أحدث الأخبار
الخميس 25 نيسان/أبريل 2024
30 حزيران: نهاية هيمنة الإخوان!!
بقلم : رشاد أبو شاور ... 03.07.2013

يوم 30 حزيران هو يوم تصحيح مســــار ثورة 25 يناير المصريّة، وهو يوم سيكون له ما بعده، فحكم الإخوان المسلمين لمصر انتهى عمليا، وشرعية بقاء الرئيس مرسي في المنصب انتهت، واستفراد الإخوان وفشلهم في الحكم هو السبب في تدفق ملايين المصريين إلى ميادين المدن المصرية، في زحف طوفاني غير مسبوق حتى في ذروة حشود ثورة 25 يناير.
بعد عام على رئاسة الإخواني الدكتور محمد مرسي، لم يتحقق شيء للمصريين، بل تفاقمت مشاكلهم اقتصاديا، وأمنيا، فالبطالة تتفشى، والغلاء يتصاعد، والأمن مفقود، والمواطنون المصريون لا يأمنون على أنفسهم، ومصر تفقد وزنها عربيا، ودوليا، والمجتمع يتمزّق، والتعليم ينهار، والنيل في خطر..فماذا بقي للمصريين سوى الانفجار الثوري لتصحيح مسار الثورة، واستعادة أهدافها، قبل استفحال الخراب المدمّر؟
لا شيء تحقق من شعارات ثورة يناير: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية.
انشغل الأخوان بعد هيمنتهم على مجلسي الشعب والشورى،والرئاسة، بترتيب السيطرة على كل مفاصل الدولة، وكان آخر قرارات الرئيس الاستفزازية تعيينه عددا من المحافظين الإخوانيين، وكأن مصر خالية من الكفاءات!.
عادى الأخوان كل القوى والأحزاب السياسية، القديم منها، والناشئ حديثا: من الوفد حتى الناصريين، وحتى بعض الفصائل الإسلامية المعتدلة.
عادى الأخوان المثقفين بكل اتجاهاتهم، بفرضهم وزيرا لا علاقة له بالثقافة، واستفزوا الإعلام والإعلاميين، وأعلنوا الحرب كل الفضائيات الخاصة، وهذا يدلل على جهلهم بحساسيات شعب مصر، وبمكوناته، وبقدراته، ولهذا بدأت خسائرهم تتفاقم، وعزلتهم تزداد، بينما هم سادرون في تصعير وجوههم للجميع، واستعلائهم على كل من ينصحهم، ويوجه لهم الانتقادات علّهم يستيقظون من غفلتهم، ويتراجعون عن غرورهم، ويعيدون حساباتهم لمصلحتهم، ولمصلحة مصر.
غاب عن بالهم أن شعب مصر رفض الرئيس مبارك المكرّس حاكما فردا، وفرعونا مقدسا، وأن الحزب الواحد لا مكان له، لا في مصر، ولا في غيرها.
ظنوا أنهم بعرض بعض المناصب على المعارضة يمكن أن يستوعبوها، ويضعوا رموزها تحت إبطهم، ودلّ هذا على قصر نظر، واستصغار لشأن المعارضة التي هي بالتأكيد ليست مجرد أشخاص طامحين، ولكنها قوى لها وجهات نظر، وأفكار، وتريد بناء مصر بالمشاركة التي تعني الوحدة الوطنية، والبرنامج الوطني الذي يستنهض أقصى طاقات أهل مصر لبناء بلدهم، والنهوض بها من جديد، والصعود بها لتكون منارة، وقدوة، لتأخذ موقعها ووزنها اللائق بها بعد أن غيبها نظام السادات الذي وضع كل الأوراق في يد أمريكا، وفتح أبواب النهب والفساد والخراب الاجتماعي، وبعد ثلاثين سنة من حكم مبارك الذي أنهك مصر، وأتلف قدراتها، واستتبعها أمريكيا فباتت لا حول لها ولا قوّة.
انشغل الإخوان في السباق للقفز على (الثورات) العربية، انطلاقا من أنهم القوة الوحيدة المنظمة، وأنهم (حُماة) الإسلام، وأن (إسلامهم) كما يفهمونه هو (الحل) لكل العلل والمشاكل المستعصية، وأنه لا شريك لهم، فكيف يكون لهم شركاء وهم معصومون، وبرنامجهم إلهي، وهم الموكلون به وحدهم!
استخف الإخوان، والرئيس مرسي، والمرشد، ومكتب الإرشاد، وفوقهم (القيادة العالمية للإخوان، التي وصفتها منذ سنوات ب(الكومنتيرن) العالمي، بكل القوى المجتمعية، وزادهم غرورا أنهم يقبضون على الحكم في تونس، وأنهم القوة الرئيسة في ليبيا ـ رغم الفوضى العارمة هناك ـ وأنهم يصارعون على قيادة اليمن، وأن رهانهم على إسقاط سورية في أيديهم يؤجج حلمهم بتأسيس الدولة الإسلامية..دولة الخلافة، ولذا نسوا شعب مصر، وحاجاته الحياتية، وكأنما يكفي هذا الشعب المفتقد للعيش، والأمن، والحرية، والكرامة الإنسانية..أن الإخوان قد صاروا قادة وحكاما، وأنهم يتوضأون ويصلون ويصومون، وفي جبين كل واحد منهم زبيبة هي البرهان على الإيمان، والجدارة بالقيادة!
