logo
عمان..الاردن : الأردن يبتعد عن «التكهن» ويقترب من «تعريف» هوية «الجهات الخارجية»!!
06.04.2021

حتى اللحظة، لا تلبي الرواية الرسمية الأردنية المتعلقة بأحداث السبت الماضي، لا شغف الجمهور الأردني بمعرفة التفاصيل وكيفية مسار الأحداث ولا هوس الإعلام الدولي والإقليمي بالمتابعة تحت ستار إظهار القلق على الأردن. وعملياً، لا يوجد ما يبرر إنتاج كميات كبيرة من القلق على الأردن.ثمة دليل على ذلك، فالمقربون من الدولة وبعض رموزها، ومن بينهم الدكتور فايز الطراونة والوزير السابق الجنرال حسين المجالي، خرجوا على الإعلام المحلي في إطار تمنيات وجملة سياسية مبرمجة تتأمل من الأمير الشاب حمزة بن الحسين تحديداً العودة إلى «رشده الوطني». قال صيغة قريبة من ذلك لفضائية «المملكة» وتقصد المجالي وهو من أبرز من عملوا في القصر الملكي سنوات طويلة، الإشارة إلى أن جلالة الملك هو الأرحم والأحن على شقيقه الأمير.قبل ذلك كان البيان الرسمي يتحدث عن مشروع لمعالجة مسألة الأمير في سياق «العائلة» وما يتلمسه المواطن والمراقب من حديث الطراونة والمجالي هو إشارة في هذا الاتجاه أيضاً قبل أن تدخل مواقع ومنصات محلية وبعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تحديداً على خطوط التشويش، ومعها تلك الزفة المايكروفونية التي تنتج يومياً قصصاً وروايات درامية عدة باسم المعارضة الخارجية.في كل حال، لا ينبغي للرأي العام أن يخوض بتفاصيل الجزء العائلي من القصة، فقد تحركت المؤسسات السيادية، ومحاولة الاحتواء مستمرة على نار هادئة وناضجة، ولا يبدو -حسب البيان الرسمي- أن مشكلة الأمير تتجاوز حتى اللحظة وجود أشخاص حوله يقومون بتحركات مضادة لمصالح الدولة.يبرر ذلك اعتقال بعض العاملين مع الأمير والمقربين منه. وهؤلاء تقصد البيان، الذي أدلى به الوزير أيمن الصفدي، الإشارة إلى تواصلهم مع معارضين في الخارج، الأمر الذي يخالف منطوق تقاليد الدولة الأردنية، فالعاملون مع الأمراء يحرصون بالعادة على البقاء في الظل ولا يتواصلون مع المعارضة بأي صيغة.على الزاوية المقابلة ووسط الشغف الهوسي الباحث عن معلومات، يجلس شخص إشكالي أيضاً مثل الدكتور باسم عوض الله، وقد لوحظ أن العديد من الشخصيات التي تصدرت واجهة الإعلام مثل عضو البرلمان السابق عدنان السواعير، تصر على الحديث عن إجراء متأخر في مسألة عوض الله، وعلى التذكير بدوره القديم في ملف التخاصية.لكن مثل تلك الآراء لا تنتبه إلى أن عوض الله اعتقل وسيحاكم على ملفات لا علاقة لها بوظائفه السابقة ولا بدوره في مشروع التخاصية، فالجزء الذي ورد على لسان الصفدي بشأن عوض الله يتحدث عن اتصالات وتحركات مشبوهة له ولشخص آخر مع جهات خارجية، بمعنى أن حالة النقد الكبيرة لعوض الله الآن بعدما سقطت ورقته لا علاقة لها بالتوضيحات التي وردت لمسألة اعتقاله، بموجب بياني الصفدي ورئيس الأركان الجنرال يوسف الحنيطي.ويمكن سياسياً وإعلامياً ومن باب التحليل فقط هنا، الإشارة إلى أن عبارة «جهات خارجية» دقيقة جداً ومبرمجة، وإن كانت لم تخضع لتعريف يصلح كإطار قانوني للبناء، فملف الاعتقالات نفسه لا يزال مفتوحاً. هنا تحديداً تجنب الصفدي – وهو من يرأس الدبلوماسية الأردنية أصلاً – التحدث عن «دول خارجية» وأصر مرتين على الأقل على استعمال عبارة «جهات خارجية». ذلك طبعاً يحصل لسبب، فالأردن ليس في صدد توتير أو تأزيم علاقاته مع دول صديقة يعرف الجميع بأن عوض الله مقرب منها.والجملة المتعلقة بأي اتهامات يمكن أن توجه لاحقاً لعوض الله أو غيره، ينبغي أن تبقى في إطار بناء قضية بعيدة عن تجاذبات الرأي العام مع البقاء في مساحة مناورة لا تؤدي إلى اندلاع أزمة مع حلفاء أو أصدقاء أو دول مجاورة يمكنها أن تتخلى عن أي صديق أردني لها بالمقابل في موازاة قرار سيادي أردني وطني بالتعامل مع ملف أمني وضمن حسابات الحذر من التدخل في الشؤون الأردنية.وبناء عليه، ينبغي أن تتوقف عملية التكهن.ومسألة الجهات الخارجية على الأرجح في طريقها للتعريف ضمن معادلة تراعي كل المصالح وتحصر المسألة في انحرافات أو مخالفات في القانون ارتكبها أردنيون في النتيجة، مع أن الإثارة لم تكتمل أو قد لا تكتمل إلا بظهور تعريف لتلك الجهات الخارجية على مسرح الحدث المثير.الأردن بهذا المعنى كله يحتوي فتنة داخلية، ويحسم بعض الملفات العالقة بصيغة تراعي حسابات المصالح، خصوصاً مع دول مجاورة، الأمر الذي يلقي الضوء على الجزء السياسي المبرمج الراشد من عملية أمنية متقنة ولها عدة أهداف حققت معظمها حتى اللحظة.!!


www.deyaralnagab.com