أحدث الأخبار
الأربعاء 24 نيسان/أبريل 2024
أحداث سطو واغتصاب معلن"..!!
بقلم : سهيل كيوان ... 24.04.2014

لا شيء يثير التقزز والغثيان مثل مصطلح ‘مفاوضات السلام’، أنا متأكد من وجود ملايين العرب مثلي، ويبدو لي أن ضحايا العمليات التفاوضية لأجل ‘السلام’ لا يقلون عددًا عن ضحايا الحروب المُعلنة.
أكره ‘مفاوضات السلام’ وحاقد على ‘العملية السلمية’، فهي علمية سطو واغتصاب بل أكثر قذارة، لأنها مغلّفة بمصافحات وابتسامات خادعة مضللة أمام الكاميرات.
إلى الجحيم هذا العهر والحقارة التي يسمونها’عملية السلام’! لا توجد كلمة أكثر عهرًا وتفاهة ونفاقًا وقذارة من كلمة ‘سلام’ عندما تأتي في سياق ما يسمى ‘مفاوضات السلام’.
هذه المفاوضات تشبه المسلسلات الرخيصة التي يعرف المشاهدون نهايتها منذ الحلقة الأولى، وما بين البداية والنهاية لا يوجد سوى أحداث مبتذلة، ورغم ذلك يبقى هناك من يراهن على حدوث مفاجأة في نهاية المسلسل السخيف.
كان معروفًا منذ البداية أن ما يجري هو’أحداث جريمة سطو واغتصاب معلنة’، وقد أدرك ذلك المرحوم الدكتور حيدر عبد الشافي وانسحب مبكرًا رافضًا أن يكون ورقة التوت لأكبر عملية سطو واغتصاب في التاريخ الحديث تحت مسمى ‘العملية السلمية’.
السلطة الفلسطينية واصلت التفاوض، رغم كل ممارسات توسيع الإستيطان والقتل وسفالة المستوطنين والنكث بالتعهدات كي لا تتهم’بعرقلة الجهود السلمية’أو تضييع ‘الفرصة’، والإحتلال يفهم اللعبة تمامًا، فما دمتم تخشون الإنسحاب كي لا تتهموا بعرقلة وتخريب الجهود السلمية فنحن نوغل في السطو والإغتصاب أكثر وأكثر وما عليكم سوى مواصلة التمسك بالتفاوض خشية التهمة الخطيرة، وأنتم بدوركم توهمون شعبكم أننا نفعل كل ما نفعله ليس لأجل الإستيطان والتوسع ومواصلة تهجير الشعب الفلسطيني، بل كي نرغمكم على ترك المفاوضات ونحملكم المسؤولية ولهذا أنتم متمسكون بها أكثر.
يظن المفاوض الفلسطيني أن باستطاعته إحراج حكومة الإحتلال التي لم يتردد وزير حربها (يعلون) عن توجيه إهانة شخصية لوزير خارجية أمريكا فقال عنه ‘إنه يسعى للحصول على نوبل على حساب أمن إسرائيل’، هذا رغم كل الانحياز والدعم العسكري والسياسي الأمريكي غير المشروط لإسرائيل.
الآن وبعد أن توغلت السلطة الفلسطينية في عمق صحراء وسراب ‘العملية السلمية’، هل تستطيع العودة أدراجها دون أن تموت عطشًا وجوعًا وألغامًا في طريق عودتها!
هل يستطيع أبو مازن أن يحل سلطته وأن يسلم المفاتيح ويقول للإحتلال ‘تفضل تحمل مسؤولياتك كدولة احتلال’، وأنت يا شعب فلسطين تحمل مسؤولياتك في مواجهة الإحتلال وتحرير نفسك.
