أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
وتر المواهب ....مواهب غزية تحاصر الحصار بالإبداع!!
بقلم : ميساء سلامة ... 18.01.2014

أتأمل تفاصيل المكان وأراقب أزقته اقلب صفحات الوجوه وأحاول قراءة بعضا منها أطفالاً شباباً ذكوراً إناثاً بمختلف الأعمار يفترشون جسور الأحلام على أرض الجمعية أتابع بخطوات هادئة وما زلت أتأمل فبعض الوجوه سطور لا يمكن أن أتخطاها دون قراءة وفجأة يخطف سمعي صوت يشبه صوت فيروز أقف لاستمع ثم أتابع فتعترض خطواتي كلمات تميم وهي تخرج من قلب طفل يرددها امضي وتمضي معي الكلمات وما زلت انظر إلى سطور بعض الملامح التي تختزن من القصص ما يحترق لها القلوب ومن التفاؤل ما يحيي الأرض البور أمضي واقف لكن المكان هنا صامت لا اسمع فيه سوى نبضات قلوب المشتركين وهي تقرع في أجسادهم استعداداً للدخول على اللجنة .. هنا وقفت واستوقفت وأيقنت انه جاء دوري لاقف أمام ورقتي وأتحدث عن هذه المشاهد التي عايشتها بتفاصيلها ..مواهب غزية تتناقض توجهاتها وتختلف آرائها اجتمعت تحت لواء برنامج إبداعي اسمه وتر المواهب والذي يعتبر بمثابة نسخة فلسطينية تحاكي برنامج المواهب الشهيرArab Got Talent لكن نسخته هنا مختلفة وفقاً لظروف مشتركيها الذين أثقلوا بأولويات العيش وواقع الحصار المرير فحين أيقنوا أنه واقع لابد من محاصرته فحاصروه بالإبداع كما العزيمة واجتمعوا تحت مظلة برنامج صغير غير مكفول من قبل أي فصيل سياسي وتحتضنه مؤسسة ثقافية كجمعية الثقافة والفكر الحر ليكون إضافة مميزة تبرهن انه يكمن على هذه البقعة المسماة بقطاع غزة ما لا يكمن في غيرها من المواهب والتي أصبحت بمثابة رصيدا مكتنزاً من الأوجاع والإبداع .
وعلى هامش هذا البرنامج الذي يراه الجميع من منظور فني يدعم المشهد الثقافي الفلسطيني بين اخذ وانتقاد من قبل بعض الأفراد أردت أن أدير الشراع لنراه من منظور اجتماعي سياسي فحين نتأمل هذه المساحة الضيقة _قطاع غزة _ والتي لا تسمح لأفرادها سوى بالتنفس المحدود في ظل حصار خانق وتمزق سياسي واضح وعدد بشري هائل يسكنها ونجد شبابا يجعلون من ضيق المساحة متسعا إبداعيا يستوعب مواهبهم ومن بين وحل الانقسام وفرقة الأحزاب سبيلا يوحدهم يدعونا هذا لنقف هنا ونفكر قليلا ونبعث في أنفسنا أملا جديدا فان توحد عددا منهم ليقفوا في برنامج واحد وأمام لجنة واحدة رغم أن كلا منهم يحمل هما وفكرا وانتماء سياسيا مختلفا فليس من الصعب أن نرى في الأيام المقبلة توحدا شبابيا فصائليا لنصبح وكأننا فردا واحدا يعيش بسلام في ظل دولة تحتضن أفرادها وتؤمن بأن رعايتهم لا تقل بأي حال من الأحوال عن اكتشاف بئر بترول في ارض عربية أو منجم ذهبي في بقعة افريقية ..
فكما نعلم لو كانت هذه الفئات الموهوبة عند غيرنا لعرفوا كيف يولدوا من هؤلاء الأفراد ثروات وثروات ولعل ابرز ما يبرهن على ذلك الفنان محمد عساف والذي اشترك في برنامجا غنائيا خارج حدود الوطن ليتنفس من هناك النجاح وكيف استثمروا هذا النجاح رغم محاولته أن يحصد قليلا منه في وطنه .
ختاما .. أردت من مقالي هذا أن يكون لوحة للتأمل ومن فكرته وقفه للتفكر حين عايشت برنامجا كهذا والذي مثل كماناً وطنياً يعزف كل وتر لحناً مختلفا يحافظ على نغمه الخاص لكن في النهاية تجتمع الأنغام في لحن واحد متناغم يبرهن على أن الفلسطيني نموذجا للإنسان المبدع والفنان .

1