أحدث الأخبار
الثلاثاء 23 نيسان/أبريل 2024
«بر بحر»: فيلم فلسطيني يثير جدلا واسعا داخل فلسطين!!
بقلم : الديار ... 13.01.2017

تقوم ضجةواسعة مناوبة داخل أراضي فلسطين 48 هذه الأيام حول فيلم «بر بحر» لمخرجة مغمورة تصطدم فيه وجها لوجه مع واقع الحياة الاجتماعية المحافظة، ما دفع مجلس الإفتاء لإصدار فتوى ضده أججت الجدل حوله.
يروي فيلم «بر بحر» للمخرجة الفلسطينية، ميسلون حمود، قصة ثلاث فتيات فلسطينيات يتقاسمن شقة خلال دراستهن وعملهن في مدينة تل أبيب، رغم تباين طريقة تفكيرهن وأسلوب حياتهن. سلمى (سناء جمالية) وليلى (منى حوا) فتاتان متمردتان على قيم الأسرة والمجتمع، أما نور (شادن قنبورة) فهي فتاة متدينة وملتزمة بتعاليم دينها. ويشكل الفيلم الذي حاز ثلاث جوائز دولية في كندا وإسبانيا وفرنسا، مقولة واضحة مناصرة لحق المرأة الفلسطينية بالحرية والكرامة وتقرير مصيرها، من خلال تسليط الضوء على تناقضات أساليب العيش بين الشابات الثلاث. تمارس ليلى وسلمى حياة السهر فيما تحرص نور على الصلاة وعدم الاختلاط . يقدم الفيلم صورة عن واقع الشباب الفلسطيني القائم والمشتهى بمشاهد جريئة، اعتبرتها أوساط كثيرة صادمة وخادشة للحياء. ويروي الفيلم صراع الأجيال والتناقض الواضح بين واقع حياة الفلسطينيين في بلداتهم داخل أراضي 48 وبين الحياة في مدينة إسرائيلية ساهرة ومنفتحة كتل أبيب خلال التعليم أو العمل في قالب درامي تثريه مقاطع كوميدية.
مجلس الإفتاء
سارع المجلس الإسلامي للافتاء لمهاجمة فيلم «بر بحر» «المسيء للمجتمع العربي والرسومات التّي تتنافى مع الدّين والقيم». واعتبر أن القائمين عليه مرتزقة وأنه يسيء للمجتمع العربي وأفكاره وعاداته بشكل عام. كما ندّد بالصور الساخرة التّي تسيء للذات الإلهية معتبراً ذلك تصرفاً غير مسؤول ينمّ عن قصور وعدم نضج وضعف ثقة وضياع للهوية، واصفاً هذا الفيلم بالفيلم الكاذب وغير الواقعي.
وقال مجلس الإفتاء المقيم في مدينة أم الفحم إنّ الفنّ من المفروض أن يكون عنصراً من عناصر الفكر يتكامل مع الأدب والأخلاق والحضارة ويسمو بالغرائز ويرتفع بالنفس الإنسانية إلى الكمال دون أن يبعد عن الواقع … وهو في الوقت نفسه وسيلة تجميل للحياة وأداة للإسعاد الروحي والنفسي. ويتابع «وللفنّ على جميع صوره وأشكاله ضوابط وقواعد ينبغي الارتكاز عليها ، فمن ضمن هذه الركائز ألاّ يكون منخرماً من القيم الدينية والأخلاقية، ذلك أنّ الإسلام يدعو إلى اعتماد منهج منضبط واضح المعالم في إشباع الغرائز والترويح عن النفس والتعبير عن الرأي، حفاظا على مكانة الإنسان بين مخلوقات الأرض، حتى لا تنزل به الأهواء والغرائز إلى درك البهيمية التي لا تليق بمستوى التكريم الإلهي له». وعليه يقول مجلس الإفتاء أيضا إنه يشجع الفن المنضبط بالقيم الدينية، بل ندعم كل نشاط فني ملتزم، وفي المقابل فإننا نستنكر أشد الاستنكار الفنّ الذي يعبث في أعراض الناس».
