أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
اغتيال الكاتب ناهض حتر: استهانة بالقضاء..وبالدولة!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 27.09.2016

لم يكن مجرّد فرد واحد مُستفّز ، ذلك الذي حمل مسدسا ، وتوجه إلى المحكمة ، وترصّد الكاتب ناهض حتر، وأطلق على رأسه وعنقه الرصاص ليرديه قتيلا على مرأى من عشرات المواطنين الذين كانوا بانتظار قضاء حاجاتهم من دوائر دار القضاء في العاصمة الأردنية عمان.
..الخطر في هذه الجريمة أن القاتل، وما يمثله، قد نفّذ حكم القتل في الكاتب ناهض حتر، متحديا مؤسسة القضاء الأردنية، وحتى الدولة الأردنية، وهو ما يعني أن الجهة التي دفعت بالقاتل لاقتراف الجريمة أرادت مع سبق الإصرار تحدي الدولة الأردنية، وباستخفاف، ودون حساب للنتائج التي ستترتب على هذه الجريمة.
الجريمة ألغت دور القضاء، فالسيادة هي للقوة التي يمتلكها القتلة التكفيريون، من أية جهة كانوا، والذين كائنا من كانوا يعودون بجذورهم للإخوان المسلمين، ومن بعد للقاعدة، وراهنا للنصرة ..ولداعش.
الكاريكاتور الذي اطلعت عليه، يمكن وصفه بأنه ساذج، وسطحي، وهو برأيي لم يكن السبب المباشر للجريمة، فناهض حتر لم يكن صاحبه، والتي رسمته فتاة سورية، وهو نشره على حسابه، ومن بعد أبدى أسفه، و..سُجن، وأفرج عنه بكفالة ..مع استمرار نظر القضية أمام القضاء، وهذا طبيعي جدا.
هنا أتوقف لأعيد طرح السؤال: لماذا يندفع التكفيريون لأي سبب ، ويحملون السلاح..باستثناء فلسطين، والقدس..لا يحملون السلاح لتحريرها، هي بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس؟!
ناهض حتر يقف مع سورية ، ومنذ بدء المؤامرة، وينحاز للمقاومة ممثلة بحزب الله، وهو دافع دائما عن خياراته، وبررها، ولم يستطع التكفيريون أن يدحضوا أفكاره، أو يردّوا عليها، وهم لم يفعلوا هذا ، ولا يستطيعون، لسبب واضح: إنهم لا يملكون فكرا يدافعون عنه، ولا خيارات سياسية لهم تستحق الدفاع عنها، ولأنهم يصرخون بكلمات محدودة ، يكررونها جميعهم، ومع ذلك ..يقتتلون، ويُصفّون بعضهم بعضا بحروب إبادة، ويقترفون جرائم شنيعة وهم يُكبّرون نفس التكبيرات التي يرددونها جميعهم..سواء ذبحوا مسلمين شيعة، أو مسيحيين ، أو حتى مسلمين سنّة، انطلاقا من أن كل من يخالفونهم : كفرة يستحقون الذبح!!
اغتيال ناهض حتر ، في الأردن، وفي العاصمة عمان، وأمام دار القضاء، وفي رابعة النهار، وفي البلد الذي يفاخر بأنه بلد الأمن والأمان، ليس عملاً عابرا، استثنائيا، بل هو ، وقد استهدف أحد ابرز الكتاب الصحفيين في الأردن، وأحد أبرز أصحاب الرأي المؤثرين، سيكون له ما بعده، فهو عمل قصد به إرهاب الكتاب، والمثقفين، وكل أصحاب الرأي الرافضين للإرهاب والتكفير..
لقد سُهل للتكفيريين الأردنيين التوجه إلى سورية، وهم على امتداد خمسة أعوام لعبوا دورا تخريبيا إجراميا، ومات كثيرون منهم ..وانتهى بهم الأمر بالإحباط ،وبعضهم عاد للأردن، وهؤلاء لن يبقوا ساكتين، وهنا يتجلى قصر نظر من استخدمهم.
..هؤلاء ليسوا خلايا نائمة في الأردن، فهم يرفعون رايات داعش في مدن الجنوب، ويتحركون علنا في الزرقاء، وبعضهم سُهل لهم التوجه إلى سورية علنا، وفي مواكب كانت تودعهم ..وسورية لم تسقط، وراياتها عالية، وها هو جيشها للعام السادس يقاتل، وينتصر على كل قوى الشر التي دُفع بها لتخريب سورية، وتركيعها.
من زرع الشر يحصده..والإرهاب يرتد على من شجّعه، ورعاه، من تركيا، إلى السعودية، وعبر الأردن بلد الأمن والأمان!
رحم الله ناهض حتر، أول الكتاب والمثقفين الذين يغتالون في الأردن الذي أحب...
وبعد: ما رأي المثقفين، والصحفيين، والكتاب ..في الأردن بهذه الجريمة؟!
من لم يدافع عن دم ناهض اليوم..سيصله الإرهاب غدا، حتى وهو يؤجر كلماته وحنجرته لرعاة الإرهاب وإعلامهم!

1