أحدث الأخبار
الخميس 25 نيسان/أبريل 2024
كوني جميلة ولكن!!
بقلم : مها صالح  ... 20.05.2017

أبحث عن المرأة في عجائب البوتوكس السبعة, أبحث عن الجمال الرباني وما سخَر الله لها, أبحث عن عينيها عند تيه المسافات والشد, أبحث عن حاجبيها من شخبطات الحبر وما يسمى "التاتو" وفي كثير من الأحيان يجعلها تبدو كالساحرة المشعوذة, أبحث عن شفتيها عندما تتكلم أكاد لا أرى من أين تنطق مخارج الحروف ومصدرالكلمات, ووجنتيها لا تتحركان لأى تعبير سواء حزن أو فرح كأنك أمام جدار سميك ملبد بالإسمنت, أبحث عن نظرة عينيها, لأميز أنها تنظر إلى أو لغيري, لكن أرى نظرة واحدة وكأنها مفزوعة من خطب ما. أبحث عنك أيتها المرأة الجميلة ولكن.
أردت أن أطرح هذا الموضوع الهام جدا لكثرة من رأيت من أهوال وعجائب من حواء وكيف تبدو في القرن الواحد والعشرين. أذهب لمكان ما تستقبلني فيها أنثى بحاجبين منعقدين, لكثرة ما رسمت حاجبيها يبدوان وكأنهم في معركة محتدمة! أى حاجب يسعى للسيطرة على منتصف الجبهة أولا. أسألك يا "أنثى" هنا: هل رأيت نفسك في المرآة قبل الخروج؟ أم أنك إتفقت مع المرآة على الكذب والنفاق؟ في معظم الأحيان يسيطر على الذهول من هول المنظر وأمعن بها لأرى ولو إشارة واحدة ترى فيها هذه الأنثى أنها بهذين العنقودين تبدو جميلة أو أنها إزدادت جمالا. عزيزتي الأنثى قبل إختراع قلم "التاتو" لرسم الحاجب أى في زمن أمي وأمك, جدتي وجدتك كان لديهم حاجبان طبيعيان جميلان سميكان أو رفيعان ليس هنا تكمن المشكلة, لكن لم أشعر للحظة أنهم كانوا ينقصهم الجمال, ولأتأكد أكثر بحثت في سجلات المشاهير والفنانات في أيام الثمانينات والتسعينات لم أرى أى منهم تمعن برسم حاجبيها كما الآن. حال الفنانات والأناس العاديين على حد سواء من الجنون. لماذا نريد طمس حقيقتنا بقلم يضحك علينا؟ لماذا لمن تتمتع بجمال طبيعي تسعى لتشويه صورتها وكأنها تريد الإنتقام من نفسها؟
هوس النساء كلما تقدم بهن العمر بالمحافظة على صورة الشباب جعل منهن أضحوكة ومهرجات, ليس لأنهن يردن المحافظة على أنفسهن وجمالهن فأنا مع هذا الشىء قلبا وقالبا, لكن بالمعقول. هل من المعقول أن تحقن المرأة وجنتيها بمادة تعمل على نفخهم وتبدووكأنها كانت بحلبة ملاكمة من التورم؟ هل من المعقول أن لا يظهر وجهها أى تعبير ولا إنحناءات أو إنثناءات عندما تتكلم بموضوع ما أو أنها تريد إيصال رسالة ما من خلال تعابير وجهها؟ هل من المقبول أن تكون نظرة العينين وكأنها تشاهد فيلم رعب لكثرة حقن البوتوكس؟ هل من اللائق أن تركب أسنان فوق أسنان لتمتلك " أبتسامية هوليودية" ؟ حتى فنانين هوليوود ليس لديهم هذه الأسنان ولم ألحظ ترس الأسنان الناصح البياض كما العرب. هل التقليد أعمي لهذا الحد؟ الفنانات العربيات يقلدن الغرب والأناس العاديين يقلدن الفنانات العربيات.....إلى مالا نهاية!!
الممثل الكوميدي" شارلي شابلن" أبكى وأضحك الملايين من البشر عبر السينما الصامتة التي إمتهنها في عشرينات القرن الماضي. كيف؟ برع بالتمثيل من خلال تعابير وجهه بدون أن ينطق ببنت شفة, فكانت إيماءاته وتعابير وجهه كافية ليترجم لنا رسالته, فضكنا معه وبكينا معه. لكن الآن ترى معظم الفتيات بدون تعابير وتقاسيم وجوههم متشابهة وكأنك تصادف نفس الفتاة كل نصف ساعة. رموش طويلة أذبلت جفون العينين, عدسات لاصقة بألوان قوس قزح وكأنك ترى في بعض الأحيان "فلاشر" أمامك, شفاه غليظة وكان الفتاة مقبلة على إلتهام أسد. لماذا كل هذا التشويه؟؟
أنا مع الجمال والعناية بالجمال وإصلاح وتجميل أى شىء غير سوي في الجسد, لكن لست مع تشويه الجمال وتغيير شكل الفتاة إلى مسخ فاقد للهوية والشخصية. ألم تسمعن عن حالات طلاق تمت بسبب هذا الزيف تحت مسمى" التجميل". عندما يرى الرجل بنت بكامل أناقتها وجمالها وعندما تصبح زوجته يفاجأ بالرموش الإصطناعية, الوجنتان البلاستيكية, حاجبان إضمحلا من أول غسلة مائية, الأسنان الهوليودية, والعينان ذو النظرة الأسطورية, فتسقط صورتها أمامه ويتبخر الإعجاب ليحل محله زلزال من الغضب والشعور بالخديعة. ألم تسمعن من جداتكن عندما كن يخطبن فتاة؟ فتدع أم العريس الفتاة تكسر حبة جوز لتتاكد من أسنانها السليمة, وتشد شعرها لتتأكد من شعرها الطبيعي, وتجعلها تمشي أمامها لتتأكد من قوامها السليم. ألا ليت الزمان يعود يوما..لقد صدقن النساء بذلك الزمان.
أصبح التجميل تجارة رائجة هذه الأيام مثله مثل أى تجارة في العالم بسبب غياب الضمير عند بعض الأطباء وغياب الوعي والعقل عند معظم الفتيات, فمعظم الأطباء لا يهمهم غير الكسب المادي طالما أنك ذهبت إليهم بقدميك, فلن يثنيك عن جراحة تجميلية أنت لست بحاجة لها وبالتالي سيخوض معك التجربة وأنت ستتحملي النتائج التي تكون في معظم الأحيان كارثية. لقد حصلت على وجه مشوهة بائس ولن تستطيعي ترميم ما أفسده مشرط الجراح بسبب غباءك.
الله جميل يحب الجمال, لقد خلقنا الله لنبدوا بأحسن صورة لا أن نفقد ما وهبنا به الله بسبب موجة مسعورة من التقبيح والتقليد الذي يسمونه" تجميل". أى تجميل هذا يجعلك تبذلين طاقة مهولة كل يوم من أجل إخفاء عيوب ما إقترفت يداك؟ أى تجميل هذا يجعلك نافرة في أعين الكثير من الناس؟ أى تجميل هذا يجعل أقرب الناس إليك لا يميزونك بعد غسل وجهك وإزالة الرموش والعدسات وحبر الحاجبين؟ كنا بزمن ما آخر كتاب قرأته أو فيلم شاهدته, أصبحنا بزمن ما آخر عميلة تجميل أجريت! عودي إلى نفسك أيتها الفتاة وكوني نفسك وتميزي أن تكوني أنت لا تشبهين أحد ولا أحد يشبهك فالتميز فن لا يتقنه المقلدون.

1