logo
دمشق..سوريا : مأساة أطفال سوريا: عشرات الآلاف قتلوا أو أصيبوا وآخرون «تائهون في أتون النزوح»!!
19.11.2021

يتحمل ثلث أطفال سوريا الجزء الأكبر من مأساة بلادهم، ويقفون في الخطوط الأمامية في مواجهة أخطار لا حصر لها تتفاقم يومياً بسبب ظروف حياتهم غير الطبيعية، وباتت تهدد مستقبلهم في مجالات عدة، حيث تتوالى الدراسات التي تؤكد خطورة التأثيرات السلبية للحرب في سوريا على الأطفال.«الجيل المفقود» حسب وصف مدير برنامج طب النزاعات في الجامعة الأمريكية في بيروت والأستاذ المحاضر في جامعة لندن الدكتور غسان أبو ستة، هو الجيل الذي ولد أثناء حرب النظام السوري على شعبه، والذي عاش معظم طفولته في اللجوء، «فهذا الجيل يفتقد أبرز الشروط الأساسية على مستوى التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وغيرها».«على مدى أكثر من عشر سنوات ما يزال الأطفال في سوريا هم الضحية الأكبر للحرب التي يشنها نظام الأسد وحليفه الروسي، وباتوا اليوم أمام نقطة اللاعودة مع عواقب بعيدة المدى لضياع جيل كامل، عدا عن عشرات آلاف قتلوا أو أصيبوا، وآخرين تائهين في أتون النزوح، يكافحون اليوم لاستعادة حياتهم الطبيعية، دون أي جدوى بل على العكس من ذلك يفقدون أحلامھم وفرصھم، ويفقدون طفولتھم، ويحرمون من حقوقھم كأطفال، ما يجعلهم عرضة أكثر ليكونوا ضحايا بكافة الأشكال مادياً وفكرياً بعد أن ولدوا في زمن الحرب ولا يمكن التكهن أبداً بمستقبلهم، لكن بالتأكيد لن يكون ذلك المستقبل المنشود».بتلك المقدمة افتتحت دراسة حديثة للدفاع المدني السوري عن النتائج السلبية للحرب على الأطفال في سوريا، وذكرت أنهم يعانون من مضاعفات نفسية.وأوضحت الدراسة أن عدد الأطفال الذين ظهرت عليهم أعراض الضيق النفسي والاجتماعي تضاعف «بعد اندلاع الحرب في سوريا، فالتعرض المستمر للعنف والخوف الشديد والصدمات له تأثير كبير على الصحة النفسية للأطفال»…وبسبب ظروف الحرب التي تمر بها سوريا، وفقدان أحد الأبوين أو كلاهما، أو بسبب فقدان الأسر مصادر دخلها بعد أن هجّرهم الحلف السوري ـ الروسي من مدنهم وقراهم، باتت عمالة الأطفال أمراً واقعاً يرتبط بواقع سيئ يحتاج لجهود كبيرة للتعافي منه.ووفقاً للدراسة، التي استندت إلى تقارير منظمة اليونيسيف، فإنه يوجد أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة، منهم 40٪ تقريباً من الفتيات، ومن المرجح أن يكون العدد قد ارتفع، نتيجة تأثير جائحة «كوفيد-19» التي أدت إلى تفاقم تعطّل التعليم في سوريا، وتقول المنظمة إن 6.1 مليون طفل سوري في حاجة إلى المساعدة، وهي زيادة بمعدل 20٪ عن العام الماضي فقط، مضيفة أن تزايد الفقر ونقص الوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية يجبر الأطفال على ترك المدرسة والتوجه إلى العمل.وتحدثت الدراسة عن تهديد مستقبل جيل من الأطفال نتيجة استهداف المرافق التعليمية، ما قد يخلف نتائج كارثية تبقى لعقود قادمة، حيث أوضحت أن «التعليم في سوريا يشبه أي تفصيل آخر أنهكته سنوات الحرب، وبات ندبة واضحة، ويدفع الأطفال ثمن ذلك فاتورة باهظة من مستقبلهم.