logo
بيروت..لبنان :اللبنانيون يحيون الذكرى الأولى لانطلاق تظاهرات غير مسبوقة مناهضة للسلطة وامنستي لا تحقيقات شفافة !!
17.10.2020

بيروت: يحيي اللبنانيون السبت ذكرى مرور عام على انطلاق تظاهرات شعبية مناوئة للسلطة ومطالبة برحيلها، عبر سلسلة تحركات وتظاهرة مركزية تنطلق من وسط بيروت إلى موقع انفجار المرفأ المروع، في وقت تتخبّط البلاد في أسوأ أزماتها الاقتصادية والسياسية.وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، شكّلت محاولة الحكومة فرض رسم مالي على الاتصالات عبر خدمة الواتساب الشرارة التي أطلقت أولى التحركات. وخرج مئات آلاف اللبنانيين إلى شوارع بيروت والجنوب والشمال والبقاع في تظاهرات احتجاجية غير مسبوقة تخطت الانتماءات الطائفية والحزبية.ورفع المتظاهرون صوتهم عالياً في وجه الطبقة السياسية مجتمعة. وطالبوا برحيلها متهمينها بالفساد وعدم المبالاة، وحمّلوها مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي وضيق الأحوال المعيشية.ومنذ ذلك التاريخ، شهد لبنان أزمات متتالية من انهيار اقتصادي متسارع فاقم معدلات الفقر، إلى قيود مصرفية مشدّدة على أموال المودعين، وتفشّي وباء كوفيد-19 وأخيراً انفجار مرفأ بيروت المروع الذي حصد أكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى وألحق أضراراً جسيمة بعدد من أحياء العاصمة والنشاط الاقتصادي.وقالت ميليسا (42 عاماً)، وهي من السيدات اللواتي واظبن على التظاهر في وسط بيروت: “لم أفقد الأمل بعد لأننا ما زلنا في الشارع ونبادر ونقف مع بعضنا البعض بوجه حكومة فاسدة وساقطة”.وتحت شعار “أنا القرار”، دعت مجموعات مدنيّة إلى التجمّع في وسط بيروت بدءاً من الساعة 15,00 (12,00 ت غ) بعنوان “الثورة مكملة لتقضي على منظومة العار”.ومن ساحة الشهداء، التي شكّلت أبرز ساحات التظاهر قبل عام، ينطلق المتظاهرون باتجاه المصرف المركزي ووزارة الداخلية في منطقة الحمرا، وصولاً إلى مرفأ بيروت.ومقابل موقع الانفجار الذي لم يتعاف اللبنانيون منه بعد، يضيء المتظاهرون عند الساعة 18,07 (15,07 ت غ) شعلة في مجسم حديدي تم تصميمه خصيصاً للمناسبة وتم تثبيته مساء الجمعة ويحمل شعار “ثورة 17 تشرين”.وفي مدينة طرابلس (شمال) التي لُقبت العام الماضي بـ”عروس الثورة” بسبب الاحتجاجات السلمية التي شهدتها على مدى أشهر، قال طه رطل (37 عاماً): “نحيي ثورتنا التي نقول إنها مستمرة ولن تموت حتى نحقق مطالبنا”.وخلال مشاركته في تظاهرة مساء الجمعة في طرابلس، توجّه الى القوى السياسية بالقول: “خلال عام لم تقدروا أن تقدموا شيئاً إلى هذا البلد أو أن تقدموا شيئاً للشعب الذي ثار سوى المحاصصة”.وأضاف: “ما نريده هو أن يرحلوا جميعهم”.وشكّل رحيل الطبقة السياسية مطلب المتظاهرين منذ بدء تحرّكاتهم قبل عام. وتحت ضغط الشارع قدّم رئيس الحكومة حينها سعد الحريري استقالته. وفي كانون الثاني/يناير، تشكلت حكومة جديدة برئاسة حسان دياب، بدعم من حزب الله وحلفائه الذين سمّوا وزراء اختصاصيين من خارج الطبقة السياسية.وتراجع زخم التحركات الشعبيّة مع تشكيل الحكومة التي أقرّت ورقة اقتصادية إنقاذية، بدأت على أساسها مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم تستمر طويلاً. إذ سرعان ما اصطدمت بتدخلات قوى سياسية نافذة، وحدّ تفشي فيروس كورونا المستجد من قدرتها على العمل.وأدى انفجار مرفأ بيروت، الذي عزته السلطات الى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بوجودها وخطورتها، الى تأجيج غضب الشارع مجدداً. فخرجت تظاهرات حاشدة، تخللها أعمال شغب واستهداف متظاهرين بشكل متعمّد، وفق ما وثّقت منظمات حقوقية عدة. وقدم دياب استقالته في 10 آب/أغسطس.وفشلت القوى السياسية الشهر الماضي في ترجمة تعهد قطعته أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة يرأسها مصطفى أديب في مهلة أسبوعين وفق خارطة طريق فرنسية نصت على تشكيل حكومة “بمهمة محددة” تنكب على إجراء إصلاحات ملحة للحصول على دعم المجتمع الدولي.