logo
1 2 3 41120
من شجرة الزيتون تبدأ حكاية الصابون النابلسي !!
14.11.2017

الصابون النابلسي يصنّع يدويا باستخدام أدوات تقليدية أبرزها المخاضة والدكشاب لكن بسبب تراجع إنتاج زيت الزيتون اتجه كثيرون إلى تصنيعه من زيوت مستوردة.
نابلس (فلسطين) - تتعدد الرموز والمشاهد التي تروي تاريخ نابلس، ومن أبرزها مصانع الصابون التي تُعرف محليا بالمصابن، أو الصبّانات، ومع التغيّرات المتلاحقة التي تأثرت بها المدينة سياسيا، واقتصاديا، إضافة إلى العوامل الاجتماعية التي غيّرت كثيرا في النمط الاستهلاكي للمواطن، تراجع عدد المصابن في المدينة بشكل كبير.
ويرجع تاريخ صناعة الصابون في فلسطين إلى أكثر من ألف عام مضت، بدلالة الكثير من الكتابات التي دونها الرحالة والمؤرخون القدماء.
ولا يعرف على وجه التحديد من هو مبتكر هذه الصناعة، وهل وجدت في نابلس أم نقلت إليها من مدينة أخرى، ولكن الثابت أن هذه الصناعة وجدت لها في نابلس البيئة والظروف المناسبة التي ساعدت على تمركزها في هذه المدينة أكثر من غيرها، ولعل من أهم الأسباب التي ساعدت على ذلك وفرة زيت الزيتون في منطقة نابلس ومحيطها؛ فهو المادة الأساسية في صناعة الصابون.
تشير إحصاءات متعددة إلى تفاوت عدد المصابن في نابلس تاريخيا، وبشكل خاص داخل البلدة القديمة ومحيطها، ففي حين كانت في العام 1842 خمس عشرة مصبنة، فإن عددها وصل في العام 1944 إلى 35 مصبنة، وقبيل عام 1987 كان عددها 29 مصبنة، ومن ثم أخذ عددها في التضاؤل والتوقف عن العمل، وهُدمت أخرى بفعل الاجتياح الإسرائيلي في أبريل عام 2002، حتى لم تبق في نابلس سوى أربع منها، تنتج الصابون الذي ارتبط اسمه بالمدينة.
من شجرة الزيتون تبدأ حكاية الصابون النابلسي، فقد ظلت نابلس لعقود طويلة مركز إنتاج زيت الزيتون في بلاد الشام، ما ساعدها على التميز في صناعة الصابون، حتى ارتبط اسم هذا المنتَج بالمدينة كما الكنافة والجبنة.
ورغم إمكانية استعمال أنواع عدة من الزيوت والدهون في صناعة الصابون، إلا أن الصابون المصنوع من زيت الزيتون هو الأفضل، كما يقول من يفضلون هذا الصنف من الصابون التاريخي.
وتتباهى نابلس بماضيها العريق في هذه الصناعة التي عُرفت بها منذ القرن الرابع عشر، معتمدة على زيت الزيتون ذي الجودة العالية.
يصنّع الصابون النابلسي يدويا باستخدام أدوات تقليدية، أبرزها المخاضة، والدكشاب، والشمامة، والعوامة، والشوكة، والمالج، وعلب البسط، والمقشرة، والمقطع، والدوبارة، والفرجار، والأختام. وتمر عملية التصنيع بخمس مراحل، هي: الطبخ، والبسط، والتقطيع، والتجفيف، والتغليف.
ويتم تصنيع الصابون النابلسي من زيت الزيتون والماء والملح ورماد نبات الشيح (كمادة قلوية)، وقد استبدل استخدام المادة القلوية في ما بعد بمادة هيدروكسيد الصوديوم، ومن ثم يتم خلط المزيج في أوعية نحاسية سمكية وعلى درجات حرارة عالية لتتم عملية التصبن.
وبعد اكتمال عملية التصبن، يترك هذا المزيج المتصبن لتخف حرارته ومن ثم يتم فرده على مساحات واسعة على الأرض حتى يتماسك للغاية وبعدها يتم تقطيعه يدويا في شكل قطع الصابون المعروفة، ولا تزال هذه الصناعة حتى الآن تتم بطريقة تقليدية ويدوية بحتة دون تدخل أي ماكينات حديثة في عملية التصنيع، وبالإضافة إلى ذلك تتم عملية التغليف أيضا بطريقة يدوية.
وتشير الإحصائيات إلى أن نابلس كانت تصدر إلى الأردن ومنها إلى الخارج ما بين 3 و4 آلاف طن سنويا، وذلك قبل 15 سنة، واليوم لا يصدر حتى ثلث تلك الكمية إلى الخارج.
ويقول الحاج معاذ النابلسي صاحب مصبنة النابلسي بالبلدة القديمة، “قد تندثر صناعة الصابون إذا لم يتم الحفاظ عليها كتراث فلسطيني، كما أن الاحتلال يؤثر في تراجع الإنتاج حيث الحواجز وعدم السامح بتصديره إلى فلسطين المحتلة عام 1948”.
ويوضح أن إنتاج زيت الزيتون أخذ في التراجع إلى حد كبير وأصبح الكثيرون يصنعون الصابون من زيوت مستوردة.
ويطالب أصحاب المصابن في نابلس الحكومة الفلسطينية بتحمل مسؤوليتها في إنقاذ صناعة الصابون وحمايتها من الصناعات الأجنبية المنافسة لها، وفرض قوانين على استيراد الصابون من أجل حماية ودعم الصناعة المحلية، ومنح حوافز مشجعة سواء ضريبية، أو حتى إعفائها من أجل دعمها واستمرار وجودها.
ورغم التراجع الكبير في عدد المصابن، إلا أن تلك المتبقية منها عملت على تطوير منتجاتها وفتحت أسواقا جديدة لها، حتى بلغ عدد الدول التي يصدّر إليها الصابون النابلسي حاليا أكثر من سبعين دولة.
كما تم تطوير هذا المنتج التقليدي سواء من حيث التصميم، والحجم، أو بإضافة مواد أخرى إلى المكونات الرئيسية للصابون النابلسي، كأوراق الغار وغيرها، في سعي للحفاظ على هذا الإرث الذي يشكّل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ نابلس وحاضرها!!


www.deyaralnagab.com