أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
الكيماوي السوري عنوان الحرب!!
بقلم : عبد الباري عطوان ... 15.04.2013

اكثر من مصدر عربي من المقربين من صناع القرار في المنطقة العربية، ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، تحدث عن احتمال حدوث تطورات خطيرة جدا في الملف السوري في شهر حزيران (يونيو) المقبل ربما تكون حاسمة، وان بعض قيادات عليا جرى ابلاغها، من قبل الولايات المتحدة الامريكية بتفاصيل وافية في هذا الصدد.
هذه المصادر لم تعط اية تفاصيل محددة، واكتفت بالعموميات، وهذا مفهوم، فالحرب خدعة، لكن ما يضفي بعض المصداقية على هذه الاحاديث عدة امور:
اولا: ان معظم الحروب والغزوات التي اندلعت في المنطقة العربية جرت وقائعها في فصل الصيف وشهر يونيو خاصة (حرب عام 1948، حرب يونيو 1967، غزو لبنان 1982، حرب جنوب لبنان الثانية تموز/يوليو 2006 غزو الكويت اب/اغسطس 1990، ويمكن ايضا اضافة هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر وثورات مصر يوليو 1952 والعراق يوليو 1958).
ثانيا: عثور علماء يتبعون الجيش البريطاني على ادلة طبية شرعية بان اسلحة كيميائية قد استخدمت في النزاع بسورية، وقالت صحيفة ‘التايمز′ نقلا عن مصادر في وزارة الدفاع قولها ‘ان عينة من التراب اخذت من منطقة قريبة من دمشق من قبل وحدة خاصة، ووصلت الى لندن حملت بالتأكيد اثباتات ان نوعا من الاسلحة الكيميائية قد استخدم، دون توجيه اصابع الاتهام بشكل واضح الى النظام او المعارضة.
ثالثا: كشف محطة ‘سي ان ان’ الامريكية معلومات عن اقدام الادارة الامريكية على احياء خطط عسكرية للتدخل في سورية، استجابة لضغوط من اعضاء ديمقراطيين وجمهوريين في الكونغرس.
رابعا: اكتمال التدريبات العسكرية المكثفة لوحدات نخبوية تابعة للجيش السوري الحر في الاردن وتركيا على ايدي خبراء امريكيين وبريطانيين، وباشراف وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي. اي. ايه) مع منتصف شهر ايار (مايو) المقبل.
خامسا: انتهاء المدة الزمنية لقرار الاتحاد الاوروبي بفرض حظر على ارسال اسلحة للمعارضة السورية مع اوائل شهر يونيو المقبل، الامر الذي يفتح الطريق على مصراعيه امام كل من بريطانيا وفرنسا للتصرف بحرية وانفراد، وتزويد المعارضة السورية المسلحة بمعدات حديثة وصواريخ مضادة للطائرات والدروع.
سادسا: تفاقم الخلاف بين السلطات السورية والامم المتحدة حول مهام لجان التحقيق الدولية في استخدام الاسلحة الكيماوية. فسورية التي تقدمت بطلب تشكيل هذه اللجان تريد اقتصار عملها على منطقة خان العسل في حلب، بينما تريدها الامم المتحدة ان تمتد الى حي البياضة في حمص واماكن اخرى، حيث تتهم المعارضة السلطة باستخدامها للاسلحة الكيماوية فيها.
‘ ‘ ‘
تسريب وزارة الدفاع البريطانية انباء العثور على عينات للتربة من منطقة في ريف دمشق تثبت استخداما للاسلحة الكيماوية لا يمكن ان يكون خدمة لحرية التعبير، وتعزيزا لمهنية صحيفة ‘التايمز′، فلا بد ان يتأتى ذلك في اطار ‘خطة ما’ لا نعرف عناصرها وقطعا سنعرفها لاحقا.
هذا التسريب يذكرنا بارسال المخابرات البريطانية الصحافي البريطاني الايراني الاصل فرزات بازوفت الى بغداد لاخذ عينات تربة بالقرب من معمل كيماويات عراقي، اثبتت المختبرات البريطانية انها تحتوي على اثار تؤكد ان هذا المعمل ينتج اسلحة دمار شامل، لتبرير الخطوات الامريكية البريطانية لضرب العراق وحصاره وتدمير اسلحة الدمار الشامل لديه في مطلع التسعينات.
الرئيس الامريكي باراك اوباما وجه تحذيرا شديد اللهجة للنظام السوري قبل ستة اشهر بان اي استخدام للاسلحة الكيماوية ‘عمل يتطلب ردا دوليا جديدا’، وليس من قبل الصدفة ان يعيد بيان وزراء خارجية دول ‘مجموعة الثماني’ الصناعية الكبرى اثناء اجتماعها الاخير في لندن (عقد اجتماع منفصل على هامشها حضرته المعارضة السورية ‘المعتدلة’ وكان من بين الشخصيات القيادية السيدان معاذ الخطيب وغسان هيتو من الائتلاف السوري) الفقرة نفسها.
نحن امام تطبيق وشيك للسيناريو الذي جرى استخدامه لتبرير حصار العراق ومن ثم غزوه، وهو السيناريو الذي ارتكز بداية على استخدام الاسلحة الكيماوية في ضرب بلدة حلبجة الكردية ومقتل اكثر من خمسة الاف شخص واتهم النظام العراقي بالمسؤولية عنه من قبل الغرب.
حي البياضة في حمص قد يكون ‘حلبجـــة ســــورية’ وبشـــار الاسد ربما يكون صدام حسين الجديد، فعملية جمع الادلة بدأت تتكثف على قدم وساق، لتبرير وشرعنة اي تحرك عسكري يبدو وشيكا.
‘ ‘ ‘
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل التحرك العسكري، الذي قد يتم من خلال اقامة مناطق حظر جوي، ودعم المعارضة المسلحة بالسلاح، هو لاستدراج تورط ايراني علني اكبر، ام سيتم في اطار حرب امريكية اسرائيلية عربية، على ايران وسورية معا؟
نتحدث هنا عن ايران لان تقارير اسرائيلية تقول ان ايران ستصبح دولة نووية عسكرية قبل نهاية هذا العام، اي امام امريكا واسرائيل بضعة اشهر للحيلولة دون وصولها، اي ايران، الى هذا التحول الاستراتيجي الاخطر في المنطقة بأسرها.
عنصر الاختلاف الذي قد يقلب كل هذه الحسابات ان نظام صدام حسين عندما واجه الحصار ومن ثــــم الحرب، كان يقف وحده دون اي اصدقاء عرب او روس (دعم الشعب العربي لا يكفي وقصفه لاسرائيل باربعين صاروخا لم تشعل الشارع مثلما اعتقد) فروسيا غورباتشوف كانت مفلسة تمر بمرحلة انتقالية والصين كانت تركز على التنمية الاقتصادية، اما نظام الاسد فيحظى بدعم روسيا وايران وحزب الله ودول البريكس (الهند والصين وجنوب افريقيا والبرازيل).
شهر يونيو هو احد اكثر شهور الصيف سخونة، ومن المفارقة انه يبدأ هذا العام قبل شهر رمضان المبارك بأربعين يوما، ولا نستغرب، او نستبعد ان يكون الاكثر التهابا من كل الشهور السابقة في تاريخ العرب.

المصدر : القدس العربي
1