أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
مخالب السياسه الاسرائيليه تفتك بوجود وواقع بدو النقب!!
بقلم : زهير ابن عياد* ... 08.01.2012

اسرائيل تتعامل مع البدو حول الأرض بمنطلق نظام غربي خالص لا يراعي ثقافة الاقليات رغم التأكيد عليها من خلال مواثيق الامم المتحدة وكفالة القوانين الدولية لها ، فالارض عند الدولة ذهنيا لا تتجاوز مفهوم العقارات وتأجير الأراضي ، وبالمقابل تتجاهل وبشكل صارخ ثقافة البدو كشعب اصلاني عريق له ارثه وتقاليده التي يحتكم اليها بعقلانية في تعاملاته مع الأرض ، البدو رفضوا -بإعتبارها ارض مشاع رعوية لكافة القبيلة وحلفاءها - واستغربوا بل واستهانوا بقضية تطويب الأرض كملكية خاصة ، لاسباب طبيعية مقبوله في حينها كخوف البدو من حصرهم بذلك الامر وبالتالي تجنيدهم للجيش ، زد على ذلك بيت قصيد من دافع اخر لخوف البدوي تسجيل ارضه لكي لا يقدم للدوله الحاكمة اي معلومة تساهم في إجباره على دفع الضرائب وهذه الجزئية تتكرر بنفس الصورة اليوم مع اصحاب القرى الغير معترف بهم وذلك خوفا من تغريمهم بالارنونا والضرائب ، ولنفس الاسباب عندما حاولت اسرائيل تسجيل الاراضي في حقبة السبعينات ولانها على دراية بطباع البدو فقد بيتت هذه القضية لاهداف خفية ، فقد اعتقدت -وكان لها ذلك- بأن قلة قليلة من البدو ستتعاون معها وتسجل الأراضي ، وبعد سنوات قامت لتقاضي البدو مدعية ان الأرض ليست لهم ولم يسجلوها في السبعينيات ولا في الدولة العثمانية ...
انها عقلية المستعمر في إجتثاث كل كيان سبقه فتاريخيا معروف ان النقب وبلاده كان لإهله البدو ، لذلك تستعمل معهم الدولة العصا والجزرة فمن جهه ينفون وينكرون ان الأرض للبدو تاريخيا ومن جهه مناقضة يشترون - قديما وحديثا - من البدوي الأرض بل ويفاوضونه ويطرحون التعويضات لكي يتنازل عنها ،وحيال ذلك - في دلاله أكيدة على امتلاك البدو للنقب علاوة على ابحاث الاكاديميين الاسرائيلين -أن لجان غولدبرغ وخطة شارون التي خصص لها ميزانية بقدر الملايين وبرافر وباخر فيما بعد..كل ذلك من دلائل إمتلاك البدو للارض وتفنيد قضية انهم رحل غزاة ، بل أن ظاهرة التوطين بتفاصيلها الدقيقة لتثبت رؤية الدولة تجاه تجميع البدو وتطويرهم وبالتالي تعمد الاستيلاء على أرضهم !! ...تسارع الدولة وبسبب النمو الديموغرافي الكبير - القنبلة الموقوتة - لتوطيد استيلاءها على الأرض ، وفي سبيل ذلك أجهدت نفسها بمحاولات عدة تاتي في السياق اعلاه ، من ذلك تحديد ومنع تعدد الزوجات لتقل كثافتهم وينحصر تمددهم في البلاد ... وقامت بجلب عوائل ليست بدوية وليست نقباوية اساسا ، وأوطنتها قرى ومدن التوطين واطمعتهم ببنية تحتية مهترية لتجذب باقي البدو ، ولتظهر في الآن للعالم -وفي وقت يناضل سكان القرى الغير معترف بهم - بأن قسما من البدو رضي بالتوطين ويقطن البلدات وهاهو متطور جدا !، والكل يعي ان أغلب قرى التوطين كانت نواتها من عوائل غير نقباوية ولم تملك اراضي اصلا ...
وسيلة اخرى لاقتلاع الناس هو تشتيت البنية الاسرية وتفكيكها وذلك بترغيب بعض الانفار وإطماعهم بارض وخدمات حيوية في القرى ويتعمدوا في ذلك الملاك الصغار فتنقسم العشائر ويرتحل قسم منها ، ليبقى القسم الاخر يواجه اقسى درجات الترهيب للحاق بعشيرته ، المثال الحديث الحي حول ذلك عشيرة الترابين التي توزعت في قريتها الجديدة والقسم الاخر الذي رفض الانتقال ، وابيح لعومر والسلطات ترهيبهم بشتى الطرق لترحليهم من أجل رفاهية وتمدد عومر ... بخلسة المختلس ، وقد قاربت الغاية ، تقوم المؤسسة الحكومية بسحب الأرض من تحت اقدام البدو ، كطي الفراش بهدوء وتروي وطول نفس ، بالخدع والمكر والمراوغة الحذرة والتذبذب في الوصول لحل والترهيب والترغيب والقضاء ، وكل الوسائل التي توصلهم الى مآربهم ، فحاصروا النقب وقطعوا أوصاله ، وزادوا الهوة بين قراه ومدنه فلاهفيم وعومر وميتار في النقب ، تتربع على هرم الاقتصاد في البلاد في حين تقبع القرى البدوية في مدارك سفلى ، واحتلت باستمرار اسفل السلم الاقتصادي الاداري الثقافي الخدماتي ، وفي ذات الوقت تعمل الدولة على ترقية البلدات اليهودية وتقديم أجود الخدمات لها دعما بالنفس والنفيس ، وبالمقابل تعمل على ان تبقى قرانا في مجالات محدودة منسجمة راضية بشظف الموارد وندرتها ، ومحدودية الطموح البدوي بتخصيص مجالات ثقافية دراسية جامعية على البدوي ان لا يتحداها - الطب والاداب والتربية - ، بل انها تغض الطرف بفظاظه وحمق عن المحسوبيات والفساد الاداري المعشش في كل ما هو إداري في قرانا من رأس الهرم حتى أخمصه ، وقلما تحاول كبح جماح هذه الظواهر ، ولا أبالغ ان قلت انها راضية كل الرضى عن ذلك ان لم تكن هي وراءه ...
مجمل القول ، ان وسائل الاقتلاع والتهجير التي تمارسها الحكومة كثيرة جدا ، والأمثلة الحية نراها ببصيرة العين يوميا ، وتأرجحت النتائج المرجوه من قبل الدوله من النجاح التام ، المتوسط الى الفشل الكلي في مساعيها ، إلا انها خرجت علينا أخيرا بأسلوب قديم حديث يفتت الحجر ويبغض المحب ويسر البغيض ، وهي السياسة الاستعمارية التي إشتهرت فرنسا بها - فرق تسد - التي تؤصل لإستنزاف كل جهد مضني شريف ، بأمور ابدا لم يتعود عليها المجتمع البدوي ، لا تعجلوا بمصطلحات مقيته تتسلل لقاموسنا ، الخيانه القذف والتشهير ... ولا تجعلوها تبدد نضالنا المستميت!!

1