أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
الحروب المُربحة!!
بقلم : سهيل كيوان ... 14.04.2022

نُشرت معطيات إسرائيلية رسمية يوم الثلاثاء، الأول من أمس، عن ارتفاع بنسبة 33% في مبيعات السّلاح الإسرائيلية خلال عام 2021، حيث بلغت أحد عشر ملياراً و300 مليون دولار، في واقع زيادة حوالي ثلاثة مليارات دولار عن عام 2020، منها 800 لدول الخليج الموقعة على معاهدة إبراهام، وهذا من دون احتساب صفقة أخيرة مع المغرب بـ600 مليون دولار أخرى، التي سوف تحسب على صادرات السَّنة الحالية 2022. وتعمل في تسويق الأسلحة الإسرائيلية ما يقارب الألف شركة.
ويرى مراقبون أن صادرات السلاح والخدمات الأمنية سوف ترتفع خلال العام الجاري، وذلك نتيجة للحرب في أوكرانيا، حيث ستزداد الرغبة في تحسين قدرات الجيوش في أوروبا، وهذا أحد دروس الحرب في أوكرانيا، وارتفعت وتيرة المفاوضات مع ألمانيا لعقد صفقة منظومة حيتس 3 (السّهم) المضادة للصواريخ أرض ـ أرض، ويُحتمل إبرامها هذا العام. ومن المتوقّع أن تقفز إسرائيل من المكان الثامن في تصدير الأسلحة إلى المكان السادس وحتى الخامس على مستوى العالم حتى نهاية هذا العام.
تصدر إسرائيل السلاح إلى 130 دولة، وأكبر المستوردين منها الهند، وتوجد ثلاثة محاور أساسية لهذه السوق، وهي المنافسة الصينية -الأمريكية في مجال العتاد الإلكتروني الدقيق وحرب السّايبر، والمحور الثاني هو روسيا مقابل – حلف شمال الأطلسي. أما المحور الثالث فهو ما يطلقون عليه محور الصراع الشيعي – السُّني- الذي يعتبر سوقاً واسعة لبيع السلاح الإسرائيلي، وهذا في طريقه إلى الاتّساع والزيادة. والمقصود في هذا المحور هو تحالف دول عربية مع إسرائيل في مواجهة ما تسمّيه الخطر الإيراني – «المشترك» والصراعات الداخلية في الدول المتأثرة بالنزعات الطائفية. تعرّضت صفقات الأسلحة وأنظمة التجسّس الإسرائيلية (بيغاسوس)، إلى انتقادات من منظمات حقوق الإنسان مثل، منظمة العفو الدولية (أمنسيتي)، ومن أصوات داخل إسرائيل نفسها، وذلك لأنها وصلت وتصل إلى أنظمة قمعية وديكتاتوريات تتجسس على مواطنيها، ومنها من ارتكب جرائم بحق الإنسانية مثل النظام في مينامار، وجرائم بحق شعوبها وهي كثيرة. يسعى تجار صفقات السّلاح الذين يمثلون ألف شركة إسرائيلية لتسويق بضائعهم، حيث توجد صراعات قبلية وطائفية وعرقية وسياسية مستغلين أي ظرف لتسويق الأسلحة بموافقة الجهات الرسمية. أما اتفاق إبراهام، فهو تحالف عسكري استراتيجي في جوهره بين دول عربية وإسرائيل، وليس تحالف سلام وتسامح بين الأديان كما يزعمون، وهو سوق لبيع الأسلحة الإسرائيلية مقابل المال والمواقف السياسية المتواطئة مع بعضها بعضا والمعلومات المخابراتية، وكما يرى الجميع، ليس للدّول المطبّعة أي رأي أو موقف احتجاجي مما يدور على الساحة الفلسطينية المتفجِّرة بصورة شبه يومية، نتيجة التصعيد الإسرائيلي في القمع وارتكاب الجرائم بحق المدنيين العُزّل لأتفه الأسباب، ودوس حقوق الإنسان، والاعتقالات، والمسّ بحرية العبادة للمسلمين والمسيحيين العرب، ما يجعل «إبراهام»، جنرالاً في جيش الاحتلال وليس أباً للمؤمنين بالديانات الثلاث.
تزداد الأرباح، وتزداد الشهية والرّغبة لرؤية العالم مشتعلاً في التّوترات والحروب، ومن الواضح أن سياسات الدّول المُصدّرة للسِّلاح متشابهة وعلى رأسها أمريكا المستأثرة بحوالي 40% من صادرات السلاح في العالم، تليها روسيا بحوالي 20% ثم فرنسا 11%، ثم الصين حوالي 5%، وتعتبر منطقة الشرق الأوسط من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. توفّر صناعة الأسلحة في إسرائيل 250 ألف فرصة عمل، وتربط إسرائيل سياساتها الخارجية بما يخدم سوق إنتاج السِّلاح والاتّجار فيه، لتصل إلى أي مكان في العالم من دون أي محرّمات. وإذا كانت الحروب مربحة لإسرائيل، فهي مربحة جداً لدول مثل أمريكا وروسيا وفرنسا. وهذا يفسر الكثير من سياسات الدول في اتخاذ المواقف السياسية المتناسبة مع مبيعات سلاحها، ولا يخلو الصراع في أي منطقة من العالم من هذه الحسّابات.
الحرب الحالية في أوكرانيا متأثِّرة جداً بالمعادلات التسويقية، فقد تحولت إلى حقل تجارب استعراضي للأسلحة وقدراتها، فكلٌ يتباهى ببضاعته التي أثبتت نجاعتها في تدمير قدرات العدو، أو العكس، يحاول إثبات فشل أنواع من الأسلحة المستخدمة كي «يشوّه سمعتها». هكذا كلما تدفق الدم الإنساني أكثر، وتفاقم القمع وتغوّلت الديكتاتوريات وزادت التوترات واستمرت الصراعات والحروب وطال أمدها بمختلف أشكالها وأسبابها، تضحك الصناعات العسكرية لهذه النّعمَة التي تضيف المليارات إلى خزائن شركاتها وتجارها، وترفع من معدلات ناتجها القومي ورفاهية سكّانها على حساب دماء وآلام الآخرين.

1