هل ينهي لعبة افتراضية اسمها ‘دولة فلسطين’ وفخامة الرئيس والحرس الرئاسي والوزارات والأجهزة الأمنية! هل يستطيع الآن أن يقول ‘يا جماعة أنا لا أمون على إدخال خط هاتف إلى دولتي الإفتراضية، ولا أمون على اعتقال مستوطن يعيث فسادًا ويزرع الخراب في البلاد وبين العباد’.
هل يعترف للعالم أن الدولة الافتراضية كانت عبارة عن جهاز من الموظفين تم تعليق لقمة عيشهم بخيط يرخيه الإحتلال إذا رضي ويشده إلى صدره إذا زعل مقابل العمل كمقاول أمني لضمان عدم إقلاق راحة الإحتلال، كذلك لتشكيل غطاء أخلاقي أمام الصديق والعدو لعملية السطو المسلح والإغتصاب التي يسمونها تارة مستوطنات شرعية ومستوطنات غير شرعية تارة أخرى!
هل يستطيع أبو مازن أن يقول للإحتلال لن أسهم بعد اليوم بتضليل العالم، ولن أكون بعد اليوم صاحب الإبتسامة العريضة وأنا أصافح قادة الإحتلال للتغطية على جرائمهم وجرائم مبعوثيهم من المستوطنين في أرض الواقع.
هل سيعترف أبو مازن بعد كل هذه السنين أن هذه المفـــــاوضات جرت على حساب وحدة الشعب الفلسطيني، وعلى حساب الإنشـــقاق بين المقموعين والمغتصبين والمقهورين وإضعافهم وتشتيت قواهم!
هل يعترف أن عدم المصالحة الوطنية ومواصلة الإنقسام كانت مقصودة بالذات لاسترضاء الإحتلال وراعيه الأمريكي! هل يعترف أن أرواح الكثيرين من المناضلين أزهقت نتيجة تنسيق أمني لإثبات (حسن النوايا) لذئاب المغتصبين! هل يعترف أنه بعد كل هذه الخدمات الجليلة للإحتلال لم يحصل إلا على مزيد من الإستهتار به وبما يمثله.
ماذا يشعر أبو مازن عندما يسمعهم يقولون إن ظنهم خاب فيه وهو ليس شريكًا في ‘عملية السلام’ بعد كل هذا الإخلاص وهذه الخدمات!
ماذا يشعر عندما يسمع نتنياهو يقول ‘عندما يريد السلام فليتصل بنا’!
ماذا يشعر عندما يعتبرونه مشجعًا للإرهاب.
أكره ‘عملية السلام’ لأنها تذكر بلاعبي (الثلاث ورقات)، الذين ينتظرون الضحية في مكان عام، ما أن يروا الضحية قادمة من بعيد حتى يبدأوا باللعب، يقترب المغفل ويراقب اللعب فتغريه سهولة الربح فيلعب، في الجولة الأولى يجعلونه يربح فيطمع، فإذا أراد الإنسحاب تصدى له ثلاثتهم أو أربعتهم وبالقوة أرغموه على مواصلة اللعب، وحينئذ يفهم أنهم عصابة من البلطجية والنصابين، ولا يبقى أمامه سوى أن يسلمهم ماله بدون لعب أو أن يلعب فقط كي يخسر، بل عليه أن يختار بين الخسارة بدون ضرب وتكسير أضلاع، أو الخسارة مع الضرب المبرح وتكسير الأضلاع وتفتيش جيوبه إذا ما كان قد خبأ فيها شيئا!
النصابون من حكام دولة الإحتلال وراعيهم الأمريكي يريدون إرغام أبو مازن على مواصلة المقامرة وهم يعرفون والجمهور يعرف والسلطة الفلسطينية تعرف والعرب والعجم كلهم يعرفون، أنه لا مكان إلا للخسارة وليس أمامه سوى مواصلة لعبٍ معروف النتيجة أو الصراخ بملء صوته ومن قحف رأسه…’إنهم يغتصبونني’ ويعود لائذا بشعبه وإخوانه ويتصالح مع شركائه في الهمّ والمصائب والنكبات والمصير..

1