أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 4968
صحافة : أوبزيرفر: آلاف المهاجرين الصوماليين والإثيوبيين ينتهون بيد المهربين اليمنيين.. ابتزاز وتعذيب وسرقة أموالهم!!
14.12.2020

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا لمراسلتها بيثان ماكرنان من مدينة عتق اليمنية أشارت فيه إلى مئات الآلاف من شرق أفريقيا الذين عبروا البحر الأحمر بحثا عن حياة جيدة ليجدوا أنفسهم في اليمن. وقالت إن تغريت كانت ترى السعودية حلما لها والمكان الذي يمكن أن تعمل فيه كمنظفة أو خادمة وترسل المال لزوجها وابنتها في إثيوبيا. ولكنها الآن في اليمن بعيدة عن هذا الحلم: “نحن عالقون، لا طعام ولا مال لشراء بطاقة هاتف لكي أتصل بالبيت، لا شيء لدي”، وكانت تتحدث وهي تجلس على أرضية بناء لم يكتمل لا توجد فيه كهرباء أو ماء ويقع على حافة الصحراء.
ورغم ما يمر به اليمن من حرب مضى عليها ستة أعوام تقريبا وربما بسببها وجد المهربون وتجار البشر فرصة للاستفادة من حالة الفوضى، في وقت زادت فيه دول الاتحاد الأوروبي من مراقبتها للمهاجرين غير الشرعيين القادمين عبر تركيا أو ليبيا. وبحسب منظمة الهجرة العالمية أصبح خليج عدن من أكثر الطرق البحرية ازدحاما بالمهاجرين على مستوى العالم.
وتشترك تيغرت مع زميلة لها اسمها أوكو من منطقة تيغري. وتحاولان الحفاظ على الغرفة نظيفة، وليس فيها سوى فرش للنوم وبعض أدوات الطبخ والنافذة دون زجاج بحيث يتسرب الغبار والوسخ إليها. وهما الوحيدتان من بين 20 شابا فروا من الصومال وإثيوبيا على أمل العثور على عمل جيد يخفف عنهم وعائلاتهم الفقر. وكلهم عالقون في البناية بالمنطقة التابعة للحكومة بعتق وسط اليمن ولا يستطيعون مواصلة رحلتهم إلى الحدود السعودية بسبب إغلاق الطرق نتيجة للقتال وكوفيد-19. ولا يستطيعون العودة بسبب قلة المال ولهذا فهم يأملون بأن تكون إقامتهم مؤقتة في عتق.
وفي الوقت الذي تسير منظمة الهجرة العالمية رحلات من مدينة عدن إلى بلاد المهاجرين، رفضت الحكومة الإثيوبية استقبال العائدين بسبب كوفيد-19. وتعرف تيغرت وغيرها أن اليمن يمر في حرب مدمرة مما يعقد رحلتهم ويعرضهم للانتهاك والاختطاف من أجل الفدية. وكل من قابلتهم الصحافية لا يعرفون أن السعودية تقوم بسجن العمال المهاجرين منذ بداية وباء فيروس كورونا، وتحاول ترحيل العمال اليمنيين في البلاد علاوة على من يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية.
وتقول تيغرت: “مهربنا رجل طيب وساعدنا على الإقامة في هذا المكان، ولكن بعض المهربين أشرار ولا يهمني إن وصلت إلى السعودية أم عدت للوطن فقط أريد مغادرة المكان”. وبلغ عدد من عبر من الإثيوبيين العام الماضي إلى اليمن حوالي 138.000 وهو رقم قياسي، وذلك بسبب قصر المسافة التي لا تتجاوز 29 كيلومترا. وبسبب إغلاق الحدود وانتشار فيروس كورونا فقد انخفض العدد إلى 34.000 هذا العام، مع أن منظمات الإغاثة تعتقد أن العدد أقل. وكل هؤلاء وضعوا ثقتهم بالمهربين وتجار البشر الذي طمأنوهم بالرحلة الآمنة، فيما حصلوا على تأكيدات من أصدقائهم وأفراد عائلتهم الذين استطاعوا الوصول إلى السعودية. ولو كان لدى البعض المال الكافي لحاولوا العبور أكثر من مرة على أمل الوصول إلى الأراضي السعودية.
