logo
1 2 3 41122
الرزفة الحربية تحط بالتراث العماني في سوق عكاظ!!
05.07.2018

الطائف (السعودية) - تفاعل زوار سوق عكاظ في دورته الـ12، مع عروض الرزفة الحربية العُمانية التي قدمت لهم نبذة عن الثقافة والفنون الشعبية بسلطنة عمان، والتي تشارك في سوق عكاظ بعدد من الفعاليات والعروض.
والرزفة نمط من أنماط الموسيقى التقليدية في سلطنة عمان، يتميّز بها المجتمع البدوي، يمارسها في المناسبات الاجتماعية المتعددة، مثل الأعراس وعند الاحتفال بالضيوف النازلين في مرابعه، إلى جانب ممارستها في أيام الأعياد وفي أوقات الفراغ أيضا للسمر والترويح.
وأشار رئيس الوفد العماني المشارك بسوق عكاظ في دورته الحالية إلى أن مشاركة السلطنة تضمنت تقديم عدد من العروض لأبرز الفنون والرقصات الشعبية التي تأتي في مقدمتها “الرزفة الحربية”، التي استمدت من قلب عمان العاصف والتي كان فيها العمانيون الأوائل يقطعون المسافات الطويلة مسافرين إلى البقاع المختلفة.
تنوعت الفعاليات المقامة بحي العرب على أرض سوق عكاظ ما بين الحرف والصناعات التقليدية والألوان الفلكلورية والأنشطة التثقيفية الهادفة، وحضر زوار السوق عروض فن الرزفة من سلطنة عمان متفاعلين مع هذا التراث الفني الموغل في القدم.
ويتمثل أداء فن الرزفة الحماسية في صفين متقابلين متوازيين من الرجال هم المشاركون ويمسكون بعصي من الخيزران أو ببنادق أو سيوف يركزونها أحيانا على الأرض ويحركون رؤوسهم إلى أعلى أو إلى أسفل في إيماءات متوالية وثنيات خفيفة وقد يضعون تلك العصي أو السيوف على أكتافهم ويقومون بنفس الحركات السابقة.
والرزفة تأخذ اسمها من الحركة التي يؤديها المُشاركون في أدائها، فمصطلح “رزيف” يطلق على الأداء الحركي الذي يُواكب الغناء في هذا النمط، فيقال، فلان “يرزف” أي يُشارك في أداء الرزفة.
الأداء في الرزفة يتمثل في صفين متقابلين وقوفا، ومع كل صفٍ منهما يقف شاعر أو أكثر من الشعراء المتمرّسين في نسق شعر الرزفة.
يبدأ شاعر من أحد الصفين بتلقين صف المشاركين المقطع الأول من شلة الغناء شعرا ونغما، فيردّد ذلك الصف غناءه وعندما ينتهي، يرد عليه الصف المقابل بنفس مقطع الغناء، ثم يتبادل الصفان غناء المقاطع التالية من الشلة تباعا وبالتبادل حتى تنتهي الشلة، وعندها إمّا أن يتواصل الأداء بشلة أخرى من نفس الشاعر أو من شاعر آخر، وإما أن يتوقّف الأداء لفترة يتناولون خلالها القهوة أو غيرها ليعودوا لأداء شلة أخرى، وهكذا.
وبين الصفين من المشاركين نجد الرازفين وهم عادة من الشباب والأطفال المتحمسين لهذا الفن يجولون في الساحة بين الصفين مؤدين ما يسمى بـ”اليولة” مرتدين عمائمهم وعليهم خناجرهم العمانية والأحزمة التقليدية، ويحمل كل واحد منهم سيفه أو عصاه أو بندقيته أو نصل خنجره، ويقومون بأداء حركات ثابتة ومنتظمة ومتقنة، تتلازم مع الصوت والألحان التي يرددها المشاركون يستعرضون قدراتهم وشجاعتهم برمي ما يحملونه في أيديهم عاليا في الهواء، ليتلقفونها مرة أخرى قبل أن تسقط على الأرض، أو قد يقوم أحدهم بتدوير ما يحمله بإحدى يديه بحيث ترسم دائرة كاملة في الهواء مع حركات متناغمة يعبر عنها بهز رأسه وأحيانا بثني أو تحريك قدميه في استعراضات تثير حماس الجمهور.
والشعر في الرزفة البدوية يتناول أغراضا عديدة، وأن كان أغلبه في الحماسيات والحكمة، والمدح، أو في الذكريات والغزل، والبحر الشعري المستخدم فيه من البحر القصير لكي يتناسب وطريقة الأداء في الرزفة، وله شعراؤه المختصون في قرض هذا النوع من الشعر.
