أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
1 2 3 4961
صحافة : واشنطن بوست: حرب ترامب على الحقيقة لها تداعيات عالمية وإرثه السام سيتواصل حتى لو هزم!!
23.09.2020

قالت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها إن احتقار الرئيس دونالد ترامب للحقيقة سيترك إرثا مسموما حول العالم.
وقالت فيها: “لو هزم الرئيس ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر فهناك إمكانية لتصحيح الضرر الذي أحدثه على النظام السياسي وتحالفات الولايات المتحدة الدولية”. ويمكن للمرشح الديمقراطي جوزيف بايدن “إعادة الأعراف السابقة والسلوك الرئاسي وأن يقوم بإحياء العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين”، إلا أن جزءا من إرث ترامب السام الذي سيستمر بعده هو “إهانته للحقيقة كعملة مشتركة في الحياة العامة”. وأشارت إلى أن الديمقراطيات لا يمكنها العمل عندما تتفاقم الخلافات الأيديولوجية عبر نشر نظريات المؤامرة والبيانات الكاذبة. ذلك أن الحقائق المؤكدة هي أساس صناعة السياسة والتسويات التشريعية.
وقالت إن ترامب سرع من الانحراف داخل الحزب الجمهوري ورفضه للعلم والتقارير الموثوقة. فكذبه المتواصل، من تضخيم عدد الحشود في يوم تنصيبه إلى كذبه حول فيروس كورونا، أدى بعدد كبير من أنصاره للاعتقاد أن ما يقال عنها خطأ أو أنها نتاج عمليات تضليل يقوم بها أعداء الرئيس.
وفي الوقت نفسه شن ترامب حملة لا ترحم للتقليل من مصداقية المؤسسات التي تحاول نشر الحقيقة والكشف عن زيف القصص الكاذبة. وركز هدفه على الأجهزة الاستخباراتية ومؤسسات الإعلام التي تحدثت عن التدخل الروسي في السياسة الأمريكية، بما في ذلك الحملة الرئاسية الحالية. ووصفها بـ “خدعة” ناجمة عن شعوذة “الدولة العميقة”.
وما يقوم به الإعلام من كشف الفساد والمخالفات في إدارته يصبح في هجومه “أخبارا كاذبة”.
وتقول الصحيفة إن الرؤساء من قبله كذبوا وتلاعبوا بالحقيقة ولكن تشويه ترامب لها جاء على قاعدة ملحمية.
وحتى تموز/يوليو سجلت “واشنطن بوست” 20.000 كذبة أو تصريح مضلل له منذ 3 سنوات ونصف من حكمه، منها 1.000 كذبة حول فيروس كورونا. وتقول الصحيفة إن كذبه يتزايد بشكل كبير.
ففي الوقت الذي جمع فيه ترامب أول 10.000 كذبة في 827 يوما إلا أنه ضاعفها في 440 يوما فقط.
ومن الأكاذيب الشائعة التي يروج لها ترامب هي أنه قام بإدارة أفضل اقتصاد لأمريكا في تاريخها ومرر أضخم قانون للضريبة في تاريخها. وفي أثناء محاكمة الكونغرس له بالفضيحة الأوكرانية أطلق 1.200 كذبة، بما فيها إشارات للنظرية الزائفة التي روجت لها المخابرات الروسية وهي محاولة أوكرانيا التأثير على حملته الانتخابية عام 2016. وتعرضت المؤسسات الإعلامية التي حاولت الكشف عن التدخل الروسي ومحاولاته ابتزاز أوكرانيا للكشف عن معلومات مضرة ضد منافسه بايدن مقابل الدعم العسكري إلى هجوم مستمر من الرئيس. أما مؤسسات الاستخبارات فقد تعرضت لعمليات تطهير سياسي لأنها حاولت التحقيق بالموضوع.
وكانت النتيجة هي الحد من قدرة الكونغرس الاطّلاع على إيجازات مكتوبة فيها إشارة لروسيا وصادرة عن إدارة الاستخبارات القومية التي يترأسها الآن موال لترامب. وعندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض كان مصطلح “أخبار زائفة” يعني تلك القصص المنتشرة على الإنترنت ومصدرها روسيا ولاعبون معادون لأمريكا.
