أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 4961
صحافة : دينيس روس: نتنياهو لا يعي مخاطر الضم!!
05.06.2020

نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس، مقالا كتبه دينيس روس، وهو المبعوث الأميركي السابق لعدد من الرؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذي يعمل مستشارا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المقرب من إسرائيل، تحت عنوان "نتنياهو يرى لحظة تاريخية في الضم، لكنه ربما لا يرى المخاطر"، استهله قائلاً: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخبره ذات ليلة عندما كان يجلس معه في منتصف المفاوضات حول ما سيصبح "بروتوكول الخليل" بأنه "سأفعل ما فعله بن غوريون- فعل الأشياء الكبيرة".
ويضيف الكاتب أنه بينما كان "يناضل" لفهم لماذا يبدو نتنياهو عازماً للغاية على المضي قدماً في ضم مناطق الضفة الغربية المخصصة لإسرائيل في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب (صفقة القرن)، بدأ يفكر مرة أخرى في تلك المحادثة، "فبينما يعلن العاهل الأردني الملك عبد الله أن الضم سيؤدي إلى صراع شامل؛ ويقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن جميع الاتفاقات مع إسرائيل ستنتهي؛ ويهدد جوزيب بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، بعواقب إذا مضت إسرائيل قدماً؛ ويعبر جو بايدن، الذي قد يكون الرئيس الأميركي في شهر كانون الثاني المقبل، عن معارضته، يبدو أن نتنياهو مصمم على تنفيذ الخطوة اعتباراً من الأول من شهر تموز المقبل".
ويوضح دينيس روس: "كان بن غوريون - رغم المعارضة الأميركية المتوقعة والغزو المؤكد من قبل الدول العربية- قد أعلن إنشاء دولة إسرائيل، وكان يعلم أن التكلفة ستكون عالية، لكنه اعتقد أنه إذا لم يعلن قيام الدولة مع انتهاء الوجود والتفويض البريطاني، فقد لا تتوفر مرة أخرى ذريعة ومبرر للقيام بذلك. وقد دفعت إسرائيل ثمناً باهظاً، حيث خسرت 6000 شخص، حوالي 1% من سكانها، في (حرب الاستقلال). ولكن بالنسبة لبن غوريون، الذي كان مصمماً على إنهاء 2000 سنة من تشرد اليهود، كانت تكلفة التقاعس أكبر".
ويضيف روس: "من جانبه، يعتقد نتانياهو الآن أن إدارة ترامب تسمح له بتحديد حدود إسرائيل إلى الشرق، والاحتفاظ بالمناطق التي يعتبرها حاسمة للأمن الإسرائيلي، وبخلق خط أساس جديد لأي مفاوضات قد تحدث في المستقبل مع الفلسطينيين. فلن يكون خط الأساس هو حدود 4 حزيران 1967، وإنما خطة ترامب أو ما يشكل 70% من الضفة الغربية بدلاً من 100%، ومثل بن غوريون في عام 1948، يرى نتنياهو فرصة تاريخية؛ ولكن على عكس بن غوريون، الذي كان يعرف أن التكاليف ستكون كبيرة، لا يرى نتنياهو مخاطرة تذكر. فقد كانت هناك تحذيرات كبرى حول اندلاع العنف إذا نقل ترامب السفارة الأميركية واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ وكانت هناك تحذيرات من اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية في الجولان؛ وكانت هناك تحذيرات بشأن خطة ترامب للسلام - ولكن لم يتحقق شيء في أي من هذه الحالات".
ولذلك، يمضي الكاتب قائلا "في نظر نتنياهو، لا تُعتبر تهديدات عباس بإنهاء كل التعاون ونقل السلطة الفلسطينية إلى إسرائيل، بالجديدة وتبدو جوفاء - فبعد كل شيء، التعاون الأمني مع إسرائيل يحمي عباس وقيادة السلطة الفلسطينية من حماس وآخرين، ولن يدع عباس السلطة الفلسطينية تنهار لأنها تعني خسارة كل ما لديه" ، ومن ناحية أخرى، "يعتمد الأردن على المساعدات المالية الأميركية أكثر من أي وقت مضى ولا يمكنه أن يعرضها للخطر. ويهتم القادة العرب الآخرون بالحفاظ على مساعدة إسرائيل الهادئة ضد إيران والإخوان المسلمين أكثر من اهتمامهم بالفلسطينيين؛ ويعمل الاتحاد الأوروبي على أساس الإجماع، مع ضمان عرقلة المجر لأي عقوبات تقريباً".
ولكن الكاتب يظن أن نتنياهو مخطئ بشأن كل من المكاسب والمخاطر: "فأولاً، إذا فاز بايدن وألغى الاعتراف بالضم ورفض خطة ترامب، فلن يكون هناك خط أساس جديد، خاصة مع عدم قبول أي شخص دولياً للتحرك الإسرائيلي. وثانياً، يتجاهل نتانياهو حقيقة أن الاستجابات المحدودة لقرارات ترامب بشأن القدس ومرتفعات الجولان وخطة السلام كانت كلها تتعلق بتحركات أميركية، وليس بتحركات إسرائيل. والآن، ستتحرك إسرائيل وستفرض النتائج؛ وسيشعر الفلسطينيون بأنهم مضطرون لإظهار أنهم لن يرضخوا. وثالثاً، قد تكون خيارات الملك عبدالله محدودة، ولكن ضم غور الأردن سيجبره على الرد وربما يعلق معاهدة السلام الأردنية مع إسرائيل. ورابعاً، قد لا يكون هناك إجماع في الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات، ولكنه ضروري لتمديد البرامج القائمة في إسرائيل. فلا يجب الرهان على استمرار برنامج الاتحاد الأوروبي للبحث والابتكار، الذي يستثمر بشكل مكثف في قطاع البحث والتطوير في إسرائيل".
ويوضح الكاتب أن هناك مخاطر أخرى، "بما في ذلك احتمال أن لا تدافع إدارة أميركية جديدة عن الضم الإسرائيلي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن تستغل المحكمة الجنائية الدولية الضم كذريعة أكثر شرعية للتحرك ضد إسرائيل. وبالطبع يمكن لنتانياهو أن يقرر قصر نطاق الضم فقط على مناطق التكتل الاستيطاني المحتمل أن تكون جزءاً من إسرائيل في أي تسوية سلمية واقعية، ويمكنه أن يعلن أنه سيفعل ذلك لإعطاء الفلسطينيين فرصة للتفاوض قبل اتخاذ خطوات إضافية. وقد ينزع ذلك فتيل استجابة الجميع باستثناء الفلسطينيين، الذين سيرون أن هناك خطاً يتم تجاوزه".
ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أنه في النهاية، "يمكن أن أكون مخطئاً ونتنياهو محقاً بشأن هذه الحسابات، ولكن هناك فرقاً حاسماً. فإذا كنت أنا مخطئاً، ستظل إسرائيل تسيطر على المنطقة ولن تخسر شيئاً. ولكن إذا كان نتنياهو مخطئاً، فسوف تخسر إسرائيل الكثير".