الجزء الأكثر تمسكا بـ”الدراما” في أوراق لائحة الاتهام التي نشرت في الأردن الأربعاء، بخصوص ملف السجائر والتبغ هو تلك العبارات المرتبطة بـ”السياق الديني” حصريا.في موقعين على الأقل تستعين النيابة التحقيقية في سرد وقائع وإفادات تتحدث عن استثمار المتهمين الأبرز في القضية في البعد الديني لإدارة واحدة من أسوأ عمليات التهرب الجمركي والتزوير.وفقا للرواية الموثقة في ملف القضية والمقدمة رسميا للمحكمة، استعجل مدير عام الجمارك سابقا وضاح الحمود “دفعة نقدية” كان يدفعها له نجم القضية رجل الأعمال عوني مطيع ومقدارها 130 ألف دينار على أساس أنه -أي الحمود- يستعد للمغادرة لأداء فريضة الحج والعمرة ويحتاج المبلغ لغرض نفقات المناسك.في موقع آخر يتعاهد الرجلان على “عدم خيانة أحدهما للآخر” ويأتي مطيع بمصحف شريف لأداء قسم عدم الخيانة.المشهدان هنا والواردان في أوراق تحقيق النيابة شكلا محورا هاما في التعاطي الشعبي والعام مع التفاصيل، والتقطهما آلاف الأردنيين في دراما تواصلية تحاول التعليق على مسار الأحداث.عمليا لا أحد يفهم “الوظيفة” القانونية المباشرة للتفصيلين المشار إليهما، خصوصا وأنهما قد لا يفيدان في المجال الحيوي أثناء فترة المحاكمة.لكنهما حققا الوظيفة الأهم، وجذبا أكبر قاعدة شعبية من الانتباه لهذه القضية .بالتالي حصلت “إدانة” غير مسبوقة شعبيا وعلى أساس اجتماعي وديني للمتهمين البارزين حتى قبل المحاكمة. تلك برأي مراقبين حياكة درامية لمسار الأحداث بعد نشر لائحة الاتهام على نطاق جماهيري واسع وغير مسبوق، وتحت العنوان الأكثر قدرة على”الجذب” وباسم “المتاجرة بالدين” وتلك العلاقة التي تربط اجتماعيا بين ترديد العبارات الدينية ودون رادع من الفساد والسرقة.حيثيات الملف المقدم للمحكمة رسميا الخميس تضمنت أيضا حلقة درامية أخرى بعنوان”خليط التبغ” الذي تمكن من إدخاله للبلاد على شكل أسمدة وإنتاجه بمصانعه غير الشرعية.هنا علم الأردنيون بأنهم تناولوا لسنوات طويلة سجائر فيها خليط غريب لا علاقة له بالتبغ الحقيقي بقدر ما له علاقة بمادة “الجفت” وهي مخلفات عصر الزيتون وبشوائب ترابية وبأسمدة.الغريب أن أحدا في مجال الصحة العامة لم يعلق على المسألة والتأثيرات السلبية على صحة الإنسان جراء هذا الخليط، وبالتالي يمكن إضافة وزارة الصحة للجهات الرقابية التي دفعت كلفة إضافية على فاتورة هذه القضية الغريبة.!!