أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
انتقادات لرئيس الحكومة المغربية بسبب تصريحات حول عمل المرأة!!
بقلم : مصعب السوسي ... 26.06.2014

قال إن المرأة في أوروبا لم تعد تجد الوقت لكي تتزوج وتربي أطفالها
الرباط: تجددت حدة الانتقادات الموجهة إلى عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية، وذلك على خلفية تصريحات للأخير حول عمل المرأة قبل أيام من داخل مجلس المستشارين- الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي- في جوابه خلال جلسة الأسئلة الشهرية حول السياسات العمومية. وكان موضوع السؤال المقدم من طرف ممثل فريق الأصالة والمعاصرة (معارض): «قضايا وانتظارات المرأة المغربية في برامج وسياسات الحكومة». حيث أكد بن كيران على حق المرأة في التعليم والشغل مع إشارته إلى ما وصفه بـ»إشكاليات أخرى خلقتها المعاصرة»، مضيفا أنها «في دول أخرى أوصلت إلى فقدان أمور أساسية في حياة الأسرة والمجتمع». مستنكرا أن يعاب على حزبه إيلاء «الأهمية الكبرى للبعد الأسرى في نظرته إلى المرأة»، وأنه إن كان ذلك خطأ «فنحن نتبنى هذا الخطأ ونعتز به، وسنبقى ندافع عليه في وجه هذه المعاصرة التي تريد إلغاء هذا البعد». مبينا أن المرأة في أوروبا «لم تعد تجد الوقت لتتزوج أصلا، ولكي تكون أما ولكي تربي أولادها»، معتبرا دورها ذاك «مقدسا». وأن «النساء لما خرجن من البيوت، انطفأت البيوت»، وأنهن بمثابة «ثريات» في منازلهن.
وخرج العشرات من الناشطات والناشطين الحقوقيين أول أمس للتظاهر أمام البرلمان المغربي بدعوة من «التحالف المدني لتفعيل الفصل 19»، وينص الفصل على أن يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، سواء الواردة في باب الثاني المخصص للحريات والحقوق الأساسية، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
ورفعت المحتجات بطاقات حمراء كبيرة كتب عليها شعار الوقفة: «بن كيران حدك تما» (اِلزم حدودك)، بينما حملت بعضهن بعض أواني المطبخ للاحتجاج. وقد وجهت جل الشعارات انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة ولحزبه الإسلامي، من قبيل: «بن كيران يا جبان المرأة لا تهان»، و»بن كيران يا حقير عافت بك الجماهير» (افتضح أمرك)، «بن كيران سير بحالك.. داعش هي بلادك»، أو «إدانة نسائية للأفكار الظلامية»، «لا عدالة ولا تنمية، باراكا (يكفي) من الرجعية»، «المرأة قضية وليست حملة انتخابية» و»أنا لست ثريا» ردا على تشبيه بن كيران.
وأعربت نزهة الصقلي، الوزيرة السابقة للتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية عن حزب التقدم والاشتراكية (عضو بالإتلاف الحكومي) خلال الوقفة عن دعمها لهذه «المبادرة من قبل المجتمع المدني، من أجل جعل حد لتصريحات رئيس الحكومة التي تتناقض مع الدستور المغربي وتتناقض مع الحقوق المكتسبة بالنسبة للنساء الذين ضحوا والحركة الديمقراطية منذ عقود لكي يحصلوا على الحق في المساواة بين الجنسين في جميع المجالات مشددة على أن بن كيران «لا حق له أن يتكلم بمزاجه الخاص. إذا كان رئيسا للحكومة، فعليه أن يتكلم كرجل مسؤول، كرجل دولة، رجل مهامه هي احترام الدستور وضمان الحقوق لكل المواطنين والمواطنات. والنساء المغربيات لا ينتظرن تعليماته كي يتقدموا في الحياة، ولكي يدرسوا وينجحوا ويشتغلوا، وليقوموا بواجبهم كأمهات وكمواطنات عامة».
وردت نعيمة بن يحيى، نائبة برلمانية عن حزب الاستقلال (معارض) على رئيس الحكومة خلال الوقفة ذاتها قائلة: «لا يهمني إن كان بيتكم مظلما، رغم توفركم على الثريات، فما يهمني هو أن تقوموا بالمهمة التي أوكلها إليكم الدستور الذي نص على المساواة في كل الحقوق، بما في ذلك حق العمل خارج البيت». معلقة على لفظ «الثريا» لبن كيران بالإشارة إلى أن «عددا كبيرا من نساء هذا الوطن خاصة في العالم القروي لا يعلمن معنى للثريا، لأنهن يعانين من شر الأمية. ولأنهن فقيرات لا تتوفرن على إمكانياتكم للحصول على الثريات، ومع ذلك فبيتهن مضيء لأنهن خرجن للعمل خارج البيت للبحث عن نور القوت، ونور الماء، ونور الكرامة، ونور عزة نساء بلدنا العظيمات».
وقال أحمد عصيد، باحث في الثقافة الأمازيغية وناشط حقوقي، أن تصريحات بن كيران «مدعاة للتعجيل بتفعيل الدستور عوض النكوص والتخلف الحضاري واستلهام فقه عصور الانحطاط من أجل إعادة المرأة إلى الحريم سيء الذكر. نحن نعرف جيدا أنه، سواء تعلق الأمر برئيس الحكومة أو جماعته في التيار الذي ينتمي إليه، لا ينظرون إلى المرأة نظرة تليق بالمكتسبات التي حققتها على مدى قرن كامل». مضيفا أن «نظرتهم الحقيقية هي ما عبر عنه بن كيران، هي أن تلزم البيت، وتنجب الأبناء وتعد الطعام». مشيرا إلى أن ما حققته المرأة بنضالاتها «لا يهضمه العقل الإخواني والسلفي الذي لا يقبل بالمساواة بين الرجل والمرأة».
وتنوعت ردود الفعل حول تصريحات بن كيران حول عمل المرأة لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد انتقد قسم كبير منها «النظرة السطحية لرئيس الحكومة لمسألة عمل المرأة».
فقد أشارت بعض التعليقات إلى أن «لو وجدت تلك المرأة الاحترام التام والاستقلال المادي والاعتراف بما تقدمه في سبيل لم شمل أسرتها، لما خرجت إلى سوق العمل ولما فضلت أن تقسم الجهود بين بيتها وعملها لكي تحفظ كرامتها». أما فيما يخص الوقفة الاحتجاجية، فقد اعتبرها البعض جيدة، إلا أن الإشكال يكمن في «كلام بن كيران الذي تتبناه شريحة كبيرة من المجتمع المغربي، والدليل ردود الأفعال في المواقع الإخبارية. نعيش في مجتمع ذكوري، ويرى في الذكورية قيمة من قيم المجتمع المقدسة باسم الدين وأشياء أخرى. المعركة معركة مجتمعية و ليست أيديولوجية.. يجب ألا نعتبر على أنا كنا نعيش في السويد، وجاء بن كيران وأراد أن يبدل المجتمع».
ورأى البعض الآخر أن تلك الوقفة لا تمثل المرأة المغربية، بل «تتاجر بقضيتها خدمة لمصالح فئوية ضيقة، تكون المرأة نفسها ضحية لها». بينما رأى البعض الآخر أن أفضل رد للمرأة على بن كيران هو «تجاهله، والاهتمام بالدراسة بشكل جيد.. فما أن يكون قد ذهب لمزبلة التاريخ، حتى تكون الكثيرات منا مستعدات لتقديم شيء لبلادهم.. وكفى. هذا هو الرد! عليه وعلى جميع الذكوريين».

المصدر : القدس العربي
1