أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
الثورة السورية بين إرهابين..!!
بقلم : سهيل كيوان ... 21.11.2013

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية كبيرة مشروع قرار سعودي بشأن انتهاك حقوق الإنسان في سورية، فمن هو الإنسان الذي قصده السعوديون في اقتراحهم هذا! هل هو إنسان مختلف في حقوقه وواجباته ونموه الفكري عن الإنسان السعودي، هل يحق للسوري ما لا يحق للسعودي!
بحقٍ أراد به خلط الباطل بالباطل، تساءل بشار الجعفري مندوب سورية في الأمم المتحدة ومثله كثيرون’هل حقوق الإنسان الأساسية مكفولة في السعودية حتى تتقدم بطلب كهذا في هيئات دولية إزاء سورية’! من حق الجعفري أن يسأل كل مندوبي الدول العربية نفس هذا السؤال، ماذا كنتم فاعلين لو اندلعت في بلدانكم ثورات، هل كنتم ستتعاملون معها بوحشية أقل من وحشية نظامنا إذا استطعتم وطاوعتكم أجهزتكم الأمنية وبضمنها جيوشكم! هل كنتم ستقتلون وتشرّدون عددًا أقل من الناس، هل سجونكم خالية من المعارضين السياسيين وسجناء الرأي والضمير! وهل ستتورعون عن استعمال الكيماوي مثل نظامنا لو شعرتم أن عروشكم تهتز من تحتكم، يا جماعة الخير ‘كلنا في الهوا سوا’فلماذا الفضائح!
السؤال الذي كان يجب أن يُطرح على هيئة الأمم المتحدة من قبل مندوب يصل للتو من خارج الكرة الأرضية ليس له مصلحة مع النظامين، لا من الشرق ولا من الغرب، هو أين يعاني الإنسان أكثر وأين تُهضم حقوقه أكثر وأين تنتهك إنسانيتُه وتداس كرامته أكثر؟
حقوق الإنسان في الوطن العربي متفاوتة باتجاه الأسفل، كأن هناك سباقًا بين هذه الأنظمة من يحوّل الإنسان إلى مسخ، ومن هو القادر على جعل الإنسان العربي مجرد مخلوق لا يسعى إلا لقضاء حاجاته البيولوجية بدون أدنى تفكير إلا إذا كان باتجاه محاباة وتبرير النظام وتقديسه، حتى ليبدو النظام مختلفًا بتركيبته البيولوجية عن البشر العاديين الذين يعتبرهم من ممتلكاته الخاصة وله حرية تكسيرهم وإعادة تشكيلهم.
نظرة إلى حقوق الإنسان في كل دولة ودولة على حدة، وسنرى أن العربي ربما يحتاج لاعتراف أوّلي بأنه إنسان، كي نستطيع فيما بعد المطالبة بحقوقه كإنسان.
لا شك أن الحجج التي تقدم بها مندوب السعودية عبد الله المعلمي في الأمم المتحدة صحيحة وحتى أقل من الواقع، فالنظام السوري استخدم الكيماوي ضد شعبه، وبعد ارتعاده خوفًا واحمرار وجه صديقته روسيا التي تبنت روايته ومنحته غطاءً فضائيًا صناعيًا باطلا لروايته، أسرع ليقايض سلاحه الكيماوي مقابل بقائه في الحكم، وهو يحاصر ويشرّد ويجوّع ملايين الناس الذين يزعم أنهم مواطنوه، وقتل ويقتل عشرات الآلاف بوحشية تذهل الوحوش، ثم يزعم أنهم شهداءه أو أنهم خونة، وهو مدعوم بالفعل من ميليشيات خارجية معروفة،وليس فقط ضد من أطلق عليهم بشار الجعفري مجموعات إرهابية، بل ضد الشعب السوري أوّلا وقبل كل شيء.
نحن هنا أمام نظامين، قد يكونان الأسوأ من بين أنظمة سيئة، كلاهما يتبادلان الاتهامات ويتعايران فيما بينهما من الذي يدوس حقوق الإنسان أكثر، رغم أننا أكثر الشعوب تغنيًا بالآية الكريمة’ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم’، وأكثر الشعوب ترديدًا لعبارات وآيات وأحاديث كرّمت الإنسان وعقل الإنسان، فنحن أكثر شعوب الأرض وبالذات هذين النظامين ممن يحاسبون الناس على أفكارهم وعقولهم، ولو استطاعوا تبديلها بأدمغة فئران لفعلوا، وكأن العقل ثمرة مُحرّمة يُمنعُ استعمالها، هذان النظامان أكثر الأنظمة تحقيرًا للعقل البشري.
الجعفري قال في معرض دفاعه عن نظامه الدموي، ‘إن سورية تحارب الإرهاب نيابة عن العالم’، وهي المحاولة الدنيئة ذاتها التي عملت على إظهار الأنظمة العربية البائسة ضحية إرهاب المتطرفين ‘الإسلاميين’ لتتسوّل تعاطفًا غربيًا وشرقيًا وغض الطرف عن جرائمها، وبمثابة طلب ود بأننا كلنا حلفاء ضد تطرف ‘إسلامي’ عقائدي يقتل ويفجّر ويذبح، وهو إيحاء لإسرائيل بالمصلحة المشتركة مرحليًا على الأقل، لهذا نتوخى مساعدة ودعم العالم ،هكذا تشوِّه هذه الأنظمة شعوبها وتصوّرها مجموعات متعطشة للدماء، وليس شعوبًا ضاقت ذرعًا بالأنظمة، هكذا حوّلوا المعارضين إلى جراثيم ثم إلى خونة مأجورين ومرتزقة، ثم زعموا أنها فبركات تلفزيونية، ثم جعلوها إرهابًا بالضبط كما تمنوا وخططوا،كان هذا قبل ظهور(داعش) وغيرها من تنظيمات إرهابية.
المطلب السعودي وإقرار هيئة الأمم بأكثرية كبيرة هام وعادل،رغم أنه قرار لا أنياب له، في الوقت ذاته لا يعني التغافل عمّن يقف وراء مجموعات إرهابية دُسّت خصّيصًا لتخريب الثورة السورية وتشويه صورتها وقتلها قبل أن تنجح وتمتد ومعها الربيع العربي المغدور.
تقع على العالم مسؤولية مساعدة الشعب السوري الضحية للتخلص من نظام إرهابي دموي لم ولن يوفر وسيلة دموية للبقاء في سدة الحكم ومجموعات لا تقل إرهابًا مدعومة من النظام السعودي ليس بهدف تحرير الشعب السوري لينعم بالحرية التي لأجلها انتفض وضحى، بل بهدف ذبح ثورته ومن خلالها ذبح ما بدأ كربيع لوقفه في الشام قبل أن ينتشر لمواصلة تحرير جسد الأمة المريض.

1