أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 47281
غزّة: الفقر والمطر يحاصران عائلة صبح في شمال غزّة !!
25.01.2020

تداري السيدة الثلاثينية، سعدية صُبح، دموعها جيداً، عن أطفالها الذين تجلس برفقتهم، حول موقد النار، داخل منزلهم المتهالك، يتابعون بحسرةٍ مياه الأمطار التي تنهمر من كلّ الجوانب حولهم.تشير لأبنائها بضرورة الابتعاد عن النار، حتّى لا تحرق أجسادهم كما في مرات سابقة، وتتمم بصوتٍ مخنوق “إن شاء الله ربنا يبعث لكم أيام أحسن من ها (هذه) الأيام”.وتوضح السيدة “صبح” لمراسل الأناضول، بينما كانت تحرك إناء طع امٍ، قررت إعداده لأطفالها الذين عبّروا عن جوعهم أكثر من مرّة، أنّ حياتهم لا تطاق وفاقدة لكلّ المواصفات الآدمية.في أقصى المنطقة الغربية، التابعة لبلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، تقطن العائلة داخل منزل، تبلغ مساحته حوالي 40 مترا مربعا فقط، وتلفه من جميع الجهات جدران مهترئة لا تقيهم برد الشتاء والمطر، ولا حتّى حر الصيف والحشرات.**مرض دائم..وتعيش سعدية برفقة زوجها وأبنائها الستة، في ذلك المنزل الصغير، الذي لا يتوفر فيه “حمام أو مطبخ”، ويبيتون جميعهم في غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها الـ15 متراً.وسقف المكان الذي تعيش فيه العائلة، عبارة عن أقمشة وصفيح حديدي قديم، حيث يتسرب إليهم الماء بشكلٍ واضح وكبير في أيام فصل الشتاء الماطرة، الأمر الذي يدفعهم مباشرة لإيقاد النار، لأجل توفير قليلاً من الدفء.وتذكر أنّها تعاني في صباح كلّ يوم حين تُجبر ابنها الأكبر، لكي يذهب للمدرسة، كونه يتذمر كثير من نظرة الطلاب له، حيث أنّ الكثير منهم يعيش حياةً أفضل.وعلى مدار السنوات الماضية، واجهت السيدة إلى جانب زوجها الذي أثقل كاهله شبح البطالة الذي يسيطر على معظم أرباب البيوت في غزّة، كثير من الصعوبات في توفير المستلزمات الأساسية لأبنائهم وللمنزل.وتوضح “صبح” لمراسل الأناضول أنّ أطفالها دائماً ما يتعرضون لأزمات صحية ونزلات برد، وغالباً لا تملك ثمن الدواء الذي يصفه لها الأطباء في المستشفى الحكومي الذي تزوره.ويشار إلى أنّ اللجنة الشعبية لكسر الحصار، كانت قد أعلنت في آخر تقاريرها أنّ 70 بالمئة من السكان في قطاع غزّة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي وعدم توافر مقومات الحياة الأساسية.**النار لكل شيء..وتبيّن أنّها تستخدم النار لصنع وجبات التي تتمكن من توفيرها لأبنائها، والتي تكون غالباً بقوليات وبعض بقايا الأطعمة التي يرسلها لها الجيران والأقارب.والسبب في لجوء السيدة الثلاثينية للنار، هو عدم مقدرتها على شراء الغاز المنزلي الذي يستخدم في الطهو، والذي يعتبر امتلاكه بالنسبة لهم كعائلة بمثابة الحلم.وتسبب النار في كثير من الأوقات حروق متفاوتة لأجساد الأطفال، لأنّهم لا يعرفون كيفية التعامل السليم معها، ومن بين الأطفال المصابين، كانت الطفلة نور، التي تبلغ من العمر 5 سنوات.وتقول الطفلة بنبرة بريئة لدى سؤالها عن سبب ذلك الحرق الذي أصاب قدمها “ماما كانت تجهزلنا أكل، والنار وقعت عليّ من الكانون (الموقد)”.وتابعت نور “أتمنى أن أعيش حياة أحسن مثل كلّ الأطفال إلّي بنشوفهم (الذين نراهم)، لأنّه أنا كثير بردانة (أشعر بالبرد)، وما في إلنا (ليس لنا) منزل نقعد فيه”.ويؤثر كذلك إشعال النار المستمر، على السيدة صبح شخصياً، حيث أنّ عيونها تصاب دائماً بالالتهاب والاحمرار، كما أنّها تشعر باختناق خلال ساعات النوم، وفي بعض الأوقات تتعرض هي الأخرى لحروق.وبحسب بيانات وزارة التنمية الاجتماعية، فقد بلغت نسبة الفقر في قطاع غزّة، حوالي 75 بالمئة، وهي من بين النسب الأعلى في العام، وفقاً لما أوضحت الوزارة.**انعدام مقومات للحياة..وتشير الأم “صبح” التي تشير إلى أنّها تصاب بغصة في كلّ حين، يطلب منها أبنائها توفير مستلزم حياتي بسيط، لا يتعدى المتطلبات الأساسية لكلّ إنسان، وتكون عاجزة عن ذلك.وتلفت إلى أنّ زوجها حاول كثيراً، العمل في مجال الزراعة أو في أي مجال آخر، لأجل توفير متطلباتهم، لكنّه في كلّ مرّة كان يصدم برفض أرباب العمل تشغيله، بسبب عدم وجود شواغر لديهم.وتعيش الأسرة كذلك نقص في المفارش والأغطية، حيث أنّ كل ما يمتلكونه عبارة عن 3 أغطية، وعددهم الكلي 8 أفراد، مما يعرضهم للبرد الشديد في الليل.ولا تتمكن السيدة من استقبال أي ضيف في المأوي الذي تقطن فيه، بسبب عدم جهوزيته، ولا تقدر كذلك على توفير الأحذية لأبنائها، الذين يقضون كلّ أيامهم دونها.ولم تتمالك السيدة نفسها خلال حديثها، وانهمرت دموعها قائلةً بحرقة “في أوقات كثيرة، أفكر في أنّ أعرض أبنائي على أيّ أسرة لديها القدرة لتبينهم، علهم يتمكنون من العيش بأسلوبٍ أفضل”.وتردف “دائماً أتوجه برفقة زوجي للجمعيات الخيرية وللمؤسسات الحكومية لأجل طلب المساعدة، لكنّ للأسف نقابل بالرفض، وبحجج واهية منها عدم وجود مشاريع داعمة”.ولا تتمنى السيدة في نهاية حديثها، إلّا أنّ يتوفر لأبنائها حياة أفضل، تكون ملائمة مع احتياجاتهم الطفولية البسيطة، وتأمل كذلك أنّ يتمكن زوجها في وقتٍ قريب من الحصول على فرصة عمل مناسبة تمكنه من إيفاء بالتزاماته بحق عائلته.والجدير ذكره أنّ نسبة البطالة في القطاع وصلت بحسب آخر إحصاءات مركز الإحصاء الفلسطيني إلى 53 بالمئة، وبلغت في صفوف الشباب حوالي 67 بالمئة.(الأناضول)

1