بلدية أم الفحم
وهذا هو موقف بلدية مدينة أم الفحم التي خرجت منها «نور» وتعتبر في بيانها أن الفنّ هو جزء لا يتجزأ من صورة المجتمع الحديث، وهو جزء حيوي ومهم في ترفيه الناس ونقد حياتهم. وحملت البلدية بشدة على الفيلم بقولها «ولأن أم الفحم لا تحتاج لمن يعيد تعريفها، ولا تحتاج لمن يرفع اسمها من خلال فيلم هابط لا يرتقي لأدنى مقومات النزاهة وقول الحقيقة، ولأنها كانت وستبقى هي أم الفحم، الاسم الحركي لفلسطين، وفيها ومنها خرج كل أبطال الفن والسياسة والقيادة والدين والأخلاق، فسيبقى اسمها عالياً ولامعاً يحاكي السحاب والنجوم. وعليه تؤكد بلدية أم الفحم رفضها القاطع لما يسمى بفيلم «بر بحر»، لما فيه من إساءة مباشرة لأم الفحم وأهلها بشكل خاص، ولمجتمعنا الفلسطيني في الداخل بشكل عام داعية لرفضه ومقاطعته.
وخلصت للقول «في الوقت ذاته فإننا ندعو أهلنا في أم الفحم الى أدب النقاش والنقد البناء واحترام الآخر، دون الانجراف الى الخلافات العقيمة والمشادات الكلامية غير المجدية».
وتباينت ردود فعل المستخدمين على شبكات التواصل ما بين مؤيد للفيلم ومعارض له، حيث أشاد الكثيرون بالفيلم وطرحه الجريء والواقعي لمشكلات المجتمع، بينما لاقى «بر بحر» ومخرجته انتقادات لاذعة من الجانب الآخر، الذي يطالب بدوره بحظر الفيلم.
إن زاد نقص
تقول الصحافية سهير سلمان منير من مدينة يافا إن الفيلم كعمل فني من الطبيعي ألا يتقيد بالحدود، ويعتمد رواية «صادمة» جريئة، خاصة عند تعرض إحداهن لعملية اغتصاب من خطيبها المتظاهر بشخصية «الشيخ التقي الورع». موضحة أنه يغني خارج السرب حتى يترك أثرا وينتج الوعي للظاهرة المعالجة، وهذا أمر مألوف في السينما. وتتابع مع ذلك هناك مقاطع هابطة ورخيصة في الفيلم، تتجاوز الحدود المعتمدة بالأفلام الأجنبية وأحيانا هي أكثر من خدش الحياء العام، لأنها تتناقض مع الذوق العام وكان بالإمكان تخفيف مقدار الاشمئزاز الناتج عنها عند المشاهد/ة كما في مشهد الاغتصاب المقزز. وتقول إنها شاهدت فيلم «مفرق 48» وتحفظت من كثرة المصطلحات النابية السوقية. وتنبه أنه في «بر بحر» ترد هذه المصطلحات الملوثة أضعافا مضاعفة. وتضيف «لن تقل مكانة وهيبة وجمالية الفيلم السينمائية لو تنازلت المخرجة عن هذا الاستخدام المفرط بهذه الوصلات والكلمات البذيئة. الفيلم سيضيف للسينما الفلسطينية، ولا عجب إن حاز جوائز دولية، والشكر لمن ساهم بإنتاجه لكنني فوجئت ببعض المبالغات المذكورة، وأصابني شعور بالاشمئزاز منها وأنا أتحدث كامرأة وبعقل متفتح فكل شي إن زاد نقص ومع ذلك لا مكان للهجوم الدموي على الفيلم السينمائي. نعم للنقد.. لا للتحريض والتكفير. وألف عافية للمخرجة وللفنانات الممثلات».

1