أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
1157 158 159 160 161 162 163968
صحافة: القدس العربي : من العقبة إلى شرم الشيخ: عربدة الاحتلال وعبث الأقوال!!
21.03.2023

في أواخر شباط/ فبراير الماضي رعت الأردن ومصر والولايات المتحدة مؤتمراً في مدينة العقبة جمع مندوبين عن السلطة الوطنية الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، خرج بتوصيات عامة ذات طابع أمني طاغٍ وغير ملموس في آن معاً، وتجنّب أي تطرق إلى القضايا الجوهرية السياسية والاستيطانية والقانونية، ليس بحق الشعب الفلسطيني وحده بل كذلك ضدّ السلطة الفلسطينية ذاتها التي وافقت على إرسال مندوبيها إلى المؤتمر.
ورغم أن التوصيات اتخذت صفة أمنية طاغية، أو بسبب أنها اقتصرت تحديداً، على أوهام ما سُمي بـ«خفض التصعيد» فقد ولدت ميتة حتى قبل أن يجف الحبر عن تدوينها، كما تكفلت سلطات الاحتلال بتحويلها إلى مجرد جعجعة فارغة من أي مضمون ملموس.
وهكذا اقتحمت قطعان المستوطنين بلدة حوارة الفلسطينية واعتدت على سكانها وعاثت فيها تخريباً وأشعلت الحرائق وتسببت في استشهاد فلسطيني وإصابة 100 آخرين، تحت حماية جيش الاحتلال. وبعد أيام قليلة أعقبت لقاء العقبة لجأت أعداد كبيرة من قوات الاحتلال إلى اقتحام مخيم جنين فاستُشهد 6 فلسطينيين وأصيب عشرات، وبعد يومين اغتالت وحدة إسرائيلية خاصة 3 فلسطينيين في بلدة جبع جنوب جنين، وقبل ساعات من انعقاد مؤتمر شرم الشيخ استُشهد 4 فلسطينيين في مخيم جنين أيضاً.
مفهوم أن تشارك دولة الاحتلال في اجتماعات مثل هذه التي احتضنتها العقبة ثم شرم الشيخ بالرعاية المصرية والأردنية والأمريكية ذاتها، لأنها وسيلة لتبييض صفحة الاحتلال ورفع بعض الحرج عن الولايات المتحدة وأصدقاء الكيان الصهيوني هنا وهناك في العالم، وللإيحاء أيضاً بأنّ السلطات الإسرائيلية معنية بالحوار الدبلوماسي. مفهوم كذلك أن يتنصل الاحتلال، بسرعة فائقة أو على الفور أحياناً، من أي توصيات تُتخذ في هذه اللقاءات، ليس على صعيد هذه الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية وتطرفاً وفاشية فقط، بل على نطاق أعمّ شمل ويشمل جميع حكومات الاحتلال المتعاقبة.
ليس مفهوماً في المقابل أن تواصل السلطة الفلسطينية إرسال مندوبيها إلى العقبة وشرم الشيخ رغم انكشاف اللعبة واتضاح عبث المشاركة وعواقب الانخراط في تبعات بعض التوصيات، التي يمكن أن تنعكس سلبياً على المواطن الفلسطيني ومؤسسات السلطة ذاتها قبل الاحتلال وجيشه وأجهزته السياسية والأمنية.
فكيف يمكن للبند الذي يؤكد المسؤولية الأمنية للسلطة في المنطقة (أ) ألا يُفسّر ضدّ حقّ الشعب الفلسطيني المشروع في المقاومة، ما دام الاحتلال يواصل الانتشار أينما شاء في هذه المنطقة ذاتها؟ وكيف توافق السلطة على بند يقول بتجميد مناقشة وحدات استيطانية جديدة 4 أشهر ووقف ترخيص بؤر استيطانية 6 أشهر، وكأن أي نشاط استيطاني بعد هذه الآجال مسموح به أو واجب السكوت عنه؟ ثم هل غفل مندوبو السلطة إلى اجتماع العقبة عن 13 مستوطنة و10 آلاف وحدة استيطانية اعتمدها الاحتلال مؤخراً؟
ومن العقبة إلى شرم الشيخ، ومثلها الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات كافة بما أوصت به وبقي جعجعة بلا طحن، ثمة قاعدة واحدة ثابتة هي استمرار الجرائم وعربدة الاحتلال مقابل اجترار الكلام وعبث الأقوال.