جدرانه اللون الأسود، نتيجة للدخان المنبعث من الفرن.
ويتناول السكني (28 عاما) بيده قطعة عجين واحدة تلو الأخرى، ويصنع من كل منها، رغيفا متوسط الحجم، عن طريق رقّها بيديه أيضا، ومن ثم يضعها على قطعة إسفنجية استعدادًا لإلصاقها على جدار فرن الطابون.
ويمسك أحد عمّال السكني بملقط خشبي لرفع الأرغفة التي نضجت، بعد نحو دقيقة، ليتم وضع غيرها.
ويتكون فرن الطابون من فتحة دائرية صغيرة، مدخلها مرتفع قليلا إلى الأعلى، ويتسع لثلاثة أرغفة أو أربعة يتم إلصاقها على جدار الفرن الدائري، لعدم احتوائه على قاعدة.
وكان قديما يعمل الفرن على الحطب، ويصنع من الطين والقش والتبن، ويدفن تحت الأرض عدة أيام، ثم يتم إخراجه واستكمال صناعته، بينما اليوم يصنع من الحديد والأسمنت والرخام والحجارة النارية، ووقوده الغاز.
ويقول السكني، إن هذا “الخبز من التراث الفلسطيني القديم، وما زال متداولا في الأسواق”، مستدركًا “لكن خبز الطابون البلدي اختفى من الأسواق، لعدم وجود طلب عليه”.
ويعدّ خبز الطابون البلدي بذات الطريقة التي يعد فيها خبز الطابون، حيث يتم خلط الدقيق والملح والخميرة والماء معًا، إلا أن الأول يختلف بأنه سميك، وفق السكني.
ويعتقد السكني، أن أنواع الخبز اكتسبت أسماءها من الفرن المستخدم في صناعتها، وفق قوله، مضيفًا “لهذا الخبز مذاق شهي ومختلف”. وتقول
الحاجة أم رياض “خبز زمان كان له طعم مختلف، فلم نكن نعرف الشراء من الخارج فبأيدينا كنا نزرع ونحصد وندرس ونخبز الخبز البلدي الذي حُرم منه جيل اليوم، ولم نكن نمرض ولا نتعب ولا حتى نجوع.. فالخبز موجود واللبن والسمن، والبيت عامر بما تزرعه أيدينا”.
ولخبز الطابون والصاج سوق جيدة، كالمطاعم وأصحاب محال بيع “الفلافل” أشهر الوجبات الشعبية الفلسطينية، كما يستخدم في إعداد وجبات “مسخن الدجاج واللحم”.


www.deyaralnagab.com