logo
الخرطوم.. السودان : مذبحة الصحف السودانية لكتم أصواتها..مصادرة نصف الصحف السودانية في يوم واحد لتناولها قضايا اجتماعية اقلقت السلطات!!
18.02.2015

في خطوة نادرة صادر جهاز الأمن السوداني أكثر من نصف الصحف السودانية دفعة واحدة، قبيل الانتخابات العامة في ابريل القادم، بحجة تناولها قضايا اجتماعية واقتصادية تمس الأمن العام.تلقى الوسط الصحفي والإعلامي في السودان صدمة، إثر مصادرة الأمن السوداني 14 صحيفة، أول أمس، دفعة واحدة وهي خطوة غير مسبوقة في بلد اعتاد على مصادرة الصحف بعد الطباعة، لإنهاكها اقتصاديا.لكن هذا الإجراء هو الأوسع منذ عدة أعوام بحسب مركز “صحفيون لحقوق الإنسان”، الذي قال إن الأمن “صادر، صحف التيار والرأي العام والانتباهة وآخر لحظة والأهرام اليوم وأول النهار والوطن والسوداني وألوان والصيحة والمجهر السياسي والدار وحكايات، في سابقة نوعية في تاريخ مصادرة الصحف بعد الطباعة، دون أن يكشف الأسباب”.واتهم المركز جهاز الأمن كذلك بمصادرة عدد الأحد من صحيفة “التيَّار” في ظل “تواتر معلومات بعلاقة أسباب المصادرة بجريمة الحاوية المشعَّة التي سمحت السلطات لإحدى شركات البترول بإدخالها إلى البلاد عبر ميناء بور سودان”.ويرى مراقبون أن هذه الخطوة هي بمثابة رسالة تحذيرية للصحف قبل الانتخابات العامة المقررة في أبريل القادم، وهي أن المصادرة لن تقف عند حدود في حال انتقاد سير الانتخابات أو المساس بالحزب الحاكم الذي يهيمن على البلاد.وقال رئيس تحرير “التيار” عثمان الميرغني في هذا السياق “بعد أن اكتملت طباعة الصحيفة حضر ضباط من جهاز الأمن وصادروا كل النسخ المطبوعة دون أن يقدموا أسبابا لذلك”. وأضاف “تمت مصادرتنا ثلاث مرات خلال أسبوع واحد”.ويصادر جهاز الأمن عادة نسخ صحيفة ما بسبب محتوى أحد المقالات، لكن مصادرة هذا الكم من الصحف يعتبر أمرا نادرا. وأكد ضياء بلال رئيس تحرير “السوداني” (مستقلة) أيضا مصادرة صحيفته، دون أن يعرف أسباب المصادرة.من جهته اعتبر وزير الإعلام السوداني أحمد بلال، أن مصادرة جهاز الأمن 13 صحيفة، مبررة بالقانون وهدد بحسم أي محاولة لبث الفتنة وتهديد الأمن القومي، وذلك في أول تعليق رسمي على الحادثة، وأضاف “ما حدث ليس مجزرة وأي محاولة لبث الفتنة وتهديد الأمن القومي سيتم حسمها عن طريق القانون”. وذكر بلال “أن جهاز الأمن يقوم بدوره إذا نقلت الصحف أي خبر يهدد الاقتصاد القومي والاجتماعي أو إذا كان الخبر يثير فتنة وبلبلة”.وأبلغ مسؤول رفيع وسائل الإعلام المحلية في السودان، بأن طريقة تناول الصحف مؤخرا لحزمة من القضايا الاجتماعية والأمنية، أقلقت الأجهزة العليا على مستوى رئاسة الجمهورية وجهاز الأمن الذي وجه تنبيهات عديدة لرؤساء التحرير بتوخى الحذر وعدم إثارة القضايا دون تحقق من مصادرها.وطبقا للمصادر، فإن نشر العديد من الصحف أخبارا تتناول دخول حاويات مشعة ضارة، بجانب تناول قضايا عسكرية دون تصريحات رسمية فضلا عن إثارة تلك المطبوعات لاختفاء صحفي، وعرض جرائم بنحو يشير إلى ارتباك الوضع الأمني والاجتماعي في البلاد أغضبت الجهات المعنية ودفعتها لاتخاذ قرارها الصارم بمعاقبة 14صحيفة دفعة واحدة.