ويستخدم المهربون ممثلين عنهم في كل أنحاء إثيوبيا وعبر منصات التواصل الاجتماعي كواتساب لتجنيد الراغبين بالسفر إلى السعودية مقابل مبلغ يتراوح ما بين 10.000- 15.000 بر (200-300 جنيه إسترليني)، ويتم نقلهم أولا إلى مدن في جيبوتي أو جمهورية أرض الصومال. ومن هنا يطلب منهم دفع 10.000 بر لأصحاب السفن وترتيب رحلة تستمر 24 ساعة عبر خليج عدن وفي قوارب مزدحمة ونقلهم لنقاط الاستقبال في جنوب اليمن. وعند الرسو يكون بانتظارهم مرشد يعرف لغتهم مع مهربين يمنيين. ومن يملك المال الكافي يدفع للرحلة التي تمتد على مسافة ألف كيلومتر إلى الحدود اليمنية مع السعودية، حيث ينامون في بيوت آمنة ويدفع المهربون المال إلى الجنود الذي يحرسون نقاط التفتيش ويمثلون فصائل الحرب في اليمن.
أما من لا يملك المال المطلوب فيضطر للمشي حتى الحدود والمرور في نقاط القتال ويعبرون الجبال والصحاري القاسية ويتعرضون لابتزاز الجنود الذين يصادرون أموالهم وهواتفهم. وتبدو صفوف الأفارقة الذي يسيرون باتجاه الشمال أمرا عاديا لليمنيين الذي يواجهون مشاكل مع الجنود لو حاولوا مساعدتهم.
وقال أحمد ناصر عبدي، 20 عاما، من الأرومو في إثيوبيا، إنه وصل إلى اليمن في تشرين الثاني/نوفمبر قادما من بوساسو في الصومال ومشى سبعة أيام حتى وصل إلى عتق ليكتشف أن الطريق إلى الشمال مغلق. وقال عبدي: “أنا مستعد لعمل أي شيء وحتى البقاء هنا لو توفر عمل، لكن لا يوجد أي شيء”. وتعبر قصة عبدي عما حدث للكثير من الصوماليين والإثيوبيين حالة وصولهم إلى اليمن. وبعضهم عانى الأسوأ حيث كان المهربون ينقلونهم إلى مراكز الاعتقال، ويضربون ويعذبون حتى تدفع عائلاتهم الفدية.
وبدأت جمعية “ستبس” المحلية التي توفر قبعات واقعية من الشمس وأحذية خفيفة ومياها للمهاجرين حالة وصولهم بتقديم حبوب منع حمل للنساء حالة تعرضن للاغتصاب. وقال أحمد عيدروس الباحث المحلي في شؤون الهجرة: “حدثت أكثر من مرة. وفي كل خطوة من الرحلة مخاطر الانتهاك الجنسي، ولو نقلن إلى مراكز اعتقال فاغتصابهن مؤكد”. وفي حالة عبر المهاجرون إلى الشمال ودخلوا المناطق الواقعة لسيطرة الحوثيين فإنهم يواجهون مشاكل أخرى؛ فالجماعة الحوثية تقوم باعتقالهم وفرض غرامات بألف ريال “رسوم خروج”، قبل أن ينقلوهم في عربات إلى التخوم الجنوبية من أراضيهم وإعادتهم من حيث أتوا.
ونظرا لانشغال الحكومة اليمنية في الجنوب بمشاكلها فقد غضت الطرف عن تجارة البشر الرائجة وبات المهربون يتصرفون بدون خوف. وبالنسبة لأحمد الدبيسي الذي بدأ يعمل بالتهريب بعد اندلاع الحرب فالتجارة رائجة. ويصف بفخر تجارته ومعاملته الجيدة لعملائه حتى يحصل على تجارة جديدة. ويقول إن الوضع بات صعبا لكنه استطاع تهريب عدد صغير إلى السعودية من خلال السيارات الخاصة.
وفي خارج عتق يعتني الدبيسي بمقبرة تحتوي على جثث سبعة من عملائه دفنهم بعدما أخبر عائلاتهم بالأمر. وعلى مدى السنوات مات 70 من عملائه بسبب المرض والقتال أو الغرق في البحر، ودفن معظمهم في مقابر مؤقتة عند الشاطئ. وسواء مات المهاجرون أم بقوا على قيد الحياة فاليمن هو نهاية الطريق لآلاف المهاجرين. ويبرر الدبيسي: “لو لم أقم بالعمل فسيقوم به غيري.. والناس يتدفقون دون توقف”.