وإثر اعتذار أديب، منح ماكرون في 27 أيلول/سبتمبر القوى السياسية مهلة جديدة من “أربعة إلى ستة أسابيع” لتشكيل حكومة، متهماً الطبقة السياسية التي فشلت في تسهيل التأليف بـ”خيانة جماعية”.وأرجأ رئيس الجمهورية ميشال عون الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة إلى الأسبوع المقبل، في وقت يبدو أن الحريري الذي قاد اتصالات كثيفة لتسميته خلال هذا الأسبوع، يحظى بغالبية تمكّنه من تولي مهمة تشكيل الحكومة، في خطة قد تثير غضب المحتجين المناوئين للسلطة.وقال عون في تغريدة السبت: “بعد مرور عام على انطلاقة التحركات الشعبية، يدي لم تزل ممدودة للعمل سوياً على تحقيق المطالب الإصلاحية، إذ لا إصلاح ممكناً خارج المؤسسات، والوقت لم يفت بعد”.وفي مواجهة تصلّب القوى السياسية أمام مطالب المتظاهرين، لم تثمر بعد محاولات توحيد صفوف المجموعات المدنية والسياسية.وفي تغريدة، كتب الباحث والأستاذ الجامعي جميل معوض أنّ “الافتقار إلى البرامج السياسية والقيادة جعلت المسار والتقدم أمراً شاقاً وصعباً إلى حد ما”. من ناحية أخرى..طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) السلطات اللبنانية، السبت، بإجراء تحقيقات شفافة في قمع المتظاهرين منذ انطلاق ثورة 17 أكتوبر 2019.وقالت المنظمة الدولية في بيان بمناسبة مرور عام على انطلاق الاحتجاجات، نشرته على موقعها الإلكتروني: “لم تجر حتى الآن أي تحقيقات شفافة في الاستخدام المفرط للقوة، أو إتاحة سبل الانتصاف للضحايا”.واستعرض التقرير المشهد السياسي في لبنان منذ 17 أكتوبر 2019، مشيرا إلى أن قوات الأمن “استخدمت العنف ضد المتظاهرين السلميين”.
وقال إن “الاحتجاجات السلمية ووجهت إلى حد كبير من قبل الجيش اللبناني وقوات الأمن بالضرب، واستخدام الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وأحيانا الذخيرة الحية والخرطوش”.وأضاف التقرير: “رغم أن الاحتجاجات في جميع أنحاء لبنان سلمية في معظمها، إلا أن رد الجيش وقوات الأمن اتسم بالتذبذب عبر المناطق واللحظات”.وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أنها “وثقت أنماط الاستخدام المفرط للقوة، بما في ذلك الاستخدام غير القانوني لقنابل الغاز المسيل للدموع، والاعتداء بالضرب على المحتجين”.ولفت التقرير إلى أن الحادثة الأشد عنفاً كانت “عندما أطلق الجيش وقوات الأمن اللبنانية، بالإضافة إلى رجال مجهولين يرتدون ملابس مدنية، النار على حشود عُزّل خلال الاحتجاجات في بيروت التي وقعت في الأيام التي تلت انفجار مرفأ بيروت” في (4 أغسطس).وأضاف أنه جرى خلال تلك الاحتجاجات “إصابة ما يزيد عن 230 شخصاً، بعضهم بجروح في أعينهم بسبب طلقات الخرطوش”.كما تم خلال تلك المواجهات، بحسب التقرير، “إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع مباشرة على الحشود، فأصابت المحتجين في رؤوسهم ووجوههم، واستهدفت الأطباء الذين كانوا يعالجون الجرحى”.ونقل التقرير عن لين معلوف مديرة مكتب الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية قولها: “بدلاً من الوفاء بمسؤولياتها الأساسية تجاه آلاف الأشخاص الذين تُركوا بلا مأوى وتأثروا بالانفجار، يبدو أن الدولة اللبنانية تشن هجوماً على شعبها”.وفي الأيام الأولى للاحتجاجات، أشار التقرير إلى أن الجيش اللبناني “فتح النار على عشرات المحتجين الذين نظموا اعتصاماً في منطقة البداوي في طرابلس في شمال لبنان”.وأضاف: “حينها بدأ الجنود الذين يحاولون فتح الطريق بضرب المحتجين الذين ردوا بإلقاء الحجارة عليهم، مستخدمين الذخيرة الحية مما أدى إلى إصابة 2 على الأقل من المحتجين”.:وأشعلت ضريبة تم الإعلان عنها 17 أكتوبر 2019 احتجاجات شعبيّة عارمة، إذ امتلأت الشوارع من شمال البلاد إلى جنوبها، حتى البقاع شرقا.وجرى خلال الاحتجاجات إغلاق الطرقات، وحمّل المحتجون الطبقة السياسية الحاكمة مسؤولية التدهور المعيشي في ظل أسوأ أزمة اقتصادية بتاريخ لبنان.واستمرّت الاحتجاجات الشعبيّة لأشهر متواصلة، طالب المحتجون خلالها بانتخابات نيابية مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين، ورحيل ومحاسبة بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.


www.deyaralnagab.com