وعلى خلفية المصادرة، عقدت هيئة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية (هيئة حكومية)، الإثنين، اجتماعا طارئا وقالت إنه لم تكتمل لديها حتى وقت اجتماعها الحيثيات والوقائع التي أملت اتخاذ مثل هذه “الخطوة غير المسبوقة”.وعبرت الهيئة عن أسفها العميق تجاه الخطوة التى تم اتخاذها بتعطيل ومصادرة هذا العدد الكبير من الصحف، قائلة إنه كان بالوسع، حتى بافتراض وجود أخطاء وقعت فيها الصحف، تدارك الأمر ومحاسبة المخطئين بمنهج وأسلوب يتناسبان وقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009.وأشارت إلى أن الشأن الصحفي بالبلاد يُدار بواسطة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية عن طريق قانون الصحافة والمطبوعات، “ولأن القانون الخاص يقيد العام، فقد كان من المرتجى أن يكون المجلس هو الجهة التي تحاسِب الصحف إذا وقعت في أخطاء مخالفة للقانون”.و شجب تحالف قوى الإجماع الوطني الخطوة واعتبرها في بيان، نتيجة لأن جهاز الأمن مطلق اليدين في مصادرة الحريات، والتعدي على الحقوق بلا رقيب.وعبر تحالف المعارضة عن كامل تضامنه مع الأسرة الصحفية “التي أصيبت اليوم في مقتل”، وأعلن عن دعمه لكافة الخيارات التى سيتخذها الصحفيون، ولوح باتخاذ تحالف قوى الإجماع “مواقف واضحة تجاه هذه الممارسات المهدرة للحقوق والحريات”.وأشار بيان الحزب إلى ما أسماه التحكم التام في سوق الإعلان وربطه بالسياسة التحريرية للصحف، ورفض الحزب الخطوة وعدها تكشف بجلاء عن “زيف وادعاءات النظام بوصوله إلى انتخاباتٍ يدعو الآخرين للتنافس حولها”.„مراسلون بلا حدود في تصنيفها العالمي لحريات الصحافة تضع السودان في المرتبة 172 بين 180 دولة“.وفي الوسط الصحفي عبر الصحفيون عن صدمتهم، ونظم العشرات منهم وقفة احتجاجية وسط الخرطوم احتجاجا على المصادرة الجماعية للصحف. وعبر الصحفيون في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عن صدمتهم حيال الإجراءات التي اتخذها جهاز الأمن.وقال ماهر أبو الجوخ “يوم أسود في تاريخ الصحافة السودانية”، ومضى زميله محمد عبدالعزيز في ذات الوصف “يوم أسود فى تاريخ الصحافة السودانية بمصادرة ما يقارب نصف الصحف، والمكتبات تغلق أبوابها باكرا”.الصحفي يوسف حمد علق قائلا على مصادرة صحف بالجملة “الفعل عبثي بامتياز، ولا يمكن أن يُبرٍّر على الإطلاق، وينطوي على جرأة…”، وعلق علي ميرغني “مذبحة الصحف تكشف سواد الأشهر المقبلة”.وقال عباس محمد ابراهيم “المدهش ليس مصادرة 14 صحيفة بواسطة الأمن، المدهش حالة الذهول التي يكتب بها الصحفيون عن الحدث، منع خبر وإيقاف عمود ومصادرة عدد من أي الصحف فعل يماثل حدث اليوم في فداحته وهو يحدث بشكل يومي، الحريات ليست بالأرقام، ما حدث اليوم فعل مستمر منذ سنوات ولن يتوقف قريبا”.يذكر أن “مراسلون بلا حدود” في تصنيفها العالمي لحريات الصحافة تضع السودان في المرتبة 172 بين 180 دولة، أي قبل إيران مباشرة!!


www.deyaralnagab.com