لكن ترامب حوله نحو المؤسسات الإعلامية الموثوقة. ففي رده على سؤال من مراسل شبكة “سي أن أن” في كانون الثاني/يناير 2017 هاجمه بالقول: “أنتم أخبار مزيفة”. ومنذ ذلك الوقت استخدم ترامب المصطلح أكثر من 500 مرة على تويتر وحده. وبدأ بالإشارة إلى منظمات إعلامية مثل سي أن أن وواشنطن بوست ونيويورك تايمز بأنها “عدوة الشعب” وهي عبارة رددها عشرات المرات. وفشل ترامب في التقليل من مصداقية هذه المؤسسات باستثناء قاعدة أنصاره.
وفي دراسة نشرتها مجلة “إيكونوميست” ومؤسسة استطلاعات “يوغف” فقد زادت الثقة العامة بواشنطن بوست ونيويورك تايمز في الفترة ما بين 2016- 2018 فيما تراجعت الثقة بالمؤسسات الموالية لترامب مثل فوكس نيوز وبريتبارت. وكشفت مؤسسة استطلاعات “بيو” عن نتائج مماثلة في كانون الثاني/يناير الماضي. إلا أن هجوم وصرخات ترامب عن “الأخبار الزائفة” تركت أثرا بعيد المدى عالميا. واستخدمتها الديكتوريات وبعض الديمقراطيات لإسكات المعارضين. وبحسب “فريدم هاوس” ففي الفترة ما بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو 2019 قامت 26 دولة على الأقل بتشريع أو إصدار تنظيمات تجرم وتحاكم أي شخص يتهم بنشر “الأخبار الزائفة”.
وانضمت دول أخرى إلى القائمة، وكلها تبعت ترامب مثل مصر وبولندا وهنغاريا وتركيا وكوريا الجنوبية والفلبين. وتبع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب في استهدافه “سي أن أن”.
وساعد ترامب على زيادة حالة الاستقطاب فيما كان يعرف بالمجال العام للمعلومات داخل أمريكا. ففي استطلاع بيو كشف أن الجمهوريين فقدوا الثقة بالإعلام الرئيسي، خاصة تلك المؤسسات التي هاجمها ترامب. ويعيش معظمهم الآن في عالم مواز تبدو في التغيرات المناخية أسطورة وأن الولايات المتحدة تقود العالم في مكافحة فيروس كورونا.
وكشف استطلاع أخير أن نسبة 56% من الجمهوريين يؤمنون بنظرية “كيوأنون” التي تتحدث عن مجموعة من البيدوفايل اخترقت الحكومة الأمريكية. ورحب ترامب قبل فترة بمن يدعمون هذه النظرية. وأكد أن حملته لهزيمة بايدن في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر يجب أن تقوم على أكاذيب. ففي تجمعاته قام مع أنصاره بتكرار الأكاذيب عن بايدن وأنه يريد قطع التمويل عن الشرطة وأنه يشجع الشغب في المدن الأمريكية وأنه وابنه قاما بتعاملات فاسدة مع أوكرانيا والصين.
ولو خسر، فسيخبر ترامب أتباعه أنه هزم بسبب التزوير وسيصدقونه. وحتى لو غادر ترامب البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير فستظل البلاد تعاني من انفصام الحقيقة عن الكذب. ولو انتصر فمن المؤكد زيادة حربه ضد الحقيقة. ففي فترة رئاسته الأولى اتخذ خطوات لتدمير الصحافة والإعلام الذي يمثل التيار الرسمي في أمريكا. وحاول منع دمج إي تي أند تي مع تايم وورنر التي تملك “سي أن أن”.
وحاول أكثر من مرة التسبب بضرر لشركة أمازون، التي يملك صاحبها جيف بيزوس صحيفة “واشنطن بوست”.
وفي الفترة الثانية سيقوم بزيادة الهجمات وربما أجبر عمليات بيع مؤسسات صحافية لمؤسسات موالية له. وسيقوم بتعيين موالين له بدلا من رجال الاستخبارات المهنيين. وربما حول مؤسسات إعلامية مثل “صوت أمريكا” لبوق دعائي له. وسيكون هدفه جعل روايته عن الواقع تتسيد الخطاب السياسي وبدون اعتبار للحقيقة.