يقول الشاعر خديم بن سعيد بن محمد الريسي، إن فن الرزفة أصبح انتشاره الآن واسعا لعدة أسباب من بينها التنظيم في قيام الفرق الخاصة بهذا الفن الذي أصبح مهددا من التطوير المفرط حيث إن الرزفة لها قواعد وأسس يجب الالتزام بها وعدم الخروج عنها مهما تم فيها من تطوير، مؤكدا أهمية العودة إلى الرزفة في أسسها الأصلية.
وتعمل وزارة التراث والثقافة ومركز عمان للموسيقى التقليدية على المحافظة على هذه الفنون التراثية والتعريف بها من خلال المشاركة في المعارض الدولية، ويؤكد الريسي على أهمية الرقابة الذاتية للمؤدين والشاعر ورئيس الفرقة في أداء هذا الفن بشكله الصحيح في المناسبات الخاصة به.
وقد تطور فن الرزفة الحماسية على مدى السنوات الماضية مواكبا للتطور في انتشار الموسيقى وأدواتها ووسائط نقلها، فبعد أن كان هذا الفن يرتكز على أداء المؤدين وما يرددونه من شعر حماسي وأداء حركي واستخدام العصا والسيف والخناجر والبنادق دخلت في الوقت الحالي في أدائه آلات موسيقية حديثة كالعود وغيره.
يقول خديم بن سعيد بن محمد الريسي، إنه “عندما أدخلت الموسيقى على فن الرزفة سرعت الإيقاع مما أدى إلى ظهور بعض الحركات غير المرتبطة به بسبب تسريع الإيقاع وللأسف هي حركات نشاز عن حركات الرزفة خاصة حركات الرزيفة واليولية وأيضا استخدام بعض الكلمات والأشعار في مجال الغزل”.
ويشير، إلى أن “الرزفة في الأصل هي فن حماسي وسميت سابقا بالرزفة الحربية، وليس هناك من مشكلة إذا دخلت عليها الأشعار الغزلية ولكن يجب ألا يتعمق في مثل تلك المجالات من الشعر والأغاني الدخيلة حتى لا نفقد حماسية الفن وأصله وغاياته في إظهار الشجاعة والقوة وحب الوطن”.
ويقول أيضا، إن “الرزفة أساسا تؤدى دون أي آلات إيقاعية، وإنما هي تعتمد على الأداء اللحني للصفين المتقابلين حيث إن الشاعر الذي يجب يكون قد تدرب على الرزفة ويخرج من بين صفوفها عليه أن يصف المناسبة التي يحضرها ويرتجل الشعر ويجب ألا تكون القصيدة جاهزة ومبيتة، ولكن الكثير
من التطورات بدأت تدخل على هذا الفن وخاصة الإيقاعات ثم الموسيقى والعود والتسجيلات الجاهزة والآلات الموسيقية التي تتماشى مع الإيقاع الشعبي والموسيقى التقليدية”.
ويضيف، أن الرزفة ترتكز في أدائها على عناصر أساسية تشمل المناسبة والمؤدين (الرزيفة ومنهم اليولية بلباسهم وأدواتهم التقليدية) والشاعر والجمهور الذي يجب أن يكون مدركا لجميع معاني الرزفة ومحبا لهذا الفن ويمد الرزيفة بالحماس ويشجعهم على المزيد من العطاء.
ويوضح خديم بن سعيد الريسي، أن “الجولة (اليولة) في فن الرزفة ترتبط أصولها بأصول الرزفة، فهي مسايرة معها من الماضي إلى الحاضر، فمثل ما يستطيع الشاعر إيصال معناه من خلال الشعر الذي يلقيه أثناء الرزفة، كذلك الجويل يستطيع أن يرسل رسائل ذات معان لها دلالة من خلال الجولة باستخدام أدوات الجولة والتعامل معها بمهارة عالية وإتقان محترف”.
ويقول، “إن الرزفة يمكن أن تقام دون جولة ولا تعتبر بها أي قصور من حيث مقومات الرزفة الأساسية، ولكن تبقى الجولة في الرزفة لها طابعها الحماسي الذي يضفي الحماس والبهجة على الرزيفة والشاعر والجمهور الذين يشكلون جميعهم لوحة تراثية لها ما لها من الإبداع والتميز والتألق”.


www.deyaralnagab.com