وتسببت العمليات العسكرية والقصف الممنهج الذي تقوم به روسيا وقوات النظام، بتضرر آلاف المدارس منذ عام 2011، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، كان شمال غربي سوريا يتعرض لحملات عسكرية متواصلة منذ 2019 حتى اليوم، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت الذي دخل حيز التنفيذ في آذار 2020 لكن الاتفاق لم يوقف الهجمات بشكل نهائي وإنما تراجعت حدتها نسبياً.ولم تكن الهجمات المباشرة للنظامين السوري والروسي، واستهداف المدارس هي الخطر الوحيد الذي يواجه الطلاب، لكن نزوحهم المتكرر أنتج آثاره كارثية، وخاصة أن موجات النزوح التي كانت ذروتها في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 تزامنت مع تصعيد عسكري، ودمار البنى التحتية، وعدم القدرة على استيعاب أكثر من مليون ونصف مليون مدني نزحوا خلال فترة قصيرة، ما أدى لتوقف التعليم نحو عام كامل بسبب الخوف أيضاً من استمرار استهداف المدارس.وحسب مديرية التربية في إدلب، التي تضم مناطق إدلب وريف حلب الغربي، يبلغ عدد المدارس أكثر من 1200 مدرسة تختلف حالتها الأمنية، فمنها الآمن، ومنها الآمن نسبياً، ومنها الخطر، ومن تلك المدارس 94 خارج الخدمة لقربها من خطوط التماس مع قوات النظام أو لإشغالها من قبل المهجّرين بعد أن أصبحت مسكناً مؤقتاً لهم، ويبلغ عدد الطلاب في هذه المدارس أكثر من 350 ألف طالب في المدارس التابعة لها، 60٪ منهم ضمن الشريحة العمرية من 6 إلى 9 سنوات.يعيش أكثر من 500 ألف طفل في مخيمات شمال غربي سوريا والتي تضم أكثر من 1.5 مليون مدني، مهجرين قسراً من مختلف مناطق سوريا، وتفتقد تلك المخيمات وفقا للدفاع المدني السوري، للبنية التحتية ولمقومات الحياة، وتوفي العام الماضي طفل وأصيب أربعة آخرون بانهيار خيامهم جراء السيول والرياح، ومع اقتراب فصل الشتاء تعود المعاناة من جديد مع السيول والأمطار والصقيع، وعدم قدرة العائلات على تأمين مواد التدفئة لانعدام الدخل المادي لأغلب الأسر. ورجحت الدراسة أن يكون فصل الشتاء هذا الأسوأ على الأطفال. وذكر الدفاع المدني السوري في دراسته، أنه رغم التوصل لوقف لإطلاق النار في شمال غربي سوريا في 6 آذار عام 2020 إلا أن ذلك لا يعني أن القتل توقف أبداً، بل ما يزال مستمراً لكن بدون أن يلتفت العالم لما يحصل.ومنذ بداية شهر حزيران الماضي، كثّفت قوات النظام وروسيا من حملتهم العسكرية على شمال غربي سوريا، وكان الأطفال الضحية الأكبر لتلك الهجمات، حيث وثق المصدر مقتل 63 طفلاً منذ بداية شهر حزيران حتى يوم الأربعاء 17 تشرين الثاني، قتلوا جميعهم بسبب الهجمات المدفعية والغارات الجوية على مدن وبلدات شمال سوريا.فيما كانت حصيلة أربعة أشهر من الهجمات الممنهجة استمرت من بداية حزيران حتى نهاية شهر أيلول مقتل 130 مدنياً بينهم 56 طفلاً ويعد هذا رقماً كبيراً بعدد الضحايا الأطفال مقارنة بالعدد الكلي.ومنذ عام 2019 وثقت فرق الدفاع المدني السوري مقتل أكثر من 2600 شخص كان من ضمنهم أكثر من 640 طفلاً، في شمال غربي سوريا، وهؤلاء الضحايا هم فقط الذين استجاب الدفاع المدني السوري للهجمات التي استهدفتهم من قبل قوات النظام وروسيا.


www.deyaralnagab.com