logo
انقرة..تركيا : أردوغان ينتقم لـ«أستاذه» بعد 21 عاماً ترسيخاً لخطوات إنهاء عهد الانقلابات العسكرية في تركيا!!
16.04.2018

بعد أكثر من 21 عاماً على ما اصطلح عليه «انقلاب ما بعد الحداثة» والذي أطاح برئيس الوزراء التركي آنذاك نجم الدين أربكان، الذي يطلق عليه البعض اسم «الأستاذ الأول» للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أصدر القضاء التركي حكماً بالسجن المؤبد بحق 21 شخصاً من الذين أدينوا بالتورط في هذا الانقلاب الناعم.ومن خلال دعمه وضغطه نحو تطبيق المحاكمة التي تأخرت لسنوات طويلة بفعل الكثير من العوامل الداخلية، يرى مراقبون أن أردوغان هدف بالدرجة الأولى إلى «الانتقام» لأستاذه وقدوته نجم الدين أربكان الذي يعتبره البعض السياسي الذي مهد الطريق لصعود أردوغان في عالم السياسية، ووصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم قبل 16 عاماً.لكن الهدف الأكبر لا يتعلق برغبة شخصية لدى الرئيس التركي، بقدر ما يتعلق في توجه كبير لدى الحزب الحاكم إلى تثبيت حالة من الردع تؤسس لإخراج تركيا من حقبة الانقلابات العسكرية بلا رجعة، كون تركيا تعتبر واحدة من أكثر البلدان التي عانت من جحيم الانقلابات العسكرية طوال العقود الماضية.والجمعة، أصدر القضاء التركي، حكماً بالسجن المؤبد بحق 21 شخصاً أدينوا بالتورط في هذا الانقلاب، حيث أدانت المحكمة الجنائية الخامسة، في العاصمة أنقرة، المتهمين الـ21 بـ«المشاركة في الإطاحة بحكومة الجمهورية التركية، باستخدام القوة».ومن بين المحكومين بالمؤبد، قائد الأركان السابق إسماعيل حقي قره دايي، وقائد القوات البحرية السابق خيري بولنت ألبقايا، وقائد القوات الجوية (آنذاك) أحمد جوركجي، وقائد القوات البرية (آنذاك) حكمت كوكسال، والجنرالان السابقان، جويك بير، وجتين دوغان، والجنرال المتقاعد، إيلخان قليج، ورئيس مجلس التعليم العالي السابق، كمال كوروز. كما قرر القضاء تبرئة 68 مشتبهًا بهم آخرين، وإسقاط الدعاوى عن 10 متهمين للتقادم.وشهدت تركيا عدة انقلابات خلال العقود الماضية، أدت في مجملها إلى الإطاحة بأربع حكومات ديمقراطية ونتج عنها إعدام ثلاثة رؤساء وزراء أبرزهم عدنان مندريس، إلى جانب إفشال الكثير من محاولة الانقلاب، كان أبرزها محاولة الانقلاب الأخيرة على أردوغان والتي جرت في الخامس عشر من تموز/ يوليو عام 2016 وأدت إلى مقتل 251 شخصاً، لكنها باءت بالفشل.أول هذه الانقلابات وأشهرها جرت في العام 1960 ضد حكم رئيس الوزراء آنذاك عدنان مندريس الذي أعدم عقب انقلاب دموي قاده مجموعة من الضباط والطلبة العسكريين في الكليات الحربية. تلاه الانقلاب على حكم رئيس الوزراء سليمان ديمريل عام 1971 الذي أجبر على التنحي تحت ضغط الجيش الذي أعلن الأحكام العرفية وقاد البلاد.وفي عام 1980 نفذت قيادة الجيش انقلابا وعلى رأسها الجنرال كنعان إفرين. وإثر ذلك اندلعت معارك في الشوارع بين يساريين وقوميين. واعتقل كبار الزعماء السياسيين وتم حل البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات المهنية. واستولى مجلس الأمن الوطني المكون من خمسة أشخاص على السلطة وعلق العمل بالدستور وطبق دستورا مؤقتا منح قادة الجيش سلطات مفتوحة.ورابع هذه الانقلابات، هو ما جرى في 28 شباط/ فبراير 1997، حيث أصدر مجلس الأمن القومي سلسلة قرارات ـ بضغوط من كبار قادة الجيش بدعوى حماية علمانية الدولة من الرجعية الدينية ـ مما تسبب في الإطاحة بالحكومة الائتلافية التي كانت بزعامة «أربكان» و«جيلر». واعتُبر التدخل العسكري آنذاك بمثابة انقلاب عسكري غير معلن سمي فيما بعد بـ«انقلاب ما بعد الحداثة».ويرى مراقبون أن الحاجة التي ولدتها الضغوط الكبيرة للجيش على أربكان والحكومة في ذلك الوقت ولدت شعورا كبيرا لدى الشعب بالحاجة لحكومة مدنية قوية تستطيع الصمود في وجه التحديات، وهو ما وجده الشعب في حزب العدالة والتنمية الذي أسسه أردوغان حيث فاز الحزب في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2002، واستطاع حصد 34.28 بالمائة من أصوات الناخبين، ومنذ ذلك الوقت يواصل الحزب حكمه للبلاد عقب فوزه في جميع الاستحقاقات الانتخابية التي جرت طوال الـ16 عاماً الماضية.ورغم ذلك، أعطى أردوغان طوال السنوات الماضية، لا سيما عقب محاولة الانقلاب في 2016، أولوية بالغة من أجل تسريع محاكمة المتهمين بهذا الانقلاب، وذلك في إطار مساعيه لإنهاء حقبة الانقلابات العسكرية من تاريخ البلاد عبر تدفيع جميع من شاركوا في محاولات انقلابية سابقة ثمناً باهظاً.ومنذ محاولة الانقلاب الأخيرة، أبعدت الحكومة التركية قرابة 110 آلاف مدني وعسكري عن وظائف الحكومية، فيما يقبع ما لا يقل عن 50 ألف آخرين في السجون، تجري محاكمتهم بتهمة المشاركة في محاولة الانقلاب أو الانتماء لتنظيم فتح الله غولن، وصدرت خلال الأشهر الأخيرة مئات الأحكام بالسجن المؤبد ومدى الحياة بحق متهمين ثبتت إدانتهم بالمشاركة المباشرة في محاولة انقلاب 2016.وفي ذكرى محاولة انقلاب 1997، قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم، إنّ تركيا «استطاعت بفضل الإرادة الشعبية القوية، دفن محاولات الانقلاب في مزبلة التاريخ»، مضيفاً: «الذين كانوا يدّعون بأنّ الانقلابات ستستمر لألف عام في تركيا، يمثلون الآن أمام السلطات القضائية لينالوا جزاءهم», مشدداً على أن «محاكمة المتورطين في الانقلاب على حكومة أربكان تجري في إطار القانون وليس بدافع الانتقام، وأنهم سينالون العقاب المستحق»، وتابع: «الذين مُنعوا من النشاط السياسي آنذاك، هم الذين يديرون شؤون البلاد حالياً، ويحاسبون الانقلابيين».!!


www.deyaralnagab.com