حشود غير مسبوقة تدفقت إلى شوارع كل مدن مصر، وأريافها، وصعيدها، ومن المواقع التي كانت شبه محتكرة للإخوان..فقد طفح الكيل!
حركة (تمرّد) أعلنت أن من وقعوا على سحب الثقة من الرئيس مرسي قد فاق ال 22 مليونا، فكذّب هذه الأرقام قادة في الأخوان، ولكن زحوف الجماهير يوم 30 حزيران برهنت على مصداقية أرقام (تمرّد)، وعلى انفضاض الجماهير من حول الإخوان، وأن تصويتها لهم في مجلسي الشعب، والشورى، والرئاسة..لم يكن على بياض، ولكن ليحققوا كل مطالب الثورة، وهي ضرورات الحياة الكريمة لشعب مصر بكافة فئاته ومكوناته، ولكنهم فشلوا فشلاً ذريعا، والديمقراطية هي ثواب وعقاب، وليست ثوابا دائما لا يتزعزع، ولا ينقصن ولا ينقض..وها هو أوان العقاب قد أزف!
هل سيستيقظ الإخوان من غفلتهم بعد يوم 30 حزيران، ويستجيبون لمطالب شعب مصر الثائر؟!
هل سيقرّون بأن قوتهم ليست مطلقة، وأنهم لا يمكن أن يحكموا مصر وحدهم؟!
هل سيدركون أن حجمهم ومن معهم لا يزيد عن 30′، وأن شعب مصر ليس مُلكية خاصة لهم؟!
خطاب الإخوان التحريضي بدأ يمزّق نسيج شعب مصر الاجتماعي، فتارة تحرق كنائس، وتارة يقتل مواطنون (بتهمة) أنهم شيعة، وكأن مصر تدخل في حرب تصفية دينية!
انغلاق عقلي، وعنجهية، ووصاية على الدين، واحتكار له، وانعدام تسامح، وفشل على كافة الصعد ..هذا هو حصاد عام من حكم الإخوان!
بعد كل هذا، ومع علاقاتهم مع أمريكا، والحفاظ على كامب ديفد، وإحكام إغلاق الباب على غزة، وتشديد الحصار عليها رغم حكم حماس الإخوانية هناك..والتناغم مع المخطط الأمريكي التآمري على سورية، يخرج قادة الإخوان فيتهمون أمريكا بأنها وراء ما يجري في مصر!
أمريكا تحرك شعب مصر بملايينه، وتدفع بكل هذه الملايين إلى الميادين؟! أهذا ما تعلمتموه من تجدد ثورة شعب مصر العظيم عليكم، وعلى أخطائكم؟!
تهمة مردودة على الرئيس مرسي شخصيا، الذي وقف قبل أيام في ستاد القاهرة يصرخ مطالبا أمريكا والغرب بفرض حظر جوي على سورية!
أهذه هي النظرة لشعب مصر؟ اهو شعب من الغوغاء؟ كيف حدث هذا وهو الذي رفعكم إلى سدّة الحكم قبل عام؟!
لا يريد الإخوان أن يعترفوا بأخطائهم، وتقصيرهم، وفشلهم، وهذا برهان على أنهم لا يملكون مشروعا عمليا لإنقاذ مصر، ولا استعداد لديهم لتحالف وطني شامل مع كل القوى المصرية لإنقاذ البلد.
لقد فقد الإخوان توازنهم، وما زالوا سادرين في غيّهم، لأنهم لا صلة لهم بمعاناة شعب مصر، فهم يعيشون وهم الانتصار (الإلهي) في كل بلاد (المسلمين) من تركيا إلى الصومال، وربما..مالي!
إذا واصل الإخوان ركوب رؤوسهم فسيأخذون مصر إلى الاقتتال، ولهذا وجه الجيش المصري بيانه الإنذاري مطالبا بالاستجابة لمطالب شعب مصر في غضون 48 ساعة…
هل يستجيب الإخوان، والرئيس مرسي، لصوت شعب مصر في كل ميادينه، وبكل ملايينه..فتجري انتخابات مبكرة، لتأخذ القوى حجومها، وحضورها، ويكتب لمصر دستور جديد لائق بشعبها، وتستأنف المسيرة بدون دم، ولا إكراه، ولا حقد؟! موقف الإخوان سيقرر، فهم يتحملون مسؤولية الابتعاد بمصر عن حافة الهاوية، وإنقاذ أنفسهم، وإنقاذ مصر، وبهذا يضمنون لأنفسهم دورا في مصر المستقبل..هل سيتعقّل الإخوان؟!

1