أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة: إنهاء الاحتلال والنظام الأبوي!!
بقلم : فيحاء عبد الهادي ... 25.12.2020

هل ربطت المرأة الفلسطينية بين النضال النسوي والسياسي؛ للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي الكولونيالي العنصري، والنظام الأبوي، معاً؟ وإذا كانت قد فعلت؛ كيف تجلّى ذلك؟
نرصد شعار حملة 16 يوماً لإنهاء العنف ضد المرأة، في فلسطين، العام 2020؛ كما نرصد طبيعة بعض الفعاليات التي سبقتها، والفعاليات التي رافقتها، في محاولة للإجابة عن هذا السؤال.
على هامش إطلاق الحملة، وبشراكة بين وزارة شؤون المرأة وجامعة غزة؛ انعقد مؤتمر دولي، يوم (24 تشرين الثاني) بعنوان: «قضايا المرأة الفلسطينية بين المقاربة الدولية والوطنية»، دعا لسن تشريعات، وتفعيل دور المؤسسات؛ للحدّ من ظاهرة العنف ضد المرأة. أكّدت التوصيات ضرورة إقرار قانون حماية الأسرة لإزالة التمييز القائم على أساس الجنس في المجتمع الفلسطيني، والحدّ من ظاهرة العنف ضد المرأة، وتكامل المنظومات التربوية والثقافية والاجتماعية والدينية والإعلامية لتغيير الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية».
وضمن فعالية دالة، في اليوم ذاته؛ أطلق الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية تحالفاً حول المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، الذي «من شأنه أن يساعد في تحصيل الحقوق ودعم المطالب، خاصة فيما يتعلق بالتمثيل النسوي في الحياة السياسية، والتي أقرّها القانون بكوتا لا تقل عن 30%»، معتبراً أن «إشراك المرأة في السياسة ومراكز صنع القرار يسهم في تحديد الأولويات، ويعكس رؤى واهتمام النساء، ويساهم في تمكين المرأة من القيام بدورها في كافة المجالات».
وفي اليوم الأول لانطلاق الحملة (25 تشرين الثاني) حدّدت نساء فلسطين شعارها؛ عبر مؤتمر صحافي مشترك (المستوى الرسمي ممثلاً برعاية رئيس الوزراء، ووزارة شؤون المرأة، والمستوى الشعبي ممثلاً بالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمؤسسات والمراكز النسوية).
ربط الشعار بين إنهاء العنف والخلاص من الاحتلال: إنهاء الاحتلال = إنهاء العنف، ثم تعهدت النساء بمواصلة النضال لإقرار التشريعات القانونية، التي تكفل الحماية للنساء؛ قانون حماية الأسرة، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون العقوبات.
وتأكيداً على جدية حملتهن؛ طرحن وثيقة لمناهضة العنف ضد المرأة، وقّعها الحضور (الذي شمل ممثلي الفصائل الوطنية، والقوى الوطنية، والأطر النسوية، وعدداً من الشخصيات الأكاديمية والاعتبارية والوجهاء والمخاتير)، وكان ذلك في اليوم الذي أطلقن فيه الحملة، والذي شهد عدداً من الفقرات الفنية والتراثية، وإطلاق البالونات البرتقالية، وألوان العلم الفلسطيني، التي تحمل شعارات بالمضمون ذاته.
نتساءل بعد هذا الرصد؛ هل ربطت النساء الفلسطينيات بين النضال النسوي والنضال السياسي؟ هل فعلت حين ربطت بين إنهاء العنف والخلاص من الاحتلال؟ وهل يقتصر النضال النسوي على المطالبة بسن القوانين لحماية النساء؟ أم يتضمن مفهوماً أعمق وأكثر شمولية لشؤون الحياة كافة، وفي قلبها العمل السياسي؟
أعتقد أن أهم ما يجب أن يميز النسوية موقفها النقدي، من الواقع؛ وهذا يشمل السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
إن الربط بين العمل النسوي والسياسي لا يقتصر على شعار: إنهاء الاحتلال = إنهاء العنف؛ من الضروري أن يتضمن رؤية نسوية بمعناها الأشمل.
أكّد المستوى الرسمي، أن نضال النساء سوف يكون «في إطار رؤية القيادة الفلسطينية لقيم العدالة والمساواة»، كما طالب المستوى الشعبي على الصعيد الدولي «بعقد مؤتمر لعملية السلام كامل الصلاحيات وبرعاية الامم المتحدة لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية لشعبنا، وإرسال لجان تحقيق للوقوف على جرائم الاحتلال، ورفع الحصار المفروض على غزة، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، وتوفير الدعم لوكالة «الأونروا» من أجل تمكينها من القيام بدورها بالوفاء بالتزاماتها، وإطلاق سراح الأسرى والاسيرات».
وفي حين أن الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية قام بنقد موقف القيادة الفلسطينية بشأن عدم تطبيق قرار هيئات المنظمة بوجوب تمثيل النساء، في كافة هيئاتها بما لا يقل عن 30%؛ لم يقدم موقفاً نقدياً من عدم تطبيق القرارات الأخرى المتعلقة بالشق السياسي.
وفي هذا الإطار يمكن فهم واحترام موقف د. حنان عشراوي، التي استقالت من عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. ربطت بين السياسي والنسوي، في إيمان عميق بالمنهج الديمقراطي، الذي عملت وِفقه عبر عملها السياسي والحقوقي والنسوي. أعلنت احتجاجها مراراً حول تهميش دور النساء، وعدم تنفيذ قرارات هيئات المنظمة بوجوب تمثيل النساء في مواقع صنع القرار كافة؛ بما لا يقل عن 30%؛ ولكنها لم تكتفِ بذلك؛ بل أعلنت احتجاجها على تهميش مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، حيث إن اللجنة التنفيذية «تعاني من التهميش وعدم المشاركة في صنع القرار»، ودعت إلى إصلاح المنظمة، و»تداول السلطة ديمقراطياً عبر الانتخابات».
ورغم أن استقالة د. حنان عشراوي لم تتضمّن موقفاً صريحاً من موضوعات، مثل عودة التنسيق الأمني (17 تشرين الثاني 2020)؛ إلاّ أن توقيت الاستقالة (24 تشرين الثاني) كان دالاً، ومرتبطاً بنقدها لنهج عمل المنظمة؛ إذ أعلن عن»عودة مسار العلاقة مع إسرائيل كما كانت» دون العودة إلى هيئات ومؤسسات منظمة التحرير، في تنكر واضح لدور المنظمة وهيئاتها القيادية، ولقرارات المجالس المركزية (منذ 2015) والمجلس الوطني (2018) «بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية لمنتجات الاحتلال».
وبعد، هل يمكن إنهاء الاحتلال الاستعماري العنصري لأرض فلسطين؛ دون إحداث تغيير جذري في النظام السياسي أو الاجتماعي، ودون العمل لتغيير الثقافة السائدة؟
أعتقد أنه لا يمكن أن نحقِّق رؤيتنا التحررية لوطن حرّ؛ في ظل نظام أبوي؛ يفرض السيطرة والسلطوية الأبوية، التي تشمل السياسة، والنظام التربوي، والبنية الاجتماعية ككل.

1